الشراكة منهج مهم لمعالجة القضايا البيئية، كما أنها وسيلة عملية توفر التنوع في المعارف والثقافات والمفاهيم المختلفة الرؤى والأفكار المفيدة في إضافة الجديد والعملي، وتبين مخرجات الارتقاء بالعمل الاستراتيجي البيئي، وذلك يشكل المنهج الذي جرى الأخذ به في تنظيم ورشة العمل الوطنية الثالثة حول تطبيق نهج النظام الايكولوجي في المحافظة على مغاصات اللؤلؤ في مملكة البحرين.
شارك في أعمال الورشة ممثلو مختلف القطاعات المهنية والبيئية والتربوية والثقافية والاجتماعية، وساهم ذلك التنوع في إثراء الحوار والمعالجات للقضايا الرئيسة ضمن محاور الورشة.
المحور الرئيس للورشة يتمثل في البحث عن الوسائل المنهجية التي يمكن الارتكاز عليها في بناء نظام إداري ممنهج وفاعل في صون النظام البيئي للهيرات، ومن الطبيعي في سياق ذلك أن يجري الأخذ في الاعتبار أهمية الثقافات والقيم التقليدية للمجتمعات المحلية الأصلية كعنصر مهم في تفعيل ما يتبناه النظام الإداري من إجراءات تنفيذية.
المسح الميداني وقراءة رؤى ومواقف الصيادين ومحترفي مهنة الصيد البحري الذي تولّى تنظيمه فريق عمل المشروع في إطار الإعداد لأعمال الورشة ووضع الأسس الإدارية للمحافظة على مغاصات اللؤلؤ، وشمل البحارة في المناطق المختلفة من المملكة، يؤكد على ثوابت الحرص في تبني أبجديات العمل المؤسس في الاستفادة من الثقافات والتقاليد الشعبية لبناء نظام الإدارة البيئية لمغاصات اللؤلؤ.
ذلك التوجه يتوافق مع جوهر المشروع الدولي البيئي الذي يؤكد في مبادئ الاتفاقية الدولية بشأن التنوع البيولوجي على منظومة من الالتزامات القانونية لصون التنوع الحيوي، ويجري في الفقرة (ي) من المادة (8) «الصيانة في الوضع الطبيعي» التشديد على أن يعمل كل طرف متعاقد قدر الامكان وحسب الاقتضاء «القيام، رهناً بتشريعاته الوطنية، باحترام المعارف والابتكارات وممارسات المجتمعات الأصلية والمحلية التي تجسّد أساليب الحياة التقليدية ذات الصلة بصيانة التنوع البيولوجي واستخدامه على نحو قابل للاستمرار، والحفاظ عليها وصونها وتشجيع تطبيقها على أوسع نطاق، بموافقة ومشاركة أصحاب هذه المعارف والابتكارات والممارسات وتشجيع الاقتسام العادل للمنافع التي تعود من استخدام هذه المعارف والابتكارات والممارسات».
الموقف القانوني سابق الذكر، والمبادئ المؤكدة في المشروع الدولي البيئي بشأن الأهمية الاستراتيجية للثقافات والتقاليد الشعبية بشأن مناهج إدارة العلاقة مع منظومة التنوع الحيوي المحددة في مؤتمرات قمم الأرض العالمية للبيئة، والمنصوص عليها في المبدأ (22) من إعلان ريو للبيئة والتنمية (1992) والمبدأ (49) من وثيقة مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة (2002) والمؤكدة أيضاً في وثيقة ريو+20 لعام 2012، تدحض بشكل قطعي الرؤى والمواقف التي جرى طرحها والتي تؤكد إمكانية تجاوز المعارف والتقاليد الشعبية في سياق منظومة العمل لصون التنوع الحيوي.
التربية والتعليم البيئي مقوم رئيس في بناء النظام الإداري لاستراتيجية مشروع صون التنوع الحيوي، لذلك المشرع الاقليمي أخذ بها وجعلها هدفاً رئيساً في اتفاقية المحافظة على الحياة الفطرية ومواطنها الطبيعية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث يجري التأكيد في المادة (2) فقرة (3- هـ) على ضرورة «الاهتمام بالتعليم البيئي للتوعية بأهمية المحافظة على الحياة الفطرية ومواطنها الطبيعية والأبعاد الإجتماعية والاقتصادية والبيئية لها وبالأخص على مستوى التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي».
إن الأهمية الاستراتيجية لهذا المنهج التربوي والبيئي جعله محط اهتمام ممثل القطاع التربوي المشارك في أعمال الورشة، وأثار في مداخلته جملةً من المحددات المهمة في شأن التربية البيئية التي ينبغي أخذها في الاعتبار في المناهج الرئيسة لمحاور خطط العمل التنفيذي لمنظومة العمل الإداري للمشروع، حيث بيّن أن هناك عدداً من المفاهيم والمصطلحات في عنوان الورشة مثل «نهج، نظام، ايكيولوجي» هي خارج مفاهيم المنهج التعليمي في حاجة إلى توضيح، وذلك يؤكد على أهمية وضع خطة لبناء منهج تربوي مؤسس في المجال البيئي.
إدراج المفاهيم البيئية في المناهج التعليمية مطلب عصري تبنته العديد من الدول في إطار السعي لتعميم منهج العلاقة السليمة مع معالم الأنظمة البيئية والارتقاء بمفاهيم السلوك والثقافة البيئية للنشء، ودولة الإمارات تبنت هذا المنهج وجعلته محوراً رئيساً في الاستراتيجية الوطنية للبيئة، وبالاتساق مع ذلك اعتمدت وثيقة إدخال المفاهيم البيئية في المناهج التعليمية.
القيمة الاستراتيجية لهذا المنهج التعليمي والتربوي في بناء السلوك البيئي للنشء، يشكّل المحفّز الرئيس الذي دفع جمعية البحرين للبيئة في بيانها بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للبيئة للعام 2013، إلى الدعوة لوضع خطة منهجية لإدخال المفاهيم البيئية في المناهج التعليمية، ويمثل ذلك مطلباً مهماً ينبغي الأخذ به للتمكن من تعميم الأهداف الاستراتيجية لسياسة المشروع.
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 4255 - الخميس 01 مايو 2014م الموافق 02 رجب 1435هـ