العدد 4412 - الأحد 05 أكتوبر 2014م الموافق 11 ذي الحجة 1435هـ

«أغثني»... فيلمٌ يعالج واقع «النهش في لحوم الناس»

ذكرُ أخيك بما يكرهُ في غيابه، كالنهش في لحوم الناس، وهو واقعٌ متفشٍّ في مجتمعاتنا الإسلامية، إذ يُمارس من غير شعور، في المجالس واللقاءات... في الحياة اليومية، فيما يصف القرآن الكريم الفاعل بمن يأكل لحم أخيه ميتاً، ليبين فظاعة الغيبة.
«أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ» (الحجرات: 12)، جزءٌ من آيةٍ قرآنية يبين وصف من يمارس الغيبة، ولكن ما أشد وقعها حين مشاهدتها في مشهد تمثيلي، ومن هذا المنطلق بادر عدد من الشباب البحرينيين إلى إنتاج فيلم توعوي قصير يصوّر هذه الحال.
«أغثني»... عنوانٌ لفيلم شاهده أكثر من 6 آلاف شخص على اليوتيوب (http://www.youtube.com/watch?v=pCHSJ5aBQgU)، تم تصويره في قرية المعامير التراثية، وهو من تأليف وسيناريو وإشراف الشاب البحريني سيد رضا هاشم مجيد، وتمثيل عدد من الشباب البحرينيين، وتصوير محمد رضا العصفور ومحمد صادق العصفور.
تبدأ تفاصيل الفيلم بتواجد الطبيب أو الحواج في محله، ليأتي له أحد الأشخاص يشكو من ألم في ظهره، ويقوم الطبيب بمعاينته، ومن ثم يخبره الطبيب أنه سيأتي له في منزله لعلاجه.
في مشهد آخر، يظهر الطبيب وهو نائم ومن ثم يستيقظ مذعوراً من حلمٍ مزعج يتكرر له يومياً. وأثناء عمله في المحل، يحكي لزميله أن الحلم المزعج لا يعرف تفسيره إلى الآن ويشغل تفكيره، وأنه لا يعلم المرض الذي يتكرر لدى الكثير من الناس ويعاينهم بنفسه، وهذا جعله محتاراً من أمره.
وفجأة، يأتي شخص للطبيب يطلب منه القدوم بسرعة إلى منزلهم بسبب حالة مستعصية لأخيه المريض، فيذهب الطبيب إلى المريض ممداً، وحينما رآه، اتضح أنه الشخص ذاته الذي يراه في الحلم، وحينما جلس بجانبه، قال له: تشهّد، تعبيراً عن حالته المرضية الصعبة، ومن ثم يطلب من أخيه مناداة أبيه للقدوم، فيأتي الأب بجانبهم، فيقول له الطبيبين: ابنك يحتضر وحالته صعبة ويبدو أنك غير راضٍ عنه، فيقول الأب: نعم غير راضٍ عنه، فهو عاق ولا يحترمني، فيطلب الطبيب منه أن يرضى عنه، ومن ثم يتشهد الابن المريض وتُعلن وفاته.
تظهر مشاهد للطبيب وهو يفكر كثيراً، ومن ثم يستدعي الناس بجانب منزله، ليخبرهم أنه سيتحدث عن موضوع مهم وخطير جداً، متسائلاً: هل هناك من سأل نفسه عن المرض الخطير الذي انتشر في القرية؟ وهل هناك من سأل عن أسباب حبس الله عز وجل المطر عن القرية لمدة سنتين؟ ويضيف: القرية بأجمعها منغمسة في الذنوب ونحن لا نعلم، ورب العالمين ابتلانا بالمرض وبحبس المطر، وأنا أحلم منذ ثلاث ليالٍ بحلم غريب ومخيف، وأجلس على إثره فزعان وخائفاً، أحلم كل يوم عن: (يظهر مشهد لشباب متجمعون في غرفة ويتحدثون عن أشخاص ليسوا معهم، إنها الغيبة، وتتوسط ذلك المشهد لقطات لهم وهم متجمعون بجانب شخص ميّت، وينزعون اللحم من جسمه)، وأثناء تلك المشاهد، يُسمع صوت الآية المباركة «أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ» (الحجرات: 12).
وفي مشهد آخر من تفاصيل الحلم، يأتي طفل إلى عمه، طالباً مبلغاً من المال، فيرد عليه بأنه لا يملك له مبالغ مالية، ومن ثم يطرده طالباً منه الذهاب للبحث عن عمل، ومن ثم يظهر مشهد للعم والنار تغلي من جسده، وتُسمع الآية المباركة «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا» (النساء: 10).
وتكلمةً للمشهد السابق، وفي نهاية الفيلم، ينصرف الأشخاص عن الطبيب بعد حديثه لهم، ولكن أخا الشاب الذي توفي يعود للطبيب متسائلاً: كيف عرفت أن أبي غير راضٍ عن أخي؟ فأجابه الطبيب: ذلك جزءٌ من الحلم الذي كنت أراه، ولم أخبر أحداً به للستر عليكم.
إلى ذلك، قال صاحب فكرة الفيلم والقائم عليه سيد رضا هاشم مجيد، الذي مثّل دور الطبيب، في حديث إلى «الوسط»، «إن فكرة الفيلم باختصار أن الله ابتلى أهل إحدى القرى بمرض، وذلك نتيجة للذنوب التي يرتكبونها، وهم غير منتبهين بما يقومون به، وكان الحواج أي الطبيب يحلم ويراوده حلم يومياً واكتشف أنه ومن خلال الحلم، وبعد تفكير وعلامات معينة، أن الله حبس المطر عنهم لمدة سنتين بسبب الذنوب التي يرتكبونها وذُكرت في الحلم، وهي الغيبة والغناء وأكل مال اليتيم، وبعد ذلك ينتبه أهل القرية لذلك، ويقوم الطبيب بتنبيههم إلى أن البلاء الذي نزل عليهم كان بسبب ما يرتكبونه من ذنوب».
وعن الهدف من إنتاج الفيلم، قال مجيد: «الهدف توعية المجتمع بشأن ارتكاب هذه الذنوب التي تؤثر سلباً على الإنسان والمجتمع الذي يعيش فيه، وتوعية المجتمع من جانب أن هذه الأمور أصبحت الآن تُمارس بشكل عادي، وهي في الحقيقة أمور كبيرة ومهولة مثل الغيبة التي تُمارس في الكثير من المجالس التي يجلس فيها الأشخاص ويرتكبونها وسط القهقهات والضحك، وهي شيء مهول عند الله سبحانه وتعالى، لذلك إن التوعية تكون من خلال تبيان أن هذه الذنوب لها آثار دنيوية وأخروية».
وبشأن تمويل العمل ودعمه، أشار إلى أنه «لم يكن لدينا أي تمويل من أية جهة، وإنما تلقينا تمويلاً بسيطاً وهو استضافة الفيلم بشكل مجاني في قرية المعامير التراثية والتبرع من أحد الأصدقاء للتصوير، وصديق آخر للمونتاج».
وقال: «الفيلم مبادرة مني شخصياً، أنا ألَّفت القصة والسيناريو واختيار الممثلين والإخراج وشراء الملابس ومكان التصوير والترتيب للتصوير والمونتاج، وأصنّف الفيلم من ناحية التصوير والمونتاج في خانة الأفلام الجيدة، وكان هدفي أن يكون أعلى جودة في المونتاج والتصوير، ولكن للأسف لم نتلقَّ الدعم الذي يساعدنا على إتمام ذلك، ولم أتوقع أن يصل الفيلم إلى هذا النجاح، إذ وصل عدد المشاهدين في اليوتيوب إلى أكثر من 6000 مشاهد، كما أني تلقيت الكثير من رسائل الشكر التي تبيّن مدى تأثيره على الناس».
وأضاف: «أوجه الشكر لجميع من تعاون معي لإنتاج هذا الفيلم، وخصوصاً لقرية المعامير التراثية لاستضافة العمل، وأودّ أن أنوّه لجميع من يستطيع تبني هذه الأعمال التي تفيد المجتمع ألا يتردد أبداً، نظراً لأهميتها توعوياً في المجتمع، وإن شاء الله نُوفق لإعداد أعمال مقبلة».
وعن طموحاته قال مجيد: «أطمح لإنتاج فيلم سينمائي يُعرض في سينما البحرين، ومن الممكن أن يُعرض بشكل جماعي على مستوى البحرين، ومن الممكن أن ننطلق إلى الخارج، لأن لدينا أفكاراً كثيرة للطرح والتناول، كما أن لدينا الكوادر والطاقات الجبارة التي تساعدنا لإتمام العمل، فيما نحتاج إلى دعم فقط».

العدد 4412 - الأحد 05 أكتوبر 2014م الموافق 11 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

شاهد أيضا