العدد 4275 - الأربعاء 21 مايو 2014م الموافق 22 رجب 1435هـ

وزارة التربية والتعليم وثقافة المذاهب الإسلامية الجامعة

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

لا يختلف أحد من التربويين في أهمية المناهج الدراسية في تكوين ثقافة المتعلم وتوجهاته الاجتماعية والإنسانية والوطنية والإسلامية. فإذا ما أريد لها أن تكون إيجابية في تأثيرها على واقع المتعلم، فلابد لها أن تحاكي ثقافات جميع المتعلمين من دون استثناء، وأن لا تتخذ المناهج مناحي تبعدهم عن ثقافاتهم الدينية والمذهبية بحيث يجعلهم يشعرون بالغبن الفكري والثقافي والديني من خلال تجاهل ثقافاتهم العقائدية والفقهية.

ومن الواضح بالنسبة للباحثين التربويين، أن تغييب ثقافة مذهب معين له قاعدة واسعة في البلاد من المناهج الدراسية، وإبراز آراء ليست محل إجماع بين المذاهب الإسلامية المعتبرة، يؤدي إلى خلخلة في ثقافة المتعلم الوطنية والدينية والإنسانية والاجتماعية، بسبب أن وزارة التربية والتعليم تريد أن تجعل المتعلمين في الفصل الدراسي الواحد يجهلون ثقافة بعضهم البعض المذهبية والوطنية، على الرغم من أنها تعلم أن المناهج الدراسية التي تحترم ثقافة المتعلمين المذهبية تكون أكثر قدرةً على إيجاد فهم فكري وثقافي متبادل بين جميع المتعلمين.

والمناهج الدراسية التي تعمل بتعمد على إيجاد ثقافة إسلامية ووطنية مبتورة، وتؤسس إلى ثقافة رفض الآخر ثقافياً واجتماعياً ودينياً وإنسانياً، وتجعل المتعلم الذي غيّبت ثقافته المذهبية من المناهج الدراسية دائماً في دائرة التشكيك في معتقده ووطنيته، حتى ولو قدّم أفضل الأعمال الخيّرة لمجتمعه، وحتى ولو تفانى وأخلص لوطنه وأثبت بمبادراته وإنجازاته العلمية والأدبية والفنية والتربوية والتقنية أنه حريصٌ على تنمية وتطوير بلاده في مختلف المجالات والميادين، كما هو الحال في مناهج وزارة التربية والتعليم الدراسية، حيث تحجر بأساليبها الإقصائية المتنوعة، على الطالب الذي تعتقد أنه يخالف سياساتها التعليمية من تقديم بحوث يستعرض من خلالها ثقافته المذهبية. وفي حال تقديمه بحوثاً عن ثقافته قد تتعامل معه بطائفيةٍ مفرطة، وكأنه غريبٌ عن الإسلام أو مخالف لأسسه وتعاليمه.

وفي المقابل تسمح للثقافات التي تؤسس البغضاء وتشيع الكراهية بين أتباع المذاهب الإسلامية لتعمل بكل الوسائل والطرق المتاحة أمامها في محاربة ثقافة كل مذهب لا يتوافق معها في منهجيتها الإقصائية، وعندما طالب أتباع مدرسة فقه أهل البيت النبوي وزارة التربية والتعليم قبل أكثر من 40 عاماً، وتكرّر طلبهم لها في السنوات العشر الماضية، بأن يكون لثقافتهم الإسلامية موقع في المناهج الدراسية، وكان هدفهم الإسهام في تنمية وتوسعة مدارك المتعلم الثقافية والفكرية وتهيئتها نفسياً لتقبل الآخر، وإيجاد قاعدة ثقافية وفكرية جامعة بين جميع المذاهب الإسلامية، لأن في اعتقادهم أن الإطلاع على المشتركات العقائدية والفقهية (العبادات والمعاملات) في مختلف الثقافات المذهبية، (وهي مشتركات كثيرة جداً)، يوجد مجتمعاً متفهماً قوياً في تلاحمه الديني والوطني والإنساني والاجتماعي، ومتحصناً ضد أي غزو ثقافي أو فكري يكون هدفه إحداث شروخ في اللحمة الوطنية، أو الطعن في معتقدات المواطنين الدينية، وإشاعة مفاهيم العداء والبغض والكراهية والسب والشتائم والكذب والإفتراء والتدليس، ونشر ثقافة الخوف والتوجس بين المواطنين من بعضهم البعض تحت شعار «من لم يكن معك في الانتماء المذهبي هو ضدك».

إن وزارة التربية والتعليم التي رفضت أن يكون لكل إنتماءات المواطنين المذهبية مساحة في مناهجها الدراسية، تتحمل المسئولية كاملة عن التصدع الذي أصاب المجتمع في عمق علاقاته الإنسانية والاجتماعية والوطنية في السنوات الثلاث الماضية، ولو قبلت بأن تكون مع جميع مكونات البلاد المذهبية والعرقية، ولم تتعمد تغييب جلّها عن مناهجها الدراسية، لما استطاعت الثقافات التي لا تفكر إلا في مصالحها الشخصية والفئوية، أن تنخر في جسد الوطن بهذه الصورة المخيفة.

لا أحد يستطيع أن يصف رفض الوزارة للمناهج الإسلامية الجامعة لكل الثقافات المذهبية تقصيراً أو إهمالاً، أو تغافلاً أو تجاهلاً، لأنها نُبّهت مرات عديدة لهذا الأمر؛ وقيل لها أن منهجيتها في تأليف المناهج الدراسية خاطئة؛ وأن الاستمرار في تنفيذها يؤسس ثقافات تضر بالتلاحم الوطني، ولكنها لم تستمع إلا لصوتها فقط، الذي يدعوها إلى رفض كل الثقافات التي تساهم في بناء مجتمع واعٍ إنسانياً واجتماعياً ووطنياً ودينياً، بكل ما تحمله هذه الكلمات من معان راقية.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4275 - الأربعاء 21 مايو 2014م الموافق 22 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 7:19 ص

      ثقافة التكفير

      إن انتشار الكفر في العالم يحمل نصف أوزاره متدينون بغضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وسوء كلامهم

    • زائر 13 | 4:35 ص

      ايران

      الى كاتب المحترم هل تسمح ايران بدراسة مذهب السنى فى مدارسها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    • زائر 16 زائر 13 | 9:37 ص

      ردا على الزائر رقم 13

      نعم . تسمح ونقطة آخر السطر

    • زائر 12 | 3:45 ص

      أوافق

      أنا شخصيا أوافق رأي الزائر رقم واحد وشكراً للكاتب المحترم ع الطرح المميز للموضوع.

    • زائر 11 | 3:38 ص

      قناص

      انصح ان يتغير اسم هذه الوزارة الذي لايشرفني ان انطقه الى وزارة الطائفية والتدمير حيث أصبح هذا الجيل متذمر من الصغر حيث الادارة الفاشلة التي تدير هذه الوزارة واغلب المسؤولين فيها الذين لا يحملون المؤهلات ذات الكفائة التي بأمكانها ادارة هذه الوزارة واصبحت الطائفية هي الاساس والمؤهل الاساسي للحصول على المنصب والوظيفة .

    • زائر 9 | 3:15 ص

      مذهب ديني مغيب عن الناس

      تغييب مذهب مهم يدين به غالبية او أقلية إسلامية هو اعتداء على حق من حقوق هذه الطائفة. فهمي لها كمواطن من اي مذهب كنت يساعد على كسر ومحو ما قد يحاول البعض زرعه من انشقاقات وخلافات لا وجود لها في الاساس في المذهب المغيب ،ولا تتعدى كونها وضعت كوصمة عار يعاب بها من قبل المعنيين لشق صف وتكفير الطرف الاخر !!!. الحمد لله لن يحجب نور الشمس مهما حاول الحاقدين .

    • زائر 4 | 2:19 ص

      احد مؤلفي كتب التربية الاسلامية

      ومن ضمن مؤلفي هذه الكتب وهو يقول ان الرسول كان متسامح ورؤوف رحيم نحن لم نرى منه الا الحقد والغل والتطرف وعدم التسامح من هذه الفئه فهم مرضى نفسيين والاعتى انهم وافقوا على هدم 39 مسجد للشيعه لانهم بعتقدون
      بكفر الشيعة

    • زائر 3 | 2:15 ص

      المشكله انهم يدرسون

      منهج تكفيري يحرم كل شي الا دماء المسلمين فهي حلال بعدين يقول لك زيارة القبور شرك تقول له يامقفل العقل انا لا اعبد صاحب القبر انا ازوره لاقرا لروحه الفاتحه بعدين عدم زيارةالقبور ليس من الطبيعه البشريه وهو شي يدل على الجفاء كما هي قلوبهم الجافه الحاقده على كل ما هو انساني

    • زائر 2 | 12:39 ص

      اين المدارس الخاصه من المتابعه

      اقصد المرارس التابعه لتيارات الجمعيات فبين اوراق كتب مادة الدين من السنموم ما لا تستطيع اية قوانين او برامج فى مجال التسامح الرينى او قبول الاخر ان يقتلعها من افكار الجيل القادم فأين وزارة التربيه من ذلك لثد اطلعت ولم اتصور ان تدرس مثل هذا التطرف

    • زائر 1 | 10:06 م

      لا تأثير

      نحن أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام وكل ما درسناه في مدارسنا الحكومية سواء في التاريخ أو الدين لم يغير عقيدتنا التي تعلمناها في بيوتنا وسواء أدرجت الوزارة مذهبنا في مناهجها أم لا فلن يغير في الأمر شيئ وحتى الطلبة المسيحيين يدرسون هذه المناهج ويحصلون على الدرجات فهل هم مقتنعون بذلك ؟ وهكذا الحال بالنسبة لنا نسمع بالأذن اليمين وتخرج من الأذن اليسار كل ما لا يوافق عقيدتنا وثقافتنا الدينية والتاريخية

    • زائر 17 زائر 1 | 10:14 ص

      الفكرة من المقال

      هو المكون الآخر لان الناس أعداء ما جهلوا

اقرأ ايضاً