العدد 4004 - الجمعة 23 أغسطس 2013م الموافق 16 شوال 1434هـ

الخوف من الكلمة... اعتراف بالخطأ

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

نعم هناك من يخاف من الكلمات، وخصوصاً أولئك الذين «على راسهم بطحة» بمختلف مواقعهم الاجتماعية والعلمية والسلطوية. هؤلاء يشعرون بأن كل كلمة تكتب أو تقال تمسهم بشكل ما، فيحاولون جاهدين منعها أو منع وصولها إلى آذانهم قبل آذان غيرهم.

السلطة السياسية في أي بلد، تحارب الصحافيين من أصحاب الأقلام الشريفة غير المهادنة، الأقلام التي تأبى قول نعم في وجه مسئول نسي معنى المسئولية فلم يبرع إلا في السرقات والنهب والجشع واقتسام مال غيره من غير وجه حق، أو في وجه رقابة تحاول جاهدة أن تقطع لسانه وتكسر سنّه وتجفف حبره.

السلطات السياسية التي لا تقبل برفع سقف الحرية، وتمنع تناول موضوع ما، وما أكثر المواضيع التي كانت محظورة ومازالت، تعترف بشكل أو بآخر باشتراكها في هذا الجرم أو ذاك؛ لأن المنع من الخوض في موضوع ما، هو اعتراف بكبر حجمه وبشاعته وبالتالي اعتراف بأن من يمنع التكلم حوله هو جزء من مسبباته، أو هو مسببه الوحيد؛ ولذلك يحاول جاهداً ألا يثيره أحد كي لا ترفع في وجهه أصابع الاتهام. هذه السلطات تعرف جيداً تأثير الكلمة على الآخرين، وما قد تؤديه من ثورة لدى الناس ضد الفساد والدمار، ولهذا تسعى لإخماد الكلمة قبل اشتعالها في عقولهم، وتشحذ أقلاماً مضادة عرفت كيف تستميلها بالمال والجاه والسلطة كي تحارب كل قلم شريف، وتقلب الحقائق المرة إلى صور خيالية لا تمُتُّ للواقع بصلة، فتصور الظالم مظلوماً وتصور السارق معطاءً.

وليست السلطات السياسية هي الجهة الوحيدة التي تخشى الكلمة، كما أن الصحافي أو الإعلامي ليس الوحيد الذي يريد من يخشاه أن يكمم فاهه، لكننا مليئون بالسلاسل أيضاً في حياتنا العامة، إذ يخاف كثير منا مواجهته بكلمة ضده، تكشف له أخطاءه وسلبياته، فيعتبر من يوجه له انتقاداً عدواً يجب أن يصمت، بل وفي بعض الأحيان يقلب الأمر على رأس من ينتقده ويأخذ دور المهاجم بدلاً من المدافع، حتى وإن كان هذا المنتقد يحبه ويخاف على مصلحته.

ما يحدث أحياناً من خلافات حين يقوم أحد ما بانتقاد صديق أو حبيب أو أخ، يكشف لنا حقيقة الآخر، ويكشف لنا غفلتنا أيضاً حين توهمنا في بعض من حولنا صورة جميلة رسمناها بأوهامنا، فرفعنا سقف توقعاتنا لتصدمنا حقائقهم، فنتوقف عند ضرورة إعادة تقييمنا للأمور والأشخاص والعلاقات أيضاً، وخصوصاً أننا جعلنا من بعض البشر قدوة لنا، لمنصبهم الاجتماعي أو الثقافي حين ظهروا لنا بمظهر الملائكة، وأخفوا وجوههم الحقيقية خلف أقنعة يوهمون من خلالها الجميع أنهم يقبلون بنصائحهم وأنهم منهم لهم ما لغيرهم وعليهم ما على غيرهم، وحين تقترب منهم تكتشف هذه الأقنعة وتتمنى لو أنك أبقيت على تلك المسافة التي أظهرتهم بمظهر جميل قبل أن تتعرف على وجوههم الحقيقية التي قد تشوه بعض المفاهيم لديك بسبب هذه الصدمة التي تخلفها هذه المعرفة.

ولأن الكلمة أخذت اليوم مكانها لدى البشر، صارت تشكل خطراً على كل من لا يريد مواجهة نفسه وغيره، فبات الناس يخافونها أكثر من أي سلاح!

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4004 - الجمعة 23 أغسطس 2013م الموافق 16 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 8:33 ص

      نعم .............

      الكلمة بهذا الزمان اقوى من السيف ولهذا لن نهجر الكلمات مهما طال الزمن او قصر ونتحدي . خاتون

    • زائر 5 | 8:28 ص

      فساد النفس أو فساد فيها ما فيها حرية مطلقه

      يقال رضا الناس غاية لا تدرك بينما من باع نفسه في رضى غيره ليس كمن أرضى الآخرين من أجل إنقاد نفسه. أو من يبع نفسه لكي يرضي الناس بينما لا يرضى الناس عنه لأنه باع نفس مقابل مال. فقد إشترى رضا الآخرين ببيع نفسه لغيره. هنا الإيثار والإستئار وكذلك الذل. فقد ذل الانسان نفسه من أجل المال لكي يرضى عنه شخص والوسيط هنا المال. كما أن القبول بالرشوة أيضا ذل وأن يبع أسرار إنسان مقابل مال بعد ما فيها عزة نفس يعني. اليس كذلك؟

    • زائر 4 | 5:58 ص

      إشلون خربت نفس وكيف كبر رأس مال جحا؟

      قد يكون البعض عنده مال لكن ناسي نفسه - جحا يحدث نفسه قال كل نفس ذائقة الموت لا شك ولا ريب فيها لكن إبليس أو شيطان داخل على الخط ؟ فليس جبلاً ولا سهلاً أن كل إنسان أنعم عليه نعم لا تحصى وأعطاه نفس مثل باقي الناس لكن حافظ على نفسك من الشيطان يقص عليك قصص ويضحك عليك. قد لا يتصور البعض النفس البشريه وفيها وسواس خناس يوسوس اليها ويدوخ رأس الناس لا يجعلهم يفكرون تفكير صحيح سليم – سوي يعني. أووا ليس من المعقول أن لا تحب إلا ما تحبه لغيرك.

    • زائر 2 | 3:03 ص

      والسلطات اكثر وحدة تخاف

      كل شيئ حولنا يخاف من الكلمات
      لكن ماتقدر تقول الا شكرا لكم يا اصحاب الكلمة الحرة يا شرفاء الوطن انتون والوسط

    • زائر 1 | 12:19 ص

      لا عجب !!!!!!

      كان و يكون و سوف يكون هكذا من دون تغيير. لا عجب و لا تعجبى !!!!!!!!!!!

اقرأ ايضاً