العدد 4233 - الأربعاء 09 أبريل 2014م الموافق 09 جمادى الآخرة 1435هـ

متطلبات «حكم القانون» تختلف عن شكلياته

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

يستعد البريطانيون للاحتفال في العام المقبل بمناسبة مرور 800 عام على إصدار الميثاق العظيم، الذي يُطلق عليه باللغة اللاتينية مسمى «ماجنا كارتا». هذا الميثاق احتوى على التزامات تعهد بها ملك إنجلترا في 1215 للإقطاعيين الذين كانوا يملكون الأراضي ويدفعون الضرائب للملك. ففي ذلك العام رفض بارونات الإقطاع دفع أي مال للملك جون إلا بعد أن يجتمع معهم ويوقع وثيقة احتوت على نصوص ومواد تحد من سلطاته وتحمي حقوقهم بموجب القانون. وعليه، فإن الإنجليز والأميركان يعتبرون الـ «ماجنا كارتا» أول وثيقة - لايزال نصها الكامل متوافراً للجميع - تحدد مفهوم «حكم القانون» وسيادته على الجميع، بمن فيهم الملك.

على أن مفهوم «حكم القانون» يستخدم حالياً ليعني أموراً مختلفة تماماً، إذ إن هناك من يستخدم القانون أداةً للقمع أو للانتقام، وفي هذه الحال فإن هذا يعتبر «الحكم من خلال القانون»، بمعنى أن القانون يستخدم وسيلة وأداة، بينما من المفترض أن القانون هو سيِّد الموقف، وهو فوق الجميع ويطبق بصورة عادلة ومستقلة.

وهناك توضيح للاستخدام الخاص للقانون نقرأه في رواية جورج أورويل «مزرعة الحيوانات»، إذ إن الحيوانات قررت كتابة دستورها بعد أن طردت صاحب المزرعة، وتشاورت فيما بينها ورأت أن الإنسان الذي يمشي على رجلين هو المخلوق الوحيد الذي يستهلك ما ينتجه الحيوان الذي يمشي على أربع أرجل، وهذا الإنسان لا يعطي الحليب، ولا يضع بيضاً، ولا يسحب المحراث، ولكنه يأمر الحيوانات ويحدد لها العمل في مقابل حصول الحيوانات على الحد الأدنى من الأكل لكي لا تتضور جوعاً ثم تواصل الإنتاج الذي يتمتع به وبأرباحه هذا الإنسان فقط... وبعد نقاش مستفيض قررت الحيوانات مبدأً دستورياً للارتكاز عليه وهو «كل مخلوق لديه أربع أرجل فهو جيد، وكل مخلوق لديه رجلان فهو سيئ». لنتصوَّر أن بني البشر يقومون بالأمر ذاته فيما بينهم، ويقوم بعضهم بوصف البعض الآخر، ومن ثم يعتبر كل ما يقوم به الطرف الآخر أمراً سيئاً ويجب معاقبته، فإن هذا ربما يكون حكماً شكلياً للقانون، ولكنه قانون لا يمكن تطبيقه إلا عبر قمع واضطهاد الفئة التي يجرِّمها هذا القانون.

حكم القانون لا يعني قمع واضطهاد الآخرين من خلال نصوص قانونية، وإنما يعني أن جميع الأشخاص والمؤسسات والكيانات والقطاعين العام والخاص، بما في ذلك الدولة نفسها، مسئولون أمام قوانين صادرة عبر إرادة مشتركة وبصورة معلنة، وأن هذا القانون يطبق على قدم المساواة وبشكل مستقل، مع الالتزام بالقواعد والمعايير المنصوص عليها في العهدين الدوليين والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. وهذا يعني - بحسب تعريفات الأمم المتحدة - أن «حكم القانون» يتطلب وجود تدابير لضمان الالتزام بمبادئ سيادة القانون، والمساواة أمام القانون، والمسئولية أمام القانون، والعدل في تطبيق القانون، والفصل بين السلطات، والمشاركة في صنع القرار، وتجنب التعسف، مع الالتزام بالشفافية الإجرائية والقانونية. أمّا ما دون ذلك فليست له علاقة بحكم القانون، حتى لو حقق الالتزام الشكلي بنصوص قانونية.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4233 - الأربعاء 09 أبريل 2014م الموافق 09 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 4:49 ص

      بارك الله

      بارك الله فيك دكتور

    • زائر 7 | 4:38 ص

      حكومة البحرين

      حكومة البحرين لاتطبق القانون تطبق الى يملي عليها هواها يعنى اتقول للشعب اسكت ولاتطالب بحقك والله مصيرك السجن المشتكى لله

    • زائر 6 | 1:54 ص

      عجبتني يا دكتور قصة الحيوانات والاسقاط كالتالي يكون

      هم نعم لهم اربع رجلين وقرن وعصعص واحنا لينا رجلين فبالتالي هم امهات اربع ونحن مهات رجلين فلذلك طبقوا دستور الحيوانات حلوه يادكتور توليفاتك

    • زائر 3 | 1:00 ص

      مقال متميز

      ولكن يا دكتور القانون شيئ وتطبيقه شيئ آخر وللأسف القوانين تطبق بطريقة عير عادلة والشواهد كثيرة وأكثر ضحايا القوانين الفقراء والضعفاء ومن لا سند لهم فكفانا حلماً لانه لن ولن تطبق القوانين كما سنت وستبقى شكليات فقط

    • زائر 2 | 12:06 ص

      القانون

      ياليت القانون يطبق علينا
      كلنا بخير

اقرأ ايضاً