العدد 4359 - الأربعاء 13 أغسطس 2014م الموافق 17 شوال 1435هـ

الأمم المتحدة... وفشل برامج التصدي للنزاعات والعنف

هاني الريس comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي بحريني

عملية القصف المدفعي الوحشية، التي استهدفت خلالها القوات الاسرائيلية مدرسة «أبو حسين» التابعة للأونروا، إحدى منظمات الأمم المتحدة العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي كانت تأوي نازحين في قطاع غزة في 30 يوليو/ تموز 2014، أدت إلى استشهاد أكثر من 20 شخصاً وأصيب قرابة 90 آخرين بجروح مختلفة بعضها كان بالغ الخطورة، مخترقة بذلك نصوص معاهدة جنيف الرابعة للعام 1949 الخاصة بمعاملة المدنيين في أوقات الحرب.

على ضوء هذه المجزرة، اقترح مراقب دولي هزت مشاعره الإنسانية والأخلاقية أشلاء ودماء ضحايا هذه العملية البربرية، اعتبار كل المؤسسات والمنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة غير صالحة وغير مؤهلة للدفاع عن قضايا حقوق الإنسان، لأنه ليس في استطاعتها أن توقف شرور الحروب والنزاعات، أو أن تحمي مصالح الناس عند حدوث أية كارثة إنسانية، وأن الوقت قد حان لإجراء إصلاحات شاملة وعاجلة لهياكل المؤسسات التابعة لها، ويكون باستطاعتها انجاز المهام الإنسانية والأخلاقية الضرورية الملحة بصورة عملية وفعلية.

وربما يظل يعتقد البعض بأن عدم تجاوب الآخرين مع الدعوات والمناشدات الحميدة، التي تطلقها هذه المؤسسات بين حين وآخر من أجل مشاركة وتعاون المجتمع الدولي معها في معالجة قضايا الحروب والنزاعات وحل الأزمات الصعبة، هو الذي يمنع بشكل رئيسي كل هذه المنظمات من القيام بواجباتها على الوجه الأكمل، وأنه لا يمكن لهذه المؤسسات أن تفعل الأشياء الكثيرة قبل أن يعم السلام والاستقرار في مناطق الحروب والاضطرابات، لأن الخبراء والموظّفين الدوليين يتعرّضون دائماً إلى أعمال خطفٍ ومخاطر كثيرة، ولكن الصحيح هو أن جميع هذه المنظمات أو بعضها على الأقل، تبقى ضعيفةً للغاية أو عاجزةً بالمطلق عن إصدار أية قرارات فاعلة وملزمة تجاه مختلف القضايا الدولية، وتصبح إجراءاتها عديمة النفع عندما تستطيع تفرضها عليها فرضاً القوى العظمى في العالم، في الوقت الذي يجب أن يكون فيه عمل هذه المؤسسات متحرراً من كافة القيود والإملاءات التي تفرض من فوق وذا طابعٍ عالمي مستقل، ويكون مصمماً للتصديق على القرارات التي يتخذها المجتمع الدولي برمته، وليس فقط القوى الكبرى، التي تنحاز دائماً نحو تحقيق رغباتها ومصالحها وإنجاز مشاريعها وسياساتها الوطنية والدولية.

ومعروفٌ أن أياً من مؤسسات ومنظمات الأمم المتحدة سواءً ذات الطابع الحقوقي أو السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي، منذ تأسيس عصبة الأمم في العام 1920 التي أنشئت لحفظ السلام في العالم، مروراً بمنظمة الأمم المتحدة، التي دشنت في 24 أكتوبر/ تشرين الأول 1945 خلال الحرب العالمية الثانية، لمهمة المحافظة على السلم العالمي والأمن والتعاون الاقتصادي والاجتماعي الدولي، وحتى قيام مجلس الأمن الدولي، لم تستطع كل قرارات وتوصيات وتمنيات هذه الجهات الدولية الرسمية، أن تمنع نشوب أي حرب أو أن تتصدى لأي صراع متطرف أو أية أعمال إرهابية أو أن تتحمل وزر أية كارثة إنسانية أو بيئية تحدث بعمق في أي منطقة من مناطق العالم، سوى إصدار بيانات التنديد والتهديد باتخاذ العقوبات الصارمة ضد المتجاوزين للقانون الدولي، وذلك من أجل حفظ السلام والأمن والاستقرار العالمي.

وكذلك، لم تتجرأ أي من هذه المؤسسات والمنظمات الدولية، التي يفترض أنها تجسد النظام الدولي برمته، أن تنفذ قراراً واحداً فعلياً أو تقيم أمراً أو تفعل شيئاً ضد الممتنعين عن تنفيذ قرارات المجتمع الدولي ذات الطابع الحقوقي أو الاجتماعي والأمني، من كافة الدول المنضوية تحت رايتها الشرعية، قبل أن تأذن لها القوى الكبرى المتفردة بصنع القرار الدولي، التي أخذت سياساتها تتجه بشكل متزايد نحو تفضيل العلاقات الثنائية أو الخاصة على الترتيبات الجماعية المشتركة، بتمرير بعض أشكال العقوبات الخاصة الدول النامية والضعيفة، ولم تفرض أية عقوبات صارمة وفعالة على الدول السائرة في فلك الأقوياء، التي ترتكب حكوماتها المجازر أو الإبادة الجماعية أو تستخدم أسلحة الدمار الشامل أو الإتجار بالمخدرات أو تدمير البيئة الدولية بشكل مخيف.

وعندما عجزت مؤسسات ومنظمات الأمم المتحدة، عن صيانة الأمن والسلام الدوليين وحصانة حدود الدول، وحتى عن حماية الممتلكات والأجهزة التابعة لها سواء في قطاع غزة بفعل العدوان الاسرائيلي المستمر دائماً، أو في مناطق أخرى من بقاع العالم، يدرك المرء بأن كل هذه المؤسسات والمنظمات الدولية الإنسانية، التي يفترض أنها أنشئت لحماية المجتمعات من أهوال الحروب والصراعات والعدوان، أصبحت في هذا الوقت المأزوم بالذات، باليةً وعديمة الفعل، وتحتاج إلى من يقوم بإصلاحها وإنقاذها، لأن ضعف التأثير المستمر في قراراتها وحتى في توصياتها يشكل بصورة واسعة النطاق مخاطر كثيرة وكبيرة على مختلف مسائل الأمن والسلم والاقتصاد والاستقرار العالمي.

إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"

العدد 4359 - الأربعاء 13 أغسطس 2014م الموافق 17 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:35 ص

      القرار في يد القوى العظمى

      عندما تتحكم القوى العظمى في العالم بمصير البشر والحكومات تبقى الامم المتحدة مجرد اداة هامشية تستخدم فقط للتصديق على ماتقرره هذه القوى انها مجرد صورة ولاشيء اكثر من ذلك ...

اقرأ ايضاً