العدد 72 - السبت 16 نوفمبر 2002م الموافق 11 رمضان 1423هـ

عزالدين ذو الفقار شاعر الإخراج السينمائي توفي في عز عطائه

وكأن الإخراج السينمائي قد خلق له وأنه ولد لكي يكون مخرجاً وليس أي مخرج بل أكثرهم شاعرية ورومانسية على الإطلاق.

ولد عز الدين ذو الفقار في حي العباسية بالقاهرة في 28 اكتوبر/تشرين الأول 1919 وهو الشقيق الأوسط للفنانين محمود ذو الفقار وصلاح ذو الفقار، كان جاراً و «رفيقاً» للكاتب إحسان عبد القدوس في فترة الدراسة. ويذكر إحسان ان رفيقه عز الدين لا يحب المذاكرة لذا لم يلتحق بالجامعة بل فضل دخول الكلية الحربية.

في العام 1940 وصل عز الدين ذو الفقار إلى رتبة اليوزباشي «النقيب» في سلاح المدفعية فترك بيت الأسرة في العباسية وانتقل إلى شقة بمصر الجديدة مع مجموعة من زملائه ليكون بالقرب من عمله. وحين توفي والده أصيب بحالة نفسية دفعته إلى اعتزال الناس. وبات يقضي معظم وقته هائماً على وجهه في صحراء مصر الجديدة، إلى أن نصحه الأطباء بوجوب تغيير كل شيء في حياته، بما في ذلك السكن، والعمل الذي يزاوله.

وبينما هو في دوامة التفكير في العمل الذي يمكن ان يقوم به وهو ضابط في الجيش، التقى بالمخرج محمد عبدالواحد الذي يحب الحديث والقراءة عنه في الوقت الذي كان هناك انتعاش فني (خلال سنوات الحرب) بحيث تحول الكثير من المساعدين إلى مخرجين، مثل عبد الفتاح حسن وإبراهيم عمارة وصلاح أبو سيف.

واستطاع محمد عبدالواحد أن يقنع عز الدين ذو الفقار بالعمل معه كمساعد مخرج، فاستقال من الجيش، وبذلك خرج فعلاً من ازمته النفسية. ومن خلال الممارسة الفعلية كمساعد مخرج في أفلام «الدنيا بخير» 1946، و «أزهار وأشواك» 1947، و «عادت الى قواعدها» 1946، اكتسب عز الدين الخبرة واستكمل ادواته حتى تمكن منها، بالإضافة إلى مطالعته لكتب السينما التي كان يداوم على دراستها والبحث في موضوعاتها المختلفة.

ومن هناك فكر عز الدين ذو الفقار في أن يصبح مخرجاً، خصوصاً بعدما وفق في كتابة قصة وسيناريو فيلم «أسير الظلام» 1947 الذي اشترك في كتابة الحوار معه الشاعر أحمد رامي، كما اتيح له ان يقوم بإخراج هذا السيناريو الذي كان من بطولة مديحة يسري وسراج منير ومحمود المليجي وزوزو شكيب وثريا فخري ونجمة إبراهيم، وهو الفيلم نفسه الذي اعاد تقديمه في العام 1962 بعنوان «الشموع السوداء» من بطولة مايسترو الكرة المصرية صالح سليم والفنانة نجاة الصغيرة.

وفي العام نفسه قدم فيلمين الأول مأخوذ عن السيرة الشعبية «أبو زيد الهلالي» 1947 عن مغامرات البطل الشعبي الشهير، تمثيل سراج منير وفاتن حمامة، والثاني بعنوان « الكل يغني» كتب له القصة والسيناريو وكان من بطولة كاميليا وأميرة أمير.

كما اشترك عز الدين ذو الفقار في فيلم «خلود» 1948 أمام فاتن حمامة وبشارة واكيم وكمال الشناوي واسماعيل يس ومحمود السباع، وكان من إنتاجه بالاشتراك مع أحمد حمامة والد فاتن حمامة. وفي الأسبوع الأول من التصوير نشأت قصة حب بينه وبين فاتن حمامة فتزوجا وانجبا ابنتهما نادية التي اشتركت بالتمثيل وهي طفلة في فيلم «موعد مع السعادة» 1954 وكان من إخراج والدها.

وتتوالى أفلام عز الدين ذو الفقار التي كان يصر على كتابة سيناريوهاتها، أو المشاركة في كتابتها، واشتهر عنه أنه كان يمثل كل الأدوار في أثناء إعداد السيناريو وكتابة الحوار وأنه يعيش قصص أفلامه قبل أن يبدأ التصوير في الاستوديو. ومعظم أفلامه إما مقتبسة عن مصادر أجنبية أو مصرية، مثل «نهر الحب» 1960 المأخوذ عن رواية تولستوي (انا كارنينا)، أو «موعد في البرج» 1962 المأخوذ عن الفيلم الأجنبي «موعد للذكرى»، و«رد قلبي» 1957 و«بين الأطلال» 1959 ليوسف السباعي، فهو أحد رواد الفيلم الرومانسي في السينما العربية.

وتشكل أفلام الميلودراما العاطفية أكثر من نصف أفلامه الاثنين والثلاثين بحيث أن معظم شخصيات أفلامه كانت تعاني أما داء عضال، أو من مرض لا شفاء منه، مما يستدر عطف المشاهدين وشفقتهم بالإضافة إلى مشاهد معظم هذه الأفلام تفيض بالرقة والشاعرية والتحليق في الخيال. إضافة إلى اعتماده - في غالبية أفلامه - على الراوي الذي يحكي أحداث الفيلم بأسلوب رصين، فقد كان يملك روح الشاعر، ومثال على ذلك فيلمه «سلو قلبي» 1952 (عن قصيدة لأحمد شوقي) وشاركه في كتابة السيناريو والحوار الشاعر عزيز أباظة من بطولة يحيى شاهين وفاتن حمامة وحسين رياض وزمردة ومحسن سرحان وعمر الحريري.

يظل فيلم «امرأة في الطريق» 1958 سيناريو وحوار عبدالحي أديب واحداً من أهم أفلام عز الدين ذو الفقار فهو يتميز بطابع غريب ويجمع كل خصائص عز الدين ذو الفقار السينمائية. وقد لاقى هذا الفيلم نجاحاً جماهيرياً كبيراً وكان يعد من أفلام الإثارة والجنس الجريئة في ذلك الوقت، ويعد السبب الرئيسي في إبراز مواهب رشدي أباظة التمثيلية. أما أبرز أفلامه الوطنية، فهما «بور السيعد» 1957 و«رد قلبي» 1957 وهو من أوائل الأفلام المصرية التي صورت بالألوان.

قام عز الدين ذو الفقار بإخراج فيلمين تسجيليين هما «حرب الإشاعات» 1954، ونشيد «وطني الأكبر» من تلحين عبدالوهاب وغناء مجموعة كبيرة من المطربين والمطربات 1960.

ومن أبرز أفلام عزالدين ذو الفقار في هذا المجال نتذكر «صاحبة الملاليم» 1949، أعدها وكتب حوارها عن قصة فيلم «القمر في ميامي» للكاتب يوسف جوهر وتمثيل محمد فوزي وكاميليا وشادية، و«شاطىء الذكريات» 1955، بطولة شادية، وعماد حمدي وشكري سرحان، و«شارع الحب» 1958، بطولة عبدالحليم حافظ وصباح حسين ورياض عبدالسلام النابلسي، وأخيراً «الشموع السوداء» بطولة نجاة الصغيرة ولاعب كرة القدم الشهير صالح سليم.

حصل عزالدين ذو الفقار على عدة جوائز، منها جائزة الدولة الثانية عن فيلم «أنا الماضي» 1951، وجائزة المركز الكاثوليكي المصري للسينما عن فيلمي «وفاء» 1953، و«موعد مع الحياة» 1953، وجائزة الصحافة اللبنانية عن الفيلم نفسه وجائزة الدولة لأحسن قصة عن فيلم «بور سعيد» 1957. ومن إسهامات عزالدين ذو الفقار المميزة في مجال السينما أنه أنتج فيلم «صراع الأبطال» 1962 بطولة سميرة أحمد وشكري سرحان، ثاني أفلام المخرج توفيق صالح الذي ظل متوقفاً عن العمل لثماني سنوات بعد فيلمه الأول «درب المهابيل» 1954. وقد حصل هذا الفيلم على جائزة الإنتاج بجانب جائزتي الإخراج والسيناريو في العام 1963، وفي اليوم الأول من شهر يوليو 1963، وبعد صراع مرير مع أكثر من مرض، توفي المخرج عزالدين ذوالفقار وهو في كامل نضجه الفني وكان عمره أربعة وأربعين عاماً?

العدد 72 - السبت 16 نوفمبر 2002م الموافق 11 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً