العدد 4463 - الثلثاء 25 نوفمبر 2014م الموافق 02 صفر 1436هـ

محاميات يطالبن بآلية لتسريع الدعاوى في المحاكم الشرعية

تزامناً مع اليوم العالمي لمواجهة العنف ضد المرأة

بان كي مون
بان كي مون

طالبت عدد من المحاميات بوضع آلية تنظم إنهاء إجراء الدعاوى القضائية التي تنظرها المحاكم الشرعية، في ظل المدد الطويلة التي تستغرقها تلك الدعاوى لحسمها، والتي تصل غالبيتها إلى نحو 5 سنوات.

يأتي ذلك بالتزامن مع اليوم العالمي لمواجهة العنف ضد المرأة الذي يصادف 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014.

وفي هذا الصدد، أطلق الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حملة للقضاء على العنف ضد المرأة، وتمثل الحملة التي اتخذت عنواناً لها «اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة»، مسعى متعدد السنوات، تهدف إلى منع العنف ضد المرأة والفتاة في جميع أنحاء العالم.

وتوحد حملة «اتحدوا»‘ بين وكالات الأمم المتحدة ومكاتبها لتحفيز العمل على نطاق منظومة الأمم المتحدة لمنع العنف ضد المرأة والمعاقبة عليه.

وتوحد الأمم المتحدة، في إطار الحملة، القوى مع الأفراد والمجتمع المدني والحكومات لوضع حد للعنف ضد المرأة بجميع أشكاله.

إلى ذلك، قالت المحامية نفيسة دعبل إن «غالبية القضايا التي تشكل العنف ضد المرأة تنطوي على أمرين مهمين جداً، أولهما يتمثل في المشاكل الزوجية والتي تحمل في طياتها الإيذاء البدني للزوجة، كالضرب والجرح والاعتداء من قبل الزوج، كما تحمل الإيذاء النفسي كالسب والقذف والتعليق والهجران، وعدم تحمل المسئولية والإهانة وغير ذلك من الأمور التي تعجّ ساحات المحاكم الشرعية بها، فيقف مشايخنا المحترمون لها بكل قوة دون جدوى لكثرتها من جانب ولقلة المحاكم الشرعية التي تستقبل تلك الحالات، وبالتالي نكون أمام جلسات متباعدة جداً فتطول تلك القضايا لسنوات دون أن يتم الفصل فيها، ما حدا بي للقيام بالبدء بإجراءات تسوية زوجية وتوفيق أُسري عن طريق المكتب ومن ثم البدء بإجراءات المحاكم التي تطول ويطول البت فيها، لا بل وإن بتّ الأمر فيها قد لا تنصف المرأة لأسباب، من بينها عدم لجوء المرأة لمراكز الشرطة أو المراكز الطبية لإثبات حالة الاعتداء والعنف ساعة حدوث المشكلة، عدم الحصول على شهود على واقعة الاعتداء باعتبار أن تلك الأمور بغالبيتها تتم بالأماكن المغلقة، كغرف النوم وما إلى ذلك فلا تستطيع الزوجة التوصل لإثبات، فضلاً عن أن القضاء الشرعي يأخذ بالأحوط في الضرر، فإن لم يكن لديه البينات التي تكفي لثبوت العنف ضد الزوجة، لن يفصل في ذلك الأمر لصالحها وهو مصيب في ذلك، لذا أتمنى من الزوجات التي تتعرض للعنف من قبل أزواجهن أياً كان نوعه، أن تستجمع أدلتها درءاً لأية مشكلة قضائية قد تعوق إنصافها».

وتحدثت دعبل عن أن «القضايا الجنائية (أعمال الإرهاب والشغب على وجه التحديد)، بدأت تشكل في الآونة الأخيرة، جانباً لا بأس به من العنف المشكل ضد المرأة، والتي قد تستخدم كحق من قبل مأموري الضبط القضائي وهو حق استعمال القوة، وطبعاً عندما نحاول ضبط ذلك الحق بحق آخر، وهو عدم التعسف في استخدام القوة، يقع علينا عبء إثبات التعسف، فالأصل في مشروعية الفعل».

وأضافت «يقع عبء خلافه على من يدّعيه كما إن المرأة قد تسلب بعضاً من حقوقها الإنسانية في الحبس، فيصل ذلك لمرتبة العنف بمواجهتها كالحرمان من النوم والحرمان من العلاج والصحة وتوفير التغذية الصحية اللازمة، كما إنني وبالإطار نفسه استوقفتني حالة إنسانية مفادها صدور حكم جنائي على الزوج والزوجة، ولديهما رضيع فصار أمر تنفيذ الحكمين في مواجهة الزوجين بالوقت ذاته تقريباً، كما حصل وتوارد لمسمعي من أقربائهما، حيث مكثت الزوجة مع رضيعها الخديج وبحالة صحية سيئة جداً بالحبس، تلك الحالة لا تشكل عنف ضد المرأة فحسب، بل تنتهك الجانب الإنساني أيضاً، والأولى أن يساير التشريع البحريني ما يتبعه قانون العقوبات المصري من عدم جواز التنفيذ بالوقت ذاته، لمراعاة حالة الرضيع والزوجة، التي وضعت منذ فترة وجيزة جداً، فنأمل من التشريع البحريني أن يعيد النظر بتلك المسألة».

وواصلت دعبل حديثها عن النواقص في القانون أو القضاء، قائلة «ففي القضاء ينبغي على المرأة أولاً ضرورة جمع بينات عند ادّعائها بالعنف من بينها، التقارير الطبية أو الشهود وإثبات الحالة بمركز الشرطة وما إلى ذلك، وينبغي على القضاء التفريق بين المرأة والرجل في تقدير الضرر، فطبيعة المرأة يجب أن تؤخذ في الاعتبار في التقدير لتلك المسألة، كما ينبغي عليه سرعة البتّ في تلك القضايا فالبطء في الحق ظلم، والتعاون المكمل والفعال مع جهاز التوفيق الأسري».

وشددت على ضرورة «وجود قانون الأحوال الشخصية بالشق الجعفري، يضع النقاط على الحروف، فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة من بينها على سبيل المثال، شخصية قاعدة الضرر فأمر تقدير الضرر، يجب أن يقع أمر تقديره على المرأة ذاتها، فما يشكل العنف ضد المرأة قد لا يشكل عنفاً ضد الرجل، فلا ينبغي أن يؤخذ بمعيار موضوعي أبداً، وضوح الحقوق والالتزامات والضوابط بين الزوجين منعاً من تلاعب بعض الأزواج، وجعل الزواج مجرد صفقة تجارية يخرج منها الزوج بمبلغ البذل (الخلع) لينشأ مشروع آخر، وجعل ضوابط تحول دون تعليق المرأة أو هجرانها لسنوات دون أن تعطى حقوقها أو تمارس حريتها لتكون حياة زوجية أخرى وغير ذلك الكثير جداً مما ينبغي حسمه وتوضيحه بقانون».

وطالبت دعبل الجهات المعنية بضرورة وضع خطة واضحة يتمثل بوجود قانون للأحوال الشخصية بالشق الجعفري، حفاظاً على حقوق المرأة والزوجة من العنف، بالإضافة إلى تفعيل عمل قسم التوفيق الأسري بالمحاكم الشرعية، وإلزامه بعمل تقرير يمتلك حجية أمام القضاء لثبوت الضرر واستحالة العشرة، فضلاً عن تحرك المجلس الأعلى للقضاء من أجل زيادة عدد المحاكم الشرعية، منعاً من تباعد الجلسات الذي أصبح يشكل المشكلة الأولى بإطالة أمد التقاضي، والقيام بإجراءات عملية فاعلة للارتقاء بحقوق المرأة من خلال تسليط الضوء على ما يحدث في الواقع العملي.

وفيما يخص العنف المتعلق بالقضايا الجنائية والأمنية، طالبت بضرورة أن تتم مراقبة أجهزة التحري والاستدلال، تفادياً لإساءة استخدام حق استعمال القوة أثناء القبض وأثناء التوقيف، وذلك من خلال الجهاز الإداري والجهاز الحقوقي الداخلي والخارجي، كما يقع على النساء بعض الأعباء من بينها الفطنة بحقوقهن وما يجب عليهن القيام به لتجميع البينات أمام كل الجهات اللاتي يعرضن عليها».

وأمّلت أن يكون لعلماء الدين دور فعال، من خلال زيادة المحاضرات التوجيهية والتوعوية للشباب التي تسهم في التوعية بالحياة الزوجية وحقوق المرأة وعدم التعنت والتعسف باستخدام حقوقهم ما يشكل عنفاً ضدها.

من جانبها، قالت المحامية حميدة القيسي إنه وفقاً لإحصائيات عن عدد القضايا المحالة إلى المحاكم الجعفرية بين العام 2003 وحتى 2013، زادت بنسبة 350 في المئة، وهي نسبة تعدّ كبيرة جداً»، وأردفت «تنظر محكمة الاستئناف سنوياً نحو 600 قضية، بينما تضاعف هذا العدد خلال السنوات القليلة الماضية، ووصلت إلى ألف قضية سنوياً».

ورأت القيسي أن العنف ضد المرأة يأخذ عدة أشكال، وخصوصاً القضايا التي تصل إلى المحاكم الشرعية، مشيرة إلى أن «غالبيتها تتمثل في ادّعاء الزوجة بتعرضها للعنف من قبل الزوج، سواء في المعاملة أو الحياة اليومية أو حتى في المعاشرة».

وأوضحت أن «نظرة المرأة في المجتمع البحريني المعاصر، تغيّرت كثيراً، إذ إنها لا تقبل أن تنصاع لأوامر زوجها، وأصبحت متواجدة في سوق العمل، بل إنها تريد الخروج من المنزل كما تشاء دون الاكتراث لما يريده الزوج، ومن هنا تبدأ المشاكل والخلافات الزوجية، والتي تصل إلى تعرضها إلى العنف»، مردفة أن «القضايا الشرعية تطول في أروقة المحاكم مدة تزيد على 5 سنوات، وخصوصاً إذا كان بينهم أطفال».

وبيّنت القيسي أن «المرأة في المجتمع البحريني، أصبحت قوية بحصولها على جميع حقوقها، على اعتبار أن القانون يحميها، إلا أن قانون الشرع شديد في مسألة طلب الطلاق، وخصوصاً في المحاكم الشرعية».

وذكرت أن «الحد من تفاقم المشاكل وتزايد نسب الطلاق، يحتاج إلى توعية لكلا الطرفين، ولا يمكن اتخاذ الطلاق والعنف وسيلة لحل تلك المشاكل، وهنا، لابد من إيجاد مكتب إرشاد أسري رسمي للتحكيم بين الطرفين يضم خبراء، قبل اللجوء إلى المحاكم، وخصوصاً أن معظم المشاكل الأسرية تكون صغيرة، إلا أنها تتفاقم بمجرد وصولها إلى المحاكم الشرعية».

وأضافت القيسي «كما نأمل أن تضع المحكمة آلية لإنهاء إجراءات الدعاوى بشكل أفضل، وتحسم في الدعاوى مدة لا تزيد على سنتين، وخصوصاً أن القضايا تطول في المحاكم لأكثر من 5 سنوات».

وفيما يتعلق بالثغرات القانونية الموجودة في القانون البحريني فيما يخص حفظ حقوق النساء اللاتي يتعرضن للعنف، أفادت القيسي أن «المحاكم الجعفرية لا تأخذ بما تتعرض له المرأة من عنف كدليل في الدعوى، وهو الأمر الذي يجعل من الرجل يتمادى، وخصوصاً أن غالبية حالات العنف لا توثق في مراكز الشرطة، لإثبات ذلك».

وواصلت «المحاكم الجعفرية تشكك في صحة أقوال الزوجة، على اعتبار أنه لا يوجد شاهد عاصر واقعة العنف، فضلاً عن عدم قبولها للبلاغات المقدمة إلى مركز الشرطة».

من جانبها، أفادت المحامية انتصار العصفور أن «القضايا التي تصل إلى المحكمة فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة، لابد أن تكون مقترنة بدعاوى الطلاق».

وأرجعت أسباب العنف ضد المرأة، لوجود خلل أسري بين الطرفين، ينتج عنه الخلافات والمشاكل، قائلة «هناك عدد بسيط لا يتعدى نسبته 15 في المئة، بأن الرجال تصيبهم حالات مرض نفسي تجعله يرتكب أقسى أنواع العنف ضد المرأة، إذ وصل الحال ببعض الرجال بأن يحلق شعر رأس زوجته بالكامل، فيما يتركز عنف الرجال في النسبة الأكبر، إلى عدم توافق أسري وغياب الثقافة الزوجية».

وذكرت العصفور أن «القضاء الشرعي لا يعتبر حالة العنف كمسببات للضرر، ويكون للرجل القوة في هذا الجانب، فضلاً عن تهاون القضاء الجعفري بأخذ العنف كسبب من أسباب الطلاق».

وطالبت بضرورة تقنين الزواج، وذلك من خلال وضع شرط ملزم للطرفين بضرورة انخراطهم في ورشات عملية للتعايش، وقالت «كما وضعت الدولة مشكورة، شرطاً أساسياً في العقد بضرورة الفحص قبل الزواج، لابد أن يكون انخراط الطرفين في ورش عمل توعوية قبل الزواج، وخصوصاً أن معظم الزوجات صغيرات في السن، والزواج بحاجة إلى توافق فكري واجتماعي وديني، وليس مجرد اقتران وإنجاب الأطفال، وفي حال فشلت العلاقة الزوجية بين الطرفين بعد انخراطهم في هذه الورش، فهناك خلل من الطرفين».

العدد 4463 - الثلثاء 25 نوفمبر 2014م الموافق 02 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً