العدد 4446 - السبت 08 نوفمبر 2014م الموافق 15 محرم 1436هـ

بليغريف يتحدث عن انتخابات «الأوقاف الجعفرية» في 1933: «البحرينيون يحبون الانتخابات»

حسن سعيد Hasan.saeed [at] alwasatnews.com

من بين الوثائق البريطانية التي نشرت مؤخراً من خلال موقع www.qdl.qa بالتعاون مع المكتبة البريطانية، تقرير تم إعداده في (6 أبريل / نيسان 1933) من قبل المستشار تشارلز بليغريف، المستشار المالي لحكومة البحرين من 1926 حتى 1957، تناول فيه البدايات الأولى لعملية إجراء الانتخابات للمؤسسات والإدارات المحلية التي نشأت في تلك الفترة في البحرين. الوثيقة تتحدث عن انتخاب أعضاء مجلس ادارة الأوقاف الجعفرية.

احتوى هذا التقرير «File 19/116 IX (C 65) Bahrain Miscellaneous» على مجموعة من الموضوعات غير المترابطة والتي كتبت في الفترة بين العامين 1933 و1935.

وبحسب التقرير، فإن بليغريف كان يرى أن فكرة الانتخاب عن طريق التصويت ليست جديدة على البحرين. فقبل ذلك، كانت الوسيلة التي اعتمدها المواطنون للتعبير عن أنفسهم هي العرائض التي كانت تقدم إلى الوكيل السياسي البريطاني وإلى الحكومة. لكن بما أن أغلب المواطنين كانوا من الأميين، فإن هذه الطريقة لم تكن جيدة، وقد صدر إعلان قبل بضع سنوات من كتابة التقرير، يمنع كتابة العرائض العامة. قبل منع العرائض، كان بمقدور من يصفهم بليغريف «بصناع الأذى الأذكياء» “Intelligent Mischief Makers” جمع آلاف التواقيع في بعض الأحيان. في معظم الحالات، كان من يريد التوقيع على العريضة يبصم عليها ويقوم أحد المنظمين للعريضة بكتابة اسم صاحب البصمة عليها ما يجعل مثل هذه التوقيعات، بحسب بليغريف، غير موثوقة.

كانت الانتخابات تجرى لاختيار أعضاء المجلس البلدي في المنامة ابتداء من 1926، وكانت هناك قوائم للمصوتين وكانت بطاقات التصويت توضع في صناديق الاقتراع المتوافرة في أكثر من منطقة في المنامة، وكان هناك حرص واهتمام كبير بالانتخابات البلدية، وكانت هناك مبالغ تصرف من قبل بعض المترشحين لتشجيع الناخبين للتصويت إليهم.

قبل سنوات - من تلك الوثيقة - أجريت الانتخابات لاختيار قاض شيعي، كان هناك مجموعة من المرشحين المناسبين، وللتأكد من أخذ رأي عامة الشيعة جاء رؤساء كل قرية وقاموا بالتصويت لأحد المرشحين.

بالنسبة إلى انتخابات مجلس ادارة دائرة الأوقاف الجعفرية، فيقول بليغريف إنه هو من أشرف عليها في العام الفائت (1932). وكان بليغريف يزور القرى بعد إعلام سكان القرى المجاورة أيضاً، ويجتمع الرجال ويعطى كل شخص قصاصة ورق. بعيدا بعض الشيء يقف إثنان من الكتاب الذين يفد إليهم الرجال واحداً تلو الآخر ليخبروهم عن اسم مرشحهم للمنطقة الخاصة بهم في الأوقاف الجعفرية. ثم تجمع وتعد هذه القصاصات الورقية التي تحمل أسماء المرشحين بحضور الناخبين، ويتم تعيين من يحصل على أكثر الأصوات. هذه العملية البسيطة للانتخابات كانت ناجحة للغاية، وتضمن انتخاب من يرتضيه سكان القرى والمناطق. في أغلب الحالات فإن شخصا واحدا يحصد أغلب الأصوات لكن في منطقة أو اثنتين كان هناك تقارب شديد في الأصوات. كان لا يسمح بالتصويت إلا من قبل من يأتي بنفسه لذلك، وكان التصويت سريّاً. وبما أن عملية التصويت كانت تتم في العلن فإنه لم يكن بمقدور شخص من منطقة ما أن يصوت لشخص من منطقة أخرى.

ويختم بليغريف تقريره بقوله إن «سكان البحرين في تلك الفترة قد ألفوا فكرة الانتخاب عن طريق التصويت. لم يعودوا يتفهمون هذه العملية فقط، وإنما باتوا يحبونها».

المثير للاهتمام في هذا التقرير هو أنه يسلط الضوء على الممارسة الانتخابية لشعب البحرين، والتي كانت بداياتها منذ عشرينات القرن العشرين حين كانت الأمية هي السمة الغالبة للسكان. فالممارسة الانتخابية والتي تعتبر إحدى وسائل المشاركة في قضايا الشأن العام مارسها شعب البحرين منذ ما يقرب من قرن من الزمان. اللافت هنا هو أن الممارسة الانتخابية في البحرين لم ترتبط بتطور المستوى التعليمي للبحرينيين إذ على رغم الأمية التي كانت منتشرة في تلك الفترة، والتي ذكرها التقرير، فإن البحرينيين كانوا يصوتون لانتخاب أعضاء مجالسهم البلدية وقضاة الشيعة وأعضاء الوقف. من جهة أخرى، فإن الممارسة الانتخابية في حد ذاتها تعتبر مرحلة متقدمة إذا ما قيست بمرحلة كتابة العرائض. بعبارة أخرى، فإن وسائل التعبير عن المطالب والمساهمة في القرار العام كانت تتطور من مرحلة إلى أخرى على رغم الأمية المنتشرة آنذاك. على أساس ذلك، يمكن القول إن الشعور بالحاجة إلى التغيير والوعي بالمطالب والسعي إلى تحقيقها من قبل شعب البحرين كان سابقاً على مرحلة التطور التعليمي ومعرفة القراءة والكتابة.

من اللافت أيضاً أن التقرير يقدم نماذج تمثل حالات تراجع عن عملية الانتخاب. فاللجنة المختصة بالمعارف والتي كان يتم اختيار أعضائها عن طريق التصويت، فإنها لم تستمر كذلك بحسب التقرير. كما أن اختيار الشيعة قضاتهم ومن يدير أوقافهم رسميا لم يعد متاحاً منذ منتصف القرن الماضي. يضاف إلى ذلك، فإن التقرير يذكر المنامة كأنموذج للمدينة التي تقام فيها الانتخابات البلدية كما يذكر القرى في إطار الحديث عن انتخابات القضاة الشيعة والأوقاف، ما يعني أن القرية لم تكن متأخرة عن المدينة في ممارسة العملية الانتخابية.

كان من المثير للاهتمام أيضاً أن بليغريف يصف القائمين على العرائض المطلبية بأنهم «صناع الأذى الأذكياء». لا تبدو العرائض التي كانت تقدم آنذاك مريحة بالنسبة إلى المستشار وربما هذا ما يفسر صدور إعلان منعها كما ذكر التقرير. يبدو لافتاً أن يتمكن القائمون على بعض العرائض من جمع آلاف التوقيعات، بحسب التقرير، ما يعني أن تلك المرحلة كانت مرحلة متطورة من مراحل القدرة الشعبية على الاتفاق على مطالب معينة، وتقديمها بشكل جماعي على شكل عريضة شعبية. لذلك قد يكون أحد أسباب منع مثل هذه العرائض في تلك الفترة هو السعي إلى الحد من تحركات وقدرة هؤلاء «الأذكياء» الذين تمكنوا من إقناع الآلاف.

إقرأ أيضا لـ "حسن سعيد"

العدد 4446 - السبت 08 نوفمبر 2014م الموافق 15 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 12:45 ص

      انتخابات نزيهة

      ماشااللة علي الانتخابات النزيه والدليل في المسجد وتزكيه من رجال الذين ونفس الوجوه ماتتقير ياليت توجه الكلام للوفاق والي يرشح روحه للنتخابات راحت عليه من أمهات .....

    • زائر 4 زائر 3 | 5:09 ص

      حياة العبيد

      لو امطرت السماء حريه لحمل بعض العبيد مظللتهم..و هذا شاانك يالحبيب و الله ويش دخل الوفااق في الموضوع

    • زائر 2 | 12:11 ص

      بليغريف

      استطاع بليغريف إلغاء أمور كثيرة وإيجاد أنظمة بديلة تصب في توسيع السيطرة الحكومية خصوصا تعيين المسئولين على الأوقاف والقضاة الشرعيين وتعين خطباء الجمعة و.... وهذا لم يكن متبع سابقا قبل قدوم بليغريف للبحرين

    • زائر 1 | 10:00 م

      غريب الرياض

      و ليش الحين الأوقاف يتم تعيينهم؟
      هل لانها تملك عقارات و أراضي تقدر بالملايين و هناك من يطمع فيها و يحاول نهبها؟ مع ان الهيئة شيعية بحتة و ليس لأي فئة اخرى حق الإشراف عليها او ادارتها. هذه اوقاف الامام الحسين ع فاتقوا الله و لا تظلموه مرة اخرى بسرقة ما خصص لماتمه.

اقرأ ايضاً