العدد 3968 - الخميس 18 يوليو 2013م الموافق 09 رمضان 1434هـ

ليس بالقروض وحدها تنهض مصر

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في اليوم التالي لسقوط حكم «الإخوان المسلمين»، سيطرت أخبار تدفق القروض والمساعدات الخليجية السخية على مصر.

هذه المساعدات توقّفت تقريباً أثناء فترة الرئيس السابق محمد مرسي، فيما يشبه تجفيفاً لمصادر التمويل، ما عدا المساعدات القطرية، حيث قدّمت دفعتين إلى مصر، بلغ مجموعهما خمسة مليارات دولار. وكان ذلك تعبيراً عن التعاطف، بل والرعاية القطرية لحكم الإخوان. وقد أثارت تلك القروض الكثير من اللغط والشكوك، حتى ذهب البعض إلى اتهام مرسي ببيع مصر إلى قطر، التي تحاول شراء قناة السويس!

في تلك الفترة، وفي ظلّ العداء والحصار الواضح لحكم الاخوان، تناقلت الوكالات خبر تقديم العراق لقرض بمبلغ أربعة مليارات دولار إلى مصر، وراجت شائعات عن عرض إيراني سخي بتقديم قروض أكبر مقابل بعض الشروط، التي تعزّز حكاية التغلغل الشيعي في مصر وتحويل شعبها «السني» إلى «شيعي»، رغم ان المساعدات الأميركية لم تفلح في تحويله إلى «أميركاني» طوال أربعين عاماً!

بعد سقوط مرسي، تدفقت المساعدات والقروض من الدول الخليجية الناقمة على الأخوان، فيما لم يعد أحد يتكلم عن مصير القروض القطرية السابقة، أين ذهبت؟ وكيف صُرفت؟ وهل هناك فرصةٌ ليستعيدها أصحابها مادام نظام الحكم تغيّر؟ أم أنها ابتُلعت في الثقب الأسود؟

هذه الأسئلة التي طرحها بعض المصريين، تمتد للقروض الخليجية الجديدة، كيف ستُصرف؟ وهل سيستفيد منها عامة الشعب؟ أم الطبقة الحاكمة الجديدة من تكنوقراط وعسكر؟ وبالتالي... هل سيبتلعها أيضاً الثقب الأسود؟

الأزمة في مصر ليست قضية اقتصادية بسيطة حتى يتم معالجتها ببعض القروض المشروطة. ومصر التي تدهورت مكانتها في الوطن العربي وعلى مستوى العالم، فأصبحت خلال ثلاثين عاماً مقودةً بدل أن تكون قائدة، كانت القروض الخارجية أحد أسباب أزمتها الراهنة.

الأزمة في مصر هي نتاج سياسات عمرها أكثر من أربعة عقود، لعبت فيها القروض والمساعدات الخارجية دوراً تخريبياً في زيادة تبعيتها وارتهان قرارها للخارج. والقروض الجديدة ما هي إلا معالجةٌ لأزمةٍ سياسيةٍ عميقة الجذور، على طريقة أبو نواس: وداوني بالتي كانت هي الداء!

في مصر لم يكن الخبز وحده الباعث على الغضبة الشعبية ضد نظام حسني مبارك، بل تداخلت فيها عوامل أكثر تأثيراً، تتعلق بالكرامة والحرية، بعدما أوغل النظام في التضييق على الحريات، وسحق كرامة المصريين. وأكثر ما أثار غضب الشارع المصري وحميته، مشروع توريث الحكم لابنه جمال، ففي بلدٍ جمهوري مفترض، سخّرت الدولة كل أجهزتها الإدارية والإعلامية، واستنفر الحزب الحاكم كلّ شخصياته وأعضائه خلال العقد الأخير، من أجل الترويج لهذا المشروع المهين لعبقرية الشعب المصري. هذا المشروع الاستفزازي هو الذي دفع بالحركات الشبابية الجديدة للنزول إلى الشارع وطرحت شعار «كفاية»: كفى إهانةً، وكفى إذلالاً، وكفى استخفافاً بالشعب.

لم تكن مصر مبارك تعاني من حصار اقتصادي أو توقف عمليات الإقراض وبرامج المساعدات، وإنّما كانت تعاني من أزمة حريةٍ وكرامةٍ وضياع هوية وتبعية سياسية، تجسّدت في ذلك الانفجار الكبير في 25 يناير 2011.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3968 - الخميس 18 يوليو 2013م الموافق 09 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 9:08 ص

      كما للحرية ثمن

      للتبعية ثمن. وللعبودية ثمن. وللاستقلال السياسي والاقتصادي ثمن.

    • زائر 4 | 8:53 ص

      لكل طرف ثمن

      لحكم الاخوان ثمن ولحكم العسكر ثمن.

    • زائر 3 | 6:17 ص

      مساعدات

      سيد حلل للقراء حجم المساعدات الايرانيه لمصر والتعاون الغير محدود
      وبعدها حلل دعم دول الخليج لمصر

    • زائر 2 | 4:50 ص

      يريدونها ضعيفة ليتمكنوا

      لكن هيهات من مصر العزة

    • زائر 1 | 4:26 ص

      صح لسانك يا سيد

      بارك الله فيك وفي قلمك المبدع ورأيك السديد ، ولكن لا حياة لمن تنادي ...

اقرأ ايضاً