العدد 4448 - الإثنين 10 نوفمبر 2014م الموافق 17 محرم 1436هـ

حادثة الاحساء ويقظة رجال الأمن في المنامة

وسام السبع wesam.alsebea [at] alwasatnews.com

أفجع قلوبنا العمل الإرهابي الجبان الذي وقع ضد ضحايا أبرياء كانوا يمارسون شعائرهم الدينية في حسينية بلدة «الدالوة» في الأحساء شرق السعودية، ليلة العاشر من المحرم هذا العام.

بعد سويعات من وقوع الحادثة المروعة التي هزت المجتمع السعودي والخليجي، أعلنت وزارة الداخلية السعودية أنه تم القبض على 6 أشخاص ممن لهم علاقة بالجريمة في مناطق متفرقة بالسعودية، لتتوالى الأنباء لاحقاً عن هوية المخططين والمنفّذين ليتضح أن مقترفي الجريمة هم خلية تتكون من 22 عنصراً، قتل منهم – حسب إعلان الداخلية – ثلاثة أشخاص خلال المواجهات الأمنية.

ما يعنينا في حادثة الأحساء هو البحث في مسبباتها وانعكاساتها الخطيرة على المجتمع السعودي، ونحن في البحرين بالطبع على تماس تاريخي وجغرافي وندخل ضمن نسيج ومنظومة مجتمعية واحدة تقريباً.

كان لافتاً تصريح وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) قوله «إنه لولا عناية رب العالمين ويقظة رجال الأمن لما استبعدنا وقوع مثل جريمة الأحساء في البحرين»، موجّهاً شكره لوزارة الداخلية.

الحقّ أن الشيخ خالد عُرف بتصريحاته المتوازنة وعباراته التي تنطوي على كثير من التهذيب والذكاء، ومستوى شعبية وانتشار تغريداته يكشف عن مدى ما يتمتع به من قدرة على التأثير وتحريك الرأي العام المحلي. غير أن تصريحات معاليه في ما يرتبط بحادثة الأحساء الأليمة، تثير عدداً من المسائل المتعلقة بالوضع البحريني المأزوم:

الأولى: إن مسببات جريمة الأحساء واضحة ومعروفة، والمجتمع السعودي بكل نخبه وأطيافه يقر ويعترف بها، وهي الخطاب التحريضي المتطرف إزاء المكوّن الشيعي، وهو وضعٌ بتنا نعيشه في البحرين كواقع يومي منذ أكثر من ثلاث سنوات، ووتيرة الدعاية المضادة للشيعة وخطباء ووعاظ الشتيمة في تزايد وسط صمت رسمي، حتى سرى شعور عام بأن رموز ومنتجي هذا الخطاب لا تصل لهم أيدي القانون، لأن الجهود الرسمية الرادعة في هذا السبيل ضعيفة بل منعدمة.

ثانياً: يشير تصريح معاليه -وهو المسئول الذي يعرف ما لانعرفه نحن- إلى خطورة الوضع الطائفي الملتهب، وتغوّل جماعات التكفير والتسليح التي تتحين الفرص لتفتك بالمجتمع، وفي ظل التغافل الرسمي في التعاطي مع معتنقي الفكر التكفيري الذين شاهدناهم وسمعنا وقرأنا عنهم في وسائل الإعلام المختلفة، سوف تتزايد المخاطر الفعلية على أمن الناس، وربما لن تكون يقظة رجال الأمن نافعةً كثيراً هذه المرة. وهنا نقول: «لا تقتل البعوض بل جفّف المستنقع» أولاً.

ثالثاً: المصادر الأمنية في السعودية كشفت أن زعيم الخلية المنفذة لجريمة الأحساء مواطن تمكن من التسلل من مناطق التوتر والنزاع في العراق وسورية، مرجّحةً من خلال المؤشرات الأولية أن الجهة التي تقف وراء العملية لن تتجاوز تنظيم «القاعدة»، أو «تنظيم الدولة الإسلامية» (داعش)، وهو ما يستدعي أقصى درجات التأهب في البحرين التي لها مواطنون منخرطون بشكل علني في هذه التنظيمات التكفيرية، والذين لم نسمع لحد الآن أي إجراء قانوني ضدهم، ما يعني أن السيناريو الدموي في قرية «الدالوة» الإحسائية مرشّحٌ للتكرار في البحرين.

رابعاً: جوهر مشكلة التطرف في كل مكان هي البيئة الفكرية والثقافية التي يتربى ضمنها الشباب أو يتأثرون بها، وهي الحاضن الرئيس لتوجهات العنف والتشدد والتطرف بمختلف أشكاله، وما لم يتم العمل على تنقية هذه البيئات الحاضنة بكل شجاعة وصدق، فإن مشاريع مكافحة الإرهاب -وليس يقظة رجال الأمن- ستظل بعيدةً عن تحقيق أهدافها، وستعاود مثل هذه الجماعات إنتاج نفسها بصور متجددة وأكثر حدية وتطرفاً.

تصريح الوزير لا يُبرّئ جماعات تؤمن بهذا النهج الخطير في تحقيق أهدافها في ما لو أمكنتها الفرصة، وهذا هو بيت القصيد، فالانحدار المجتمعي لهذا المستنقع الطائفي يكشف فشل مناهج التعليم والإعلام الرسمي بصيغته الحالية في ترسيخ الوعي الوطني الحقيقي والصحيح، وعجزه التام في تجفيف منابع الكراهية الدينية وتعميق مفاهيم الولاء الوطني، وهي مفاهيم لا تُقال إنما تُمارس، ولا يتعلمها المرء بل يعيشها، فهي شعارات جوفاء لا يغذّيها واقعٌ منسجم معها يشاكلها ويوازيها.

خامساً: ضرورة حماية الشباب، الثروة الوطنية الأثمن، لإيجاد الحلول الكفيلة لحماية مجتمعنا وبلدنا من خطر التيارات التكفيرية، وهذا لا يتم إلا بترتيب الوضع الداخلي بما يحتاجه من إصلاحات سياسية لا تحتمل التأجيل. فالوضع الحالي المأزوم يدفع بمرور الوقت أكثر من طيف بحريني دفعاً إلى اتخاذ مواقف متصلبة في رفض الواقع برمته، والعمل على تغييره بشكل عنيف وصادم وقد يكون دموياً.

حيال هذا الخطر الذي يتربص بالجميع ويهدّد أمننا الوطني، لا يمكن القبول بالأسف الرسمي الذي سيق على استحياء «على شباب بحرينيين غُرّر بهم»، أو التقليل من خطورة الأمر وتبسيط القضية باعتبار أن عدد المقاتلين البحرينيين في صفوف تنظيم «داعش» لا يتجاوز 100 بحريني!

الإرهاب لا دين له، نقول هذا ونحن نعرف أن أكثر من 90 في المئة من عمليات الجماعات الإرهابية «السنية» موجّهة ضد المجتمعات «السنية» قبل الشيعية، والعاقل من اتعظ بغيره، والأحمق من اتعظ بنفسه.

إقرأ أيضا لـ "وسام السبع"

العدد 4448 - الإثنين 10 نوفمبر 2014م الموافق 17 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 7:39 ص

      نشكرك على مقالك الصريح جدًا

      ذكرت أستاذي الإرهاب لا دين له، نقول هذا ونحن نعرف أن أكثر من 90 في المئة من عمليات الجماعات الإرهابية «السنية» موجّهة ضد المجتمعات «السنية» قبل الشيعية . من أين جهة بهذه النسبة؟!!!

    • زائر 16 زائر 15 | 8:34 ص

      من الصحافة الدولية

      النسبة من الصحافة الدولية
      راجع مثلا صحيفة الشرق الاوسط عدد امس

    • زائر 12 | 3:33 ص

      نصيحة

      نصيحة الى السلطة ادا تريدين البحرين تزدهر ويقوى الاقتصاد فى البحرين ابعدى عنك الظلم للشعب ترى الشعب طيب وما يستاهل المجنسين الي جيبتينهم وعطيتينه الاموال الطائلة مو الشعب اولى بها ويش اصير ادا الشعب صار مصدر السلطات الدستووور يقر هاده الشى ليش ماتطبقين الدستوور وتجعلين البحرين وشعبهه ابخير ونعيش نفس اول حبايب جميع انحاء العالم الشعب مصدر السلطلات شوفوا رووحكم مو مرتاحين من حراك الشارع حلى القضيه يا حكومة وترك عنك ابليس واتجه الى الله

    • زائر 11 | 3:07 ص

      على لسان بعض مثقفي الطائفة السنية

      يقر بعض كتاب الطائفة السنية بأن التطرف وقتل الأبرياء في دور العبادة لا يقوم به إلا التكفيريين المنحدرين من المذهب السني وهذا اعتراف حقيقي وواقعي وبالدلائل لم نرى سنة قتلوا في دور العبادة إطلاقا وعليه الارهاب التكفيري نعرف مصدره وهو أيضا لا يستهدف الشيعة والمسيحيين بل أيضا يستهدف الاخوة السنة المخالفين للفكر التكفيري.

    • زائر 8 | 1:20 ص

      هم من يغذي التطرف الطائفي ثم يحذّرون منه

      هل نحن مغفّلون ام نحن اغبياء ام عقولنا مقفل عليها ولا تعمل؟ الوزير وجماعته هم من أجّج التطرف الطائفي وهم من يشعل ناره هروبا من استحقاق ومطالب شعبية فليتركوا هذا الهراء لان سوقه بايرة

    • زائر 7 | 11:43 م

      ربط الخيوط

      انا باعتقادي بأن تصريح الوزير كان على علم و معرفة مسبقة بموضوع القبض على الخلية المزمعة اي ان الخلية تم اكتشافها مسبقا و تم التكتم على الموضوع لاستغلاله اعلاميا في وقت مناسب ...وقد تم الإعلان عنها بالتزامن مع المؤتمر المنعقد في المنامة و اللقاء المنعقد في سلطنة عمان

    • زائر 6 | 11:19 م

      أمل رغم الألم

      واقع مر نعيشة
      اللهم نسألك العافية ممانحن فيه

    • زائر 5 | 11:12 م

      الارهاب

      مقالك ممتاز وهناك فائدة ناجعة جدا لو قرأ وطبق من قبل المسئولين عندنا ولكن ما تحذر منه انت وقعت فيه باتهامك ان فقط جمماعة من السنة فقط هم الارهابيون ونسيت الطائفة الثانية واقول ايضا ان 90 بالمئة من عمليات الجماعة الارهابية( الشيعية ) موجهة ضد المجتمعات الشيعية قبل السنية وشكرا لك ايها الكاتب

    • زائر 13 زائر 5 | 5:00 ص

      احترم رايك

      احترم رأيك عزيزي .. اذا كان هناك ارهاب شيعي فهو مدان
      قلنا (الارهاب لادين له).. ولكن نريد البينه على وجود مثل هذا الارهاب

    • زائر 4 | 10:25 م

      ليش

      لماذا يتم تهويل فحوى تغريدة وزير الخارجية ؟؟ كلامه جدا واضح .. لولا يقظة رجال الامن "ضباط و افراد عسكريين و مدنين و رجال امن الدولة و المخابرات" بكافة مواقعهم في المقاهي او دور العبادة او المراقص و مقدرتهم على ايصال التخطيط المستقبلي الارهابي للدولة ليتخذ اجراء وقائي مسبقا حتى لا تقع مثل قضيةالدالوة

    • زائر 3 | 10:23 م

      !!

      كلا بل ران على قلوبهم!!
      صدق الله العلي العظيم

    • زائر 2 | 10:16 م

      ليش

      لماذا يتم تهويل فحوى تغريدة وزير الخارجية ؟؟ كلامه جدا واضح .. لولا يقظة رجال الامن "ضباط و افراد عسكريين و مدنين و رجال امن الدولة و المخابرات" بكافة مواقعهم في المقاهي او دور العبادة او المراقص و مقدرتهم على ايصال التخطيط المستقبلي الارهابي للدولة ليتخذ اجراء وقائي مسبقا حتى لا تقع مثل قضيةالدالوة

    • زائر 9 زائر 2 | 1:48 ص

      نحيي هذه اليقظة

      نحيي هذه اليقظة.. ولكن نتمنى أن توجه لمن يتجاوزون القانون بنشر الكراهية
      ومن أمن العقوبة اساء الادب ..

    • زائر 1 | 9:38 م

      قبل هذه وذاك اين الخلية الارهابية التي ضبطت و احبط مخططها

      لماذا لم تعلن وزارة الداخلية ان احباط هذا المخطط الذي اشار له وزير الخارجبة؟
      متى سيقدمون للمحاكمة؟
      ما تفاصيل الحادث ؟
      عدم تقديمهم لمحاكمة عادلة و اطلاع الجمهور على تفاصيلها يعد حافزا لغيرة للقيام بعمل ارهلبي في غياب العقوبة

اقرأ ايضاً