العدد 4051 - الأربعاء 09 أكتوبر 2013م الموافق 04 ذي الحجة 1434هـ

التعاون وليس الصوفية هو الردّ على العنف في باكستان

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

(كاتبة باكستانية ومحررة في «ذا اكسبرس تريبيون»، تركز على حقوق الإنسان وبناء السلام والإسلام، والمقال ينشر بالاتفاق مع خدمة «كومون غراوند»)

يصعب تقبّل مفهوم أن ديناً واحداً أو فلسفة واحدة أو فكرة واحدة هي الجواب على وقف حلقات العنف، مثل الهجوم الانتحاري المأساوي على كنيسة جميع القديسين في بيشاور بباكستان الشهر الماضي. رغم ذلك فقد شهدت العقود الأخيرة حراكاً مثيراً للاهتمام في المنظور أن الصوفية هي حلّ للتطرف العنفي في باكستان.

يمكن وصف الصوفية ببساطة تامة على أنها الروحانية الإسلامية، ولكنها مثلها مثل معظم الأمور الأخرى، مفهوم أعمق وأوسع من أن يوصف بتعاريف مبسطة. ولكن دونما شك، فإن رسائل الحب والسلام والتقبّل موجودة في جوهرها. ولكن هل تشكل الصوفية حقاً حلاً عملياً ومعقولاً للتطرف العنفي في باكستان؟ وهل يمكن أن تشكّل الحلقة المفقودة في عملية السلام الداخلية التي تحتاجها؟

يجد العديد من الباكستانيين في هذه الأوقات المزعجة، الصحة العقلية في عقيدة القديسين الصوفيين الذين آمنوا أن خدمة الإنسانية هي السبيل الأكيد إلى التقرب من الله تعالى. يعبق الإيمان في الرسائل الجوهرية لقديسينا بأمل نحن في أمسّ الحاجة إليه. إلا أن التفكير بأن الصوفية هي المصل المضاد للتطرف في باكستان ربما يكون مبسطاً بشكل زائد، خصوصاً عندما يوضع في معارضة تفسيرات أكثر صرامةً للإسلام، كما يفعل الكثيرون ممن تلهمهم الطائفية اليوم.

لدينا في باكستان، وهي المكان الأكثر تعقيداً والأبعد عن أن تكون وحدة متكاملة، هؤلاء الذين يمارسون الإيمان من خلال ما يسمح به الدين أو لا يسمح بتعصب، وهؤلاء الذين ينزعون أكثر نحو الروحانية من الفقه. ومع تزايد الاستقطاب، يصبح الوسطيون الذين يحترمون كلا المدرستين الفكريتين أقليةً، ويشعرون بأنه يجري دفعهم نحو الهامش.

تكمن المشكلة في حقيقة أن هؤلاء الذين يميلون أكثر نحو الصوفية، وهؤلاء الذين يركّزون أكثر على ما يمكن عمله أو عدم عمله في الإسلام، يعتبرون غرماء من قبل المجتمع الباكستاني اليوم.

هناك نوعٌ من السخرية في ذلك كله، ففي الوقت الذي تُعتبر فيه الصوفية متعلقةً بالقبول في جوهرها، يبدو بعض أتباعها غير المتمرسين أنهم يزيدون من اتساع الهوة الواسعة أصلاً بين هؤلاء الذين يتبعون تفسيرات صارمة أو متعصبة للإسلام، وهؤلاء الذين يشعرون أن الصوفية هي الجواب. ويبدو ذلك متناقضاً مع الرسائل الجوهرية للصوفية. لذلك فإننا نخاطر بالابتعاد عن النقطة المركزية للصوفية: جمع كل شيء تحت لوائها وقبول كافة أنواع الناس بغض النظر عن إثنيتهم أو لغتهم أو طائفتهم أو حتى عقيدتهم.

يمكن لجزء من الحل أن يكون في إدراك الأنصار الليبراليين الذين تلهمهم الصوفية أن يعترفوا بالجهود التي يبذلها بعض العلماء المسلمين الوسطيين، وأن يعطوا الفضل لمن يستحقه. ويشكل عرض المرونة الأخير من جانب مجلس العقيدة الإسلامية، الهيئة الدستورية المسئولة عن تقديم الآراء القانونية الإسلامية إلى الحكومة الباكستانية، إثباتاً لذلك. يحاول علماء في المجلس، مثل مولانا طاهر أشرفي وبوضوحٍ، بناء الجسور بين أجزاء من المجتمع عندما يعود الأمر إلى قوانين الكفر، من خلال معارضة الاتهامات الزائفة بقوة.

يبدو أن الإمام الغزالي، العالم الديني الصوفي الفارسي من القرن الحادي عشر قد أصاب، فقد أصبح الجسر بين الإسلام التقليدي المتعصب وأتباع الصوفية. طور أتباع كلا المذهبين تفاهماً متبادلاً من خلال الاستفادة من العلوم الدينية الإسلامية المؤسسة للتسوية بين الصوفية والإسلام القديم المتعصب، والصوفية لإثراء علوم الدين.

بدلاً من كون فلسفة واحدة حلاً للعنف، الذي يملك النزعة لجعل الآخرين على خطأ ووضعهم في موضع دفاعي، ربما تكون التسوية والتعاون هما الأسلوب الأفضل وإن لم يكن ذلك هو الحل، فربما يكون على الأقل خطوة في اتجاه السلام.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 4051 - الأربعاء 09 أكتوبر 2013م الموافق 04 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً