العدد 4183 - الثلثاء 18 فبراير 2014م الموافق 18 ربيع الثاني 1435هـ

الديمقراطية... طريق شاق للشعوب العربية

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

منذ العام 2011 والموازين تغيّرت في المنطقة العربية، هذه الموازين التي أخرجت الناس من منازلهم إلى الشوارع باحثين عن حقوق ظلت معطلة، وحرية ظلت مسلوبة لحقب طويلة. الحرية التي تريدها الشعوب كانت دائماً مادةً للتلاعب من قبل أولئك الذين يملكون السلطة والقوة والسيطرة على وسائل الإعلام والتعليم وغيرها.

الشعوب العربية تبحث اليوم عن حلٍّ يخرجها من مأزق القهر السياسي والاقتصادي، وهي ترى الخلاص من ذلك عبر تفعيل حقيقي للديمقراطية. فغياب الديمقراطية معناه استمرار للقضايا التي لا تجد الحل إلا بإنهاء الصراع مع الديكتاتورية التي تغلغلت في أركان الأنظمة السياسية في منطقة لا تعير اهتماماً لحقوق المواطن، مكتفيةً بالشعارات والتصريحات التي تجمّل صورتها عبر الإعلام فقط.

الديمقراطية ليست شعاراً أو كلاماً يردّد في الهتافات الحماسية خلال المظاهرات، ولكنه عقلية تستوعب الاختلاف والتعددية البعيدة عن الهوية القبلية والطائفية والدينية وغيرها. عقلية تستوعب مفهوم الهوية الوطنية التي تشمل جميع مكونات المجتمع في أي بلد عربي، وهو أمرٌ مايزال مترنحاً في المنطقة العربية التي تحرّكها مشاعر الطائفة أو القبيلة وليس الحس الوطني.

وفي الوقت الراهن تشهد بلدان المنطقة العربية صراعات كثيرة معقدة، والسبب غياب الديمقراطية التي تسمح بالتعايش مع الآخر. ولو قرأنا تجربة جنوب إفريقيا مع الحرية والديمقراطية، سنرى الطريق كانت طويلة وشاقة، فشخصية مثل نيلسون مانديلا خاضت الكثير من التجارب، ودخل السجن باعتباره إرهابياً مجرماً، وخرج منه بطلاً قومياً يقود الحرية، ناشراً لمبادئها في كل مكان.

وكون أن أجزاء كبيرة من البلدان العربية تخوض حالياً آلام النمو المصاحبة للصحوة العربية في مقابل حالة الإنكار والإفلات من العقاب، فإن الدروس المستفادة من مانديلا تستطيع أن تغيّر إن أصبحت الدرع الحامي من أي فشل. فقد كتبت النائب الأول لرئيس منظمة «البحث عن أرضية مشتركة» سوزان كولين ماركس، وهي صانعة سلام عالمية تتمتع بالاحترام ووسيطة ومؤلفة من جنوب إفريقيا عن مانديلا والديمقراطية قائلة: «كان قائداً لجميع سكان جنوب إفريقيا، ولم يحِدْ أبداً عن رؤيته لأمةٍ مكوّنةٍ من قوس قزح، وكان شجاعاً في حل المشاكل، عمليّاً يرتكز أسلوبه على قيم جوهرية تُرجمت إلى إطار أخلاقي شخصي ومهني عميق. جاء إلهامه من هدف أكبر منه، وألهم وجوده وصوته وانضباطه الآخرين ليكونوا أفضل مما يمكن أن يتصوروا في يوم من الأيام».

وبحسب ماركس، «هناك أهمية لما كان عليه كقائد في وقت الثورات العالمية هذا. ففي الوقت الذي يتم فيه اجتثاث الثوابت القديمة، يكمن التحدي في كيفية إيجاد عالم جديد لمصلحتنا جميعاً، وليس فقط لجماعتي (أنا) أو لأي فصيل معيّن أو جماعة محدّدة. لقد جعلنا نرى ليس فقط ما يتوجب علينا أن نفعله وكيف نفعله، بل أيضاً ما يجب أن نكون عليه كقادة وكمواطنين». وتضيف: «فهم مانديلا أن الحياة ستلقي الكثير علينا، وأن الأمر يعود إلينا في كيفية التجاوب معها. عرف قوة المغفرة، وتناول الشاي مع بيتسي فيرورد، أرملة هنريك فيرورد، مهندس نظام الفصل العنصري. تعلّم أن الحب هو أقوى سلطةٍ في الكون، ودعا سجّانيه إلى حفل تنصيبه كأول رئيس ديمقراطي في جنوب إفريقيا. علّمنا كيف نعيش مع أنفسنا ومع بعضنا بعضاً، معانقين إنسانيتنا المشتركة».

هذه هي رؤى وتجربة مانديلا وجنوب إفريقيا، لكن في البلدان العربية مازال الطريق نحو الديمقراطية طويلاً، وكلما منع الناس من المشاركة في قرارهم وصنع مصيرهم واختيار نمط حياتهم، فإن ذلك لن يثنيهم، ولذلك يبدو أن الربط بين الحرية والديمقراطية هو الذي يؤمن أفضل الشروط لتحقيق نظام سياسي أكثر عدالة بين الدولة والشعب.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 4183 - الثلثاء 18 فبراير 2014م الموافق 18 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 3:19 ص

      الأمن القومي أمريكي بينما شعوب لا أمن ولا إستقرار لها!

      يقال هنا في البحرين دكتاتورية دول الغرب كما دكتاتوريه قادة البيت الأبيض الأمريكي وعملائهم أو وكلائهم في الخليج- يعني حلفائهم مخففه. فمثال دمقراطية أمريكا التي فرضتها على العراق لا تحتاج برهان – حرب عصابات من أجل زعزعت الأمن والإستقرار في منطقة الخليج لمزيد من النهب وسرقة النفط والبترول!! لذا ما دامت حلفاء أمريكا في بلدان الخليج لم تحاسب أو تعاقب على أمريكا ودول الغرب أخذ عملائهم وحلفائم ومغادرة البحرين. ويش علمكم بهذا الحل المتواضع؟

    • زائر 3 | 12:53 ص

      عبد علي البصري صدقت ريم الديمقراطيه طريق شاق

      المشكله ليس في تغيير نظام وإنما في خلق نظام ؟؟؟ وخلق النظام لا يتم بين ليله وضحاها !! النظام دستور يشمل كل مناهج الحياه ، وللاسف الشعوب العربيه انتمائاتها القبليه و الشعوبيه له الجاذبيه الكبرى وتبقى الحريه الذاتيه و النور الساطع العلم حبيس الكتاب و القلم ان سمح له ذلك !! دعي يا ريم الشعوب تعي الديموقراطيه أولا ومن ثم المطالبه بها . متى ما عرفنا الاحترام و احترام الناس في ذاتها وفي بيوتها ومساكنها , خطيب جمعه يشتر و يشتم في فئه مسلمه ؟ فمثل هؤلاء لا يصلحون للديموقراط

    • زائر 2 | 12:41 ص

      عبد علي البصري اسباب فشل ثورات الربيع العربي

      السبب يختلف من دوله الى اخرى ففي ليبيا سلمت مفاتيح النفط للشركات الغربيه وباتت القبائل تتقاتل على فتات ما ترميه هذه الشركات لهم ، شعوب لم تتعلم ؟ كانت تعيش تحت نير المذله والظلم والاطهاد ، فهي لم تتعلم لا من علمائها ولا من ممثقفيها اسس الحياه الاجتماعيه والدينيه والسياسيه ، بسبب الاطهاد والاستخفاف بهم ((استخف قومه فأطاعون)) ولم تكن لهم قياده قويه صاحبه علم وعمل وصلاح ،

    • زائر 1 | 12:33 ص

      عبد علي البصري

      الديموقراطيه هي ثوب فضفاض او بحرِ لجي تتلاطم فيه الرؤى والافكار الموجهه المدروسه أو الغبيه الفاشله , المشكله ليست في المطالبه بالديموقراطيه وإنما في خلق شعب يحمل الفكر الديموقراطي ، وليس ذلك يكفي بل يجب ان يكون واعياً وعيا نخبويا سياسيا وعقائديا , وهذا مهم جدا للشعوب وللقائد , المشكله هي في وجود الضدان مجتمعان وهذا ربما يكون مستحيلا . سارت مشرقة وسرت مغربا شتان بين مشرق ومغرب .

اقرأ ايضاً