العدد 4418 - السبت 11 أكتوبر 2014م الموافق 17 ذي الحجة 1435هـ

تحية سلام من طرابلس الشرق

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

(فانيسا باسيل/ صحافية وناشطة سلام لبنانية، والمقال ينشر بالاتفاق مع خدمة «كومون غراوند»)

بمناسبة يوم السلام العالمي، الذي صادف يوم 21 سبتمبر/ أيلول، صعد الفنانون الشباب إلى خشبة مسرح الرابطة الثقافية في مدينة طرابلس المتوترة أمنيّاً، في شمال لبنان، ثاني أكبر المدن اللّبنانية. عرضوا مواهبهم الجميلة وأداءهم المميّز أمام المجتمع المحلي من خلال الرقص والموسيقى والتمثيل والرسم، وذكّروا الجميع أنه على الرغم من النزاع المستمر، مازال هناك مكان للسلام.

أظهر هذا الاحتفال أنه حتى في المناطق التي تشهد اشتباكات مسلحة، هناك دائماً أناس يرفضون العنف ويشكلون أمثلة تحتذى لإلهام الآخرين وحثهم على وقف استخدام العنف.

يهدد أمن طرابلس نزاع مستمر بين سكان مختلف الأحياء، تحديداً باب التبانة ذو الغالبية المسلمة السنيّة، وجبل محسن ذو الغالبية المسلمة العلوية، اللذين طالما كانا متناحرين منذ الحرب الأهلية اللبنانية العام 1975. وتتفاقم التوترات الآن بسبب الحرب الأهلية السورية، حيث ينقسم السكان حسب معارضتهم أو دعمهم للحكومة السورية التي يرأسها العلويون. ولكن طرابلس ليست فقط موطناً للعنف، فهناك أناس يريدون العيش بسلام، ويؤمنون أن باستطاعتهم تحقيق تغيير.

صحيح أن صنع السلام رحلة مليئة بالتحديات والصعوبات وخيبات الأمل، إلا أن الإيمان العميق بالمهمة، والتصميم القوي، قادران على قطع مسافة كبيرة، وهذا بالضبط هو اعتقاد منظمة إعلام للسلام MAP التي قامت بتنظيم النشاط من خلال ناديها ماستر بيس Master Peace. وتشكّل هذه المنظمة مساحةً لأناس من خلفيات متنوعة ليجتمعوا في مكان يوحّد طموحاتهم وأهدافهم، مكان يستطيع فيه الشباب أن يكونوا مواطنين نشيطين، والصحافيون أن يكونوا مهنيين مسئولين.

شعر الحضور والفنانون خلال الحدث بفرح كبير لرؤية احتفال سلام يُعقَد في مدينتهم، وقال أحد الحضور: «لقد حان الوقت لأن يعرف العالم أننا لسنا مدينة حرب». كان لرمزية النشاط معنى عميق لأهالي طرابلس ويحمل رسالة أمل للبنان. هو فرصة للفنانين الشباب من هذه المدينة المتوترة لإثبات أنهم لا يدعمون العنف.

مثّل براك صبيح، وهو مدرّب فنون في جمعية «عبر الفنون» Cross Arts المحلية، والتي ساعدت على تنظيم الحدث، مسرحاً لبنانياً فولكلورياً يُعرَف بـ «حكواتي البلد»، مستخدماً أشكالاً تقليدية من الفن لتذكير الحضور أن السلام هو حاجة لجميع الشعوب في جميع الأوقات. وقدّم المطرب السوري الشاب أحمد دندشي الذي يعيش في طرابلس، إضافةً إلى أحد نجوم البرنامج التلفزيوني المحبوب «العرب لديهم مواهب»، جاد صبيح البالغ من العمر 9 سنوات، العديد من الأغاني الجميلة بأصواتهما المميزة. وعزف الفنان أحمد ناجي من الفرقة الموسيقية المحلية «لحظة» معزوفات تقليدية على العود، مذكّراً الجميع بالموسيقى اللبنانية الكلاسيكية المدهشة التي توحّد جميع اللّبنانيين رغم خلافاتهم.

إضافةً إلى ذلك، وبعيداً عن العنف والمخدّرات والبنادق والسجن، التي تسبب توتراً لمجتمع طرابلس، قفز راقصو «البريك دانس» على المسرح ليدهشوا الجميع بمرونتهم الهائلة وقوة جسدهم وحركات رقصهم المصمّمة بدقة. وأصرّت فرقة الراب اللبنانية «من الآخر»، المشكّلة من ثلاثة فناني راب من ثلاثة أمكنة مختلفة في منطقة طرابلس، على المشاركة في هذا الاحتفال لأداء عروض الراب الفريدة الخاصة بها وأغاني الهيب هوب حول الوحدة في لبنان. وقد جعل الفنانون الجمهور يغني معهم وهم يخلقون جواً مدهشاً من التشوّق والفرح.

في النهاية، وجدت «شعلة السلام» التي حملها في كافة أنحاء لبنان غابرييل عبد النور، صاحب الصوت التينور، طريقها إلى طرابلس في يوم السلام العالمي، وأعطت فرصة للشباب للتعبير عن آمالهم بالمستقبل.

يمكن لفناني الجيل الجديد في طرابلس أن يشكّلوا إلهاماً للشباب الآخرين في مناطق النزاع حول استخدام الأدوات اللاعنفية مثل الفن والموسيقى والرقص. وهم يذكّرون جميع المشككين والمتشائمين أنه حتى في مناطق يهزها النزاع العنفي، يوجد أناس مسالمون لهم الحق في أن يُسمَعوا، وواجب في أن ينقلوا الرسالة اللاعنفية التي يؤمنون بها. وفي الوقت الذي يستمر فيه لبنان بمواجهة تحديات حقيقية لأمنه واستقراره، أطلق ذلك اليوم آمالاً جديدة للطرابلسيين، الذين أرسلوا تحية سلام إلى بقية لبنان.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 4418 - السبت 11 أكتوبر 2014م الموافق 17 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 6:39 ص

      طرابلس مدينة تورا بورا

      طرابلس هي ( تورا بورا ) لبنان فكيف تنتج فنانين ؟ تعتبر المدينة ساقطة عسكريا بيد القاعدة واخواتها حيث ان كل سكانها تقريبا دواعش ما عدا المسيحيين والشيعة والعلويين والدروز وهؤلاء لا يؤلفون الا اقل من 20% من سكان المدينة . حتى الذين لم ينتموا الى عصابات الدواعش هم متعاطفون معهم ويدعون لهم ومن يزور طرابلس ير ذلك بوضوح حتى ان الجيش اللبناني يعاني الكثير من اهل المدينة .
      علي جاسب . البصرة

اقرأ ايضاً