العدد 3984 - السبت 03 أغسطس 2013م الموافق 25 رمضان 1434هـ

لكم تعليمكم ولي تعليمي!

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

هل يمكننا التسليم أو القبول بكل النتائج والتوصيات التي تتوصل إليها القوى والأطراف السياسية بشأن مستقبل التعليم في البحرين دون الوقوف على الدراسات العلمية والمنهجية المعمقة لذوي الخبرة وأصحاب الاختصاص؟

حاولت في الأسبوع الماضي الإجابة عن هذا السؤال وأنا أتأمل في توصيتين تخصان ملف التعليم.

التوصية الأولى صدرت في الجلسة الاستثنائية للمجلس الوطني يوم الأحد 28 يوليو / تمّوز 2013، رقم التوصية (17) «النظر في السياسة التعليمية والتربوية، وإعادة مراجعة المناهج التعليمية وتنقيحها بما يكفل وقاية المجتمع من العنف والأعمال الإرهابية وتقويم سلوك أبناء الوطن».

أما التوصية الأخرى، فقد صدرت في اليوم التالي مباشرة من الجمعيات السياسية المعارضة، رقم التوصية (19) «النظر في السياسة التعليمية والتربوية وإعادة مراجعة مناهج التعليم وتنقيحها بما يكفل وقاية المجتمع من الطائفية أو العنف وتقويم سلوك الأبناء».

واضح بأنهما (المجلس الوطني والمعارضة) متفقان على إعادة النظر في السياسة التعليمية والتربوية، وكذا إعادة المراجعة في المناهج التعليمية وتنقيحها بما يكفل وقاية المجتمع من العنف إلى جانب تقويم سلوك الأبناء، إلا أنهما يختلفان في الوقت ذاته عند تشخيصهما للعوامل التي تدفع باتجاه تنامي وتيرة العنف في المجتمع البحريني.

المجلس الوطني ربط وقاية المجتمع بالأعمال الإرهابية، بينما ربطت المعارضة مسألة الوقاية بالطائفية، إلا أننا سنناقش هذه المسألة من عدة زوايا، منها:

أولاً: هل نحن نعيش في ساحة صراع أو مواجهات دموية أو طائفية أو إرهابية مسلحة وغير ذلك كما يخيل للبعض، ليتم الحديث عن التعليم وتقويم سلوك الأبناء بهذه الصورة المبالغ فيها والمنافية للحقيقة والواقع؟

نعم، هناك مناطق في العالم شهدت ولا تزال صراعات مسلحة وأعمال عنف دمّرت التعليم كما في الحالة السورية، فحسب آخر تقرير أصدرته منظمة «أنقذوا الأطفال» (Save the Children) ـ وهي منظمة بريطانية غير حكومية تُعنى بالدفاع عن حقوق الطفل حول العالم ـ فإن النزاع في سورية عرَّض تعليم مليونين ونصف مليون تلميذ للمخاطر، وبأن أكثر من خمس مدارس سورية دُمِّرت أو باتت غير صالحة للاستخدام في الصراع المستمر منذ أكثر من عامين، وهو ما يهدّد تعليم 2.5 مليون تلميذ!

ثانياً: التزاماتنا تجاه المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، فهناك بعض الاتفاقيات المهمة المعنية بـ «حق التعليم» كاتفاقية مكافحة التمييز في التعليم والتي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في 14 ديسمبر/ كانون الأول 1960، وقد ورد في المادة (5) منها: توفّر الدول الأطراف في هذه الاتفاقية على ما يلي: (أ) يجب أن يستهدف التعليم تحقيق التنمية الكاملة للشخصية الإنسانية وتعزيز احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وأن ييسّر التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الأمم والجماعات العنصرية أو الدينية، وأن يساند جهود الأمم المتحدة في سبيل صون السلام.

ثالثاً: أتذكر أنه دار حوار سريع بيني وبين ماهنوش أرسنجاني، وهي خبيرة ومحامية دولية بارزة وعضو مفوّض باللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بعد أول لقاء للجنة في قاعة متحف البحرين الوطني في يوليو/ تموز 2011 عن أهمية التركيز في المرحلة القادمة على نشر قيم ومبادئ حقوق الإنسان على مستوى المؤسسات التعليمية، وهو الأمر الذي توصلت إليه اللجنة في التوصية (1725) أ/ بشأن: «وضع برامج تعليمية وتربوية في المراحل الابتدائية والثانوية والجامعية لتشجيع التسامح الديني والسياسي والأشكال الأخرى من التسامح، علاوةً على تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون».

في اعتقادنا، بأن التوصية السابقة كُتبت بدقة وموضوعية بحيث رسمت لنا خارطة الطريق لنمط التعليم الذي نريده لأبنائنا وبناتنا ليعيشوا معاً تحت مظلة المواطنة وحقوق الإنسان، وربما يكون هذا الطريق شاقاً وطويلاً ويحتاج إلى تنشئة حقيقية للأطفال والناشئة والشباب على ثقافة التسامح والقبول بالآخر واحترام التنوع وسيادة القانون وحقوق الإنسان، وهو ما ذكره الرئيس السابق للجنة محمود شريف بسيوني في التصريح المنشور بصحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية في تاريخ 24 مارس/ آذار 2013 بأن ثمة توصيات لم يتم تنفيذها بعد؛ نظراً لأنها تأخذ وقتاً طويلاً في التنفيذ، منها (تطوير المناهج التعليمية في المدارس والجامعات).

رابعاً: إننا نعتقد بأن إعادة النظر في السياسة التربوية والتعليمية لابد أن تكون بصورة شاملة، و«يكمن في صميم النهج المدرسي الشامل نهج قائم على مراعاة حقوق الإنسان في التعليم، ويشمل هذا النهج حق كل شخص في التعليم الجيد واحترام حقوق الإنسان، فالنهج القائم على مراعاة الحقوق يزيد من إمكانية الاستفادة من التعليم المدرسي والمشاركة فيه؛ لأنه يعزز الاستيعابية والتنوع وتكافؤ الفرص وعدم التمييز. كما أنه يحسّن نوعية التعليم بتشجيع الممارسات التعليمية التشاركية التي تركز على الطلاب وبإيجاد بيئة تعلم مأمونة، وكلاهما عامل أساسي لحدوث عملية التعلّم. ويساهم احترام حقوق الإنسان في التنمية الاجتماعية والعاطفية للأطفال بكفالة كرامتهم الإنسانية وحرياتهم الأساسية، وهي أمورٌ يحتاج إليها الطلاب لتحقيق كامل إمكاناتهم. كما أن احترام حقوق الإنسان يرسي الأساس لثقافة السلام بتعزيز احترام الخلافات، الأمر الذي يعدُّ أساسياً لمنع العنف. وتؤدي الممارسة اليومية للنهج القائم على حقوق الإنسان إلى إيجاد (مدرسة تقوم على الحقوق)...». (راجع: وقف العنف في المدارس/ دليل المعلم، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، المقدمة ص 7).

تصفّحوا في دليل المعلم لوقف العنف في المدارس (وهو موجود على صفحات الإنترنت) فإنكم ستجدونه مفيداً في تناوله لمختلف أشكال العنف الحاصلة في المدارس وعواقبها على المشهد التعليمي، كما ويقدم اقتراحات لإشراك المجتمع الدولي في اتخاذ إجراءات تساعد على إيجاد ثقافة مدرسية خالية من العنف، وتطبيق الآليات التي تضمن عنصر السلام في المدارس، وضرورة إشراك الآباء والمعلمين والمجتمع المحلي، والربط بين السياسة والتشريع والممارسة، ووضع مؤشرات عن العنف، ومراعاة الحيّز الثقافي في معالجة مفاهيم مثل عالمية حقوق الإنسان.

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3984 - السبت 03 أغسطس 2013م الموافق 25 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 10:33 ص

      سبب أو نتيجه أو فعل وفاعل وأثر فعل ما يبيض الوجه لكن ..

      ينظر خبراء النواب والشورى والحكومة ومستشاريها أن العنف وليد اللحظه أو ليقط من لقطة إلا أن لكل شيء سبب أو أسباب. فليس الشبل من ذاك الأسد. فالكل يحلف أنه ربى إبنه أحسن تربية وعلمه أحسن تعليم إلا أن المجتمع اليوم تحول الى غابه. السؤال هل المجتمع أم الفرد أو المؤسسات مثل المدرسة والمسجد والشارع والنادي البحري والمقاهي والقهاوي والبيئة والمناخ العام.. يعني فساد أخلاقي وقلة حياء وضمير مستتر وعدم وجود مرجع.. .. لكن المرجع لله.. فما شاء الله لا ما شاء الناس.. فيبد قواما ويستخلف آخرين ..

    • زائر 4 | 10:21 ص

      عنف - بيئة مولوثة بالعنف وسوء الخلق

      لكم يدينكم ولي ديني ولكن ليس بسر أن ديان الدين رب العالمين .. فكيف يكون لكل واحد دين؟ هنا عَلّم يرف رف وعِلْم من علم وعَلّمَ الانسان ما لم يعلم.. فتعليم أو تعلم أو تعتيم من عتم وفي ذلك عتمه وظلام.. بينما العلم نور وليس نواصه لكنها غواصه .. هنا علم لي وعلم لكم فالعلم في من تعلم وعلم الانسان ما لم يعلم .. فكيف يتعلم الانسان إذا كان لكم تعليمكم ولي تعليمي في بيئة يسودها عدم الاحترام وسوء المعاملة ولن نقول قلة ألأدب لكن ما في إحترام؟ اليس مناقص للعقل ومناقض ومنا في ومجافي لقانون التعلم؟

    • زائر 3 | 5:32 ص

      Nooooo Comment !!!

      أسمعت لو ناديت حيًا ولا حياة لمن تنادي !
      عزيزي : هؤلاء لا يريدون للتعليم أن يتطور لأنهم يعلمون جيدًا بأن تطور التعليم هو قفز الجميع فوقهم من طلبة ومعلمين وأولياء أمور ، فيصبحوا بين ليلة وضحاها نسيًا منسيًا !
      أين هؤلاء من عقليات الشعب البحريني الواعي ؟! لله درك يا شعب الإباء

    • زائر 2 | 5:16 ص

      ربما يكون الحل هو

      تدريس المذاهب الخمسة في مناهج التربية الدينية بدلا من التجاهل التام ليطلع جميع الطلبة على حقيقة المذهب بدلا من المعلومات المغلوطة مما يعزز التسامح الديني والقبول لاجيال المستقبل

    • زائر 1 | 9:53 م

      لعلهم يفهمون

      بالبحراني "كلامك اغلك" يعني كلامك صعب بالعربي الفصيح اتصور حتى من هذا الكلام ما يفهمه الوزير و حتى ان فهمه لن يطبقه

اقرأ ايضاً