العدد 4541 - الأربعاء 11 فبراير 2015م الموافق 21 ربيع الثاني 1436هـ

بين البوعزيزي والكساسبة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

منطقتنا مرَّت بمنعطفين، تمثَّلا باحتراق جسد شابَّين... ففي (17 ديسمبر/ كانون الأَوَّل 2010)، أَضرم الشابُّ التونسيُّ، محمد البوعزيزي، البالغ من العمر (27 عاماً) النار في نفسه، بعد أَن صفعته إحدى الشرطيَّات، وصادرت عربته التي كان يسترزق منها، من خلال بيع الخضراوات والفواكه في مدينة سيدي بوزيد التونسيَّة. بعد ذلك مباشرة اشتعلت ثورة الياسمين التي أَطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في (14 يناير/ كانون الثاني 2011)... وعلى إثرها اشتعلت احتجاجات وثورات الربيع العربي، في عدد من الدول العربيَّة. وعلى رغم أَنَّ أَكثر من 50 شخصاً حرقوا أَنفسهم «تقليداً» للبوعزيزي، فإنَّ أَيّاً منهم لم يكن له الأَثر والرمزية التي صاحبت ما حدث في «سيدي بوزيد» التونسيَّة.

غير أَنَّ مسار الأَحداث انقلب لاحقاً، ونتج عن ذلك قمع المطالبين بالديمقراطيَّة في العديد من بلدان المنطقة، واستبدالهم بدعاة الكراهيَّة، وبحركات مضادَّة للديمقراطيَّة، ارتكزت على نشر الأَحقاد الطائفيَّة لتمزيق المجتمعات. وهكذا انطلقت حرب طائفيَّة بالوكالة في عدد من البلدان، وصلت إلى درجة سيطرة تنظيمات تحرق الأَخضر واليابس تحت شعارات تتستَّر بالدين، وتمكَّنت من اختطاف الربيع العربي، وتحويله إلى خريف جاهلي.

ثمَّ كان هناك احتراق جسد آخر في (3 فبراير/ شباط 2015) للشابٍّ الأُردني، معاذ الكساسبة، البالغ من العمر (27 عاماً) أَيضاً... والعالم عرف بطريقة الإعدام البشعة التي نفَّذها تنظيم «داعش» عبر حرق جسده عمداً، وتصوير ذلك بالفيديو، ونشره على الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، بطريقة لم يعرفها العالم من قبل، وقد عبَّر القادة السياسيُّون والمراقبون عن صدمتهم حيال مقتل الطيَّار الأُردني، الذي أَسره الإرهابيُّون بعد سقوط طائرته في سورية، في (24 ديسمبر 2014)؛ لأَنها كانت «خارج إطار قوَّة التصوُّر البشري».

على أَنَّ هذا الحرق، الذي طال الكساسبة، أَشعل نار الغضب والعزيمة لمواجهة الإرهابيين، عبر حشد التأَييد الدولي والشعبي، في مختلف البلدان لتوجيه ضربات مباشرة. وهذا الحرق عزز من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش»، ويوم أمس طلب الرئيس الأَميركي باراك أوباما تفويضاً من الكونغرس لاستخدام القوَّة العسكريَّة في الحملة ضد التنظيمات المتطرفة. وعليه، فإنَّ المنطقة ستذكر احتراق جسد البوعزيزي الذي فجَّر الربيع العربي، كما ستذكر احتراق جسد الكساسبة، الذي شحذ الهمم لمواجهة قوى الظَّلام، التي اختطفت أحلام الشباب العربي.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4541 - الأربعاء 11 فبراير 2015م الموافق 21 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 1:38 م

      التحالف الدولي ليس جادا في القضاء على داعش ..... ام محمود

      تركيا ستدخل بكل قوتها و جيشها للعراق من أجل محاربة داعش كما فعلت بعض الدول التي أسست التنظيم الارهابي و دعمته و عززت وجوده و بعد ذلك تظاهرت بإعلان الحرب عليه و لأن الدولة الاسلامية في الشام و العراق لا تحمل أي مبادئ او اخلاق او دين فإنها ستعلن الحرب على أسيادها سيكون هناك كمين او عمليه غادرة ضد التحالف بعد اتخاذ/
      ق عسكرية
      له على الارض السورية و هناك
      اعلام ترهيبي يستخدمه من أجل بث الرعب في نفوس الناس كما فعل في فيديو حرق الطيار و ذبح الرهائن و هناك المزيد من البطش و تدمير الاماكن الدينية

    • زائر 7 | 11:09 م

      لا تعليق

      لا تعليق على مقالك اليوم مع أنني من المتابعين لك يوميا مع خالص التحية والتقدير ارجو النشر مع الشكر

    • زائر 6 | 10:38 م

      الرحمة والمغفرة

      لكل من م بوعزيزي و الأساسية .... شهادتهما غيرت الكثير إلى الأفضل و هذا ديدن الدماء الزكية و الطاهرة .

    • زائر 11 زائر 6 | 11:46 ص

      انتحار‏ ‏و‏ ‏ليس‏ ‏شهادة

      حرق‏ ‏الانيان‏ ‏نفسه‏ ‏يعتبر‏ ‏شهادة‏ ‏؟‏!‏!?!

    • زائر 5 | 10:35 م

      الاحداث في سوريا تتجه الى الاسوأ ....... ام محمود

      أمس غطت الميادين حرب عنيفة بين الجيش السوري و جبهة النصرة وسقوط مئات القتلى في صفوف التكفيريين و اسرائيل قلقة من وصول حزب الله الى منطقة الحدود بينها و بين سوريا و دمشق في خطر بسبب سقوط مئات قذائف الهاون عيها يوميا من جماعات ارهابية و هناك جرحى من الاطفال و المدنيين و مستر اوباما يستأذن من الكونجرس لخوض عمليات عسكرية في سوريا على البر للقضاء على داعش كما يصرح او يزعم .. الكتب تتكلم عن موقعة قرقيسيا او مأدبة الجبارين لابد من حدوثها و هناك منطقة اسمها الجزيرة في سوريا ستكون مكانا لتجمع الجيوش

    • زائر 4 | 10:25 م

      مسار الأحداث انقلب بدرجة 180% في الحادثتين والحرب البرية لابد منها..... ام محمود

      الحادثة الاولى حدثت في مدينة سيدي بو زيد التونسية و خلفت ارتدادات من الغضب الشعبي الذي انتقل لعدة دول مجاورة و خلف مئات الالاف من الشهداء و المناظر الدامية و العنف و القتل المروع واهتزاز دول و سقوط أنظمة... الحادثة الثانية التي حدثت في مدينة الرقة السورية ايضا ادت الى مئات الضربات الجوية و ستؤدي الى اشعال حرب في المنطقة بسبب السياسات المنحرفة و السيناريوهات الخبيثة و المؤامرات التي تصب في صالح الدولة الصهيونية والد معاذ يقول ان الخاطفين طلبوا مليون يورو فدية و المكالمة كانت من السنغال ؟؟.

    • زائر 3 | 10:17 م

      معاذ كان جميل الشكل متفوقا دراسيا و متزوج من 8 أشهر فقط و ينتظر مولودا .. الله سبحانه يختار خاتمة الانسان و لكن الاجرام بلغ أعلى المستويات ..... ام محمود

      مقارنة مؤلمة بين الشهيد البوعزيزي و الشهيد معاذ الكساسبة و هو طريقة الموت البشع بواسطة الحرق و لكن الفرق ان الشاب التونسي أحرق نفسه متعمدا و أشعل ثورات الربيع التي تحولت فيمت بعد الى مشاهد دراماتيكية و قتل غير مسبوق لم يكن يتخيله أي انسان على وجه الكرة البشرية مع ان الانتحار يحرمه الاسلام و كل الشباب الذين انتحروا بحرق أنفسهم تسرعوا في ذلك فالأوضاع كانت قاتمة و اليأس دخل النفوس .. بينما معاذ ارتقى للسماء محروقا و بطريقة وحشية لا يقبله أي دين و بأسلوب بعيد عن الانسانية هناك لغز و هناك رسائل

    • زائر 2 | 9:52 م

      سيدي الدكتور كلها أمور مرتبة للتدخل

      امريكا راس البلاء وداعش صناعتها والدول الإقليمية الداعمة لداعش أيضاً تحت امر امريكا حرق الطيار سيناريو واضح البيان والترتيب ليكون حجة للتدخل وكان ضحيته هذا الطيار الذي تم تخديره كي يقل عليه الم الحرق وتكون حجة لأمريكا للتدخل البري في سوريا تحديدا انتقاما من روسيا وقضية أوكرانيا ونقول لقد انقلب السحر على الساحر وبانت الحقيقة ورجال الله والجيش العربي السوري قلبها في ريف درعا

    • زائر 1 | 9:51 م

      العودة الى قواعد ماضاوية تحكم سلوك البشر

      لم تنجح على مر العصور ولن تنجح حاضرا او مستقبلا ، الطبيعة الانسانية ترفضها مثل ما يرفض الجسم السموم ، البوعزيزي والكساسبة حرقوا القلوب وأثاروا العقول ولكن ؟؟؟؟ الديموقراطية العاقلة تحتاج الى ارضية اساسها التعليم و الشفافية والصدق ياترى اين يقف منها مجتمعنا البحريني الصغير وسط أمواجه العاتية ؟؟

اقرأ ايضاً