العدد 4044 - الأربعاء 02 أكتوبر 2013م الموافق 27 ذي القعدة 1434هـ

الهويّات في الشرق الأوسط مفتاح التعايش والصراع (2)

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

الباحث اللبناني كريم صادق من مركز الدراسات الإسلامية في أكسفورد، عرض التباين بين مفهومي أمة الإسلام وأمة الدولة، من خلال معالجة الشيخ راشد الغنوشي وكتاباته، والذي يعتبره صادق مجدداً في الفكر الإسلامي وفي فكر الحكم الإسلامي فالغنوشي يعتبر أن الدساتير والتشريعات والسياسيات يجب أن تسترشد بنصوص القرآن والسنة، لكنه يضع ثلاث مراتب لتفاعل خلاق وهي النصوص «القرآن والسنة وسير النبي (ص) وصحبه» ثم رجال الدين والنخب ثم الشعب في الوطن من خلال تمثيله. بالنسبة للغنوشي فالأهم من بناء الدولة الإسلامية هو بناء المجتمع الإسلامي والذي يضم أيضاً غير المسلمين، الذين من حقهم ممارسة عباداتهم وقضائهم واحتفاظهم بالمؤسسات الدينية والتعليمية والقضائية.

لكن يشترط على هذه الأقليات الدينية قبولها بالحكم الإسلامي. وبالنسبة للردة فهو لا يعتبرها جريمة دينية، بل مجتمعية ولذلك يرد عليها بالجدل والفكر وليس الإعدام.

الجلسة المطولة الأخيرة خصصت للأكاديمي الأرمني الأصل الفرنسي الجنسية المدرس بجامعة اسطنبول، والذي عالج فيه تطور فكرة الهوية منذ العصور الوسطى، وما أدت إليه من حروب مدمرة كالحرب الصليبة، والحروب التوسعية للإمبراطوريات القديمة مثل الإمبراطورية الروسية في سعيها لروسنة جميع الشعوب التي احتلتها مثل الشعب الأرمني. وعرض بالتفصيل إلى تجربة الشعب الأرمني، من الخضوع والتماهي مع روسيا، إلى نشوء الهوية القومية الأرمنية، ومقاومتها للهيمنة الروسية، وأخيراً تبلور الهوية الأرمنية في دولة أرضية مستقلة لأول مرة في التاريخ.

ونزوع ملايين الأرمن في مختلف البقاع إلى هذه الجمهورية كموئل ومرجع لهم في اليوم الثاني، أتيح لي المجال لحضور الندوة الأولى فقط، وكانت من أمتع الجلسات للباحث المصري حسين عمر من جامعة أكسفور، عرض بروز الهوية الوطنية المصرية في ظل الحكم العثماني، واستعرض جانباً منه في شخصية ودور أبو الأمة كما يطلق عليه سعد زغلول باشا والذي عاصر ثورة عرابي طفلاً، ثم درس في الأزهر متميزاً ومعاصراً الشيخ رشيد رضا وهو من أهم دعاة ومفكري الإصلاح الديني والوطنية المصرية، والذي تأثر به جيل مصري كامل. ثم عرض للتحولات في فكرة ومظهر وممارسة زغلول من رجل دين إلى قائد حزب الوفد الوطني التحديثي، وما تعرض له سعد زغلول من اضطهاد ونفي وسجن من قبل الحكم الملكي بدعم من الإنجليز، وإصرار سعد زغلول على تأكيد سيادة الأمة في مواجهة الحكم الملكي المطلق. وعرض الباحث لجوانب متناقضة في شخصية زغلول كونه مسلماً ولكنه ممارس علماني ما أثار الكثير من الهجمات عليه من قبل الإسلاميين، بما في ذلك الإخوان المسلمون حتى اليوم.

أما الباحث المصري عمر باض من جامعة ليون في هولندا فقد عرض لشبكة العلاقات والتفاعلات التي ربطت المسلمين الأوائل في أوروبا فيما بينهم ومع البلدان الإسلامية التي قدموا أو قدم أجدادهم منها. وعرض الباحث بشكل خاص لتجربة ودور الأمير شكيب أرسلان والذي اتخذ جنيف مقراً له، في إدارة هذه الشبكة حيث كان يكتب في اليوم أكثر من 30 رسالة ويكتب مقالاً على الأقل لمختلف الصحف يصدر صحيفة «الفتح المبين»، ويتم الصلاة في جامع جنيف ونظم مؤتمرات جامعة للمسلمين في البلدان الإسلامية والغربية وأولها في العام 1935. كما يعرض الباحث لشبكة الأعمال التي أدارها مسلمون في بلاد الغرب مع دول إسلامية وعربية ومنهم الضابط العثماني السابق والمقيم في برلين بترتيبه لصفقات بيع سلاح لليمن والسعودية. كما يعرض لجهود الجالية الإسلامية في الغرب لتنظيم نفسها وإقامة مدارس خاصة بها، ودورهم في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكذلك التيارات والمذاهب الدينية المتباينة مثل السلفية والإصلاحية والأحمدية.

أما الباحثة اللبنانية نادية بوعلي من الجامعة الأميركية في بيروت، فتناولت إشكالية الهوية من خلال استعراض التاريخ اللبناني المليء بالحروب والصراعات منذ القرن التاسع عشر حتى الآن، ودور النتائج على الهوية في هذه الحروب والنزاعات.

كما عرضت لإشكاليات الهوية العربية ومكوناتها من خلال دراسة محمد عابد الجابري العقل العربي، والذي عرض فيه لجوانب سلبية متأصلة في الثقافة العربية والعقلية العربية والتي تحول دون تبلور هوية عربية جامعة.

كما عرضت الباحثة لقضية النهضة العربية، والتي بدأت لأول مرة في نهاية القرن التاسع عشر على يد إصلاحيين مسلمين كالأفغاني والكواكبي ومحمد عبده، ومسيحيين مثل البازجي والبستاني وبغرس في سورية الكبرى ومصر. كما عرضت للتنارع العثماني العربي جراء احتلال الدولة العثمانية للبلاد العربية وتجزئتها والعمل لطمس هويتها رغم كون الإسلام جامعاً بين العثمانيين وأغلبية العرب. ومن هذا الإطار ربطت الباحثة بين بوادر النهضة الفكرية العربية في نهاية القرن التاسع وتأكيد الهوية العربية في مواجهة التبديل.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4044 - الأربعاء 02 أكتوبر 2013م الموافق 27 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 11:51 ص

      روسيا وألإكتشافات الدلمونيه- أرض الحياة والخلود أو مملكة العسونيين!

      قد لا يقال أن الحكومات تحكم وإنما تدار حكومة بحكومة خفية أو مخفيه. فقد كشف الباحثون الروس أن حكومة أو من يدير العالم ليسوا مدراء أو سلاطين أو الرؤساء. أما هنا في البحرين فقد كشف بعض الباحثون أن هندرسون إيان كانت له اليد الطولا وربط الإقتصاد المنهار عالميا. فما ذهب اليه الباحث الى سؤال لما وجد الذهب الدلموني الى مغارة صدام التكريتي – يعني مثل صلاح الدين التكريتى لكن يقال له أيوبي – أي نسبة الى الامبراطورية الأيوبية ولا علاقة له لا بأيوب ولا بيعقوب عليهم السلام؟

    • زائر 4 | 9:37 ص

      من معاجز أو ما عجز عن فعله الإنسان

      تحديد وتصنيف وتنويع طبقات المجتمع قد لا يكون من الدستور فيه شيء لكن قد يَكونُ الإنسانُ عاجزٌٌ لكنهُ مترددٌ أو متخاذلٌ أو متقاعصٌ عن العملِّ أو عملهُ غير مجاز لكنه قد يقول بأن عنده إنجازات. هنا قد لا يمون عجوزٌ بس كونه عجولٌ أو مستعجل أو كما يقال العجلة من الشيطان!. هنا يقال حسب التعابير المحلية أي البحرانية أنه مستعجل وقد يكون إبليس والشيطان راكبين رأس ولا يعرف كرياسه ولا كوعه من بوعه! ويش قاقد الوعي لا يعطيه يعني؟؟؟

    • زائر 3 | 6:05 ص

      نريد

      نريد هنا فى بلادنا حكم الله وان يكون الشعب مصدر السلطات ولانريد التلاعب من الحكومة نريد حكومة منتخبة وافراج عن جميع المعتقلين هاده الى راح اطلع البحرين من ازمتها والله ياخد الحق

    • زائر 2 | 3:11 ص

      من المشاكل عن العرب لا هم عجم لكن يقولون عرب!

      مشكلة من المشاكل التي واجهت وتواجه العرب أنهم أو منهم غير أو لا يعرفوا أصولهم – يعني من اليمن أو من نجد أو من نجران أو جيزان أو الحبشه أو من زنج بار(...) اليوم في البحرين إختلط الحابل بالنابي والقاصي بالداني. فمنهم من يشتم ويسب أهل البحرين ومنهم هنا يعني من الجماعات التكفير التي ظهرت جمعياتهم ومشاريعهم التخريبية لتاريخ البحرين وعلى أهل البحرين وخليج البحرين وحتى شواطئها إستحوذوا عليه (...) يعني إشلون القوم يقول المال مال أبوهم لكن القوم سلبوهم؟؟؟

    • زائر 1 | 2:46 ص

      يقال بحراني وليس بحريني - ليش؟

      يقال نعم للصدق ولا للكذب والتوزير – تزوير تاريخ البحرين العريق بأقوال وأفعال لبعض الناس من غير الباحثين عن العمل الصالح وإنما يبحثون عن أعمال تجارية مدمرة. فقد دمرت كما نهبي الأوقاف الجعفرية أو أوقاف كانت مزارع وهبت للإما الحسين عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام. اليوم بعض المزارع المنهوبة والتي كانت موهوبه أو مخروبة – يعني عطشت وقتل النخيل والنخالوه. هنا قد يقال يصعب التعرف عليها لكن يقال من أراد المعرفة يبعث عن العلم ولو في الصين.

اقرأ ايضاً