العدد 4243 - السبت 19 أبريل 2014م الموافق 19 جمادى الآخرة 1435هـ

دستور 2002 ومصداقية نصوصه للقوانين

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

تناولنا في مقالنا السابق عينة من نص القانون، فيما يتعلق بمصداقية النص في نظام دولة المؤسسات والقانون، من خلال تفحص المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية، فيما يخص حق الإنتخاب والترشيح لمنتسبي قوة الدفاع والأمن العام والحرس الوطني، بخلاصة أن شملهم الدستور في المادة رقم 1 البند هـ ونصه: «للمواطنين رجالاً ونساءً، حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق الانتخاب والترشيح، وفقاً لهذا الدستور والشروط والأوضاع التي يبينها القانون...»، وعبارة وفقاً لهذا الدستور، تشير الى أن هناك مواد وبنوداً أخرى تتناول هذه الحقوق للمواطنين، إلا أنه لم يرد في الدستور عدا هذا البند، الذي نرى نصه قد أحال أيضاً الحقوق ذاتها إلى الشروط والأوضاع التي يبينها القانون، والقانون المقصود هنا هو قانون مباشرة الحقوق السياسية، الذي صدر بالمرسوم رقم 14 كما أوردنا عاليه، والذي بدوره أهمل الإشارة إلى حق الترشيح، واكتفى فقط بمباشرة حق الانتخاب لمنتسبي هذه الأجهزة، « تسري في شأن منتسبي قوة دفاع البحرين وقوات الأمن العام والحرس الوطني فيما يتعلق بمباشرة حق الانتخاب، ما تنص عليه القوانين والأنظمة والتعليمات الخاصة بخدمتهم في هذا الشأن»، لنرى أن هذه القوانين والأنظمة الخاصة بخدمتهم في هذا الشأن، تمنع على منتسبي أحد الأجهزة حق الترشيح، وتربط حقهم في الإنتخاب بأوامر القائد العام، وجميعها تمنع على منتسبيها حضور الاجتماعات السياسية والتواصل مع السياسيين، والحملات الانتخابية.

لنأتي الى تفحص عينةٍ من مواد دستور 2002 لذات الغرض، فتدابير وآليات إصدار القوانين وتعديلاتها، قد تناولتها المادة 70 من الدستور ونصها «لا يصدر قانون إلا إذا أقرّه كل من مجلسي الشورى والنواب أو المجلس الوطني بحسب الأحوال وصدق عليه الملك». ومعلومٌ أن القانون لا يعدل إلا بقانون في الأحوال الاعتيادية، أو بمرسوم ملكي في حال الضرورة، وما بين أدوار الانعقاد التشريعية، على أن تعرض هذه المراسيم على المجلسين خلال شهر من تاريخ أول اجتماع لأيٍّ منهما، وكذلك المواد من 80 إلى 86 من الدستور، التي يمكن الرجوع إلى نصوصها في الدستور، إلا إننا هنا سنلخص مفعولها الدستوري، فهي تبدأ بنصاب كل مجلس بحضور النصف +1، (21) عضواً، فإذا لم يكتمل النصاب مرتين متتاليتين، اعتبر الاجتماع صحيحاً بحضور ربع عدد الأعضاء (10) لكل مجلس من أصل 40، وتتخذ القرارات داخل كل مجلس بالأغلبية الأدنى في حال حضور الربع، بأغلبية 6 من أصل 40، ونفس النسبة للمجلس الوطني في 41 من أصل 80، ثم بعدها بمرتين، 20 من أصل 80، وتتخذ القرارات بالأغلبية الأدني في حال حضور الربع بغالبية 11 من أصل 80، ثم بعرض رئيس مجلس الوزراء، مشروع القانون على مجلس النواب الذي يقبله أو يعدله أو يرفضه، وفي كل الحالات يرفعه إلى مجلس الشورى فإذا رفضه مجلس الشورى سواء بالتعديل أو الحذف أو الإضافة أو الرفض، أعاده إلى رئيس مجلس النواب لإعادة النظر فيه، فإذا قبله مجلس النواب كما ورد من مجلس الشورى، رفعه رئيس مجلس النواب خلال أسبوعين، إلى رئيس الوزراء ليرفعه بدوره إلى الملك.

وإذا رفض مجلس النواب مشروع قانون أقره مجلس الشورى، أعاده إلى مجلس الشورى مرة ثانية للنظر فيه، ولمجلس الشورى أن يقبل قرار مجلس النواب أو يصر على قراره السابق، فإذا اختلف المجلسان حول مشروع قانونٍ مرتين، يجتمع المجلس الوطني لبحث المواد المختلف عليها، ويصدر القرار بأغلبية أعضاء المجلس الوطني الحاضرين، وإذا رفض لا يقدّم مرةً ثانية إلى المجلس في ذات الدورة. وخلاصة «الطقة والردة» دون سقف زمني كما يلي: من رئيس مجلس الوزراء إلى مجلس النواب، إلى مجلس الشورى، إلى مجلس النواب، إلى مجلس الشورى، إلى المجلس الوطني.

وللمقارنة، فالمادة 87 تعالج مشروعات القوانين التي تعالج موضوعات اقتصادية أو مالية، وتطلب الحكومة نظرها بصورةٍ مستعجلة، فتعرض على مجلس النواب لمدة 15 يوماً، ثم وفي كل حالات رأي مجلس النواب تعرض على مجلس الشورى مرفقة برأي مجلس النواب إذا ورد، ولمدة 15 يوماً، فإذا اختلف المجلسان، يُعرض الأمر على المجلس الوطني ولمدة 15 يوماً، فإذا لم يبت المجلس الوطني خلال ذلك، جاز للملك إصداره بمرسومٍ له قوة القانون، بمعنى أنه على المجلسين فرادى أو مجتمعين في المجلس الوطني، إقرار رغبات الحكومة المستعجلة ذات الطابع المالي والإقتصادي، خلال 45 يوماً، وإلا منح الملك للحكومة ما تريده من المال العام.

هكذا حسب الدستور، يتم إصدار القوانين، إلا أن المادة 94 البند ب، من الدستور، والتي تنص على: «لكل من المجلسين أن يضيف إلى القانون المنظم له ما يراه من أحكام تكميلية»، فقد خرجت خارج نطاق نصوص وتطبيقات الدستور، إلى الفضاء المفتوح لأهواء أعضاء كلٍّ من المجلسين، لتعديل القانون المنظم لأعماله، وهما مرسوم رقم 54 لسنة 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب، وعدد مواده 220 مادة، وهناك المرسوم رقم 55 لسنة 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس الشورى، وعدد مواده 191 مادة. هذان القانونان من بين جميع قوانين البحرين، وحسب البند ب من المادة 94، هما صكا ملكية خاصة لأعضاء كل من مجلسي النواب والشورى، ولا يخضعان لما لغيرهما من إجراءات دستورية للتعديل بالإضافة.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4243 - السبت 19 أبريل 2014م الموافق 19 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً