العدد 4450 - الأربعاء 12 نوفمبر 2014م الموافق 19 محرم 1436هـ

افتتاح أعمال المنتدى الخليجي الثاني للإعلام السياسي

تحت رعاية نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ خالد بن عبدالله ال خليفة افتتح في المنامة صباح اليوم أعمال المنتدى الخليجي الثاني للإعلام السياسي تحت عنوان "الإعلام وثقافة الاختلاف"، لتسليط الضوء على واحدة من القضايا التي باتت تشغل حيزا كبيرا من الاهتمام، حيث أصبح الإعلام لاعبا محوريا مؤثرا في تشكيل وعي الشعوب وتوجهاتهم، وأداة فعالة للتواصل والحوار بين الثقافات والحضارات المختلفة.

ورحب مستشار جلالة الملك للشؤون الإعلامية رئيس مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية نبيل يعقوب الحمر في كلمته الافتتاحية للمنتدى الذي ينظمه المعهد بحضور ممثل راعي المنتدى وزير الدولة لشئون المتابعة محمد إبراهيم المطوع، وعدد من الوزراء ورئيس مجلس الشورى والسفراء المعتمدين لدى مملكة البحرين، ولفيف من الأكاديميين والإعلاميين والمهتمين، بالمشاركين في افتتاح أعمال المنتدى الخليجي للإعلام السياسي في مملكة البحرين، والذي يحظى للعام الثاني على التوالي بالرعاية الكريمة من نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ خالد بن عبدالله ال خليفة والذي يحرص على شمول المنتدى برعايته الكريمة تجسيدا لما توليه مملكة البحرين من دعم ومساندة للمنتديات والفعاليات الهادفة لتطوير صناعة الإعلام وتوظيفها فيما يخدم جهود التنمية والاستمرار.

وأكد أن الإعلام يكتسب من الأهمية ما يجعله ركنا أساسيا من أركان بناء الدول ولم يعد قاصرا على مهمته التقليدية في نقل الأحداث والوقائع، وإنما أصبح محركا وصانعا لتلك الأحداث من خلال ما استحدث من أدوات ووسائل إعلامية غير تقليدية، أتاحت آفاقا غير مسبوقة من التفاعل والتواصل بين الأفراد والمجتمعات بفضل التطور الهائل لوسائل الإعلام ودخول عصر التكنولوجيا الإعلام الجديد والفضاءات المفتوحة.

وعن الحرية الإعلامية في مملكة البحرين أوضح الحمر، أن أجواء الانفتاح والحرية التي تعيشها المملكة ودول الخليج أسهمت في تعزيز حرية الرأي والتعبير، وإفساح المجال أمام قنوات متعددة للتعبير وإبداء الرأي.

وأضاف انه رغم ما أنتجه هذا الواقع الجديد من إيجابيات تجسدت في ترسيخ حرية الرأي والتعبير وزيادة الوعي إلا أن المتأمل في المشهد الإعلامي الراهن يرى انه يعاني من ضعف ثقافة الاختلاف والرأي الآخر جراء عدم التزام البعض بالضوابط المهنية والأخلاقية للعمل الإعلامي، الأمر الذي حوله من ساحة للحوار والتواصل إلى ساحة للتناحر والتراشق التي تهدد وحدة وتماسك المجتمعات والشعوب.

ونوه الحمر الى انه من هذا المنطلق يأتي اختيار معهد البحرين للتنمية السياسية لعنوان المنتدى الخليجي الثاني للاعلام السياسي "الاعلام وثقافة الاختلاف" ليصب في هدف ارساء مفاهيم الاختلاف وتقبل الاخر لتعزيز روح الابداع والتجدد لدول الخليج التي من شأنها تطوير المناعة ضد اتجاهات التغريب والتفريق.

واضاف ان المنتدى هذا العام يأتي منفذا لمقترحات ومخرجات نسخته الاولى بالعام الماضي وذلك لضمان ارساء قواعد تراكم الجهود والخبرات لتنمية مستدامة .

وقال ان الاعلام بما يمتلكه من أدوات وإمكانيات لديه القدرة على تهيئة ارضية مشتركة للتفاهم والحوار من خلال بلورة رؤية موضوعية لإدارة الاختلاف ضمن مشروع مجتمعي واسع يهدف الى تقوية التوافق والبناء عليها وتجاوز الخلافات، وهى رؤية نتطلع ان يساهم بدوره في وضع اللبنات الأولى لها من خلال طرح اَراء الخبراء والمتخصصين في كيفية تعزيز دور الاعلام في نشر ثقافة الاختلاف وتقبل واحترام الرأي الاَخر، والارتقاء بالرسالة الإعلامية على أسس من المسؤولية والاحترام وعدم المساس بحقوق وحريات الاَخرين، وحظر أي دعوات بغيضة تمس سيادة وتماسك الدول والشعوب .

واعرب الحمر في ختام كلمته عن أمله في أن يشكل المنتدى مساهمة حقيقية في نشر وتبني ثقافة الاختلاف ومبادئ الحوار واَفاق العقلانية كمبادئ أساسية للعمل السياسي والاعلامي على حد سواء، بحيث تنعكس ثقافة الحوار واحترام الاخر في تعزيز قدرة المجتمعات على النهوض.

من جهته اعرب وزير الاعلام والمواصلات السابق بدولة الكويت سامي النصف عن سعادته بالمشاركة بالمنتدى الذى اعتبره فكرة رائدة تستحق ان تقتدي بها دولنا العربية الأخرى خاصة من أخذ منها بالمسار الديمقراطي والتي عانت تجاربها السياسية من كثير من العراقيل والمصاعب التي أثرت سلباً على عمليات التنمية فيها.

ورأى ان "الديمقراطية لا يمكن أن تُثمر وتزدهر دون تنمية سياسية حقيقية للاعبيها الأساسيين، ونعنى الناخبون، ودون ذلك يصبح ما يجمع ديمقراطياتنا بالمنطقة مع الديمقراطيات المتقدمة في العالم هو تشابه أسماء لا أكثر".

وعن موضوع المنتدى "الإعلام وثقافة الاختلاف" أوضح ان عدم إجادة فن الاختلاف يحوله بالتبعية إلى خلافات خانقة وأزمات ساخنة وحروب طاحنة كالتي نشهدها هذه الأيام في منطقتنا، وكما شهدناها بالأمس في أوروبا ولم تتوقف أزماتهم وحروبهم حتى أجادوا فن ثقافة الاختلاف وكيفية إدارة الأزمات والتباينات التي هي أحد خصائصنا كبشر.

وبين إن الإعلام يعكس ثقافات الشعوب والمجتمعات ولا يصنعها، ولا يمكن فصله عن المفاهيم والثقافات السائدة فيها، فلا يمكن أن تطغى على مجتمع ما ثقافة الإلقاء وعدم التسامح وإساءة الظن بالآخر، وغيرها من أمور سالبة، ثم نعتقد أن مسار الإعلام في ذلك المجتمع يمكن له أن يتخذ مسار مغاير، أي أن تكون المجتمعات من كوكب والإعلام من كوكب آخر.

ونوه النصف الى وجود محاور وظواهر تسئ وتفسد ثقافة الاختلاف في مجتمعاتنا، ومن ثم ينعكس الأمر بالتبعية على إعلامنا الناقل، وعددها في التالي:

  • ظاهرة شيطنة الآخر عند الاختلاف، ومن ثم نصبح أسرى لما قلناه ونفشل بالتبعية بالوصول إلى تسوية لمشاكلنا.
  • ظاهرة متوارثة مخالفة للعصر يعكسها قول الشاعر (نحن قوم لا توسط بيننا.. لنا الصدر دون العالمين أو القبر) غير ان عملية التوسّط أو أنصاف الحلول (Compromise) هي أساس حل الإشكالات مع الدول الأخرى والمعزّز الأول للسلام الاجتماعي بالداخل، تتحول لدينا إلى تهاون بالحقوق، والتعاون يعنى تنازل، والتنازل يعنى الخيانة.. فتحول وتغير الثقافة السائدة أمر جميل كالوسطية والتسامح في المواقف إلى فعل مذموم هو الخيانة.
  • ظاهرة القراءة الخاطئة لتعليمات ديننا الحنيف التي تحث بنصوص قطعية على السلام والمجادلة بالتي هي أحسن ، إلى البحث في بطون الكتب عن الأحاديث الضعيفة التي تمنح الحق بالقتل والتدمير للآخرين وحتى للمسلمين.
  • ظاهرة القراءة الخاطئة للأحداث التاريخية وتسويق الماضي كطريق للمستقبل حتى قارب تاريخنا أن يكون "أفيون" شعوبنا في ظاهرة غير مسبوقة لدى شعوب العالم القديم التي كانت لها كحالنا حضارات سادت ثم بادت إلا أن أحدا لا يسوق العودة إليها.
  • خلق عداوات ثابتة ودائمة لدول مؤثرة كحال الولايات المتحدة مهما فعلت وهو ما يسهل على الأعداء جعلها تصطف معهم.
  • ظاهرة تغييب العقل والحكمة عند حدوث الأزمات الكبار قضايا جسام وتحكيم العواطف وعمليات التأجيج بعكس ما يحدث لدى الأمم الأخرى وتبدأ على الفور عمليات اختلاف وصراع شديدة لكيفية التعامل مع تلك التحديات الكبرى بينما تتوحد أمم الأرض أمام المخاطر.
  • ظاهرة الإنفعال والنفس القصير التي هي المتسبب الأول في الصعود السريع للخلاف من الصغر إلى درجة الغليان دون المرور بالتدرج الطبيعي الذي يفترض البحث عن حلول عبر الدبلوماسية أي القوى الناعمة بدلا من التوجه السريع للقوى الصلبة كالحروب والعمليات الإرهابية.
  • ظاهرة النفس القصير هي كذلك السبب الرئيسي في استبدال التطور المثمر والمعمر (Evaluation) بمنهاجية الثورات المدمورة (Revolution) والانقلابات.
  • ظاهرة ازدواجية الخطاب فهناك دائما خطاب نهاري لدغدغة رجل الشارع والاتباع يقابله خطاب ليلي حقيقي للغرف المغلقة.
  • الإيهان بصحة – لا خطأ – المنهج الميكافيللي الشيطاني القائل بأن الغاية تبرر الوسيلة فالعدوان والغزو والارهاب وقتل الأبرياء جميعها أسلحة مشروعة لدينا عند الاختلاف.
  • ظاهرة استخدام مصطلحات سياسية مدمرة تركها العالم كحال مصطلح "المجال الحيوي" التي تسببت بفقدان البشرية ل 50 مليون ضحية حيث قامت الحرب الكونية الثانية على معطى قيام هتلر بغزو وتقرير مصائر الدول المستقلة الأخرى بحجة أنها ضمن المجال الحيوي لبلده، وهناك دول بالمنطقة لازالت تستخدم ذلك المصطلح وتعطي لنفسها حق التدخل بشؤون الدول الأخرى ضمن ذلك المصطلح الساقط.
  • ظاهرة القبول بثقافات سياسية مدمرة هي ولاءات ما فوق الأوطان (الانتماءات العابرة للحدود) او انتماءات ما تحت الأوطان (الانتماء للطائفة أو العائلة أو القبيلة) على حسابات الانتماءات المشروعة للأوطان.
  • ظاهرة الحديث بمنطق عقيم ولغة لا يفهمها العالم يرى مطلقها أنه قمة العقلانية والإنصاف والمنطق ويرى العالم أجمع أنها تمام عكس ذلك كحال ربط القضايا بعضها البعض لتبرير الأعمال الشريرة.
  • إشكالية الدول الفاشلة التي بدلت من إصلاح ذاتها لإسعاد شعوبها تقوم بإشغالهم بعمليات تأزيم متواصلة بالداخل والخارج.
  • الإيمان الحقيقي بوجود حلول بندول سريعة التأثير لحل مشاكل سرطانية شديدة الخطورة والتعقيد.
  • عند الخلاف استسهال المشاركة السالبة الكسولة (Negative Engagement) أي المقاطعة، ثم الفوضى الخ على المشاركة الموجبة (Positive Engagement) التي تحتاج الى جهد وعمل.
  • خلق تعريفات فريدة للانتصارات العسكرية تحول الهزائم المخجلة الى انتصارات مجلجلة.
  • ظاهرة عدم معرفة بديهية أنك لا تستطيع أن تخسر حربا دون أن تدفع ثمن الخسارة، فلو انتصرت لحصدت الجوائز وبالتالي لو انتصر خصمك فسيحصد الجوائز قطعا ولا ينفع القول بعد الهزيمة لنعد إلى ما كان عليه الحال قبل الحرب.
  • ظاهرة عدم معرفة بديهية أن حصد جوائز التفاوض تتم عبر الموافقة الفورية على الاتفاقيات والتوقيع عليها في حينها، وأن العروض لا تبقى على طاولة المفاوضات إلى الأبد لدينا، نعتقد بحق أن يمكن لنا أن نعترض على أمر ما ولا نوقّع عليه، ثم نأتي بعد سنوات طوال لنطالب به ونلزم الطرف الآخر فيما أصبح في حل منه.

واضاف ان إشكاليتنا الأخيرة عند الاختلاف هي عدم التقيد بقواعد اللعبة السياسية الصحيحة التي تجعلها لعبة جميلة كحال اللعبة الرياضية، مما يسعد بها متابعيها فيتم لدينا أحيانا التعدي على الحكم وإدخال الجمهور والانسحاب من المباراة واعتبار جميع تلك الممارسات الممنوعة أمورا مشروعة.      





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً