العدد 4182 - الإثنين 17 فبراير 2014م الموافق 17 ربيع الثاني 1435هـ

ماذا لو...؟

مريم أبو إدريس comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

شهدت الأيام الماضية تصعيداً وتوتراً بين طرفي الخلاف السياسي، المعارضة والسلطة، تزامناً مع إحياء الذكرى الثالثة لبدء الحراك في البحرين، وهو أمرٌ أصبح معتاداً ومتوقعاً من طرفي الخصام السياسي الذي كلما لاح في الأفق حله انقضت أطرافٌ من مصلحتها استمرار الوضع الراهن رغم كونه مزعجاً على أن يكون إنهاؤها من المشهد أو اقصاؤها محل جدل.

في كل عام ومع اقتراب تلك الذكرى، ترتفع وتيرة اجراءات التصعيد الأمني وتحدث مصادمات لإخماد صوت الجموع المتفرقة في القرى والمناطق وهي تعبّر عن مطالبها، في حين تُحاط مسيرات وتجمعات أخرى بكل اهتمام ورعاية رسمية لتسهيل أمورها وحمايتها.

الفرق ليس فقط في كون الأولى ضد والأخرى مع، بل الفرق عميق وراسخ في عدم تقبل اختلاف وتعدد الآراء، وهو أمرٌ يسحق بشكل عام مفهوم الدولة الديمقراطية في احترام ورعاية الثقافة التعددية سواء السياسية أو العقائدية أو غيرها.

يخرج المواطنون للتعبير عن مطالبهم فيتعرضون لطلقات مسيل الدموع المختلفة الأنواع، ويطال بعضهم الاعتقال. لكن ماذا لو تركت السلطة للناس مساحةً للتعبير عن رأيهم المختلف دون أن تتواجد قوات لخنق هذا الصوت طالما هو يقع ضمن هامش حرية التعبير. فالصدامات والمواجهات تحدث بوجود خصم يبدأ الملاحقة، فتحدث المواجهة كردّة فعل بدائية وفطرية، حيث لايزال العرب عموماً بعيدين عن القدرة على السيطرة على ردود الأفعال الفطرية أو المخاوف البدائية التي يترتب عليها ردة فعل غير مخطط لها تعرف بالدفاع عن النفس.

ماذا لو اعترفت السلطة بفداحة ما حدث منذ 14 فبراير 2011 وما ترتب عليه من أحداث دموية لاحقة وأخطاء في القرار ساقت الوضع إلى ما هو عليه اليوم، وتفهمت غضب الجموع من ردود الأفعال العشوائية واللامدروسة التي توالت بعد ذلك، وحجم الأضرار التي يحاول البعض إنكارها بينما يثبتها الواقع، كما يثبتها تقرير بسيوني الذي صادقت عليه السلطة.

ألن يكون من الأجدى الاعتراف بالفجائع التي وقعت... فمن هناك يبدأ الحل، أما القفز على الأحداث وخلق حل هلامي يبدأ من مرحلة خارج إطار حقيقة ما حدث، فلن يكون أكثر من مسكّنٍ مؤقتٍ تنفجر بعده الأحداث بشكل دراماتيكي مجدداً.

ثلاث سنوات عانى خلالها كل الخصوم، ولن يجدي النكران والمكابرة، وفي حين تكون الخسائر البشرية هي الأهم عند طرف، قد تكون أولويات أخرى هي الأهم عند الطرف الآخر، ولكن في كل الأحوال الكلّ يخسر من هذه المماطلة غير المجدية إلا بعض الفاسدين المتمصلحين الذين ينشدون مكاسب شخصية بالتسلق على أوجاع الشعب الذي عانى ومازال من الفساد والسرقات والتجنيس والإقصاء والتهميش ومصادرة حريته الفكرية والعقائدية ووصفه بالنعوت التي تشمئز منها النفس السوية.

سيطول الأمر أكثر مما يظن أحد، فما مورس كان محاولة إلغاء وجود، فأصبح الناس يهتفون لتأكيد وجودهم وهويتهم وحقّهم في الحياة. والدولة المستقرة هي تلك التي يتساوى أمامها جموع المواطنين على اختلاف انتماءاتهم السياسية والفكرية والدينية، في تغليبٍ لمفهوم المواطنة الذي يغيب عن المشهد البحريني اليوم.

إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"

العدد 4182 - الإثنين 17 فبراير 2014م الموافق 17 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:13 ص

      شكرا

      أحسنت أستاذه

    • زائر 3 | 4:56 ص

      حتى لو ..

      يسحق بشكل عام مفهوم الدولة الديمقراطية .. و لكننا دولة مؤسسات .!! خخخ متمصلح

    • زائر 2 | 12:31 ص

      كيف يعترفون وهم لا زالوا موغلين في نفس الافعال

      نفس الافعال لا زالت تطبق قبل اسبوع استشهدت امرأة بسبب طريقة الاقتحام واعتقال ابنها وها هي منطقة الدير البارحة شهدت نفس طريقة الاقتحامات غير عابئين ولا مهتمين لما حدث

    • زائر 1 | 10:04 م

      هذه هي المشكله

      مشكلة السلطه التي تدعي اننا دولة المؤسسات والقانون هي انها تضع القوانين على الورق فقط لاقناع المجتمع الدولي باننا بلد المؤسسات والقانون , اما على الارض فلا يوجد الا حكم العسكر والقبضه الامنيه مما يترتب عليه المواجهه الحتميه وهو امر متوقع

اقرأ ايضاً