العدد 4313 - السبت 28 يونيو 2014م الموافق 29 شعبان 1435هـ

مدير مختبر الكيمياء الحيوية في مركز الأميرة الجوهرة للطب الجزيئي: فحص «الوليد» يقي من الأمراض ومضاعفاتها

أكد مدير مختبر الكيمياء الحيوية الوراثية بمركز الجوهرة للطب الجزيئي وعلم المورثات والأمراض الوراثية، الدكتور جمال قلبهار، أن الفحص المبكر لحديثي الولادة يساهم في الوقاية من العديد من الأمراض ومضاعفاتها من خلال أخذ عينة مقدارها أقل من قطرة دم في أول ساعات الولادة.

وكشف عن قدرة المركز المزود بأحدث الأجهزة على تحليل عينات الدم التي تأخذ من الأطفال حديثي الولادة في وقت قصير، وإرسال النتائج للطبيب المختص إذا بينت إصابة الطفل بمرض معين لوضع بروتكولات علاج مناسبة.

بأقل من قطرة دم

وأوضح الأستاذ المشارك بقسم الطب الجزيئي جامعة الخليج العربي د. جمال قبلهار خلال لقائه مع «الوسط الطبي» أن مركز الجوهرة ومن خلال ما يمتلكه من خبرات وأجهزة متطورة يستطيع أن يجري خدمات الفحص المبكر للأطفال حديثي الولادة. وقال: «إن الفحص يجرى عبر أخذ عينات من الأطفال بعد ولادتهم في الفترة بين 24 و48 ساعة، من القدم. ثم ترسل لنا في المركز ونقوم بإجراء الفحوصات عليها واستخلاص النتائج في وقت قصير».

وشرح اختصاصي مختبر الكيمياء الحيوية في المركز الدكتور دياب الطيب الطريقة العملية لأخذ العينة من الطفل، وقال: «بعد تحويل الطبيب وأخذ موافقة الوالدين، خصوصاً اللذين يعانون من ظروف نادرة ترجح إصابة المولود بمرض وراثي، يقوم الاختصاصيون بأخذ عينة دم عن طريق وخز كعب قدم الطفل بأداة خاصة، ومن الطبيعي أن تكون الوخزة غير مريحة للطفل لكنها ضرورية لسلامته»، مضيفاً أنه يمكن إجراء اختبارات إضافية إذا تطلب الأمر ذلك بعد أخذ موافقة الوالدين.

وأكد د. الطيب أن «العينة توضع على بطاقة خاصة ترسل للمختبر، ونحن بدرونا نسارع بفحص العينة وإرسال التقرير للطبيب والمستشفى في أقل من 24 ساعة».

ولفت د. الطيب إلى أن «الفحص العادي لا يغني عن الفحص المبكر؛ إذ إننا نستطيع من خلال الفحص الكشف عن أمراض نادرة وتشكل خطورة على الطفل مثل الأمراض الاستقلابية ومنها بِيلَةُ الفينيل كيتون، وجود الغالاكتوز في الدم الغالاكتوزيميا، وعوز البيوتينيداز، ومرض «عَوَزْ نازِعة هيدروجين تَميم إنزيم الأسيل المتوسط السلسلة»»، مضيفاً أن الفحص يكشف كذلك «عن الأمراض الهرمونية كقصور الوظيفة الدرقية الخلقي، وفرط تَنَسُّج الكَظَر الخلقي. إضافة إلى الكشف عن أمراض الدم الوراثية كمرض فَقر الدم المِنْجَلي».

ويوضح د. الطيب أنه من الصحيح أن كل هذه الأمراض نادرة في حد ذاتها، ولكنها مجتمعة تصيب طفلاً من كل 1500 طفل، ولذلك فالفحص الوقائي مهم جداً.

وقال مدير المختبر د. قبلهار إن «أي حالة يثبت فيها وجود مرض أو تكون مشتبه فيها نسارع بعد ظهور النتائج بإخطار الطبيب في المستشفى لوضع بروتكولات علاج مناسبة».

وشدد على أهمية الفحص، وأضاف: «وفقاً لدراسة أعددتها في مركز «الجوهرة» تبين أن نسبة الأمراض الوراثية أو الاستقلابية مرتفعة في البحرين وتبلغ حالة مرضية من كل 16 ألف مولود مقارنة بالمعدلات العالمية التي تبلغ حالة لكل 185 ألف مولود»، مشيراً إلى أن ارتفاع النسبة يرجع في أغلب الحالات إلى زواج الأقارب، وهذا ما أثبتته الدراسة.

وأوضح أن سبب انتقال المرض للطفل يرجع إلى أن الوالدين أو أحدهما يكون في الغالب حاملاً لهذه الأمراض التي قد تصيب الأبناء عن طريق الانتقال الوراثي.

نتائج مذهلة

وعن أهمية الفحص ونتائجه المرجوة، قال د. قلبهار: «تكمن أهمية الفحص إذا عرفنا أن بعض هذه الأمراض إذا لم تكتشف بشكل مبكر ستؤدي مضاعفاتها إلى أعراض خطيرة على صحة الطفل، فقد يصاب الوليد بتخلف عقلي، أو إعاقة، أو لا قدر الله يتوفى الوليد خلال 3 - 4 أيام».

وبيّن أن «هذه الأمراض يمكن كشفها منذ اليوم الأول، وتكون إمكانية العلاج متاحة أمام الطبيب المعالج؛ لأنه يستند إلى نتائج فحوصات مخبرية عالية الدقة، وبذلك نتجنب أي مضاعفات خطيرة تؤثر على صحة الطفل».

ولفت إلى أن الأمراض الاستقلابية هي الأمراض التي تمنع الجسم من الاستفادة من الغذاء عبر نقص الأنزيمات أو تعطيل عملها في تحليل الأحماض الأمينية، أو البروتينات، لأجزاء يستطيع الجسم الاستفادة منها، موضحاً أنه «في حال تعطل الأنزيمات تتخزن هذه المواد بصورتها الأولية بشكل يضر الجسم وأعضاءه، كالدماغ؛ فيؤدي ذلك للتخلف العقلي أو الإعاقة أو غيرها من المضاعفات التي يمكن علاجها عن طريق الغذاء».

وأشار إلى أن استمرار إرضاع الوليد المصاب بمرض استقلابي سيؤدي إلى مضاعفات خطيرة جداً، يمكن للطبيب منعها من خلال إعطائه الحليب الذي يتناسب مع حالته.

وقال مدير مختبر الكيمياء الحيوية الوراثية بمركز «الأميرة الجوهرة»: «نسعى في المركز للتعاون مع وزارة الصحة في مملكة البحرين لتأسيس برنامج وطني لفحص الأطفال حديثي الولادة»، موضحاً أنه «إذا نجح البرنامج المرتقب سيكون له العديد من الفوائد على مختلف الأصعدة؛ إنسانياً سيخفف من معاناة الأطفال من الأمراض أو مضاعفاتها، كما أنه سيكون له مردود نفسي على الوالدين والأسرة التي لن تصاب بالضغوط النفسية جراء إصابة فلذة كبدها بأمراض خطيرة ومزمنة». وأما على صعيد الصحة العامة والصعيد الاقتصادي أيضاً، قال: «سيحسن البرنامج من مستوى الصحة العامة للمواليد وسيقلل من وفيات المواليد الجدد، وهو ما سيوفر موزانات تخصص في علاج أمراض يمكن الوقاية منها ومن مضاعفاتها».

وأوضح: «كل هذه النتائج تأتي من التدخل العلاجي المبكر الذي يقدم على أساس الفحص المختبري الذي يجرى في فترة لا تتجاوز 48 ساعة من عمر الطفل».

من جهته أشار د. الطيب إلى أن الدول الغربية والولايات المتحدة تغلبت على العديد من الأمراض من خلال إلزامية فحص المواليد حديثي الولادة.

وأيد ذلك د. قلبهار، وأضاف أن «الدول الغربية لا تصدر شهادات الميلاد للأطفال الذين لم يجروا هذا الفحص، وذلك تشديداً منها على أهميته».

التعريف بالبرنامج

وعن تطبيق البرامج في دول الشرق الأوسط، قال د. قلبهار إن «هناك العديد من العقبات التي تؤخر صدور قرارات تلزم ببرنامج الفحص المبكر لحديثي الولادة، على رأسها كلفة البرنامج، والعوامل الثقافية، والتشريعات الصحية»، مشيراً إلى أنه «يجب على عيادات الحوامل أن تثقف الأمهات بضرورة هذا الفحص، وأن تزودهن بنشرات تحثهن على إجرائه لأبنائهن».

وأضاف أن «مركز الجوهرة بدأ في تقديم خدماته في الفحص المبكر لمستشفى البحرين التخصصي، ومستشفى عوالي. كما نقدم هذه الفحوصات أيضاً لبعض العينات التي تأتينا من مجمع السلمانية الطبي، ومستشفى قوة الدفاع، ومستشفى الملك حمد الجامعي».

وحول قدرة المركز على إجراء الفحص على المواليد في البحرين، أكد أن المركز يستطيع القيام بذلك. وقال: «متوسط عدد المواليد في البحرين يبلغ نحو 15 ألف مولود سنوياً، ونحن في المركز نستطيع إجراء ألف فحص في المختبر يومياً، فلدينا طاقة استيعابية تمكننا من فصح جزء كبير من المواليد في دول الخليج».

وأوضح أن الفحص يعد اللبنة الأولى في أي برنامج علاجي، فمن المهم جداً متابعة الحالات المرضية. وقال: «بعد اكتشاف العينات المرضية نرسل التقرير للطبيب المعالج كما أسلفت، وبدوره يقدم العلاج المناسب للطفل ويرسل عينة أخرى بعد يومين للتأكد من سلامة العلاج».

وشدد على أهمية إنشاء شبكة مترابطة وقوية بين الطبيب والمختبر والمستشفيات، والأهل، قائلاً: «أعتقد أن هذه النقطة لن تكون عائقة لنا في البحرين إذا ما طبق البرنامج على المستوى الوطني».

الوقاية والمستقبل

وحول طريقة وقاية الأطفال من الإصابة بالأمراض الوراثية أو الاستقلابية، أجاب: « من خلال المختبرات الجينية في مركز الأميرة الجوهرة التي تعمل على فحص الـ DNA للوالدين الراغبين في الإنجاب، وخصوصاً إذا كان هناك سجل أمراض وراثية في العائلة»، لافتاً إلى أنه «بعد فحص الـ DNA نتأكد من أن المولود القادم خالٍ من أي أمراض وراثية انتقلت له من الوالدين».

وعن الطموح المستقبلي للمركز في هذا الشأن، قال د. قلبهار: «نطمح في مركز الجوهرة أن تطبق دول الشرق الأوسط برامج الفحص المبكر لحديثي الولادة، ونتمنى أن نرى هذه البرامج الوطنية مطبقة في دول مجلس التعاون الخليجي قريباً»، مشيراً إلى استعداد المركز «لمساعدة دول التعاون عبر إجراء الدراسات والأبحاث والتدريب في مجال الفحص المبكر».

وقال إن المركز سيستقبل المؤتمر الرابع للجمعية الدولية للفحص المبكر في أبريل المقبل، مشيراً إلى أن المؤتمر سيشهد حضور نخبة من الخبراء الدوليين في المجال، وأنه «سيكون أحد أدواتنا في إقناع اصحاب القرار في دول مجلس التعاون بأهمية تطبيق برامج الفحص المبكر الإلزامي».

ومن جهته أفاد الدكتور هيثم الحجار مدير الاعمال بمركز الأميرة الجوهرة أن «المملكة العربية السعودية قامت ومنذ العام 2003 بإجراء أبحاث مهمة بالنسبة لهذا الموضوع، ومن المتوقع أن يلزم مجلس الضمان الصحي شركات التأمين العاملة في السعودية على تغطية الفحص الذي سيكون إلزامياً في الأول من شهر يوليو المقبل».

ويأمل الأستاذ المشارك بقسم الطب الجزيئي جامعة الخليج العربي د. جمال قبلهار أن يصبح مركز الجوهرة للطب الجزيئي وعلم المورثات والأمراض الوراثية مركزاً إقليمياً للفحص المبكر لحديثي الولادة.

العدد 4313 - السبت 28 يونيو 2014م الموافق 29 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً