العدد 4126 - الإثنين 23 ديسمبر 2013م الموافق 20 صفر 1435هـ

عندما تواجه الموت!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

عندما تواجه الموت لا تفكّر في تلك السيّارة التي شغلت بالك أعواماً كثيرة، ولا في ذلك البيت الذي شغل تفكيرك الحياة بطولها، ولا تفكّر أيضاً في أحد، وجلّ ما تفكّر به بأنّك لا تريد الموت في هذه اللحظة، وتتوجّه إلى الله بكل الآيات القرآنية التي حفظتها، وتستغفره على الذنوب التي ارتكبتها، وتتشهّد منتظراً الموت!

وما أن تنتهي تلك المواجهة على خير، وتكون في أمان، حتى ترجع إلى عاداتك القديمة، وتنسى الموت حتى ينساك، وتباشر حياتك الروتينية، ولكن يبقى ذلك المنظر المروع في ذهنك لا يفارقك أبداً، ومهما حاولت تناسيه فإنّه يؤثّر في حياتك وتصرّفاتك وعلاقاتك.

هل فكّرت يوماً بأنّك قد تواجه الموت في أية لحظة وأنت غارقٌ في حياتك بعيداً عمّن يحبّك؟ هل قرّرت لحظة أن تسعد من حولك، حتى ترضى من الداخل عن نفسك؟ لا تكن بعيداً عمّن يحميك ويعطيك مشاعره كوالديك وأخوتك وزوجك وأبنائك وأصدقائك الصادقين معك، فهم أولى بحبّك من غيرهم، وهم باقون في حياتك يمدّونك بالحب والمساندة من دون مقابل، هم فقط من يحزنون لحزنك ويفرحون لفرحك ويتألّمون لألمك.

التقينا في إحدى المرّات بامرأة في العقد الخامس من عمرها، تقول لو كنتُ أستطيع إرجاع حياتي، لأعدت النظر في كثيرين ممّن أعطيتهم الحب والمساندة ولقيت منهم سوء الخلق والجفاء، ولاقتربتُ أكثر من والدي وإخوتي وابني، فلقد ضاعت سنوات العمر وأنا أركض وراء من يجافيني، وأجفو من يقترب مني، وللأسف لم أعلم بأهمّية من حولي إلا بعد أن ضاع مالي وعمري في قرب من لا يستحق القرب!

هذه صورة بسيطة عن حياتنا الواقعية، ففي صغرنا كان والدانا هما كل ما لدينا، وهما من نوجّه لهما الحب، وبعد فترة هما من يحاولان الحصول على حبّنا واهتمامنا ولكنّنا نكون مشغولين بحياة أخرى، فلا نعي أهمّيتهما ولا ننتبه إلى ما فقدناه في حياتنا، وما نستشعر الفقد إلاّ بعد فوات الأوان.

لسنا ذوي نظرة سوداوية، ولكننا لاحظنا جحود بعض الأبناء، وبعض الأزواج، وبعض الآباء، الذين انشغلوا بدنياهم عن أسرهم، فعانت الأسرة برودة المشاعر وبعد العلاقة، وبعدها تصدّع الحال إلى وضع عصيب، وفارقت الابتسامة وجوه من يحب.

لا تنتظر أن يواجهك الموت حتى تعرف قيمة من حولك، فالدنيا مازالت مستمرّة، وأنت مازلت باقياً فيها، وتستطيع تحسين علاقتك بأحبابك، وكن أفضل الناس لهم وأحبّهم، حتى لا يبحث أهل بيتك عن حب غيرك، فتصبح على ما تقوم به نادماً أبد الدهر.

انشغل البعض بالرياضة وانشغل البعض الآخر بالسياسة، وانشغل أحدهم بالأصدقاء والفعاليات، ولكن رسالة نوجّهها لهم: أسرتكم وأحبّاؤكم وأبناؤكم أولى بحبّكم من الغير، وأهم باهتمامكم من أحد غيركم، فلا تولّوا وجوهكم أو تصعّروها، ولا تبخلوا عليهم بالحب والحنان والاهتمام، وانتهى.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 4126 - الإثنين 23 ديسمبر 2013م الموافق 20 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 3:03 م

      ذكرتني بوصية الحسن سيد شباب اهل

      اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا واعمل لاخرتك كأنك تموت غدا

    • زائر 13 | 3:05 ص

      لاتنتظر

      لاتنتظر الموت ليلاقيك فاعمل في دنيتك لاخرتك ولاتشتري الاخره برفه الدنيا وملاهيها فغدا تموت يابني ادم ولن تحمل معك اموالك وانما سوف تحمل اثنين عملك الصالح وذريتك حين يدعون اليك فلا تغرك الدنيا ولاتعث في الارض فساد فكلنا زائلون ومحاسبون وتذكر الملكان على كتفك فلا يفيد الندم والحسره بعد فوات الاوان فهل من معتبر يابني ادم.

    • زائر 12 | 2:42 ص

      بر أو بحر غبه أو ساحل لكن فساد منتشر!

      .. أسد بينما أسد الله الغالب وغالب كل غالب علي إبن أبطالب طلق الدنيا ثلاثاُ و... وهنا يقال طلاق الدنيا جائز بينما طلاق المرأه غير جائز لأن فيه جور وإعتداء صريح لقول الله تعالى من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا اليها (...) يعني ويش ها الغرور ومن أين صارت الناس تتابع الموضه وصرخات بيوت أزياء وحياة إستهلاكيه إسرافيه والله لا يحب المسرفين! يعني قال جحا ما بقى من الجاهليه غير فساد أخلاقي منتشر ليش؟ فكيف ظهر فساد في البر و

    • زائر 11 | 2:36 ص

      للمتألقة دوما تحية منا

      نحمد الله يوميا انه مازال هناك اناس طيبيون مثلكى ايتها الحرة....دومتى ودام قلمك لنا

    • زائر 10 | 2:25 ص

      وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ولكن الأمر لله!

      ليس بسر لكن هنا يقال ألهاكم التكاثر فهل زرتم المقابر؟ أما مواجه الموت فنهايه حتميه ولا مفر منها وهذا ملسمٌ به لكنه غير بديهي! بينما يقال من الناس من تكبر أو تجبر ويضن أو يشك أنه على أرض الحياة والخلود مخلد أو مصلوب على كرسي من كراسي أصحاب السعاده الوزراء أو الوكلاء ومن في حكمهم. لذا يمكن القول ما تركتم وما خلفتم وما أورثتم لن يبقى منه شيء! فلا شيء يبقى وكل الأشياء الى فناء وليست الى بقاء وهذه حقيقه جليه ولا تحتاج الى برهان أو دليل. اليس كذلك؟

    • زائر 9 | 1:58 ص

      آه يا زمن

      ياريت الكل ياخد عبره من مشاكل الآخرين اي ما كانت ويتعض قبل حدوثها له

    • زائر 8 | 1:13 ص

      رد على المقال

      مقال في منتهى الروعه وفعلاً يمس حياتنا اليومية ..

    • زائر 7 | 12:28 ص

      عبد علي البصري

      ابتسمت قليلا عندما قرأت هذه التأملات ، ولي فيه قول : هو اننا في كل شهر بل في كل يوم بل في كل ساعه ةحين نواجه الموت وجها لوجه ، فلاننا لا نظمن لحضه من لحضاتنا ، فهذا يعني اننا نواجه الموت لحضه بلحضه . سألت الهنود وهم جالسون يأكلون غذائهم ، من منكم يقول لي بكره شنهو بياكل ، فأجابني احد الهندوس (( غير مسلم )) ((أرباب أم ني معلوم كل آيكا اور ني ايكا )) أن بكره ما ادري اجي لو ما اجي حي لو ميت , هذا الشعور ينتاب كل بني البشر .

    • زائر 6 | 12:22 ص

      عبد علي البصري

      تحيه خاصه لمريم الشروقي , والتحيه هذه ثمن اخلاقيتها , وحنكتها وتوسطها في كتابه المواضيع ، فشكرا لها .

    • زائر 5 | 11:31 م

      بنت الاجاويد مريم استطيع ان اجزم بان الكثير ممن لديه القوة والنفود لايؤمن بالاخرة

      والدليل واضح بأن الكثير ممن يتنكر ويملك القوة والمال لا يؤمن بالآخرة هواستضعافهم وتنمرهم وقتلهم وسرقة من يقع بين ايديهم متهما وجهة نظري هذه

    • زائر 4 | 11:19 م

      حقيقة

      كحال بعض الازواج الذي يمضي وقته لعمله ولعلاقات صداقة وغيرها وينسى الزوجة والاولاد .

    • زائر 3 | 10:56 م

      @

      احسنت بنت الشروقي .. مقال للتأمل

    • زائر 2 | 10:27 م

      اللاوعى الإجتماعى

      الشكر من أى جهة تقدم مساعدة أو خدمة أو نعمة ليس من الصفات الإجتماعية السائدة و قلما تجد فردا يقدم لك الشكر لأنك خدمته. زيارة واحدة الى أى محل تجارى يظهر ذلك. فى الغرب و عند مغادرة طاولة الدفع يقدم لك الموظف إبتسامة مع الشكر وأمنية بيوم جميل. أين هذا عندنا؟ خاصة البائعات كل واحدة معبسة و غيرراغبة فى العمل. من هذه الأمورالبسيطة يمكن تحليل طبيعة المجتمع و معرفة أهوائه. لايسأل عليك أحد الا اذا دعوته لوجبة غذاء. ينساك و لا يتذكرك الا بعد أن تدعوه مجددا. أليست هذه هى العادة المنتشرة؟ فكيف يتعلم الشكر؟

    • زائر 1 | 8:50 م

      الاخت العزيزة

      المتألقه دائما بنت الشروق سؤالى اليوم لكى هو لمذا لا نر ى ف اخر مواضيعك الكلمات او الاسئله التى اعتدنا عليها عندما نقرأ اليك عمود من الاعمده الت نرتاح عندما نقرئها؟ اسئلتك ال النواب والوزراء . هل نفذوا كل ما قالوا سنفذونه ؟ ام ف الامر شيا لا نعرفه وشكرا لكى دائما.

اقرأ ايضاً