العدد 4246 - الثلثاء 22 أبريل 2014م الموافق 22 جمادى الآخرة 1435هـ

العنف ليس خياراً

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ليس من الصحيح تجاهل ما يجري أو السكوت عن ممارسات قد يتخذها البعض، وتصبُّ في نهاية المطاف بشكل مباشر بالإضرار في الحراك الشعبي والسلمي في البحرين، وليس من حق أحد أن يحرف مسار هذا التحرك ليفرض حالة من الفوضى ليست في قاموس أغلبية الشعب البحريني.

هناك من يرى أن «العنف المُمارس من قبل الشارع، جاء كردَّة فعل طبيعية لما تمارسه السلطة من عنف راح ضحيته العديد من المواطنين، وأن العنف لم يمارس إلا بعد أن وصلت الأزمة في البحرين لطريق مسدود، وأن لا أمل لتحقيق مطالب الناس، إلا من خلال الضغط المباشر، والصدام مع قوات الأمن، وذلك ما سيُوجع السلطة ويجبرها على تقديم التنازلات». في مقابل ذلك هناك رأي معارض تماماً لاستخدام أي من الأساليب العنيفة، ويرى أن «السلمية لم يكن خياراً عبثياً أو اعتباطياً بل إنه نابع عن فهم ودراية لطبيعة الشعب وإمكاناته والظروف المحيطة به وإمكانات السلطة وقوتها في أي مواجهة أمنية، ولم يكن خياراً من عدة خيارات متاحة للشعب بل هو أقرب للقدر لكل من هو مطلع على طبيعة البحرين».

لقد تم استثمار بعض الأخطاء التي ارتكبت خلال فترة الاعتصام في الدوار وتضخيمها ليتم تصوير الحراك الشعبي على أنه حراك طائفي، ونجح البعض وبذكاء في خلق فتنة طائفية لتقسم الشعب بشكل عمودي فاقع، وهو واقع نعيشه الآن يجعل ممن يعيش على الارتزاق من دماء الناس محقاً في بعض ما يقوله، ولذلك ليس من الحكمة في هذه الفترة أن نقدم لمن يسعون إلى خنق مطالب الناس أغلى ما يتمنونه من تحويل الحراك السلمي إلى مواجهات أمنية ومفخخات وقنابل مزروعة.

لقد نجح التحرك السلمي في أن يكسب تعاطف وتضامن أغلب دول العالم، ما جعل السلطة في موقف حرج ولم تستطع بجميع إمكاناتها المالية والبشرية إلا أن تسلم بالضغوط الدولية وأن تتعهد أمام الأمم المتحدة بأن تنفذ 176 توصية تقدمت بها الدول المشاركة في اجتماع مجلس حقوق الإنسان بما فيها أقرب الدول للسلطة في البحرين، في حين لم تؤدِّ عمليات المواجهات مع القوى الأمنية ورمي المولوتوف وغلق وحرق الشوارع إلا إلى مزيد من الضحايا من الشباب والأطفال والمزيد من الجرحى والمعتقلين.

في دفاعه أمام محكمة الاستئناف العليا الجنائية بشأن كيدية التهم الموجهة إليه، حدد الأمين العام لجمعية العمل الديمقراطي إبراهيم شريف الطريق الصحيح للحراك الشعبي في البحرين حين أكد أن «المستفيد من العنف هو السلطة لأنها تجرُّ بذلك المعارضة من معركة القيم والأفكار التي تتفوق فيها المعارضة، إلى معركة السلاح والقوة التي تهيمن عليها السلطة، وعندما يستخدم الطرفان القوة والعنف لفرض إرادة كل منهما على الآخر فإن الفوارق الأخلاقية والقيمية بين الطرفين تكاد تختفي ويصبح من الصعب إبعاد اهتمام قوى السلام العالمية والمنظمات الحقوقية الدولية بعدالة قضيتنا ونستنفد بذلك الرافعة المعنوية التي يحتاجها شعبنا للاستمرار في نضاله من أجل دولة ديمقراطية عادلة... العنف ثقافة ينشأ عليها المستبدّون وهي ثقافة مدمرة للمجتمعات إذا تبنتها الشعوب وقواها السياسية المعارضة».

إن كل ما يتمناه البعض هو أن يتحوَّل الحراك الشعبي في البحرين من مسيرات جماهيرية، وتظاهرات واعتصامات عامة يشارك فيها مئات الآلاف، إلى مجرد عمليات عنف يرتكبها البعض لتعمَّم على الجميع، وليوصف الحراك الشعبي في البحرين بالإرهابي.

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 4246 - الثلثاء 22 أبريل 2014م الموافق 22 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 10:31 ص

      مقال من ذهب لمن يفهم

      استاذ انظر من المستفيد من روؤس المعارضة في هذة الحالة وكيف انهم سيخسرون الكثير لو المطالبات سلمية يريدون دماء و قتلى ليتاجر بها استاذ لتصدق في عاقل لا يريد الاصلاح والدليل ايام المطالبات من جميع المذاهب و الطوائف اجتمع في الدوار الي ان بانت الحقيقة

    • زائر 10 | 7:26 ص

      مبررين القمع

      مسيراتنا كلها سلميه الشرطه هي من يقمع المسيرات فتتحول الى مواجهات ولكل فعل ردت فعل ولاتجون تحملون الشباب العنف

    • زائر 8 | 4:24 ص

      سوأل

      من الذي يبدا بالعنف ؟؟؟ حينما اكون في مسيرة دخال القرية تأتي قواة الأمن وتضرب من ترى في طريقها بكل ما عندها من يكون الباديء هنا سوأل مهم الأجابة عليه لنحدد الخيارات بعد ذلك ؟؟؟ ونقول من هو الذي يستخدم العنف ونرجوا منكم الأجابة والأسهاب في هذا الموضوع لأنه موضوع حساس لمن انتهكت اعراضه وضرب وسحل باشارع دون وجه حق ، ولا تقل لي اشتك في المحكمة لأن لا حق لك ما دمت محسوب على طائفة معينة او على المعرضة .

    • زائر 7 | 3:22 ص

      كلام

      كلام منطقي وسليم فلا يوجد غير السلمية لانجاح الثورة والحصول ع المطالب العادلة.

    • زائر 3 | 12:00 ص

      لا ادانة للعنف على حسباب حقوقنا

      خرجنا مطالبين بحقوقنا وبكل سلمية
      فتم التعدي على كل شيء مقدس ومحرّم
      فهل تتوقع ان يكون لكل الناس نفس المستوى من قبول التعدي على الاعراض والمقدسات؟
      اللوم اولا واخيرا يقع على السلطة ولا مجاملات في هذا الامر
      استاذ جميل كلنا يدين العنف ولكن من أشعل النيران يطفيها وانت تفهم ما اقصد

اقرأ ايضاً