العدد 4285 - السبت 31 مايو 2014م الموافق 02 شعبان 1435هـ

دور الإعلام الاقتصادي في تنشيط سوق الإعلانات التجارية

ندوة " الإعلام الاقتصادي البحريني والمرحلة المقبلة"

فندق كراون بلازا (مركز المؤتمرات) - الاثنين 17 أغسطس 2009

 

 

في العام 2006 عقدت الأمم المتحدة والبنك الدولي مؤتمرا عالميا حول دور الإعلام في التنمية الاقتصادية، وخلص المؤتمر الى ان الإعلام يعتبر إحدى دعائم التنمية الاقتصادية، وبما ان الامم المتحدة اعترفت في العام 1993 ب "الحق في التنمية"، فان الإعلام التنموي أصبح حقا لجميع المجتمعات.

وإذا كان الإعلام يلعب دورا في التنمية، فان ذلك يعني لهذا الإعلام أصول ومكونات وإمكانات ورؤية، لكي يكون متكاملا في عملية التنمية الاقتصادية، وعليه فان تنظيم غرفة تجارة وصناعة البحرين ومجلس التنمية الاقتصادية لندوة حول ""الإعلام الاقتصادي البحريني والمرحلة القادمة"" يعتبر خطوة مهمة باتجاه تعزيز دور الإعلام ليكون داعما للاقتصاد الوطني.

واذا كنا سنتحدث عن "دور الإعلام الاقتصادي في تنشيط سوق الإعلانات التجارية"، فانه يتوجب علينا النظر الى مفهوم الاعلانات التجارية. فالاعلانت لها مهمة محددة، وهي تعريف المتلقي لها بمنتج، سلعة، خدمة، أو فكرة، واقناع المتلقي بان ماهو متوفر يلبي رغبة، أو يسد حاجة من يقرأ، يشاهد، او يسمع الاعلان. والترغيب الذي يطرحه الاعلان بان المنتج او الخدمة لديها مميزات تنافسية تتفوق على ما تعرضه السوق.

وعليه، فان أي مجتمع لديه إعلانات فهو مجتمع متطور، لان الإعلان ما هو الا المحصلة النهائية لما يمكن إنتاجه وعرضه، وهذا يعني ان هناك مسيرة انسانية متحضرة سبقت وجود الاعلان، لان الانسان المتحضر يبحث دائما عن الجديد ويسعى لمزيد من المعرفة ويرب في الحصول على كل ما يحتوي معاني الجمال الحضاري.

ولذا فان حجم الاعلانات في أي بلد يعتبر احد مؤشرات التطور الحضاري والرقي المجتمعي في أي بلد، وهذا مايفسر الزخم الاعلاني الذي نشاهده في المجتمعات التي لديها تقدما ملحوظا في نشاطها الاقتصادي.

ولو نظرنا الى حجم الإنفاق الإعلاني في البحرين فسنجد ان مستوى الانفاق لازال يراوح في مكانه منذ العام 2004 وحتى الان ، وذلك في حدود 120 مليون دولار سنويا موزعة على جميع وسائل الإعلام. بل ان العام 2004 ضهد طفرة كبيرة لازلنا لم نتخطاها لحج الان، وكانت تلك الطفرة الاعلانية قد نتجت عن تحرير سوق الاتصالات في ذلك العام.

هناك اذن مسببات كبرى لحجم سوق الإعلانات في أي بلد، ونرى ان التنافس بعد تحرير قطاع الاتصالات انعكس على حجم الانفاق الاعلاني في 20004،كما ان القوانين في بلد ما قد تفرض نشر الإعلانات بالنسبة للبيانات المالية او التقارير الدورية، وهناك ايضا بلدان تخصص محفزات ومزايا ضريبية لمن ينشر إعلانات وهو مانراه في البلدان التي يقوم اقتصادها على دفع الضرائب من الشركات والأفراد.

وهناك ايضا مسببات ذاخر تتعلق بالعاملين في وسائل الاعلام، وهو ما نود التركيز عليه. فلو راجعنا كيفية تعامل وسائل الاعلام مع القضايا الاقتصادية فسنجد خلطا كبيرا في المفاهيم، وهذا الخلط متداخل الاسباب، ويحتاج الى اصلاح جذري. فالمؤسسات الاقتصادية تعودت على ارسال بيانات صحافية تكتبها دوائر العلاقات العامة بشكل تلميعي، وتتوقع هذه المؤسسات من وسائل الإعلام نشرها على نحو يرضي المسئولة في هذه الشركة او تلك. وفي حال باشرت احدى وسائل الاعلام بتحليل ما صدر عن الشركة المعنية فان المخاطر تصبح جمة، اذ ان أي تحليل مهني قد ينتهي الى نتيجة تنعكس سلبيا على الشركة. وفي هذه الحال فان الشركة تستخدم انفاقها الاعلاني بحيث تقرر معاقبة او مكافأة الوسيلة الاعلامية عبر نشر الاعلانات او الامتناع عن نشرها.

وهناك ايضا ظاهرة أكثر سلبية نراها في البحرين، وهذه الظاهرة مخالفة للاعراف ويعاقب عليها القانون في أكثر البلدان، اذ ان بعض محرر الاخبار غير الاعلانية وكتاب الأعمدة يتقاضون معاشات شهرية من مؤسسات في القطاعين العام والخاص مقابل ان يقوم ذلك المحرر او الكاتب بنشر مقالات تلميعية – دعائية لصالح الطرف الذي يدفع المال من أجل ذلك.

وتأسيسا على ما ذكر أعلاه، الإعلام الاقتصادي يمكنه ان يلعب في تنشيط سوق الإعلانات التجارية من خلال النظر الى الأمور التالية:

1 - ان من مسئولية الصحافة المستقلة (وهي تمثل مكونا رئيسيا لوسائل الإعلام) ان تتعامل مع الأخبار الاقتصادية بمسؤولية وطنية، بحيث توجه التغطيات والتحليلات لتعزيز القطاعات الكبرى التي يعتمد عليه ازدهار البلاد، ولكن في الوقت ذاته يجب ان تؤدي هذا الواجب على اساس المصداقية والموضوعية في التعاطي مع مصالح الناشطين في الاقتصاد، ومصالح المواطنين والمستهلكين.

2 – تنمية العلاقات مع مؤسسات القطاعين العام والخاص لفصل مواد التحرير الإعلاني والتلميع الذي تقوم به دوائر العلاقات العامة، عن مواد التحرير يتوجب عليها الالتزام بالمهنية والحيادية والموضوعية.

3- منع ظاهرة كتابة المقالات والأعمدة مدفوعة الأجر، لان في ذلك انحطاط لقيمة الكلمة ولحرية الضمير، لاسيما وان الرأي الإنساني يجب أن يكون خارج عملية البيع والشراء.

4 – السعي الى تنظيم قطاع الإعلانات على أسس وقوانين السوق، بحيث ترتبط عملية نشر الإعلانات بمدى انتشار المطبوعة او الوسيلة الإعلانية. وحاليا لا توجد مؤشرات وطنية وعلمية ومدققة يمكن الاعتماد عليها كما هو الحال في البلدان المتطورة.

5 – ربط الجهد الإعلامي برؤية البحرين 2030 وذلك من خلال إقامة علاقات تعاون متينة بين الجمعيات المهنية المعنية بقطاع الاعلان (مثل جمعية المعلنين البحرينية) مع مجلس التنمية الاقتصادية وغرفة تجارة وصناعة البحرين، على ان تكون نتيجة ذلك توعية مختلف القطاعات الاقتصادية بأهمية الإعلان وبدوره في تنشيط عملية التنمية المستدامة القائمة على تحقيقي في كيفية التعاطي مع احتياجات وطموحات ومشكلات قطاع الاقتصاد والأعمال من جانب، وموازنتها مع احتياجات وطموحات المواطنين والمستهلكين للمنتجات والسلع والخدمات والأفكار التي تعرضها المؤسسات الاقتصادية اعتمادا على مبادئ التنافسية التي يقوم عليها اقتصاد السوق، وذلك بحسب ماتطرحه رؤية البحرين 2030.

لقد وجدت "برايس ووتر هاوس كوبرز" في دراسة لها في مايو 2009 حول فعالية الدعاية عبر وسائل الإعلام ان زيادة الدعاية في وسائل الإعلام يؤدي إلى تفضيل المستهلكين لعلامات تجارية دون أخرى وان ذلك ينعكس مباشرة على المزيد من المبيعات للمنتجات التي تحمل تلك العلامة. وتعرضت الدراسة الى تجربة سبعة مجالس وطنية معنية بتطوير السفر والسياحة في بلدان عدة ، ووجت ان زيادة الإنفاق الإعلاني 10 في المئة (فوق المعدل المشترك بين هذه الجهات التي تم دراستها وهو 3 ملايين دولار سنويا) يؤدي إلى زيادة اجتذاب المسافرين بنحو 70 ألف سائح سنويا إلى الوجهة التي يتم الإعلان عنها.

كما ثبتت الدراسة ان الإنفاق الإعلاني على العلامات التجارية الفاخرة يتماشى بصورة طردية مع ازدياد او انخفاض المبيعات، وذلك بحسب بيانات المسح لأكثر من 85 علامة تجارية ، وهو ما يؤكد العلاقة إيجابية بين نفقات الدعاية والعلامة التجارية المفضلة.

ان الإعلانات في وسائل الإعلام هي قناة إستراتيجية للوصول إلى القيمة المرتفعة لدى المستهلكين ، كما ان سوق الإعلان أصبح الوسيلة التي تستخدمها البلدان والمؤسسات المهمة بصورة استراتيجة لإعادة صوغ هويتها، وهذا كله يعني ان البحرين بحاجة الى إعادة النظر في إستراتيجيتها نحو سوق الإعلان الذي لم يشهد تغييرا في مستوى الانفاق منذ العام 2004، وهذه مسئولية مشتركة يضطلع بها الجميع، ووسائل الإعلام يمكنها ان تلعب دورها من خلال الخطة الوطنية الشاملة.

العدد 4285 - السبت 31 مايو 2014م الموافق 02 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً