العدد 4249 - الجمعة 25 أبريل 2014م الموافق 25 جمادى الآخرة 1435هـ

السعد وريا ناكو يسردان طقوس الخط الياباني

ريا تخط اسم «الوسط» بالكتكانا والكانجي
ريا تخط اسم «الوسط» بالكتكانا والكانجي

في جلسة فنية مغايرة مملوءة بطقس ياباني أثير بمركز كانو الثقافي أخذتنا الخطاطة اليابانية ريا ناكاو وزوجها الكاتب عبدالجليل السعد إلى طقوس وأجواء الخط الياباني، حيث تحدث السعد عن فن الخط الياباني وأصوله وفنونه وروحيته وعلاقته بالخط العربي، ثم قدمت ريا ناكو نماذج من فن الخط صنعتها من وحي اللحظة، وبأجواء وتقاليد الخط الياباني وطقوسه وورقه وحبره وفنونه المستمدة من إرث لغوي مازال محافظاً على قدسيته وروحيته الخاصة، وذلك في محاضرة بعنوان «الهاكو» بين الخط العربي والياباني.

في البداية، أشار السعد إلى أن «التشودو» فن الخط الياباني يرجع إلى القرن الخامس الميلادي، وهو المستوحى من لغة الكانجي ذات الأحرف الصينية ويتمتع بقدسية في كتابته وفنونه وأدواته المتنوعة كجزء من الحضارة الروحية لليابان، وقد استخدمته الطبقات الاجتماعية الرفيعة كالنبلاء ورجال الساموراي، بينما حرم على العامة قديماً، ولكنه الآن أصبح يدرس للأطفال محافظاً على تقاليده القديمة.

وللخط الياباني مدارس متنوعة وتقاليد يحذوها الفن والذوق والموهبة، ورغم أنه ظل محافظاً على تقاليده حيث يكتب على الورق الأبيض المثبت على المخمل والمصنوع من الرز، وتستخدم فيه القصب والفرشاة. وللخط الياباني مجموعة من القواعد بعضها قديم والآخر خرج من جعبة التكنولوجيا.

51 إلى 5000 حرف

وأشار السعد إلى أن عدد الحروف اليابانية التي يكتبها الخطاط تتراوح بين 51 حرفاً إلى 500 حرف مستمدة من الهيراجانا والكانجي حيث تنقسم اليابانية في قراءتها وكتابتها إلى ثلاثة أنواع من اللغة أولها الهيراجانا: اللغة اليابانية الأصلية والمكونة من 51 حرفاً وتستعمل في عموم اليابان في الكتابة اليومية، وأحرفها أكثر بساطة وأقل تعقيداً من الصينية.

أما النوع الثاني فهي الكانجي: وهي خليط من اليابانية والصينية وتتكون من أكثر من 5000 حرف، وتمتاز بالتعقيد وحروفها أقرب للرسم منها للكتابة.

أما النوع الثالث الكانا فهي ترجمة الأصوات لحروف يعتمد عليها الياباني في مناهجه الثقافية والتعليمية بما يكوّن موسيقى اللغة نفسها والتي منها استمد الخطاط إبداعه، بما فتح له فضاء من الحرية في مزج أحباره واختراع فرشه، وصناعة ورقة.

«السوشو» رشيق ومتخصص

أضاف السعد أن الخط الياباني (الشودو) ينقسم إلى ثلاثة أنواع أولها خط الكايشو الحروف المنفصلة وهو الخط المفضل لوسائل الإعلام الرسمية، أما خط الغيوشو الحروف النصف متصلة ببعضها، فيستخدم في الكتابات غير الرسمية، وينتشر بين أوساط المثقفين في الصين واليابان. والثالث السوشو: فيسمي اليد الطليقة «الحرة» والأحرف المتصلة ذات المظهر الرشيق والمتدفق، وهي كتابة متخصصة.

وأكد السعد أن الياباني أو يعتبر العربي من أفضل طلبته في إتقان وإجادة كتابة الحروف اليابانية إذ يوجد تقارب روحي بين الخطين كونهما يستمدان قدسية من الجانب العقدي الروحي عند الإثنين، ومستشهداً بقول الخطاط الياباني فؤاد هوندا إن «كتابة سطر جميل هو ما تعنيه الحياة، والإتقان في كل جزئية من الانحناءات الدقيقة إلى التفاوت في السمك وكثافة الحبر كأمر الحياة نفسها»، وهي نفسها فلسفة ومفهوم الخط العربي كما يراها الخطاط هوندا نفسه.

ثم شرع السعد يستعرض حياة الخطاط فؤاد هوندا الذي يشغل أستاذاً للعلاقات الدولية في جامعة دايوبونكا في مقاطعة سايباما في طوكيو، ويعتبر هوندا أهم خطاط في اليابان ممن خطوا بالعربية، وتعتبر أعماله في اليابان أرفع مرجع في فن الخط العربي، وقد ضمت أعماله للمتحف البريطاني.

وأضاف السعد «درس هوندا العربية في جامعة طوكيو حيث كانت الكتابة هي ما عكف عليها خلال 4 سنوات، ثم تم ابتعاثه إلى السعودية وليبيا واليمن كمترجم لمدة 5 سنوات، وهي تجربة غيّرت حياته، وفيها اكتشف هوندا الخط بالقصب عندما رأى الخطاط العربي وهو يكتب المستندات الرسمية، وأعجب بدقة وجمال الخط وتطوره في نسخ القرآن الكريم».

اكتشف هوندا أن الخط العربي على خلاف التقاليد اليابانية، يعتمد في تصميمه غالباً على الشكل الدائري والبيضاوي. كون قواعد الكتابة العربية أكثر مرونة وتسمح بالتمدد أو التقلص بحرية لخلق تلك الأشكال الهندسية، والتي قال فيها هوندا: «لقد وقعت في حب تلك الانحناءات»، وطلب هوندا من أحد الخطاطين تعليمه قواعد الخط العربي وكان يتمرن بمفرده بعد العمل في خيمته في الصحراء، وبعد أربع سنوات من عودته لليابان أصبح هوندا مسلماً وتسمى باسم «فؤاد»، ويقول: «أردت أن أدرس كلام القرآن الذي لا يمسه غير المؤمنين».

مراحل الاحتراف

وختم السعد حديثة عن الخطاط هوندا بأن مراحل الاحتراف بدأت عنده حينما دعته الحكومة العراقية إلى مهرجان كبير للخط العربي في بغداد، حيث يجتمع مئات من كبار محترفي الخط العربي لعرض أفضل أعمالهم. وهناك تعرف هوندا على حسن شلبي كبير خطاطي تركيا وطلب منه أن يعطيه دروساً خاصة فتم ذلك وحصل منه على إجازة لتعليم الخط العربي العام 2000م.

للشعب الياباني خلفية في فن الخط عبر تجربتهم في تعلم الشودو «فن الخط الياباني»، وحتى لو لم تكن تفهم اللغة العربية إلا أنه بإمكانك تقدير الجمال في ذاته شكله المكتوب، وعندما يصبح هذا الحرف جزءاً من جملة يظهر بعدٌ آخر من الجمال. وعندها تبدأ الأحرف بالحركة وكأنها كائنات حية أشبه ما تكون بموسيقى لا صوت لها بالنسبة لي.

العدد 4249 - الجمعة 25 أبريل 2014م الموافق 25 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً