العدد 4200 - الجمعة 07 مارس 2014م الموافق 06 جمادى الأولى 1435هـ

وثيقة: ديون بحرينية من زمن اللؤلؤ

في فترة كساد اللؤلؤ الأولى مطلع القرن العشرين تعرض بعض كبار التجار لأزمات مالية كبيرة، ومنهم بعض الخليجيين، ولطبيعة التراحم والتلاحم بين الناس في تلك الفترة بمختلف أطيافهم وبقلوب بعيدة نوعا ما عن الحقد والبغضاء؛ فقد ساهم عدد من تجار البحرين والكويت، (تسعة من تجار اللؤلؤ)، في دعم بعض اخوانهم من تجار اللؤلؤ أو أعيان البلاد بإقراضهم مبالغ محددة لأجلٍ معيّن، ومن هؤلاء أحد التجار الأعيان في قطر. وحين جاء تاريخ تسديد الدين لم يتمكن المُستدين من دفع الدين نقداً لأصحابه التسعة، وذلك في شهر ديسمبر/ كانون الاول من عام 1908، واقترح بدلاً من ذلك دفعه عيناً بكمية من اللؤلؤ، لا نعلم نوعيته إلا من متابعة كشف الدين المستحق. وهذا الكشف المرفق هو وثيقة هذا الأسبوع، وهي من مجموعة وثائق هلال المطيري، وتاريخها المدون بها هو 30 يناير/ كانون الثاني 1909.

وقد دعمتها رسالة خاصة في فبراير/ شباط 1909 من المساعد الأول للمقيم السياسي البريطاني في بوشهر، وكان المقيم آنذاك هو (Percy Zachariah Cox)، وتتحدث عن مراسلات سابقة تمت بشأن موضوع الدين منذ ديسمبر لعام 1908، كما ذكرنا، ولم يتم التوصل لاتفاق بين الجانبين بخصوصه.
وقد أوضح الكشف عدد وأسماء الطرف الثاني في ذلك الدين الضخم والذي بلغ في مجموعه (1,212,000 ألف روبية)، منهم ستة من كبار تجار اللؤلؤ في البحرين، وثلاثة كذلك من كبار تجار اللؤلؤ في الكويت. ولكن لاحظوا كم كان مبلغ كل تاجر بحريني ومبلغ كل تاجر كويتي.
وتجار البحرين ومبالغهم بحسب الوثيقة كالتالي: ظاعن بن شاهين، وله 130 ألف روبية، ومقدار كمية اللؤلؤ بوحدة القياس (الـﭼو - Chau) هي (200 ﭼو)، وللعلم فإن لفظة «الجو»، بالجيم المعطشة، المستخدمة في حساب وزن اللؤلؤ، هي في الأساس كلمة فارسية الأصل. وشاهين بن صقر الجلاهمة وله 200 ألف روبية ومقدار كمية اللؤلؤ هي 300 ﭼو، وراشد بن مهنا النعيمي وله 130 ألف روبية، ومقدار كمية اللؤلؤ هي 200 ﭼو، وسيد خلف (خليفه) بن عبداااه جعفر وله 130 ألف روبية، ومقدار كمية اللؤلؤ هي 200 ﭼو، ومحمد بن راشد بن هندي وله 150 ألف روبية، ومقدار كمية اللؤلؤ هي 230 ﭼو، والأخوين محمد وأحمد بن على ولهما 42 ألف روبية. ومن الكويت كانت مبالغ الدين لكل من: حسين بن سيف بن رومي ( 240 ألف روبية)، وهلال بن فجحان مطيري (100 ألف روبية)، وإبراهيم بن مضف (90 ألف روبية).
وبذلك يبلغ إجمالي ديون تجار البحرين لدى التاجر القطري - بحسب تفاصيل الوثيقة - 782 ألف روبية، وديون تجار الكويت عنده 430 ألف روبية.
وكما ذكرنا، يبدو أن تلك الأموال كانت على شكل قروض متتابعة استلمها التاجر من تجار اللؤلؤ هؤلاء في البحرين والكويت في أوقات متفرقة، وعندما حان موعد السداد عجز عن التسديد بسبب بعض مشاكل سوق اللؤلؤ. وهذا ما تثبته الوثيقة الإنجليزية أيضاً لوضع سوق اللؤلؤ عام 1909، حيث وجدت السلطات البريطانية عند تسوية أثمان ﭼو اللؤلؤ في تلك السنة بحسب السوق وفي شهر يناير بعد انتهاء الموسم بمدة طويلة، فإن ثمن الـ(200 ﭼو) مثلاً لم يعط سوى 20 ألفا و500 روبية فقط، بينما كان ثمنها الأصل هو 130 ألف روبية. وبذلك فمجموع (الأﭼواء) للؤلؤ المفترض بيعه باسم البحرينيين لم يغط حتى نصف المبلغ المذكور، فهو لم يتعد مبلغ 118 ألفا و500 روبية، وهذا ما جعل تجار البحرين يعترضون على هذا المبلغ الزهيد ليقسم عليهم كلهم، مقابل ما يطالبون به أساساً وهو 782 ألف روبية. إلا أن تجار الكويت، كما تذكر الصفحة التالية من الوثيقة، قبلوا بالحصول على بعض مزارع النخيل الشاسعة في جنوب العراق بمبلغ إجمالي للثلاثة يقدر بنحو 117 ألف روبية فقط، وهو أقل من نصف مطالباتهم (430 ألف روبية)، حيث رأوا في ذلك أفضل حل بدلاً من الاستمرار في المطالبة والشكوى دون الحصول على أي شيء، لربما ينفعهم العقار في زمن آخر لاحقاً، وهذا ما حدث بالفعل.
هذه الوثيقة وأمثالها من زمن اللؤلؤ تعطينا جزءا من بانوراما المشهد الاقتصادي الخليجي، والبحريني تحديداً، ومدى قوة وثروة تجار اللؤلؤ في ذاك الزمان لدرجة أن ثروتهم كانت تفوق موازنة إمارة أو مشيَخة بحالها. وأيضاً مدى متابعة السلطات البريطانية لأوضاع تجار اللؤلؤ وتدخلاتها في حل بعض قضاياهم بهدف ضبط الحراك الاقتصادي الخليجي، والاستفادة من الضرائب التي كانت تجنيها من تجار اللؤلؤ ومن متابعة أمورهم التجارية.

العدد 4200 - الجمعة 07 مارس 2014م الموافق 06 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً