العدد 4480 - الجمعة 12 ديسمبر 2014م الموافق 19 صفر 1436هـ

كشكول مشاركات ورسائل القراء

من وحي عاشوراء

إن لقتل الحسين (ع) حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا، كما ورد في المأثور عن أهل البيت (ع). أنا لا أحيي عاشوراء لإحياء ذكرى الحسين (ع)، أنا أحيي عاشوراء لأحيي روحي بها... فالحسين (ع) من الرسول (ص) والرسول من الحسين (ع)، فكما أن الرسول نور الله كذلك الحسين نور الله وهيهات أن يُطفأ هذا النور ولو كره الكارهون، وستبقى رايته النورانية شامخة تعانق السماء في رفعتها حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فالحسين لا يحتاج الى إحيائي لذكراه وإنما أنا الذي أحتاج إلى إحياء ذكراه لأحيا.

تعلمت من عاشوراء كيف أكون إنسانا حقاً، أسعى لتحقيق الإنسانية في وجداني وسلوكي لأعيش بكرامة وأطالب بالحرية المسئولة وبالعدالة، رافضاً الذل والخضوع والاستعباد، رافعاً صوتي أمام كل صور الطغيان أينما كان (هيهات منا الذلة)، تعلمت من عاشوراء كيف أحقق العبودية لله فأكون عبداً حقاً أعيش منازل التسليم والتوكل والرضا بقضائه وحكمه ومشيئته.

تعلمت من عاشوراء كيف أدرك حقيقة طاعة الله فأفنى في عوالم التوحيد لا أرى عظيماً إلا هو ويصغر كل ما سواه في عيني.

تعلمت من عاشوراء كيف أكون رسالياً في حركتي إلى الله، وكيف أكون مؤمناً في مراقبتي لله، وكيف أكون ربانياً في جنب الله، وكيف أكون متخلقاً في سلوكي ومعاملاتي بأخلاق الله ولو مع أعدائي، تعلمت من عاشوراء كيف أكون صاحب مبدأ في الحياة لا أحيد عنه، وأن أكون حراً عزيزاً لا أعطي بيدي إعطاء الذليل، وإن بقيت وحيداً في مسيري بدون ناصر أو معين.

تعلمت من عاشوراء أن الدم ينتصر على السيف وأن الظلم مهزوم مهما طال أمده لأنه مظهر للباطل والباطل في عاقبته زهوق!

لكل ذلك أنا أحيي ذكرى عاشوراء فالسلام عليك يا رحمة الله، يا أبا عبدالله، يا بن رسول الله.

عاشوراء ذكرى للقلوب الغافلة الغارقة في تمردها (فذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين).

عاشوراء من أيام الله أريد لها إحياء الأمة من انحرافها (وذكرهم بأيام الله).

عاشوراء قصة مُلهمة في مسيرة الوجود والإنسانية (فاقصص القصص لعلهم يتفكرون).

عاشوراء ليست واقعة منعزلة حدثت في الأزمنة الغابرة وأيام الأمة الخالية لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، بل هي تعيش في الوجدان وتتفاعل مع الأحداث وحاضرة في سائر الأزمان، فهي ذكرى مؤثرة وقصة ذات عبرة ويوم من أيام الله الخالدة، الفاصلة بين الحق والباطل وبين الخير والشر.

لذلك نرى أن النفس تعيش عند استذكارها لواقعة عاشوراء عمق المعنى الروحي للحركة في الحياة ضمن دائرة الإيمان بالله والارتباط به والخشوع إليه والخضوع له، فكراً وإيماناً وسلوكاً وحركة، فتكتسب شعوراً بالاطمئنان في حياتها، لا يهمها المصير والنتائج طالما هي تنتهي عند الله، وهذه الحقيقة مكلفة جداً لمن يريد أن يبقى الإنسان المسلم مقيداً في دائرة عبودية النفس، يتحرك في حدود شهواتها ورغباتها وتعلقها بمتاع الدنيا وزخرفها وزبرجها، غير مكترث لعلة وجوده في هذه الدنيا، فيسهل تسييره وإخضاعه والهيمنة عليه.

هنا نعرف لماذا وُضعت حجب وأستار بين المسلمين وبين عاشوراء ولماذا سُخرت وسائل الإعلام والقنوات الفضائية والأحاديث الموضوعة لتشويه صورتها المشرقة وواقعتها المباركة من خلال فبركة خصائصها وتضخيم الشواذ من طقوسها والدخيل من شعائرها بهدف إضعافها إعلامياً وتشويهها تأريخياً، كل ذلك لإخفاء أبعادها الإنسانية العظيمة وكونها امتداداً طبيعياً لخط الرسالة النبوية (حسين مني وأنا من حسين)، (والحسن والحسين إمامان إن قاما أو قعدا).

إن المثقف المطلع بأحداث كربلاء مسئوليته كبيرة والعارف بحقائقها مسئوليته أعظم، لذا نقول متأسفين إن عاشوراء ظُلمت من الأقربين مثل ما ظُلمت من الأبعدين.

حيدر اللواتي


سلامٌ على الحسين

سلامٌ على مَن يفوحُ شذَاه

على سيدي، مهجتي، وقائدي،

على مولاي كلُّ السلام

على جِسمه، وروحهِ

اِبنُ خيرِ الأنَام هوَ تاجُ القلوب،

معبرٌ للسراط، كاشفٌ للكروب،

بإذن من لا ينَام..

سلامٌ حبيبي، كلُّ السلام..

على تربكَ أرضكَ.. نفسكَ

علمِكَ.. صبرُكَ،

نحركَ، أشجى سلام

إلى سلمكَ، سلامٌ سلام، واَحلى مقامْ

على الدّم الطهور، وكلِّ النحور،

على من حلَّ عندكَ في الشهرِ الحرام،

إليكَ سلامٌ، ومنكَ سلامٌ،عليكَ سلام..

سلامٌ على قلب أختكَ الصبور،

على الكفِّ التي نازَعت للمياه،

سلامٌ على كلِّ كفٍّ تَجود،

على الزَهرِ في عمر الورود،

عليهُم السلام، خيرُ الشباب، وسرُّ الوجود..

ابنُ ليلى أكبرٌ، سلامي على روحِ جسّامْ

سلامٌ بريء بلونِ السماء ،لسودِ العيون،

مهيّج الشجون، أراه فأنحبُ،

أقولُ سلامٌ.. بكلِّ الفنون

على صوتهِ.. رضيعُ الإمام

سلامٌ عليكَ ،على مُقلتيكَ،

مُد لي يديكَ.. عليكَ السّلام

في كلِّ حين..

سلامٌ عليكَ حبيبي حُسين

السيد علي الموسى


كربلاء...عروج إلى العلياء

إنها سمو الذات الإنسانية... ملتقى القلوب المؤلفة... كربلاء الشموخ... كربلاء التحدي والتمرد على الأصفاد... كربلاء الشهادة... قد رفرفرت رايات المسير المنتصر على ربوعها، فاستقطبت الملايين الزاحفة نحو القداسة الأزلية نحو إسماعيل طه وذبيحه المسفوح دمه على نطع الكرامة، جاءت تلتقي بالوصال المترب، وتستمد من وحي عاشورائه العزة وتجديد العهد والولاء.

لقد سطرت بأرض الطفوف أعظم ملحمة مصيرية تجلت فيها مبادئ الرقي والإيثار، لتدق أجراس الفيصل بين الحق والباطل وقد تجسدت على رسومها العطاء اللامتناهي من تفانٍ في سبيل الله وإحقاق الحق المضّيع.

لقد واجه السبط الشهيد أعتى طاغية في زمانه وأعلنها صيحة مدوية في وجه الظلم (مثلي لا يبايع مثله) و(هيهات منا الذلة)... تمثلت فيها الفضيلة بأروع صورها وأسقطت الأقنعة عن عبدة الدينار والدرهم حيث تكالبت الخطوب على أقدس البيوتات على وجه البسيطة التي أذهب الله عنها الرجس وطهرها تطهيراً، إذ لم تراعِ لهذا البيت من حرمة، من سفك للدماء والتعرض لودائع الغفران وقرائن القرآن وقد مارست بحقها كل ما أملت عليها أحقادها الدفينة من قتل وسبي وارتداد الجاهلية الجهلاء.

لقد تبنت نهضة الحسين (ع) التحلي بإحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة، فانتصر الدم على السيف والأخذ بأيدي المستضعفين وأعلنها صيحة على روؤس الأشهاد رافضاً للحيف، غير مذعن للباطل، ولو فنينا عن آخرنا والمضي في طريق ذات الشوكة، فأبى الركوع إلا لله العظيم، لذا فقد قدم في سبيله كل ما يملك، فحبته السماء المنزلة الرفيعة، وتعهدت بحفظ قيامه وتخليده أبد الدهور.

لقد كانت كعبة الأحرار صرحاً منيعاً وغرساً أينع ثماره في كل جيل، فكلما حلّت الظلامات انقلب السحر على الساحر، فيدندن صدى الإمام الحسين (ع)، ويمتد في أرجاء المعمورة، لتبث بوارقه المحمدية، فحينما يكبّر للجهاد تتوضأ الأبرار من زمزم الحسين.

نهاية الحواج

العدد 4480 - الجمعة 12 ديسمبر 2014م الموافق 19 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً