العدد 4208 - السبت 15 مارس 2014م الموافق 14 جمادى الأولى 1435هـ

العبث الحقوقي والسياسي

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

تتمة لمقالنا السابق حول العنف العبثي، ننطلق هنا من آخر ما طرحناه، فالسنوات الثلاث الماضية كانت حقاً مسرحاً لممارسة العبث الحقوقي والسياسي، القانوني والدستوري، تنفيذاً لسيناريوهات طائفية، والعبث بالهوية الوطنية، من أجل تفريق المجتمع إلى طائفتين مذهبيتين، ترتسم صامتتها بأقلية تمثيلية للطائفة «تلك القلة التي تنطق عن هوى السلطات، وتتلبس عباءة الدين والوطنية الشعبية»، تلك السيناريوهات التي تمت صياغتها وإخراجها وتنفيذها، طوال العشر سنوات من 2001 إلى 2011، تلك الفترة التي كانت في أصلها استحقاقاً، استوجب تحقيقه بحسب الوعد، الذي عبَّر الشعب عن قبوله، بالتسامي على جراحاته وآلامه التي أدماها، عبث الفترة من 1975 إلى 2001، وخصوصاً معاناة أواخر التسعينات. فقد كلَّفت تلك السنون أبناء الوطن، الكثير من الأرواح والدماء، والآلام والمآسي، التي طالت في ضيمها العبثي، عبر المراحل السابقة والمتتابعة، جميع مكونات الشعب، السياسية والاجتماعية على اختلاف مذاهبها، لتأتي آخر محاولات السلطات - نعم آخرها - بما أبانته وستبينه قريب الأيام، لمن لا يرى أبعد من أرنبة أنفه، من المتلبسين بتسميات الموالاة، عبر تضليل البسطاء من الطائفة، لساعات قصيرة، ثم الانزواء في خيمة السلطات، وبعيداً عن من اجتمع لهم بالفاتح من جموع، وعبر ربط الانتماء للتسمية المكانية ظاهرياً، التي سرعان ما تكشفت نواياها العبثية، بالعمل على إرجاع التاريخ القهقرى، وكيف لا يكون ذلك العمل سوى عبث في عبث، مما كان له من الأثر المادي والنفسي السيئ لدى أجيال من شيب وشباب، ورجال ونساء، ويافعين وأطفال، لطائفة في المجتمع، جراء الضيم المتراكب، والمتنامي الوقع، بما تكامل من بعد حين، بوعي غالبية الطائفة الأخرى بأنه قد تم خداعهم من قبل من تَسَمّوا بائتلاف شباب وجمعيات الفاتح، المتصدرة محاولات حماية استمرار الاستبداد، بما ادعوه من تخوين غالبية أبناء الوطن.

تلك الفئة العابثة المتصدرة للمشهد، سرعان ما انحسرت عنها جموع الطائفة، بالعودة إلى أصل المواطنة، التي تجمعها بإخوة لها وشركاء في الوطن، جمعتهم أيامه الحلوة والمرة، وقريب الأيام ستكشف أيضاً ما تبقى من عبث تلك الفئة التي امتثلت للعبث العام، لتجد نفسها في حاوية مصير العبث.

وقد تجلت النتائج العبثية أساساً، من تقاعس السلطات عن أداء الدور المنوط بها في إدارة الدولة، بحسب ما جاء بالدستور من مبادئ مقومات المجتمع الأساسية، ونحت إلى التمييز بين المواطنين، إيجاباً هنا وسلباً هناك، وأضافت إلى تلك العبثية، العبث بالهوية الوطنية، بنهجها سياسة التجنيس خارج القانون، وعبر تحوير تطبيقه، بما يخدم المصلحة العبثية لأفراد متنفذين، وتنفيذ مخطط عبثي بتوظيف المجنسين في الأجهزة الحساسة بالدولة.

نتناول هنا بعضاً من المواقف العبثية، سواء إظهاراً للتصدي والإجراء أو التشجيع والمساندة، وفي كلتا الحالتين تتناغم المواقف العبثية لتدعم النتيجة ذاتها من استمرار العنف العبثي، في حين أن العناوين تبدو على النقيض من بعضها البعض، فلدينا الجانب الرسمي، حين يتنادى لحماية المجتمع من الإرهاب، يرصد الواقع غير ذلك، ليتسبب في إضفاء الصفة على غالب أفراد المجتمع، فكفى شعب البحرين فخراً، أن حراك شقه النشط، في مطالبه الحقوقية والسياسية، قد ضرب بصموده وسلميته المثل، على رغم ضرائب الفداء بالروح، التي تعدت المئة وستين حالة، وآلافاً من نزلاء المعتقلات السياسية، والجرحى والمعوقين من أثر الإصابة بالسلاح.

وهناك العبث أيضاً الذي يجهد في محاولاته تضليل العالم والمنظمات الدولية، عبر التسويق من خلال شركات العلاقات العامة، للنظام المؤسسي والسياسي لإدارة الدولة، في منظومته النصوصية، ليتبدى واضحاً للعالم أن النص الدستوري والقانوني في وادٍ، وحال الناس في الجحيم. وقد استبان للعالم هذا العبث في إطلاق الوعود، وأدرك العالم أن الوسيلة هي بما جاءت بها الاتفاقية الثلاثية لعودة المفصولين، عبر القضاء الدولي، وانكشفت للعالم ألاعيب العبث، في النظام الانتخابي للسلطة التشريعية، من حيث التشكيل المؤسسي والمسار المهني، لذا فإن لها حالاً قريباً جديداً قادماً، يفك أسر حقوقية القوانين، التي يطبقها القضاة، بالإرادة الحقوقية الشعبية، عبر الاستقلال الحقيقي للسلطة القضائية، التي ستتأتى للقضاة، وتفك أسرهم لدى السلطة التنفيذية، وهذه الأخيرة هي أيضاً قد يطرأ عليها بعض التغيرات.

فلم يعد المجتمع الدولي، إلا مناصراً للشعوب التي ترزح تحت عبث السلطات، بعدم احترامها وعدم تطبيقها، للاتفاقيات والعهود الدولية فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية للأفراد، وكذلك الاتفاقيات الخاصة بالمرأة والطفولة، وتحقيق العدالة والمساواة بين البشر.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4208 - السبت 15 مارس 2014م الموافق 14 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 6:16 ص

      رحم الله والديك

      سلمت يا فخر البحرين وابنها المحب

    • زائر 13 | 5:41 ص

      فرق

      فرق بين كتاب الوسط الشريفين الي خايفين على مصلحة الشعب اقول لهم شكرا لكم وهناك كتاب تبع الحكومة يبثون يوميا فتن الطائفيه يريدن اشعال النار وسفك الدماء بين الطرفين لاجل مصالحهم الله اخلصنه من الظالمين والله كريم

    • زائر 11 | 2:35 ص

      شريف يا أستاذ سيادي شريف

      الأستاذ يعقوب سيادي صاحب القلم النزيه ، شكرا شكرا ، فقد كفيت و وفيت .

    • زائر 10 | 1:36 ص

      هل الحقائق التي ذكرتها غائبة عن البعض ام انهم يعرفون ولكنهم ينكرون

      استاذ يعقوب انك تذكّر حقائق فظيعة كيف للبعض ان ينكرها او تنكّر لها والادهى اذا كان رجل دين

    • زائر 9 | 1:25 ص

      عبثوا بكل الوطن وكل ذلك لأن في الوطن من طالب بحقّه

      قالوا نحرق الوطن ولا يحصل هؤلاء على شيء من حقوقهم : لا تستغربوا من هذا الكلام فهذا واقع ما حصل
      كان يمكن تجنب كل ما حصل بثلاث خطوات:
      بتعديل الدوائر الانتخابية
      اعطاء البرلمان كامل صلاحيته
      السماح للطائفة الشيعية بالانخراط في السلط العسكري
      هذه 3 خطوات كانت كفيلة بتفادي كل ما حصل وان كان هناك مطلب الحكومة المنتخبة الا انه كان يمكن تأجيل ذلك لو قدّمت هذه الخطوات ولكن هناك من لا يريد للوطن خيرا

    • زائر 8 | 1:24 ص

      أمنية أتمنى أن تتحقق وأن أراها

      أن أرى أهلي وناسي في المحرق وقلالي والحد والبسيتين وقد كسروا حاجز الخوف وخرجو في مسيرات سلمية تطالب بالإصلاح كما يفعل اخوانهم وشركائهم، نبغي نرجّع بلادنا الطيبة الأولية. متى يتحقق؟ متى ....يارب؟

    • زائر 7 | 1:21 ص

      سلمت يداك

      شكرًا لك أيها الشريف

    • زائر 6 | 1:11 ص

      جزاك الله خيرا فكل كلمة في مقالك يجب الوقوف عندها

      كما تعودنا منك توصيف الحالة بدقة متناهية ومن دون مجاملة فهذا مقالك اليوم يستحق ان يكتب بماء الذهب فكل كلمة منه تحتاج لوقفة تأمل لأن ما حصل كان فعلا عبثا بالوطن وبأهل الوطن وبالوحدة الوطنية. نعم لقد لعب الساسة وبعض المتدينين على اشعال الفتنة وتأجيج نارها فكانوا عكس ما حذّرهم الله من الفتن واشعالها حيث اصبحوا وكأن لم يقرؤوا القرآن ولم يسمعوا كلام الله عن خطورة الفتن وانها اشد واكبر من القتل

    • زائر 4 | 12:07 ص

      مجهول

      شكرا لك استاذي العزيز

    • زائر 3 | 10:58 م

      السطر الاخير أستاذي الشريف اتمنى ان أراه متحققا قبل أغماض جفوني

      لقد خدعنا واليك أستاذي الشريف من ذلك الكاتب وهو من رؤوس الحربة في تخويننا وشتمنا وتسقيطنا واضافة ماترغبه السلطات من بهارات تفكيك المجتمع في مقالاته وهو يبكي واقع البحرين الجديد بالتجنيس وكيف ان ولده لا يعرف نطق اسم المعتدي عليه في المدرسة بعد حصوله على وجبة مساج وأقول نتائجه بدات قبل وقتها بزمن طويل والقادم اعظم وشكرا على موضوعك الجميل

    • زائر 2 | 10:55 م

      العبث الحقوقي وسياسي

      شكرًا لك أيها المواطن الشريف حقاً إنكا لتبعث الأمل او لنقول بصيص من الأمل لهدا الشعب .....!!!فشكراً لكل مواطن يتبنا هدا الفكر النير الراقي.....؟!!!

    • زائر 1 | 10:52 م

      الغانون

      تجاوزات ما انزل الله بها من سلطان بأسم القانون للتظليل على تجاوزاتهم

اقرأ ايضاً