العدد 4006 - الأحد 25 أغسطس 2013م الموافق 18 شوال 1434هـ

هل ستشهد المنطقة تحولات إقليمية مرتقبة؟

عبدالحسن بوحسين comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في مؤتمر عقد مؤخراً في إحدى الدول الأوروبية حضرته مجموعة كبيرة من المحللين والباحثين والأكاديميين، وشخصيات سياسية وعسكرية بارزة من دول أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط، من بينها مصر و»إسرائيل» وتركيا وإيران ومجلس التعاون الخليجي، تناول المؤتمرون ما يشهده الشرق الأوسط من تحولات وصراعات، وما يمكن أن تترتب على ذلك من نتائج يحاول كل طرف استثمارها لخدمة مصالحه.

ومن اللافت للانتباه في مؤتمر هذا العام هو التركيز على نتائج الانتخابات في إيران التي أفرزت رئيساً مختلفاً بإجماع شعبي ورغبة سياسية عليا، اعتبرها المراقبون وخصوصاً الأميركيون، فرصةً جاءت في وقت مناسب وجب اقتناصها لكي لا تضيع كسابقاتها، خصوصاً أن عدم استثمارها يعني الانتظار لفترةٍ أخرى طويلة ستكون نتائجها سلبيةً على جميع الأطراف.

وقد كان واضحاً حجم الاختلاف في وجهات النظر بين المسئولين والمحللين العسكريين والسياسيين الاسرائيليين ونظرائهم الأميركيين. فتطابق وجهات النظر السابقة حيال طبيعة العلاقات المستقبلية مع إيران لم تعد كذلك هذه المرة. وقد تكون هذه هي المرة الأولى التي يعبّر فيها المحللون الأميركيون في هذا المؤتمر السنوي عن تفهمهم لحق إيران في امتلاك برنامج نووي سلمي وتخصيب اليورانيوم بنسبة محددة، وإشراكها في أية ترتيبات سياسية في المنطقة. ومن اللافت للنظر في هذا المؤتمر أيضاً، تطابق وجهات نظر الإيرانيين المشاركين، على الرغم من اختلاف انتماءاتهم السياسية والأيدلوجية، على حق إيران في أن يكون لها دور سياسي بحجم حضارتها وإمكانياتها الجغرافية والاقتصادية والعسكرية والديموغرافية. ولم يعترض على هذا الحق حتى الاسرائيليون المنحدرون من أصل إيراني.

ومن جانب آخر، لم يعبّر المشاركون الايرانيون هذه المرة، على الرغم من تمسكهم بحق الفلسطينيين في وطنهم، عن حماس منقطع النظير للقضية الفلسطينية، منبّهين إلى أن منظمة حماس قد اختارت وتبنت الموقف القطري. إلا أن إيران مازالت تمد جسورها معها في إشارة واضحة إلى الأهمية التي مازالت قائمةً لاستخدام الورقة الفلسطينية في أية مفاوضات قادمة مع الغرب لخدمة مصالح إيران وطموحاتها. ومن حيث الأولوية التي توليها إيران للقضية الفلسطينية كان الرأي هو أن القضية الفلسطينية هي قضية الفلسطينيين أولاً، والعرب ثانياً، والمسلمين ثالثاً، ما يعني أن إيران لا يمكن أن تقدّم أية قضية أخرى على مصالحها القومية.

لقد بدا واضحاً أن اهتمام إيران ينصب في اتجاه رفع العقوبات الاقتصادية عنها، والاعتراف الدولي بحقها في امتلاك برنامج نووي سلمي، وأن تصبح شريكاً في أية ترتيبات سياسية في المنطقة. ولتحقيق هذه الأهداف التي يبدو أن الغرب أصبح الآن أكثر استعداداً للتفاوض المباشر مع إيران بشأنها، فإن الخطاب الايراني غير المعلن أصبح بدوره أكثر استعداداً للمقايضة بأوراق أخرى مازال يمتلكها في يده، ومن بينها ما يتصل بالقضية الفلسطينية وأمن «إسرائيل».

الورقة الأهم التي تعنينا في مملكة البحرين هي تكرار المشارك الايراني الذي يعتبر قريباً من أصحاب القرار في بلاده، على إدراج مسألة البحرين على طاولة أية مفاوضات مع الجانب الأميركي، وذلك بصورةٍ متساويةٍ مع القضية السورية. وهكذا يصبح الشأن الداخلي البحريني محلاً للمساومات بين دول أكبر منا حجماً وقوة، وتمتلك استراتيجيات وطنية طموحة لم ترقى لها أيٌّ من دولنا العربية.

إن الغرب الذي عرف بسياسة تغليب المصالح لا يعير انتباها إلا للجانب القوي الذي لا يمكن إجباره على المقايضة بدون ثمن، لكون منهجية تحليل عوامل الربح والخسارة هي التي تطغى في عملية صنع القرار. أما الجانب الذي يسلم أوراقه مقابل رعاية أبوية فإن طاقته على المقاومة محدودة، وكذلك نطاق مناوراته، وخصوصاً في محيط خصائصه متجانسة.

إن بقاء خلافاتنا الداخلية من دون حل يعني أننا نقدّم بلادنا هديةً على طاولة المقايضات، وبذلك نمنح طرفاً مفاوضاً نقطة قوة يستخدمها لتحقيق تنازلات من الطرف الآخر الذي بدون هذه الهدية تصبح سلة أرباحه ناقصة. ففي صراع المصالح تصبح البؤر المتوترة في بيئة مصالح كل طرف هي الهدف الذي تصوّب نحوه السهام. وهذا ما يفسّر لنا إصرار إيران على عدم قطع شعرة معاوية مع منظمة حماس، وعلى تشجيع بقاء التوتر في بلادنا مستمراً حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.

إن الوقت قد حان للملمة الجراح، ليس بالضرورة إشفاقاً منا على بعضنا البعض، ولا بسبب تجذّر حسّنا الوطني كما هو الحال عند غيرنا، ولكن من أجل أن ننجو بأنفسنا جميعاً من قارب مثقوب بدأ يغرق بنا، وحان وقت إصلاحه. فهل من مدّكر؟

إقرأ أيضا لـ "عبدالحسن بوحسين"

العدد 4006 - الأحد 25 أغسطس 2013م الموافق 18 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 4:00 ص

      هل تشهد المنطقة تحولات.

      شكرًا يا استاذ على هذا المقال الهادف وأرجو ان تريدنا من أفكارك النيرة مقالات اخرى تصب في هذا الفحوى عسى من يخصهم الامر ينتفعوا بهذه المعلومات النافعة والإرشادات الناجحة وتجد لها آذانا صاغية وقلوبا واعية . ً ( بحريني أصيل )

    • زائر 2 | 1:27 ص

      أحسنت لكن القوم لا يسمعون

      البعض لا يستجيب إلا عند وصله الى حالة الغرق كما حدث في قصت فرعون " حتى اذا أدركه الغرق ...."

    • زائر 4 زائر 2 | 7:08 ص

      المطالب اللذي يطالبها الشعب تصب في الحرية والعدالة والتوزيع العادل للثروات وعدم تخوين المواطنين باللجوء للخارج كحجة

      تقاطع هذه المطالب مع نوايا الخارج أو تعارضها مع غيرها لا يفسد للود قضية....المهم أننا لا نريد ايران أو غيرها أن يكون سببا لانتشار القمع والمظالم.

اقرأ ايضاً