العدد 4318 - الخميس 03 يوليو 2014م الموافق 05 رمضان 1435هـ

زهرة مصطفى... قصة قدر وسيرة كفاح

أمضت جل حياتها العملية في الحقل التعليمي والتربوي، فكانت الشمعة التي تحترق كي تضيء مشاعل العلم والثقافة وتساعد في القضاء على الأمية التي كانت سائدة في بلدها الثاني والذي أصبح لاحقاُ الأول (البحرين).

جاءت من ضيعة لبنانية إلى البحرين منذ أكثر من خمسين عاماً بقليل، إذ لم تكن هناك أية مدرسة للبنات في قرى البحرين. بالإضافة إلى أن تعليم البنت البحرينية آنذاك كان يعتبر من المحرمات، لتكون مهمتها هي المساهمة في تغيير تلك النظرة السائدة آنذاك، ووضع اللبنات الأولى في معالم خريطة تعليم البنت البحرينية، «الوسط» أجرت لقاء مع زهرة مصطفى عن مراحل حياتها في البحرين:

كيف، ومتى كانت البداية؟

- في نهاية الخمسينات من القرن الماضي، وكان ذلك في العام 1958، حيث ساقتني الأقدار إلى المنطقة الشمالية من جزيرة البحرين وتحديداً جدحفص.

هل واجهت صعوبات في تلك الانطلاقة؟

- في ذلك الوقت لم تكن هناك أية مدرسة لتعليم البنات في مجمل قرى البحرين الشمالية، والأصعب من ذلك هو التصور السائد آنذاك بأن التحاق البنت البحرينية بأية مؤسسة خارج نطاق المنزل يعتبر من المحرمات.

كيف كانت الانطلاقة إذاً، في ظل المعوقات التي واجهتها حينها؟

- لقد تربيت على الايمان بالله ورسوله وبسائر تعاليم الدين، وكنت مؤمنة دائماً بأنه لا بد لهذا الايمان من أن يتعاضد بأهمية التعليم ودوره في بناء شخصية الانسان البحريني، ومن هنا كانت رسالتي التي تحملت في نشرها العناء الكثير والتعب المضني، وواجهت الصعاب الجمة، لكني استطعت التغلب على هذه الصعاب بقوة، إيماناً برسالتي.

وكيف كانت السنة الأولى لك بالتعليم في البحرين؟

- بدأت سنة أولى تعليم في مدرسة الرفاع الشرقي، وكانت تتكون من 6 صفوف وقتها، جميعها للمرحلة الابتدائية، صفان أول، وصفان ثاني ابتدائي وصف واحد ثالث وآخر رابع ابتدائي. مبنى المدرسة كان عبارة عن بيت قديم تملكه عائلة آل فالح ويقع بالقرب من قلعة الرفاع.

وبالإضافة الى تعليم الطالبات قمنا في تلك السنة بالعديد من الرحلات المدرسية وخاصة في موسم دق الحب عند الحنينية في أواخر الربيع من شهري أبريل/ نيسان ومايو/ أيار حيث كنا نتفرج على الناس الذين يقومون بدق الحب الذي كان يزرع في تلك المنطقة في أجران، وكانت الحنينية منطقة خضراء وفيها العديد من ينابيع المياه الطبيعية، وكان الاحتفال بموسم دق الحب يتم بطريقة سنوية ترفيهية حيث كان يتم ذلك على ايقاع دق الطبول والنقر على الدفوف ويصاحب ذلك الغناء والأهازيج الشعبية.

ومتى كان موعد قدَرَك مع مدرسة جدحفص؟

- كان ذلك في (7 نيسان/ أبريل 1958) وكان القصد من افتتاحها قبل نهاية الصيف بـ 3 أشهر اعتبار هذه الفترة تحضيرية لتهيئة الأهالي في المنطقة لفكرة وجود مدرسة لتعليم بناتهم، بالاضافة إلى الاستعانة ببعض وجهاء ورجالات المنطقة الذين كانوا يشجعون على توفير تعليم البنات.

كم كان عدد الطالبات آنذاك؟

- كانت نشرة الأخبار تذاع يوميّاً من الإذاعة وتحتوي أخباراً يومية عن المدرسة الجديدة، وعن عدد الطالبات اللواتي تم تسجيلهن في اليوم، وبالتالي العدد الإجمالي لهن، وكان القصد من الإعلان هو تشجيع الأهالي وحثهم على إرسال بناتهم إلى المدرسة وكان العدد يتزايد يوميّاً حتى وصل إلى 60 طالبة، معظمهن من مناطق جدحفص والسنابس، وعدد قليل من القرى المجاورة.

كم كان عدد طاقم الهيئة التعليمية بالمدرسة وقتها؟

- في البداية كنت أنا و 3 مدرسات فقط نشكل الهيئة التعليمية، أنا مديرة للمدرسة بالوكالة وحصة رحمة وفوزية أمين وحكيمة غلوم مدرسات، جميعهن كن بحرينيات وحاصلات على الشهادة الابتدائية، ولهذا كانت أعمارهن تتراوح بين 13و 15 سنة فقط.

هل حصلت لك مواقف طريفة في المدرسة؟

- نعم، من الأمور الطريفة التي حدثت في العام الأول أنه وعند تسجيل الطالبات كان العدد المسجل 90 طالبة، بينما العدد الفعلي عند قيامنا بعد الطالبات هو 60 فقط، وبعد التدقيق والمراجعة تبين أنه كان من المألوف أن تطلق الأم على ابنتها اسماً والأب يطلق اسماً آخر، أو أن تكون الفتاة تنادى باسم دلع مثلاً خديجة كانت تسمى خدجو، أو زهرة تسمى زهور وتم تعديل التسجيل باعتماد الأسماء الأصلية.

هل حصلت أمور غير عادية في السنة الأولى؟

- من الامور غير العادية التي حدثت في السنة الأولى هو تسجيل أولاد مع البنات في المدرسة، حيث أحضرت احدى الامهات ابنها الصغير معها عندما جاءت لتسجيل بناتها وتمنت علي أن اسجل ابنها أيضاً ووافقت على ذلك. وكان إجمالي عدد الأولاد المسجلين 10 أولاد وكنا نلبسهم المراييل المدرسية ايضاً.

متى بدأت المدرسة بالانتظام الرسمي؟

- كان ذلك في العام 1960 حيث تم تصنيف الطالبات بحسب العمر ودرجة الاستيعاب، وبدأنا بأربعة فصول: أول وثاني ابتدائي وتم إلغاء الروضة، وبعد 3 سنوات تم السماح للمدرسة بتوفير مقصف (كشك) لإعداد وبيع المأكولات.

متى تطور أسلوب العمل التعليمي بالمدرسة؟

- تطور تدريجيّاً ليتناسب مع وضعها في المنطقة ولينافس مثيلاتها من المدارس بالمناطق الأخرى، واستطاعت المدرسة في سنوات قليلة أن تحقق لنفسها موقعاً مهمّاً في المنطقة كمركز تربوي، وتعليمي واجتماعي، فقد حازت ثقة غالبة الأهالي وخاصة الذين عارضوا إنشاءها في البدء خوفاً من أن تكون «بؤرة فساد» لبنات المنطقة، بدأ الاهتمام بتطوير الاسلوب التعليمي داخل المدرسة بالتنسيق والتعاون ووفقاً لخطط وإرشادات إدارة المعارف وقتها. وأصبحت في وقت من الأوقات تحوي طالبات 23 قرية من قرى شارع البديع بمن فيهم طالبات قرية البديع ذاتها.

ماهي أهم التحديات التي واجهتها؟

- خلال عملي واجهت عدة تحديات لا مجال هنا لذكرها كلها، لكني أود ذكر أهمها ربما وهو ما يتعلق بكون المدرسة أول مدرسة للبنات في القرى، ومع ما يتناقض والنظرة الدونية الدائمة التي ينظر بها سكان المدن إلى سكان القرى، حيث كان يطلق على سكان القرى لقب «الحلايل». في البدء لم أكن أعرف معنى هذا اللقب إلى أن تم شرحه لي. كان صعباً جداً اقناع البعض بقدرات بنات «الحلايل» سواء على مستوى التعليم أو لتحقيق معدلات مرتفعة في التحصيل الدراسي، والحمد لله تمكنت مع طالباتي آنذاك من اثبات خطأ هذه النظرية لتكون من بين خريجات المدرسة الدكتورة والأستاذة والصحافية والمهندسة، ويكفي أبناء القرى شرفاً ذلك الانجاز.

كلمة أخيرة عبر «الوسط»...

إذا كانت لي من كلمة أخيرة فإني أرغب بالتقدم بالشكر الجزيل الى أهالي المنطقة وبناتهن اللواتي تعلمن في المدرسة عبر السنوات حيث الاهتمام والترحيب الرائع الذي يحيطونني به في كل مكان أذهب اليه، في المراكز الصحية والمستشفيات والمؤسسات العامة والخاصة والخدماتية يمنحني شعوراً بالرضا والامتنان والسعادة وهوخير دليل على أن البذرة في الارض الصالحة دائماً تنبت الثمرة النافعة وتعود بالخير على الإنسان والوطن.

زهرة مصطفى تهدي الزميل الجدحفصي نسخة من كتابها
زهرة مصطفى تهدي الزميل الجدحفصي نسخة من كتابها

العدد 4318 - الخميس 03 يوليو 2014م الموافق 05 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 9:39 ص

      انا زائر 15

      تعديل على كلام الضرب حرام ولا اؤيد الضرب وخاصه الضرب إلى يسبب اعاقه أو موت
      اني سمعت ان أستاذه إنسان تعطي فقراء

    • زائر 15 | 9:11 ص

      انا لا ادافع عن هذه المراه ولكن

      انا لاادافع عن هذه المرأة فأنا لم أراها شخصيا أو عشت معها ولكن سمعت عنها أنها تعمل الخير وسمعت أيضا عنها أنها كانت تعامل بنات مدرسه كام الحنونه وفي زمن الأول كان ضرب موجود وعقاب عكس زمن الآن ولكن تم تأسيس أجيال وليس الآن كل جيل اخس من جيل الي قبله
      انا لا اؤيد العقاب وضرب وخاصتنا الضرب والعقاب المؤديان
      اسم الكتاب قدره وسيرة كفاح

    • زائر 16 زائر 15 | 9:27 ص

      حرام الضرب

      الضرب حرام
      حرام نضرب الطلاب والطالبات
      فأنا لا أؤيد الضرب

    • زائر 13 | 9:25 م

      الحلايل

      يبدوا بان الكثيرين لا يعرفون معنى (الحلايل) وحتى الأستاذة اتوقع بانها لم تستوعب المعنى الحلايل لفظ أطلقة .............................. وهو بمعنى ان دم واعرض وأملاك السكان الأصليين للبلد حلال عليهم يستطيعون ان ينهبو يقتلو ويغتصبوا والى الان لازالت هذه العقلية موجودة ترى في السكان الأصليين لقمة سائغة ولكون السكان الأصليين اصيلين في كل شيئ فهم الى اليوم لم يردوا الإساءة بالإساءة ابدا تحية لكم ابناء وطني الشرفاء

    • زائر 12 | 8:28 م

      والله زمان

      ما أنسى زميلتي التي تعرضت للضرب الشديد على رأسها من قبل حضرتكم ومعلمة الموسيقى المصرية فقط لأنها رفضت الغناء في حصة الموسيقى أيام الصحوة وأدى هذا الضرب إلى العمى ومن ثم الموت
      وما أنسى أبدا أحتقارك لنا كوننا بنات قرية فقيرة ...

    • زائر 11 | 5:19 م

      المديرة زهرة مصطفى ليست في الواقع كما تريد أن تظهر نفسها إعلاميا

      رغم الصورة الوردية التي تريد أن تبرز بها المديرة زهرة مصطفى إلا أن تلميذات المدرسة كانوا يشكون من قسوتها فقد كانت تعنفهم باستمرار، وتضربهم، وتحبسهم في دورات المياه، وتمنعهم من حضور الحصص الدراسية كشكل من أشكال العقاب النفسي. وقد تركت تلك التصرفات التي لا تمت بصلة للتربية والتعليم أثراً سيئاً في نفوس الطالبات لدرجة أن بعضهن هجرن المدرسة. أرجو توجيه هذه الرسالة للأستاذة زهرة مصطفى حتى تتعظ المعلمات الحاليات من تاريخها غير المشرف في مدرسة جدحفص للبنات، وحتى تدرك هي نفسها حدودها ونقاط ضعفها

    • زائر 10 | 9:46 ص

      تحية للمدرسات

      تحية للمدرسات حصة رحمة و فوزية أمين وحكيمة غلوم. قدمن الكثير لتعليم البنات في البحرين.

    • زائر 9 | 7:26 ص

      رجاء ما اسم الكتاب؟

      رجاء ما اسم الكتاب؟

    • زائر 8 | 5:39 ص

      أم البنات

      شكرً
      شكراً
      شكراً لكم

    • زائر 7 | 4:07 ص

      لك كل

      اتحايا ماحد يقدر ينساك يااستاده زهره مصطفي رجعتين لطفولتي وماانسا ابدا اني كنت شقيه وحركيه جدا ويوم عفت بلجيك شكت علي عندك وضربتيني ضرب بدون رحمه داخل مكتبك واني بثالث ابتدائي عمري كله مابنساه ليك كنتي شديده جدا ومعاملتك قاسيه جدا ولكن نقول لك شكرا لك ع ماقدمتيه لنا لخدمت وطننا البحرين فاهلاوسهلا بك اني اليوم محاميه وعندي مكتب فشكرا جزيلا لك

    • زائر 6 | 3:47 ص

      sunnybahrain

      السلام عليكم ،،ماشاء الله ،،هذه السيده لها بصمات في مجال التعليم في البحرين ،، ويجب على وزير التربيه ،، التعلم منها بل ومكافئتها على جهودها المخلصه في هذا المجال ،،نشكر لكم تفانيكم يا حاجه ،،السلام عليكم .

    • زائر 5 | 3:06 ص

      رمز العطاء

      هي حقاً رمزا للعطاء دون مقابل، رمزا للنزاهة و الإخلاص و العمل الدؤوب دون كلل أو ملل. ليس على صعيد الحقل التعليمي فقط و إنما على الصعيد الإجتماعي و الإنساني . هي تستحق أعلى وسام و أرفع تقدير . عرفتها عن قرب و لا أجد إلا أن أنحني أمامها و أرفع القبعة و أقول " هنيئا لكل من حصل له الشرف في ظل تعليمك و حسن إدارتك و حنان قلبك و كرم يديك، فتلك يد يحبها الله و رسوله. "إبنتك س.ع."

    • زائر 4 | 11:15 م

      فعلا لوحة الشرف الحين

      كلها من أبناء و بنات القرى (أو الحلايل!)

    • زائر 3 | 11:13 م

      بلد جبران خليل جبران

      يهاجرون لأي مكان في العالم ..... انهم أحفاد الفينيقيون.
      فعلا إني أغبطهم على هذا الشيء.

    • زائر 2 | 11:07 م

      شكر وتقدير

      شكر و امتنان و تقدير لجريدة الوسط بنشرها الخبر. اتمني ان تعملوا اجتماعا يتم التحضير لها و تقدموا دروعا لهذه الشخصيات. يمكن للشركات و المؤسسات المساهمة في هذا العمل. تقدير الشخصيات حضارة و أدب

    • زائر 1 | 10:33 م

      شكرا

      منذ سنوات وأنا أسمع اسمك المديرة زهرة مصطفى واليوم تشرفت برؤيتك في اللقاء .قصة عمل رائعة وذكريات جميلة. الله يجزيك خيرا

اقرأ ايضاً