العدد 4013 - الأحد 01 سبتمبر 2013م الموافق 25 شوال 1434هـ

أيام التحولات التاريخية

غانم النجار ghanim.alnajjar [at] alwasatnews.com

كاتب كويتي

ليس كل البشر يعيشون تجربة الحدث التاريخي الضخم، انقلاباً كان أو ثورةً أو حرباً أهلية أو احتلالاً أو غيرها، ولكن في أغلب الحالات، إنْ هم عايشوه تجدهم يتصارعون على المصطلحات ويتجادلون حول معانيها، وهذا أمر طبيعي، ويفترض ألا يدفعنا إلى التخوين والتكفير ومنطق الملائكة والشياطين.

• تغيّرات الزمن القصير أكثر إيلاماً من تحوّلات المدى الأطول. عندما نكون داخل المجتمع في مراحل التغيرات الحادة التي يمر بها، فإننا قد لا نرى منها إلا ما هو مرهقٌ ومحبطٌ ومؤلم. وبالطبع ليس بالإمكان الحكم على ما هو آتٍ بدقة، كل ما نستطيعه هو التخمين واستقراء المستقبل من خلال عصر التاريخ عصراً، أملاً في إيجاد تفسير لما جرى ويجري، وفي أحيانٍ كثيرة لا يكفينا التاريخ لفك الرموز، بل قد يتطرف البعض ليقولوا إن «التاريخ يعيد نفسه مرتين، الأولى كمأساة والثانية كمهزلة»، وإن كنت لا أرى التاريخ يكرّر نفسه.

• في سنة 1919 أصدر الكاتب الأميركي اليساري جون ريد كتابه الأشهر «عشرة أيام هزّت العالم» واصفاً معايشته لما عُرِف لاحقاً باسم «الثورة البلشفية» في روسيا. «الثورة» كانت قد بدأت بقيام خلية ثورية عسكرية باحتلال «قصر الشتاء»، سمّه انقلاباً إن شئت، لتتحوّل روسيا المتعبة إلى «الاتحاد السوفياتي»، ومن ثم يصبح ذلك الاتحاد قوةً عظمى، لتشكل محوراً منافساً على كل الصُّعُد للمعسكر الغربي. هل كان جون ريد مثلاً، قادراً أن يتخيّل ماذا كان سيحدث للاتحاد السوفياتي بعد سبعة عقود؟

• في 26 ديسمبر/ كانون الأول 1991 تم الإعلان رسمياً عن نهاية الاتحاد السوفياتي بعد بلوغه عمر 72 عاماً، واستقال حينئذ الرئيس غورباتشوف، واعتمد استقلال الجمهوريات الجديدة التي بلغ عددها 15 جمهورية، كلها خرجت من رحم دولة عظمى دون عنف يُذكَر، وقام بتسليم شفرة إطلاق الصواريخ النووية لرئيس كيان جديد، سيُعرَف منذ الآن باسم روسيا الاتحادية، بوريس يلتسن. حاولتْ وحدات عسكرية من الجيش السوفياتي إيقاف عجلة أكبر عملية تفكيك لدولة عظمى دون حرب في تاريخ البشرية، ولكن «الانقلاب العسكري» لم ينجح.

• لم تتوقف تلك التحولات التاريخية وتقتصر على المحيط الروسي/ السوفياتي فحسب، بل تدحرجت إلى أوروبا الشرقية، وفعلت العاصفة بها ما فعلته، فما هو الوصف المناسب أو المصطلح الملائم الذي يمكن أن يعبّر عمّا جرى؟ ثورة، انقلاب، تفكيك، إصلاح؟ كانت أكبر عملية تحوّل جماعي في التاريخ من نظام إلى نظام، مع اختلاف التفاصيل من دولة لدولة، ومازال علماء السياسة غير متفقين، حائرين في المصطلح، فهل نستكثر على التحولات العصية عربياً الحيرة والضبابية؟!

وللحديث بقية.

إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"

العدد 4013 - الأحد 01 سبتمبر 2013م الموافق 25 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:31 ص

      تحولات وتحويلات مالية رأسمالها وهم مالي إقتصاد إسراي

      يقول بعض العلماء أن ظهور أزمة قد يشير الى بداية تحول من حالة الى حالة. إعلان الفوضى المصطنعه بعد كشف أرصدة بنكية ليس لها أصول غير العقارات ومشروعات سياحة وتقديم خدمات ... فقد ظهرت أكثر من أزمة قد تجمعت وترسبت من قرون. قد يكون أكثر الناس غير مستعدين لأن يتخلصوا من فكرة رأس المال أو يغيروا عاداتهم وتقاليدهم التي عرفوها أو توارثوها أباً عن جد لكن معاندين ولا يريد التغيير. التحول من الرفاهية والاسراف والتبذير الى الاقتصاد الحقيقي – لا تسرف ولا تقتر وسط يعني واحد يأكل وشعوب تجوع ليش؟

اقرأ ايضاً