العدد 4096 - السبت 23 نوفمبر 2013م الموافق 19 محرم 1435هـ

بالخيال والإبداع للثورة على التقاليد

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

الخيال هو ذلك الشيء المجهول الذي يوجد بدواخلنا ويعتبر من أقوى الصفات الانسانية التي يمكننا من خلاله أن نتمتع بأحلى الأشياء في الدنيا،، ولمجرد التأمل او لورود فكره،،! ودونادنى مجهودٍ.

فالخيال يجعلنا نتواجد في أي مكان، في أي وقت نشاء ودون أن نتحرك وأن نتصور أننا سافرنا الى اقصى البلاد الجليدية ورأينا أحلى المناظر في الدنيا ونحن ننعم بالراحة التامة في الفراش الدافئ!

والخيال هو ذلك الشيء الجبار والذي يعشش دواخلنا ويحركها، والذي يحسدنا عليه الجميع اذا ما وُجد لدينا، فهو يتحول وبقدرة قادرٍ الى آلة للتحريك تخلق اشياء جديدة في الكون، من خلال المفكرين المبدعين والمحللين،! فالإبداع في الخيال العلمي يؤدي الى الاختراعات التي تفيدُ البشرية جمعاء! من فنون وعلوم وبناء وتعليم وفكر... الخ ففي النواحي الطبية ينقذ الخيال المرضى من آلامٍ وأحزان ويكون السبب في إطالة أعمارهم، وأن يعيشوا دون أوجاعٍ أو معاناة، بالاكتشافات والاختراعات من الأدوية، والأجهزة الطبية!

وفي الحياة العامة خلق الخيال التكييف البارد والساخن، والاتصالات اللاسلكية والسلكية... الخ، والشيء الجميل في الحياة الانسانية أن كل هذه الاختراعات تعيش وتعتمد على بعضها بعضاً وتتطورمع خيال الإنسان الجبار في الأجيال المتعاقبة، فمن اخترع الإبرة ساهم في اختراع ماكينة الخياطة، ومن اخترع المسمار العادي للخشب، اخترع بعده المسمارالالكتروني، والذي هو الأساس في تصميم الصاروخ ولربط اجزائه ليجوب الفضاء، ومن اخترع الدولاب (العجلة) ساهم في اختراع الدراجة أولاً ثم السيارة والقطار والطيارة والصاروخ ... الخ، ومن اكتشف التيار الكهربائي ساهم في اختراع الأجهزة الحديثة، وليكمل بها خيالاً آخر في بناء البنايات الشاهقة والعملاقة التي لولا وجود المصعد الكهربائي لما تم بناؤها، هذاعدا الاختراعات الأخرى الخطيرة والمدمرة التي قد تُنهي باستخدامها البشرية، مثل القنابل النووية الجبارة وغيرها، والتي كانت في الأساس من الاختراعات المفيدة والتي حَوَّلها الانسان الى آلاتٍ تدميرية أيضاً لكن بخيالٍ مؤذٍ ومريض! وهذه أيضاً ليس لها مثيل ٌفي الكم أو العدد لما أهلكت من الملايين من البشر.

وعلى رغم هذا وذاك فإننا ندين لكل هؤلاء الرواد الأوائل الذين لولاهم لما تقدمت البشرية ولما تمت الاختراعات الشديدة الفائدة للبشرية والتي بُنيت على ذلك الأساس الرائع المتواضع من الفطرة من خدمة الانسان للانسان.

ويأتي الخيال ضمناً لدى الفنانين حينما يبدعون في الرسم والنحت والتصوير... الخ، لكن حتى الفن ليس كله خيال كما يُقال، وقد يكون منقولاً أو تعبيراً مزدوجاً عن المشاعر الداخلية المتناقضة والمريضة للفنان، إما جميلاً أو مؤذياً.

والغريب في الأمر أن معظم العمالقة من ذوي الخيال والفكر والعلوم أو الفن بدأوا حياتهم من الصِّفر ومن عائلاتٍ فُقيرة، وعانوا في متاهات الحياة ودروبها المظلمة، وكدحوا وتحملوا المشاق وربما من أجلِ قَضيةٍ انسانية ولاسترجاع حقٍّ مسلوب، أولاكتشافِ دواءٍ، أو فكرةٍ أو لاختراعٍ وربما ذُلوا وتشردوا وجاعوا، إلى أن ضحكت لهم الحياة أخيراً وأعطتهم من وفرها على صَبِرهم، وانبثق معهم فجرٌ جديد مليء بالأمل والفرح عوضهم عن سنوات التعب والحرمان.

والخيال هو من الأشياء التي لا تُدرْس أو تُورث، بدليل اننا لم نجد مخترعاً أنجب مبدعاً، تماماً فهم لم يورثوا أيّاً من تلك الصفات، أولم نرَ أي عالم أكمل أبناؤه رسالته، لا بل على العكس تماماً وقد يظهرأبناء العباقرة والمبدعين، سطحيين ومهمشين، وفي الغالب غير ناضجين، لايعرفون التعامل مع الحياة في وجوهها المتعددة وقد يعتريهم الخجل من أنفسهم حينما لا يحققون في مشوارهم شيئاً يُذكر، وخاصةً اذا ماقورنوا بآبائهم واذا ما كانت لديهم الملكات الابداعية نفسها.

ويقال إن الشجرة المثمرة والكبيرة قد تقتل بظلالها الأشجارالصغيرة وحتى العشب الذي ينمو تحتها، ويبدو ذلك صحيحاً، أو نتيجة تشبعهم بالشهرة والحب والدلال من الآخرين المتمصحلين من حولهم مع الأسف، إلى درجة انها تقتل فيهم الإرادة والحماس أو المغامرة لوضع الجهد لأن يكونوا متميزين كآبائهم.

وقد يكونون ضحايا ونتاج مواقعهم، وُظلموا في الحياة، لأنهم كانوا تحت الشجرة المثمرة.

وإذ أرى وأسمع هذه الأيام أن خيال شبابنا وابداعاتهم، قد ارتفعت كثيراً في الفترة التي تلت الثورات العربية، وقد بدأ البعض في استعمال الخيال في خلق الأعمال الخاصة بهم، والتي لم يتطرقوا لها في الماضي وازدياد عدد المبدعين في ايجاد الوسيلة للحصول على موارد الرزق، والتي باتت شحيحة بسبب فصل الكثيرين، وانتقلوا الى مواقع جديدة يعتمدون فيها على كفاءاتهم وعقولهم.

واختتم مقالتي بأن الخيال والابداع ينتعشان ويترعرعان بدرجاتٍ أكبر اثناء المعاناة الانسانية، وان اسبابها غير معروفة، اللهم عندما يقولون إن الحاجة أم الاختراع أو ان الانسان يبذل جهوداً مضاعفة عندما تشتد عزيمته لطلب المستحيل، فيستجيب له الكون ويهب لمساعدته، لكن لذلك حتماً شروطاً، تبدأ بالالتزام بالهدف وتكرار المحاولة وعدم اليأس،! وأول طريق النجاح، هو تكرار الفشل، فتوماس اديسون مكتشف الكهرباء فشل ألف مره قبل ان ينجح في المره (الألف وواحد1001) كي يرى بعينيه اول ومضة لضوء المصباح، وعلى شبابنا أن يواصل انتفاضته ليحقق نجاح ثورته من خلال الثورة على التقاليد، وليغير دفة المعاناة ويقلبها لصالحه، فربما سيرجعون بذلك حبات اللؤلؤ الضائعة من العقد في الزمان، ويبدعون حلولاً في الأزمة الراهنة والمكان، والتي كانت تنتظرهم وثوراتهم الحية، وليأخذ الحق نصابه، ولتكن تجربة الحياة الممخضة بالثورة للابداع على التقاليد والوظائف، بالعرق والدماء.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 4096 - السبت 23 نوفمبر 2013م الموافق 19 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 3:21 م

      اليوم وليس غداً

      يجب التشبث باساسيات الحياة من احترام الفرد وملكاته واعطاؤه الدفعه التي تساعدهم على الابداع بتوفير الاماكن والظروف الملئمه لاظهار ملكات ابناؤنا في ان ينتجوا مافي دواخلهم وتطوير مجتمعاتنا ونسيان خلافاتنا فالشعوب نفسها طويل لاظهار الحق سلمت يداك مقال مشرف

    • زائر 7 | 7:17 ص

      الامان والزمان

      الحريه تعطينا الامان والابداع والحكومات العسركيه والمتأزمه انتهى وقتها وسيأتي عليها الدور سريعاً وتصبح تاريخاً فلاتقلقوا ايها الشعوب المقهوره فيومنا آتً مهما طال الزمان او قصر

    • زائر 6 | 7:14 ص

      الحريه والظلم

      الابداع لايعيش حيث الظلم والظالمون كثار ولكنه قد يتحرك اذا ماعاش الشخص في بيئه تكثر فيها الحر يات ويتفوق حتى على الاصليين من البشر

    • زائر 5 | 12:50 ص

      الابداع والثورات

      الثورات الحديثه هي الابداع واثبت الشباب انهم في منتهى الابداع في قلب الاحكام الظالمه وهو كفيلٌ بخلق الاعمال والله كريم

    • زائر 4 | 12:49 ص

      الايام والابداع

      الحكومات هي التي تقتل الابداع وبانها تقرب الموالون فقط وتهتم بفئه دون اخرى ولكنك ذكرت دكتوره بان الابداع يأتي مع المعاناة ورب ضارةٍ نافعه ويظهر الابداع كي يرفع المظلومين من حيث لا ندري والشكر للفته ارائعه

    • زائر 3 | 12:43 ص

      لن يبقى الظلام

      من كان اكبر من صدام او القذافي من تصور انهم ذهبوا ...هو الزمان الذي لن يرحمهم وعلهم يتعضون ويرحمون شععبهم كي ربما يرحمهم الله

    • زائر 2 | 12:40 ص

      الابداع والثورات

      الثورات الحديثه هي الابداع واثبت الشباب انهم في منتهى الابداع في قلب الاحكام الظالمه وهو كفيلٌ بخلق الاعمال والله كريم

    • زائر 1 | 9:44 م

      اسعدت قلوبنا

      رائعه الكلمات في الموضوع الهادف الجميل شكراً سهيله

اقرأ ايضاً