العدد 4155 - الثلثاء 21 يناير 2014م الموافق 20 ربيع الاول 1435هـ

لكي لا نعيد تدوير الأزمة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

البحرين تعاني من عدم تدوير المخلفات، ومازلنا لحد الآن من دون حل وطني لأزمة تكدس المخلفات... ولكن بدلاً من ذلك فإننا نعيش منذ سنوات فيما يمكن تسميته بـ «إعادة تدوير الأزمة»، والخشية أن البداية الإيجابية للعام 2014 قد لا تكتمل مسيرتها نحو حل للإشكاليات الدستورية والسياسية التي تسببت في الأزمة إلى درجة انفجارها في مطلع العام 2011.

لو رجعنا إلى الوراء قليلاً، إلى العام 2002، عندما صدر دستور العام 2002، وحينها أعلنت أربع جمعيات سياسية (الوفاق، التجمع القومي الديمقراطي، العمل الإسلامي، والعمل الوطني الديمقراطي) مقاطعتها للانتخابات التي أعلن عنها بعد إصدار الدستور. تلك الجمعيات اعترضت على محتوى الدستور وعلى طريقة إصداره، وأعلنت مطالبتها بإجراء تعديلات دستورية تتسق مع ما تفهمه من ميثاق العمل الوطني ودستور 1973. غير أن تلك الاعتراضات لم تمنع إجراء الانتخابات النيابية بحسب قانون جديد للانتخابات صدر عن السلطة التنفيذية، واستطاع ذلك القانون (الفريد من نوعه في كل العالم) أن يحدد مخرجات الانتخابات بما يتناسب مع التوجه الرسمي.

بعد الانتخابات، دخلت الجمعيات الأربع في حوار مع الحكومة، عبر وزير العمل آنذاك، ولكن الحوارات كانت تدور حول نفسها. كما أن الحكومة قالت إن الحوار بين الجمعيات، ودعت مقابل تلك الجمعيات المقاطعة جمعيات شاركت في الانتخابات (سواء نجحت أم لم تنجح في إيصال أعضائها)، وهكذا دعي ممثلون عن جمعيات المنبر الإسلامي والأصالة والميثاق الوطني والوسط العربي. ولو راجع أي متتبع فحوى الحوارات، فإنها لم تتغير على الإطلاق، مع إصرار رسمي على أن أي شيء يجب أن يمر من خلال المؤسسات الدستورية (عبر مجلسي النواب والشورى).

استمر الحوار بصورة عقيمة، ما حدى بالجمعيات أن تنظم نفسها في «مؤتمر دستوري»، وهنا ازداد الخلاف بين المعارضة والجهات الرسمية حول قضايا عديدة، من بينها دعوة الجمعيات المقاطعة لشخصيات من خارج البحرين، وهو ما اعتبر «تدخلاً في الشأن الداخلي». وبعد فترة (في 2004) أعلنت الحكومة تعطيل الحوار تحت ذريعة أن الجمعيات الأربع اجتمعت مع السفير البريطاني آنذاك. تبع ذلك تدشين المعارضة لعريضة شعبية وقع عليها 75 ألف مواطن يطالبون بإجراء تعديلات دستورية بحسب ما جاء في ميثاق العمل الوطني ومن دون المساس بمحتويات دستور 1973 بالشكل الذي جرى. حدثت أزمة في 2005 بعد اعتقال عدد من القائمين على العريضة الشعبية، وقالت الحكومة آنذاك إنه ليس من حق الجمعيات أن تجمع توقيعات من خارج أعضائها.

استمر الحال حتى 2006، وبعدها تم إقناع المعارضة بأن عليها أن تجرب المشاركة، فلعلها تستطيع إجراء التعديلات الدستورية وأن تحقق مطالب أخرى لشارعها، وتحت ضغط قانون الجمعيات السياسية الجديد (آنذاك)، قررت الجمعيات المقاطِعة دخول برلمان 2006. غير أن الجمعيات اكتشفت أن اللائحة الداخلية وطريقة إدارة العمل البرلماني تعني استحالة إجراء أي تعديلات إلا في حال ارتأت الجهات الرسمية ذلك، لأتها تحكم السيطرة من كل جانب على العمل البرلماني.

حدث الكثير قبيل انتخابات 2006 (التقرير المثير مثلاً)، وما بعد انتخابات 2006، واستمر الوضع بين صعود ونزل حتى انتخابات 2010. قبيل انتخابات 2010 كانت هناك اضطرابات أمنية، واعتقد كثيرون بأن الضربة اقتربت من جمعية الوفاق (لاسيما بعد الضجة التي أثيرت بعد مؤتمر الوفاق في فبراير/ شباط 2010)... ودخلنا انتخابات 2010 والأوضاع كانت متوترة جداً، ووصلنا إلى انفجار الأوضاع في مطلع 2011 تزامناً مع اندلاع الربيع العربي في عدة بلدان. تقلبت الأمور كثيراً، وانسحبت الوفاق من البرلمان، وقامت الجهات الرسمية بتمشية الأمور وتم ملء المقاعد الـ 18 التي فرغت بآخرين في ظل مقاطعة واسعة في تلك الدوائر الانتخابية. وقامت الجهات الرسمية بتمرير تعديلات دستورية طفيفة كانت الوفاق قد اقترحتها في الدورة البرلمانية السابقة، وكأنها نوع من تسجيل النقاط، رغم أن تلك التعديلات لا تمس أيّاً من المواد بصورة جوهرية، وكانت الوفاق قد اقترحتها من أجل أن تختبر إمكانية تمرير تعديلات بموافقة الكتل الأخرى التي تعارض أي تغيير جوهري في محتوى الدستور.

نبدأ العام 2014، وقد مرت البحرين بما لن يتوقعه أحد، ولا يعلم أحد ما ستؤول إليه أوضاعنا بعد كل هذه الأحداث الجسام التي مررنا بها... ولكن الخشية أننا قد نلجأ إلى تدوير الأزمة، بدلاً من معالجتها بصورة جوهرية، وهو ما لا نأمله لبلادنا.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4155 - الثلثاء 21 يناير 2014م الموافق 20 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 8:42 ص

      لن

      لن يهدا الوضع فى البحرين الى بافراج جميع المعتقلين واعطاء الشعب جميع حقوقه ويكون الشعب مصدر السلطات والله لايرضى بظلم العباد

    • زائر 12 | 7:42 ص

      محمد

      نفس الشي تدوير الازمة او المخلفات هو الاشياء المعنية بالتدوير واحد

    • زائر 11 | 3:33 ص

      آه با خوفي

      أه ياخوفي من نهاية المشوار هدا هو الواقع إعادة تدوير الأزمة والدوران في خلقة مفر

    • زائر 9 | 3:10 ص

      ايها الجمري

      أحسنت يابن الجمري االيوم وضعت يدك على الجرح

    • زائر 8 | 2:57 ص

      ليس هناك حل أبداً

      لو الحكومة عندها نية اصلاح لرايت خروج السجناء الراي والمظلومين وإرجاع المفصولين معززين مكرمين وشفت اختفاء الشرطة من الشوارع والطرقات

    • زائر 7 | 2:31 ص

      أفصح عن ما بداخلك يا دكتور

      مقالك لا يبعث على التفاؤل وأقرأ فيه الخوف من المستقبل ومن جعجعت الحوار التي أطلقتها السلطه مؤخراً.. هل لك أن تعطينا ما لا نعلمه يا دكتور ؟

    • زائر 6 | 1:30 ص

      اي حوار يادكتور

      إذا كان هناك حوار جاد من السلطة على الأقل إفراغ السجون لان معظم المعتقلين هم أصحاب رأي حسب مايقول تقرير بسيوني وإذا مادخلت الجمعيات السياسية الحوار يجب أن لاتنسى أن هناك أيضاً مطالب تخص الرموز الذين ضحوا بنفسهم من اجل الحرية لجميع أطياف الشعب البحريني

    • زائر 5 | 12:58 ص

      الفرج قريب

      الفرج قريب من حيث لا تحتسبون ولا يحتسبون

    • زائر 4 | 12:17 ص

      نعم لا زلنا وسنستمر كذلك ومن خلال لقاء الامس اتضحت الصورة

      لم ولن يتجاوز هذا الحوار سوابقه من الحوارات هذا الكلام حسب ما توقعنا وحسب ما سرّب مما دار في اللقاء والذي يقوده وزير الديوان

    • زائر 2 | 11:38 م

      الحل الجذري هو الأنسب لحل المشاكل العالقة

      المشكلة يا دكتورنا الفاضل أن الحكومة تعمد إلى الحلول الترقيعيةلا الحلول الجذرية لكافة المشاكل (هذا إن رغبت في إيجاد الحل ) ... والله المستعان

    • زائر 3 زائر 2 | 11:55 م

      حل مافي

      هذا كله لعب على العقول .كيف يكون هناك حل والقيادات في السجون والأجهزة الأمنية في القرى والشوارع.والتحريض هو هو والمحاكمات هي هي. بسنا كذب وخداع

    • زائر 1 | 10:51 م

      نعم دكتور.

      هذا ما سوف يحدث تدوير وتدوير ولن يكون هناك حل لإن السلطة لا تريد حلا

اقرأ ايضاً