العدد 3990 - الجمعة 09 أغسطس 2013م الموافق 02 شوال 1434هـ

تمتعوا بحنان أطفالكم

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

من المظاهر الجميلة في العيد لدينا في منطقة الخليج، هو تنقل الأطفال بكامل زينتهم بين بيوت الحي لأخذ العيدية التي تعد لها الأسر العدة قبل وقتها وذلك بصرف عملات معدنية تكفي لتوزيعها على أطفال الحي، في جوٍ أسريٍّ جميلٍ يعلّم هؤلاء الأطفال حب العطاء، واحترام العادات القديمة ذات الطابع الاجتماعي، وخصوصاً أنهم هم الذين سيقومون بتوزيع العيدية حين يكبرون. وعلى رغم ضآلة المبلغ الذي يجنيه الأطفال من هذه الجولة المتعبة الممتعة في آنٍ، إلا أن لطعم التعب لذة خاصة في هذه المناسبات لاسيما لحظة إفراغ المحفظة لعدّ النقود، ولحظة شراء ما كان في البال من دون الحاجة لطلب المال من أحد.

ما جعلني أكتب حول ما ورد في المقدمة أعلاه هو قصة ليلى التي داعبت ذاكرتي مع مجيء العيد، ليلى الطفلة الإحسائية ذات الستة أعوام، والتي أبكت زوار منزلها في أحد الأعياد عندما تركت أقرانها بعد هذه الجولة التي جنت منها مبلغاً لا يفوق الخمسين ريالاً سعودياً، كي تذهب لأحد المحلات القريبة وتطلب شراء حذاء كبير! وعلى رغم دهشة البائع من هذا الطلب، إلا أنه أعطاها بغيتها مقابل خمسة وعشرين ريالاً، فأخذته وركضت إلى منزلها حيث يستقبل أباها المقعد كثيراً من المهنئين بالعيد، واتجهت مباشرة إلى أبيها الذي كان مندهشاً من لهفتها للوصول إليه بهذه السرعة، وقدمت إليه العلبة وطلبت منه فتحها قائلة: بابا هذه هديتي إليك من عيديتي التي جمعتها. ضم الأب ابنته حين رأى الحذاء الذي لم يكن بإمكانه انتعاله، وبكى فأبكى بعض الزوار الذي قال لهم إن ليلى كانت متعلقة جداً به قبل أن يتعرض للحادث المروري الذي أقعده ومنعه من الحركة، فازداد تعلقها به بعد الحادث، وما جعلها تشتري لأبيها الحذاء هو أنه اشترى ملابس العيد ولوازمه لجميع أفراد عائلته ولم يشترِ له حذاءًً لعدم حاجته إليه، وحين سألته ليلى عن السبب، قال لها إنه لم يعثر على واحدٍ مناسب.

ما فعلته ليلى جعل الزوار يحاولون تعويضها عن العيدية التي صرفتها وأعطوها ما يصل إلى 850 ريالاً، فعوضها الله كرمها مع أبيها عشرات الأضعاف.

مثل هذه المواقف التي تكتنز بها حياتنا اليومية ما هي إلا انعكاس لما تختلج به قلوب أطفالنا من محبة وحنان، وهي في الأمر ذاته مبعث فخرٍ لهم ومن قبله لذويهم الذين يشعرون بأن رعايتهم لم تضع سدىً، وأنهم يكنون لهم حباً يصل إلى درجة الإيثار، فيصبح كل صعب في تربيتهم وتنشئتهم يسيراً.

أتذكر ابني قيس، وعلى رغم شغفه بالموسيقى وأمنيته أن يصبح يوماً عازف بيانو مشهوراً ومعلم موسيقى بارعاً، إلا أنه كان دائماً ما يقول لأبيه الكفيف رحمه الله: أريد أن أكبر بسرعة كي أصبح عالماً ذكياً وأخترع دواءً يجعلك تبصر، وحين كان أبوه يداعبه قائلاً: هل تريد أن تصبح موسيقياً أم عالماً؟ كان يجيب سأخترع الدواء ومن ثم أتجه للموسيقى، وكم كان حزنه عظيماً حين توفي أبوه قبل تمكنه من تحقيق هذا الحلم الذي كان مستعداً لتأجيل حلمه من أجله.

هؤلاء الأطفال متى ما حصلوا على الرعاية والاهتمام بهم من قبل ذويهم، فإنهم لا محالة سيصبحون كآبائهم، يعطون الحب والحنان لمن يظنون أنه بحاجة إليه، فلا تحرموا أنفسكم هذه العطايا الإلهية.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3990 - الجمعة 09 أغسطس 2013م الموافق 02 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 6:11 ص

      خعفك

      تذكريننا يوم كنا بالرفاع نتنقل من بيت السني لنأخذ عيديتنا ونذهب لبيت الشيعي لنأخذ عيديتنا والعكس كنا متآلفين لا نعرف اهم شيعة ام سنة نعرفهم انهم جيراننا ومن حينا الله ينتقم ممن ابعدني عن اخي السني والله ينتقم ممن ابعدني عن اخي الشيعي

    • زائر 7 | 5:19 ص

      قتل الطفوله

      الماساة ان الطفولة كنتهكة ويتم اما م عيوننا اكبر عملية لانتهاك الطفولة جرت عبر التاريخ، نعم نعيش يوميا عملية تحويل الاطفال الى طابور من العاطلين والمجرمين وبلا مستقبل وكل ما يملكون من مهارات هي صنع المولوتوف وحرق الاطارات ، بربكم كيف سيعيش هؤلاء الاطفال بعد جم سنة ؟؟؟ من المسؤول

    • زائر 6 | 3:52 ص

      رائع

      والله اسلوبك رائع لو تكتبين قصص مسلسلات بتكونين ناجحه

    • زائر 5 | 3:32 ص

      مشاعر الطفولة جميلة وبريئة

      ليس هناك أجمل من حنان أطفالنا ولا أنقى منه

    • زائر 4 | 1:25 ص

      التربية كما التربه الزراعيه الصالحه - ومن زرع حصد

      ليس عجبا أن معاملة الطفل الحسنة يكون ناتجه مثل ما جاء في الحادثين والموقفين لطفلين متاشبة فيهما الاعاقة مع إختلاف العجز لدى كل أب. لكن دور ووظيفة الأم الراعية في كلتا الحالتين بالاضافه الى أصدقاء الاسرتين - المجتمع القريب والمجتمع الخارجي الواعي لنوعيات الناس وأنواع معادنهم الأصيله كفيل بأن تصدق مقولة الأم مدرسة وألأب حتى لو معطل شويه.. مركب الأسرة سيرسو على بر الأمان لكون الأم دفه السفينه. أليس المرأة دفة الأسرة والرجل قبطانها ولا يحرك المقود والدفه مكسورة – يعني سكان ودفه معا؟

    • زائر 3 | 1:14 ص

      انتباه أو نباهة مبكره لدى بعض الأطفال

      منتجات أسريه وأجواء وبيئة ومناخ نفسي صحيح يولد أولاد يشعرون بالاخرين. وهذا ليس من طوابير ولا طوامير الذاكرة المختبأه وراء الأسوار داخل الانسان، لكن الأُسر والأَسر والأسير أو الحبيس قد لا يكون مقعد أو جليس في الأسره.. فبعض الأساسيات مثل رعايه بدون تخطيط طبيعي ومتابعه ومراقبه وتصحيح وتحسين علاقة دائم وحب وحنان الأب والأم تولد رحمة – علاقه حميم بذوي الأرحام .. لكن من حرم ليس من رحمه ولا يوجد من يرحمه و كل ما ذكر مختفي بقبعة الاختفاء من المجتمع ومن بعض الأسر لوفرة القسوة وزيادة عدم إحترام للطفل؟

    • زائر 2 | 11:27 م

      رحم اباك

      رحم الله أباك ياقيس لقد كان أبوك طموحا بمعنى الكلمة رغم الإعاقة التي تغلب عليها.الطفل براءة

    • زائر 1 | 11:06 م

      رحمك الله ابو قيس (حسين الأمير )

      توفى في شهر رمضان المبارك 2011م
      الى جنان الخلد
      وكان مبدعا وذكيا
      والله يحقق امنية ابنك

اقرأ ايضاً