العدد 4308 - الإثنين 23 يونيو 2014م الموافق 25 شعبان 1435هـ

الشباب العربيّ... يخترع

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

في الوقت الذي ضاق فيه صدري بأخبار الحرب بين الشباب العربي، وبأخبار من يتسابقون على دخول الجنة على جثث بعضهم بعضاً، وفي الوقت الذي يكتفي فيه البعض الآخر من شبابنا بالوقوف على أطلال بطولات الأجداد في الماضي التليد فيتغنّون بالاكتشافات والاختراعات التي ساهم بها العرب والمسلمون في تراكم المعرفة الإنسانية، في مثل هذا الوقت، تتسابق الدول الأخرى وتتفانى في حصد مزيد من براءات الاختراع وركوب قاطرة التقدم العلميّ فيزداد قلبي لوعة على هذا الشباب العربي.

غير أن بصيصاً من الأمل لايزال معقوداً على زمرة من شبابنا العربي أبَى اليوم إلاّ أن يقول: «أنا أخترع إذن أنا موجود». نعم قالوها وفعلوها؛ حصدوا الذهب والفضّة وذلك ضمن إحدى أكبر الفعاليات العالمية (معرض إنبكس العالمي للاختراعات) الذي أقيم في الولايات المتحدة الأميركية في ولاية بنسيلفانيا، وذلك في الفترة من 17 إلى 20 يونيو الجاري.

نعم؛ فازت المخترعة البحرينية الشابة أمينة الحواج بالميدالية الذهبية كأفضل مخترعة على مستوى العالم وحازت لقب «مخترعة العام»، وبدوره تحصل الشاب التونسي علي المزهودي على الميدالية الفضية في ذات المسابقة. وقد تحصلا على المرتبة الأولى والثانية من بين قرابة 350 شاباً مخترعاً من مختلف دول العالم تنافسوا في المسابقة، وذلك بعد أن تم اختيارهم إثر عملية فرز حيث بلغ عدد المخترعين المشاركين في المعرض هذا العام قرابة 1500 مخترع من دول العالم، ووصلت التصفيات إلى ترشيح 40 مخترعاً فقط للجوائز العالميّة، وتمّ اختيار الفائزين بالمراكز الأولى من خلال لجنة تحكيم دولية.

وقد أوفت المخترعة البحرينية الشابة أمينة الحواج بما وعدت حين أقسمت أمام حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، بأن ترفع اسم مملكة البحرين عالياً في جميع المحافل العلمية، وقد سبق لأمينة الحواج أن حصدت ثلاث جوائز من معرض أرخميدس للاختراعات في موسكو كأفضل عالمة شابة للعام 2014، وألماسية المنظمة البريطانية العالمية للاختراعات كأفضل مخترع على مستوى العالم 2013، كما فازت بجائزة أفضل مخترعة في العالم للعام 2011 مقدمة من المنظمة العالمية للملكية الفكرية، ونالت المركز الأول لفئة الإبداع العلمي لجائزة الشيخ ناصر بن حمد للإبداع الشبابي 2011.

إنّ فوز أمينة الحواج بالذهبية وعلي المزهودي بالفضية، يؤكد الطاقات الخلاقة التي تزخر بها أمتنا العربية بين الجنسين، ولا يحتاج هؤلاء إلاّ إلى توفير الظروف الملائمة لهم حتى يزدادوا عطاء. وجدير بالذكر أنّ ما وصل إليه المتسابقان ليس بالغريب ولا الجديد على شبابنا العربي، فالأمثلة متعدّدة على براءات اختراع عربية في العقدين الأخيرين، ويكفي أن أذكر هنا الشاب عبدالله محمد شقرون مزداد، وهو مخترع مغربي، إذْ على الرغم من سنه الصغير فقد سجل براءة 25 اختراعاً في مختلف المجالات، بعضها على علاقة وثيقة بعالم ميكانيكا السيارات، والبعض الآخر على علاقة بالمجال الطبي والعسكري، فقد درس محركات الطائرات والبواخر وقدم في العام 2002 اختراعه المعروف باسم «المحرك الدوّار»، وحصل على براءة اختراع في العام 2005 وسجل كأصغر مخترع في مجال السيارات يقدم ابتكاراً جديداً بهذا الحجم. وقد كان آخر مشاريعه التي يعمل عليها آلة لتنظيف الجهاز الهضمي في وقت قصير لا يتخطى عشر دقائق.

إذن؛ في الوقت الذي توصف فيه البلدان العربية، في كثير من الأحيان، بأنها بلدان غير مبتكرة وغير تنافسية، مقارنة مع البلدان الصناعية الناشئة على وجه الخصوص، تقدّم هذه الزمرة الطيبة من الشباب العربي الدليل القاطع على بطلان هذه المقولة، وتؤكد على ضرورة التشجيع على الإبتكارية في صفوف الشباب بوصفه خياراً استراتيجيّاً للأمة العربية لا مهرب منه؛ فمع توقع انتهاء النفط والغاز في العقود القليلة المقبلة، فإنه سيتعيّن على البلدان العربية أن تأخذ الدروس والعبر وتستثمر في أنفس مورد لها، ألا وهو رأس المال البشري، فتحفّز الشباب على الابتكار والريادة وإحداث التغيير بشكل مستمر.

وفي هذا الإطار، سارعت مملكة البحرين إلى جعل هذا الخيار حقيقة واقعية بوضع قوانين تساعدها على الاستثمار في الموارد البشريّة (قانون رقم 27 لسنة 2005 المتعلق بشئون التعليم)، وبرفع شعار طموح في رؤيتها الاقتصادية البحرين 2030 «من الريادة إقليمياً إلى المنافسة عالمياً»، وها أنّ الشابة المخترعة أمينة الحواج تنافس وتنتصر وتحوّل الشعار إلى واقع، والمستحيل إلى ممكن. فإلى الأمام يا أمينة ومزيداً من الابتكارات والانتصارات بإذن الله.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 4308 - الإثنين 23 يونيو 2014م الموافق 25 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 12:30 ص

      ما شاء الله

      نعم؛ فازت المخترعة البحرينية الشابة أمينة الحواج بالميدالية الذهبية كأفضل مخترعة على مستوى العالم وحازت لقب «مخترعة العام»، وبدوره تحصل الشاب التونسي علي المزهودي على الميدالية الفضية في ذات المسابقة. وقد تحصلا على المرتبة الأولى والثانية من بين قرابة 350 شاباً مخترعاً من مختلف دول العالم تنافسوا في المسابقة، وذلك بعد أن تم اختيارهم إثر عملية فرز حيث بلغ عدد المخترعين المشاركين في المعرض هذا العام قرابة 1500 مخترع من دول العالم،

    • زائر 5 | 5:02 م

      برافو

      من انتصار إلى آخر

    • زائر 4 | 7:04 ص

      كلمة حق

      إنّ فوز أمينة الحواج بالذهبية وعلي المزهودي بالفضية، يؤكد الطاقات الخلاقة التي تزخر بها أمتنا العربية بين الجنسين، ولا يحتاج هؤلاء إلاّ إلى توفير الظروف الملائمة لهم حتى يزدادوا عطاء.

    • زائر 3 | 4:43 ص

      إلى الأمام

      شكرا للشباب العربي على هذا الإنجاز
      كفوا وفو

    • زائر 2 | 12:30 ص

      شكرا على هذا التشجيع

      باسم الشباب البحرين الطموح نشكرك على هذا المقال الذي يشجع ويرفع المعنويات

    • زائر 1 | 12:17 ص

      إلى الأمام يا....

      فإلى الأمام يا أمينة ومزيداً من .... وما حظ الشاب التونسي علي المزهودي ؟!!!!!

اقرأ ايضاً