العدد 4069 - الأحد 27 أكتوبر 2013م الموافق 22 ذي الحجة 1434هـ

اليوم انطلاق مؤتمر المنتدى العربي للبيئة والتنمية

يعقد بالشارقة تحت عنوان: «الطاقة المستدامة»

المؤتمر الصحافي للإعلان عن فعاليات المؤتمر السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية
المؤتمر الصحافي للإعلان عن فعاليات المؤتمر السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية

تنطلق اليوم الاثنين (28 أكتوبر/ تشرين الأول 2013) فعاليات المؤتمر السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية في الجامعة الأميركية بالشارقة، تحت عنوان: «الطاقة المستدامة « وتستمر فعاليات المؤتمر حتى غد (الثلثاء).

وفي كلمة للأمين العام لمنظمة «أفد» نجبب صعب أمام الوفود الاعلامية المشاركة في تغطية فعاليات مؤتمر هذا العام، قال: «تبقى التحديات كبيرة التي نواجهها، لكن تبقى هناك طاقة تضيء المستقبل لنا لتعطينا الأمل بالاستمرار، ولهذا كنَّا بحاجة إلى جهد كبير لإقناع شركائنا بأنه يجب على المنتدى أن يتابع عمله بالرغم من الأوضاع وتأثيراتها».

وأضاف «مع انطلاقة هذا المؤتمر السنوي الذي اخترنا أن يكون في الشارقة، قد يتساءل البعض عن جدوى تلك الدراسات، في حين أن تحقيقاً أعده المنتدى أظهر تقدماً واضحاً في تحقيق الكثير، بل إن تقارير سابقة لـ «أفد» تستخدم حاليّاً مراجع رئيسية في أكثر من 32 برنامجاً تنفيذيّاً خلال العام 2013، بالإضافة إلى وجود هيئات إقليمية ودولية قامت بإعادة نشر أجزاء من تقارير «أفد» بما في ذلك برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب)».

كما تطرق صعب إلى تمكن مبادرة «أفد» من استقطاب المزيد من القبول بالاقتصاد الأخضر، وقال: «تم اعتماد المبادرة في كثير من البلدان العربية لتطوير استراتيجيات التنمية فيها، كما كانت في صلب خطاب نائب الرئيس العراقي، بالإضافة إلى اعتماد هيئات حكومية وعربية الدليل الذي أصدره المنتدى عن كفاءة الطاقة في أبنية المكاتب في 28 دورة تدريبية، كما أن تعميم ما أنجزه المنتدى سنة 2013 في التربية البيئية يعد أبرز الانجازات، حيث انتشر دليل البيئة في المدرسة، وتم في ضوء ذلك تدريب آلاف الأساتذة على استخدامه والموقع الالكتروني المرافق، كما أنشأ المنتدى شبكة مدرسية عربية بيئية على مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك استقطبت مئات المدارس من لبنان والإمارات واليمن والجزائر حتى».

وتابع «من انجازات تقارير (أفد) السنوية هو ما أعلنته الهيئة العامة للبيئة في الكويت عبر إطلاق برنامج وطني للبصمة البيئية وهذا يأتي تجاوباً مع ما أطلقته المنظمة في تقريرها عن البصمة البيئية في البلدان العربية، كما أصبح الأطلس الذي أصدره المنتدى حول الموارد والبصمة البيئية في العالم مرجعاً رئيسيّاً لخطط التنمية».

وختم صعب حديثه قائلاً: «إن التقرير السنوي السادس لـ (أفد) يصدر في فترة عصيبة تمر بها المنطقة العربية، ونحن ندرك أنه من الصعب التكيف مع الحقائق الصعبة، في منطقة يواجه نصف سكانها ثورات وانتفاضات، لكنا نأمل خيراً في مواصلة الطريق عبر وضع السياسات الملائمة من أجل أن نتمكن من صد التحديات والمضي قدماً في تحقيق تنمية مستدامة».

ووفق التقرير السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) حول الطاقة المستدامة، الذي يتم إطلاقه اليوم في الشارقة، يمكن للدول العربية، إذا التزمت بسياسات واستثمارات ملائمة، أن تكون عضواً فاعلاً في مجتمع الطاقة النظيفة العالمي، وبهذا تخلق المزيد من فرص العمل لمواطنيها، وتصدّر الطاقة المتجددة إضافة إلى النفط والغاز.

وجد التقرير أن أنظمة الطاقة في المنطقة العربية، التي تهيمن عليها أنواع الوقود الأحفوري، هي أنظمة غير مُستدامة سواء من الناحية الاقتصادية أم البيئية أم الاجتماعية. وعلى رغم أن مستويات كثافة استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون للفرد هي من بين الأعلى عالميّاً، فإن نحو 35 مليون عربي لا يحصلون على خدمات طاقة حديثة، وبشكل خاص الكهرباء. غير أن المنطقة العربية، بخلاف الكثير من مناطق العالم، تنعم بوفرة مصادر الطاقة النظيفة المتجدّدة، وعلى رأسها الشمس والرياح. ومن شأن هذه المصادر المتجدّدة، بالتوازي مع اعتماد التقنيات الأنظف وتحسين كفاءة الطاقة، أن تساهم في تنويع الطاقة وتعزيز استدامتها في المستقبل.

تعتبر إيرادات النفط والغاز مصدر الدخل الأساسي في معظم الدول العربية، وخصوصاً في منطقة الخليج. ويشكل قطاع النفط والغاز ما يصل إلى 36 في المئة من مجموع الناتج المحلي الإجمالي العربي. وتتراوح نسبة إيرادات المواد الهيدروكربونية من مداخيل صادرات معظم الدول العربية المنتِجة بين 33 في المئة في اقتصاد الإمارات المتنوّع نسبيّاً، و88 في المئة في الاقتصادات المعتمدة بشكل كبير على التصدير مثل السعودية وقطر، وتتجاوز 97 في المئة في الجزائر والعراق.

على مدى العقود الثلاثة الأخيرة، شهدت بلدان مجلس التعاون الخليجي، وهي الدول العربية الرئيسية المصدّرة للنفط، تحوّلات اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة. وتمّت الاستفادة من مداخيل النفط في تحديث البنية التحتية وخلق فرص العمل وتحسين مؤشرات التنمية البشرية. لكنّ عائدات النفط، من ناحية أخرى، لم تؤدِّ إلى تحقيق التنوع الاقتصادي بالقدر الذي يطمح إليه الكثير من القادة العرب، ما جعل معظم البلدان معتمدة، بشكل استثنائي، على إيرادات النفط التي أثبتت أنها متقلّبة إلى حدّ كبير. كما أن الاضطرابات السياسية التي أطاحت بعدّة أنظمة عربية كشفت عن مدى تأثّر إمدادات النفط الإقليمية بالقلاقل السياسية خلال الأزمات التي تعصف بالمنطقة. بيد أن النفط لا يزال أهم الموارد الطبيعية في العالم العربي، وتشير كل الاحتمالات إلى استمرار هذا الوضع في المدى المنظور.

يُضاف إلى ذلك أن المخاوف المتعلّقة بتغيّر المناخ يمكن أن تؤدي إلى تحوّلات في أسواق الطاقة العالمية نحو مصادر طاقة نظيفة أكثر كفاءة وأقلّ إنتاجاً للانبعاثات الكربونية. وقد بدأ تحول كبير في مواقف مفاوضي المناخ من بلدان رئيسية مصدرة للنفط والغاز، خصوصاً السعودية والإمارات وقطر، إذ باتت هذه البلدان تدرك أن خطة للتحول السلس باتت محتومة وضرورية، ويجب أن تشمل تنويعاً للاقتصادات الوطنية وتعاوناً إقليمياً واسع النطاق، بما في ذلك التعاون في البحث والتطوير. وهذا يتطلب استغلال جزء أكبر من عائدات النفط والغاز في تعزيز الأبحاث والتكنولوجيا، والاستثمار في الموارد البشرية الوطنية.

من جهة أخرى، يُتوقع أن تكون البلدان العربية من البلدان الأكثر تأثراً بتغيّر المناخ في العالم، وخصوصاً في ما يتعلق بارتفاع مستويات البحار وموجات الجفاف. ومن أجل أن تتأهل للمساعدة الدولية في إجراءات التكيّف، عليها أن تؤدي دوراً جدياً في عمليات التخفيف من حدة تغيّر المناخ.

على الصعيد المحلي، تعتمد الاقتصادات العربية على النفط والغاز لتلبية أكثر من 97 في المئة من الطلب على الطاقة. والارتفاع الحادّ في الطلب المحلي على الطاقة يعني زيادة في استنزاف النفط المنتَج في المنطقة، وتحويل جزء متزايد منه إلى السوق المحلية بدل التصدير. ويقدر بعض المحللين أن الدول العربية المنتجة للنفط يمكن أن تخسر ما يصل إلى 90 دولاراً في كل برميل نفط يُستهلك محليّاً بدلاً من تصديره.

هذا ينطبق أيضاً على إنتاج الماء والغذاء، حيث تؤدي الطاقة دوراً محورياً، سواء في تحلية المياه أو استخراج المياه الجوفية، ما يستهلك 50 في المئة من إجمالي الطاقة في بعض البلدان. ومع ذلك فإن كفاءة الري في المنطقة العربية ككل لا تتعدى 40 في المئة، فيما يبلغ معدل كفاءة الطاقة أقل من 50 في المئة. وقد وجد تقرير «أفد» أن تضافر إجراءات كفاءة المياه وكفاءة الطاقة يمكن أن يوفر ما يصل إلى نصف الطاقة المستهلكة حالياً، ويحافظ في الوقت ذاته على مستويات الإنتاج نفسها. إن الدعم غير المقيد للطاقة والمياه، الذي يصل إلى 95 في المئة في حالات كثيرة، هو العقبة الرئيسية أمام تحقيق نتائج ملموسة بهذا الخصوص. ويزداد الأمر سوءاً مع خسائر بنسبة 19.4 في المئة في توليد الكهرباء ونقلها وتوزيعها، ما يفوق ضعفي المعدل العالمي البالغ 8.3 في المئة.

من ناحية أخرى، تشهد سوق الطاقة المتجددة توسعاً سريعاً، وقد أعلنت بلدان عربية كثيرة عن مشاريع وسياسات لاستغلال وفرة الطاقة المتجددة في المنطقة. فالسعودية تخطط لتلبية 33 في المئة من احتياجاتها الطاقوية المحلية من مصادر متجددة بحلول عام 2032. و «شمس 1» في أبوظبي هي اليوم أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم، إذ تبلغ قدرتها 100 ميغاواط. وقد بدأ العمل في محطة «نور 1» للطاقة الشمسية المركزة في المغرب بقدرة 160 ميغاواط. وبلغ مجموع الاستثمارات الجديدة في مصادر الطاقة المتجددة عام 2012 نحو 1.9 مليار دولار، ما يوازي ستة أضعاف مجموع الاستثمارات في العام 2004. ومع ذلك وجد تقرير «أفد» أن الدعم غير المنضبط للكهرباء والوقود يمنع التطوير الواسع النطاق للطاقة المتجددة ولا يشجع استثمارات القطاع الخاص.

إن كلفة الفرصة البديلة لاستمرار الوضع القائم، في اقتصاد غير متنوع إلى حد كبير، لا يمكن تعويضها، عدا عن أنها تعطل فرص التنمية المستدامة. وهذا يطرح السؤال الآتي: ما هو الدور الذي يجب أن يؤديه النفط في الاقتصادات العربية على المدى الطويل؟ على البلدان العربية المنتجة للنفط أن تضع حوافز لنشاطات القطاع الخاص لا تكون محصورة بالنفط والصناعات المسرفة في استهلاك الطاقة.

لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، أعلن عدد من البلدان العربية عن خطط لإضافة الطاقة النووية الى المزيج الطاقوي. والدافع إلى هذه الخطط إما تحقيق تنوع وأمن طاقويين في البلدان المصدرة للنفط كما في الإمارات، أو التعويض عن الافتقار إلى أنواع الوقود التقليدية كما في الأردن. لكن قدرة البلدان العربية على إدارة كامل دورة حياة الطاقة النووية هي موضع شك، إذ تظل المسائل الأساسية المتعلقة بالسلامة بحاجة إلى معالجة. ويصطدم أمن الإمدادات بشروط مفروضة تمنع التخصيب محلياً. ويستنتج تقرير «أفد» أنه إذا كان تخفيض الانبعاثات الكربونية هو التحدي الرئيسي الذي يواجه حرق الوقود، فإن السلامة والأمن والتخزين الدائم للنفايات المشعة هي التحديات التي تواجه خيار الطاقة النووية. وأي تقييم للكلفة الحقيقية يجب أن يشمل جميع هذه العناصر.

أخيراً، هناك تحدٍّ رئيسي هو قدرة البلدان العربية، وخصوصاً المنتجة للنفط، على إدارة الطلب على الطاقة لتلبية النمو المتسارع، واعتماد سياسات إنمائية تؤدي إلى التقدم وتحسين نوعية الحياة، ضمن مستويات مستدامة. وقد وجد تقرير للمنتدى حول البصمة البيئية في البلدان العربية أن العرب يستهلكون ضعفي ما تستطيع نظمهم الإيكولوجية تجديده. وتبين أن لدى ثلاثة بلدان عربية، هي قطر والكويت والإمارات، أكبر بصمة بيئية في العالم. ولو عاش الجميع كمقيم عادي في قطر مثلاً، لاحتجنا إلى 6.6 كواكب. وهذا يطرح أسئلة صعبة: إلى متى يمكن للأنظمة الطبيعية المحلية، بما فيها الطاقة والمياه، أن تدعم أنماط الاستهلاك والإنتاج الحالية؟ أين هي الحدود المرسومة للتنمية؟ هل يؤدي النمو بالضرورة إلى تقدم؟ هل نشيّد مبنى لإيواء الأشخاص الذين يحتاجون إليه، أم نشيد مبنى ونبحث عن أشخاص لإشغاله؟ الطاقة المستدامة هي جزء من تخطيط أوسع للتنمية المستدامة.

العدد 4069 - الأحد 27 أكتوبر 2013م الموافق 22 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً