العدد 4480 - الجمعة 12 ديسمبر 2014م الموافق 19 صفر 1436هـ

القطان للمسئولين الجدد: لا تتخذوا من المنصب وسيلة للتكسب والمصالح الشخصية

في خطبته بـ «جامع الفاتح»

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

دعا خطيب جامع الفاتح في الجفير الشيخ عدنان القطان، في خطبته أمس الجمعة (12 ديسمبر/ كانون الأول 2014)، المسئولين الجدد، لعدم اتخاذ مناصبهم الرسمية وسيلة للتكسب والاختلاس والمصالح الشخصية.

وفي خطبته التي تناولت «حقيقة المسئولية في الإسلام»، قال القطان: «إن المسئولية تعني السؤال الخطير الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: (أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)، وبقدر السلطة والمسئولية التي يتولاها الإنسان، تكون مسوليته أمام الله عز وجل، فإما نجاة وسلامة، وإما خزي وندامة».

وأضاف: «كم كان قبلك من مسئول؟ أيها المسئول هذه المناصب والمسئوليات حلّها أقوام قبلك، ما بين محسن سيلقى جزاء إحسانه، ومسيء سيلقى عاقبة إساءته، والمسئول السعيد صاحب المعالي والسعادة الحقيقية، هو من رضي الله عنه وذكره الناس بخير في حياته وبعد مماته، وشهدوا على أعماله النافعة في نفع الناس ونفع وطنه ومجتمعه ومواطنيه».

وتابع: «أيها المسئول: كان قبلك مسئولون بل حكام وملوك وأمراء ووزراء، سادوا ثم بادوا، ثم ماتوا، ولو قيل لأحدهم تمنَ؟ لتمنى أن يعود للدنيا ليعمل صالحاً، أو يتوب من ذنب، أو يرد مظلمة لمظلوم... هل فكر المسئول في حاله إذا عزل أو أحيل على التقاعد، وقد أشار نبينا صلى الله عليه وسلم إلى هذا المصير بقوله: (إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإمَارَةِ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ، وَبِئْسَتْ الْفَاطِمَةُ) هذا التشبيه النبوي للمسئول بالرضيع، الذي ينتفع في وقت الرضاعة بما يصل إليه من منافع دنيوية، فإذا فطم بالعزل أو التقاعد أو الموت، انقطع عنه النفع وربما تألم وبكى بسبب الحرمان».

وذكر القطان مخاطباً المسئولين الجدد أن قسم المسئول يتضمن معانٍ عظيمة وجليلة، منها الإخلاص للوطن، وهو أن يلتزم بأوامر الله ونواهيه في عمله، وأن لا يدخل الفساد على البلاد والعباد من قبل وزارته، والإخلاص للملك وولي الأمر بطاعته ونصحه والصدق معه، والإخلاص للوطن وأبناء الوطن، بخدمتهم والنصح لهم، وأداء حقوقهم، وتيسير أمورهم ورعاية مصالحهم.

وقال: «يخون المسئول الأمانة، حينما يتخذ من المنصب وسيلة للتكسب والاختلاس والمصالح الشخصية، وفيه يقول صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: (مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي؟ أَفَلا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لا)...يخون المسئول الأمانة، حينما يغش المسلمين ويضرب بمصالحهم عرض الحائط، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته؛ إلا حرم الله عليه الجنة)».

وتابع: «يخون المسئول الأمانة، حينما يحتجب عن الناس خلف أسوار البيروقراطية أو في أحضان المصالح الشخصية، ويهمل النظر في مصالحهم، وفيه يقول صلى الله عليه وسلم: (مَنْ وَلاهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- شَيْئاً مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمْ، احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ)... يخون المسئول الأمانة، حينما يضيّق على الناس، ويشق عليهم ويظلمهم حقوقهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولى من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به)».

وأكد القطان على وجوب إحسان الظن بولاة الأمر والمسئولين، وقال في هذا الشأن: «مع جملة الإعفاءات والتعيينات التي تصدر من قبل ولاة الأمر وفقهم الله، يجب على المسلم لزوم حسن الظن، والحذر من الوقوع في أعراض المسلمين أو المسئولين، إلا بدليل بين، وفي ضوء المصلحة الشرعية. ولا يجوز أن يقال إن المسئول الجديد، أظنه كذا، ويمكن أن يكون كذا، أو المسئول السابق أو الوزير فلان أعفي من منصبه لأنه فعل كذا، أو لأن ولي الأمر أراد كذا وكذا».

وأشار القطان إلى أن الكل يريد الإصلاح والتطوير، ولكن يجب أن يكون ذلك بدون إفراط أو تفريط بل بوسطية واعتدال، وقال: «نحن في عالم متغير محتدم، وآمال وطموحات وطنية للإصلاح والتقدم، كم نحن بحاجة للإصلاح والتطوير، في ضوء الضوابط الشرعية، واضعين نصب أعيننا الالتزام بتعاليم ديننا، متمسكين بعاداتنا وتقاليدنا وأخلاقنا،فديننا بحمد الله لا يقصر عن مواكبة العصر، ولا يبرر تلقي الدعوات الشاذة والمتحررة، أو التوجهات الفكرية اللادينية أو التغريبية، التي تنذر بالخطر على العقيدة وعلى الأخلاق، وعلى أمن البلاد والعباد».

وتطرق القطان في ختام خطبته إلى الآداب المتعلقة بالمسئول المسلم، والتي لخصها في الإخلاص، وإرادة وجه الله بالعمل، والعدل بين الناس، من موظفين أو مراجعين أو غيرهم، والقدوة الحسنة، بأن يكون المسئول أياً كان منصبه، أول الملتزمين بما يدعو إليه من النظام أو الخلق أو الأمانة.

كما أكد ضرورة التزام المسئول بعدم الاستبداد بالرأي، واستشارة أهل الثقة الناصحين، والرجوع لرأي أهل العلم المحققين؛ فإنه ربما يدخل على المسئول بعض المستشارين الفاسدين، فيلبِّسون الأمور، ويزخرفون القول، ويتبنون بعض الأفكار المنحرفة أو يسعون لمصالح شخصية بقالب من المكر العظيم فالحذر الحذر.

وشدد على أهمية اتخاذ المسئول للموظفين الصالحين والأعوان الناصحين.

وقال: «تحلَ أيها المسئول بحسن الخلق من الحلم والبشاشة والتواضع، وبهذا تثني عليك الألسنة، وتدعو لك القلوب، وتحبك النفوس، ولا تظن أن هذا يقلل من شأنك أو يضعف من شخصيتك. وأرفق بالناس، واقضِ حوائجهم، وفرج همومهم، ويسر أمورهم وإجراءاتهم، واحذر من الإشقاق عليهم أو الإضرار بهم أو التسويف والمماطلة بحقوقهم».

وختم حديثه قائلاً: «وكان صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة في السعي في حاجات ومصالح المسلمين، حتى إن الأَمَة كانت تأخذ بيده حتى يقضي حاجتها، وهكذا كان الخلفاء الراشدون من بعده - رضي الله عنهم وأرضاهم».

العدد 4480 - الجمعة 12 ديسمبر 2014م الموافق 19 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:04 م

      على الله

      ان شاء يكونون من اللي يعتبر الكرسي تكليف مو تشريف

اقرأ ايضاً