العدد 4287 - الإثنين 02 يونيو 2014م الموافق 04 شعبان 1435هـ

رؤية مستقبلية للارتقاء بالتعليم الأساسي في الوطن العربي

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

انعقد بالجمهورية التونسية أيام 27 و28 و29 مايو / أيار الماضي المؤتمر التاسع لوزراء التربية والتعليم العرب. ولعل من أبرز ما يمكن الاهتمام به والتأمل فيه بعمق الوثيقة الرئيسية للمؤتمر والتي حملت عنوان: «رؤية مستقبلية للارتقاء بالتعليم الأساسي في الوطن العربي».

وقد ضمت الوثيقة، المتكونة من 90 صفحة، بين دفتيها، مقدمة وجزءين مطولين تخللتهما أربعة جداول وستة عشر رسما بيانيا. وقد انطلقت الوثيقة من فرضية الارتباط السببي بين جودة التعليم الأساسي وارتفاع المؤشرات التنموية والاجتماعية والمعرفية الأخرى.

واستعرضت الوثيقة في مقدمتها المبادئ الأساسية المؤطرة لمستقبل التعليم الأساسي في البلدان العربية والتي منها وصول التعليم للجميع، القضاء على الإقصاء بتبني مقاربة التعليم الجامع القائم على حق الجميع في تعليم جيد يلبي احتياجات مختلف المتعلمين، القضاء على التميز، تكافؤ الفرص، حماية الطفولة وضمان التنمية الشاملة للأطفال، التضامن ومسئولية الدول.

وما يمكن ملاحظته هو تقاطع هذه المبادئ مع ما جاء في معظم لوائح ونصوص منظمة اليونسكو بشأن التصورات المحتملة أو المرغوب فيها لمدرسة المستقبل كما جاء في تقريرها الشهير المعروف باسم «التعلم ذلك الكنز المكنون» والذي قامت بإعداده اللجنة الدولية المعنية بالتربية في القرن الحادي والعشرين، وبعد اعتماده من اليونسكو صار الأساس الذي تهتدي به الدول في القيام بالإصلاحات والتجديدات التربوية والتعليمية لتتهيأ مع مطالب القرن الـ21.

كما تطرقت الوثيقة في مقدمتها المكتنزة إلى تحديين تواجههما منظومة إصلاح التعليم الأساسي وتطويره في العالم العربي؛ أما الأول فهو تحدي المؤشرات المتواضعة للمعرفة حيث لاتزال «الفجوة المعرفية كبيرة بين واقع المنطقة العربية وما يدور في العالم المتقدم من حولنا» كما جاء في التقرير العربي للمعرفة (2014)، ذلك أن «مؤشرات المعرفة تبين أن الواقع العربي بشكل عام مازال بعيدا عن الوصول إلى مستويات معرفية تمكنه من تحقيق اقتصاد المعرفة اللازم لتحقيق التقدم بديلا عن أنماط التنمية الحالية». كما جاء في الوثيقة ص12.

وأما التحدي الثاني فهو توطين المعرفة وتطوير الذكاء، إذ أبانت مشاركة معظم الطلبة العرب منذ 2003 في الاختبارات العالمية (TIMSS&PISA) عن ضعف معدلات أداء الطلاب العرب بلا استثناء؛ حيث كانت نتائج طلاب الدول العربية المشاركة أقل من المعدل العالمي في المهارات الأساسية (القرائية والثقافة الرياضية والعلمية) مع نقص واضح لدى أعداد كبيرة من التلاميذ في سن 15 سنة في الإلمام بالتكنولوجيا الرقمية وكفاية استخدام الكمبيوتر.

ومثل هذه المعدلات، وغيرها من نتائج المسوحات الميدانية التي تم إجراؤها في إطار تقرير المعرفة العربي، «من شأنها أن تبعث على القلق وخاصة إذا نظر إليها من زاوية بناء القدرات لنقل المعرفة وتوطينها»، ذلك أن أكبر تحد يواجه التعليم ما قبل الجامعي بشكل عام، والأساسي تحديدا، بحسب الوثيقة دائما (ص14)، هو في ربط العلاقة بين المعرفة من ناحية والتوطين (الإبداع المعرفي محليا) وعلاقة المعرفة التعليمية بالعمل».

إضافة إلى هذه المقدمة بالغة الأهمية، احتوت الوثيقة الرئيسية للمؤتمر التاسع لوزراء التربية والتعليم العرب فصلا أول تناول بإفاضة تشخيص واقع التعليم الأساسي في البلدان العربية معتبرا أن التحولات الديمغرافية للأطفال في سن التمدرس في التعليم الأساسي في البلدان العربية تقدم فرصة تاريخية لمراجعة التجارب السابقة التي راهنت على التوسع الكمي لفائدة تحسين الجودة النوعية، وبالتالي التحول من الرهان الكمي إلى رهان النوعية.

كما تناول تشخيص الواقع، من بين ما تناول، أوضاع ما بين الجدران الصفية حيث سجلت بارتياح التقليل الحاصل في نسبة عدد التلاميذ على المعلمين، لكن الوثيقة لم تخف قلقها من تدني استقطاب التعليم التقني للتلاميذ ما جعله الحلقة الأضعف في منظومة إصلاح التعليم الأساسي في الوطن العربي. ولم يهمل التشخيص قضية تمويل التعليم الأساسي بل أكد الحاجة الماسة إلى المزيد من النجاعة في قضية التمويل.

واهتم الجزء الرئيسي الثاني من الوثيقة بمستقبل التعليم الأساسي في الوطن العربي مبرزا الموجهات الضرورية للعمل من أجل تعليم أساسي جيد للمستقبل، كما استعرضت الوثيقة السيناريوهات والمشاهد الممكنة لمدرسة المستقبل متنقلة بين سيناريو المدرسة الملجأ وسيناريو المدرسة السوق وسيناريو المدرسة المستودع وأخيرا، وهو ما نتمناه، سيناريو المدرسة الذكية.

وفي عنصر أخير استعرضت الوثيقة الرؤية المستقبلية للارتقاء بالتعليم الأساسي في الوطن العربي (والتي تحتاج إلى عرض وتحليل مستقل نظرا لأهميتها)، إذ هي تقوم على جملة من المبادئ الكبرى لعل من أبرزها المراهنة على اللغة العربية وتطويرها كلغة تعليم وتعلم مع الانفتاح على اللغات الأجنبية السائدة والصاعدة (اليابانية والصينية)، والعمل على جعل حقوق الإنسان والمواطن من بين معايير تطوير المحتوى والمناهج فضلا عن العمل على احترام التنوع الفكري والثقافي واعتبار ذلك عامل إثراء للوحدة والمصير المشترك.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 4287 - الإثنين 02 يونيو 2014م الموافق 04 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 3:04 ص

      ارتياح من التقليل الحاصل في نسبة عدد التلاميذ على المعلمين،

      يا ريت يزيد ينقص اكثر
      الصفوف متروسة وايد

    • زائر 5 | 5:01 م

      هذا التحدي الأخطر

      التحدي الثاني فهو توطين المعرفة وتطوير الذكاء، إذ أبانت مشاركة معظم الطلبة العرب منذ 2003 في الاختبارات العالمية (TIMSS&PISA) عن ضعف معدلات أداء الطلاب العرب بلا استثناء؛ حيث كانت نتائج طلاب الدول العربية المشاركة أقل من المعدل العالمي في المهارات الأساسية (القرائية والثقافة الرياضية والعلمية) مع نقص واضح لدى أعداد كبيرة من التلاميذ في سن 15 سنة في الإلمام بالتكنولوجيا الرقمية وكفاية استخدام الكمبيوتر.

    • زائر 4 | 7:04 ص

      توقيت المؤتمر التاسع لوزراء التربية والتعليم العرب

      خوش توقيت ويّ الامتحانات في كل دول عالمنا العربي

    • زائر 2 | 3:59 ص

      أيه والله يحتاج

      نعم يحتاج التعليم الأساسي إلى مراجعة شاملا

    • زائر 1 | 12:23 ص

      رؤية مستقبلية للارتقاء بالتعليم الأساسي في الوطن العربي

      شكرا أن جعلتنا نواكب مخرجات هذه الدورة التاسعة
      وربما بعضنا من التربويين لم يسمع بها

اقرأ ايضاً