العدد 4556 - الخميس 26 فبراير 2015م الموافق 07 جمادى الأولى 1436هـ

«أبو صفار»... بين الطب البديل والطب الحديث

دواني أرجع سبب انتشار المرض بين الأطفال إلى عدم اكتمال  نضوج الأعضاء داخل جسمهم
دواني أرجع سبب انتشار المرض بين الأطفال إلى عدم اكتمال نضوج الأعضاء داخل جسمهم

تعتبر التوعية الصحية إلى جانب الثقافة الصحية من أهم الأمور التي تساعد على تجنب بعض الأمراض والتخفيف من مدى خطورتها على الإنسان، ولاسيما الأمراض التي تصيب الطفل حديث الولادة، حيث تقع المسؤلية على الأم التي تكون هي المهد الأول للطفل منذ أن يخلق، بالإضافة إلى حملات التوعية الصحية المكثفة من قبل الجهات الحكومية المتمثلة في وزارة الصحة.

ومن أبرز الأمراض الشائعة بدرجة كبيرة بين المواليد الجدد هو مرض اليرقان (أبو صفار) الذي يصنف عالميّاً بأنه مرض منتشر في كل بقاع العالم، وأن ارتفاع نسبته في الدم تقود إلى موت الطفل إذا لم يتم تداركه بالوسائل الطبية المناسبة.

ما هو مرض اليرقان؟

(Neonatal jaundice) ويدعى أيضا الصفار، هو مرض ناجم عن تكون كمية زائدة في الدم من صباغ (Pigment) بني- مائل الى الصفرة يسمى «بيليروبين» (Bilirubin). تراكم هذا الصباغ وترسبه في نسيج تحت الجلد وفي الصلبة (الغطاء الليفي الخارجي غير الشفاف للعين (Sclera، يؤدي الى اصفرار الجلد والعينين. في الحالة الجسمانية السليمة، يتكون صباغ البيليروبين نتيجة التحلل المستمر لخلايا الدم الحمراء الهرمة، يصل الى الكبد من خلال الدم، تتم معالجته بواسطة عمليات الايض (الاستقلاب – Metabolism)، يصبح ذوابا (Soluble) ويتم افرازه من خلال قنوات المرارة الى الأمعاء. وهي ظاهرة شائعة، غالبا ما تزول من دون مضاعفات. نصف الأطفال: حديثي الولادة الناضجين وأغلب الخدج يظهر عندهم اليرقان في الأسبوع الأول من حياتهم. وتصل قمة الاصابة بمرض اليرقان عند حديثي الولادة الناضجين بين اليوم الثالث واليوم الخامس من حياتهم.

اليرقان نسب وأرقام

يصرح الاستشاري في مجال الأطفال نادر دواني، بأن نسبة الإصابة باليرقان ترتفع في الأطفال الخدج إلى 60 في المئة من الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و37 أسبوعاً مقارنة بالأطفال المكتملين ذوي الـ 38 أسبوعاً، ويرجع السبب إلى عدم اكتمال نضوج الأعضاء داخل جسم الطفل.

ويرتفع عدد الأطفال المصابين باليرقان مقارنة بالسنوات العشر الأخيرة بسبب ازدياد عدد الولادت في المجتمع وخصوصاً في فصل الشتاء، إذ تتراوح النسبة ما بين 30 و40 في المئة، أي بين كل 100 مولود يوجد هناك 30 إلى 40 طفلاً مصاباً، ويراجع المستشفيات حوالي 10 إلى 15 طفلاً من المصابين الثلاثين بالمرض، وذلك لاختلاف النسب بين كل طفل وآخر وتتراوح النسبة بين 6 و14 و20.

وتزيد الخطورة عندما يكون هناك اصفرار في الجلد وبياض العين اللذين يعدان مؤشرا على وجود المادة الصفراء في دم الطفل وخصوصاً في اليوم الأول من الولادة.

وتختلف أسبابه من طفل إلى آخر، منها: وجود التهابات بولية ومشكلات خلقية في القلب، التهاب في الدم ويصاحبه ارتفاع درجة الحرارة، واختلاف فصيلة الدم بين الطفل والأم، إضافة إلى ذلك مرض نقص الخمائر الذي يعد سبباً رئيسيّاً للمرض، ويمكن أن يظهر الاصفرار في اليوم الثاني والثالث بعد الولادة، وهذا الظهور لا يعد خطراً.

وعندما تتجاوز عمر المادة الصفراء في دم الطفل المكتمل أكثر من أسبوعين يتم اتخاذ الإجراءات الوقائية الطبية اللازمة، أما بالنسبة إلى الطفل الخديج، فإن المدة يجب أن تتجاوز ثلاثة أسابيع، ليتم اتخاذ التدابير الطبية، حينها تكون النسبة بلغت 20 فما فوق، أما إذا كانت أقل فإن العلاج يكون بطريقة مخففة غير مكثفة.

ماء الحيج وفوائد لا تحصى

يحدثنا صاحب مصنع الكامل للأدوية الشعبية فيصل الكامل، عن أن نسبة ماء الحيج الذي ينتجه المصنع، تبلغ نسبة 7 في المئة من بقية المنتجات الثلاثين التي ينتجها المصنع، وهي نسبة كبيرة، وينتج المصنع حوالي 3000 إلى 4000 قنينة في الشهر الواحد، وترتفع نسبة تصنيع ماء الحيج بشكل منتظم أي يقارب 28 في المئة بسبب ازدياد عدد الولادات في المجتمع.

ويستقطب المصنع والمحلات التابعة له بشكل يومي الطلبات من قبل البحرينيين والوافدين الأجانب، وتحتل دولة الإمارات المرتبة الثانية بعد البحرين من حيث استهلاكه، وتعتمد الدول الخليجية اعتماداً كليّاً على البحرين في هذه المنتجات، حيث يتم التصدير إليها بشكل شهري.

ويؤكد إن «أهمية ماء الحيج كبيرة ومنتشرة أيضاً، فإن المستعمر البريطاني كان يلجأ إلى جدي المرحوم سيدعلوي الكامل، للتداوي بالعشبة وأخذ ماء الحيج لمركز النعيم الصحي لخفض نسبة اليرقان في دم الطفل لما له من تأثير قوي وفعال».

وتعتبر صناعة ماء الحيج وراثة امتهنها الأجداد، لتنتقل إلى الأجيال وذلك من خلال تجريب فعاليتها قبل تصدير كميات منها للسوق، حيث يتكون ماء الحيج من عشبة الحيج التي تنتشر في الأراضي الصحراوية في البحرين وتتوافر في مواسم محصورة، ويتم تنظيفها من الشوائب ومن ثم غليها في درجة حرارة معينة ويضاف إليها الماء المقطر، وبعد ذلك تمر بعمليات أخرى، وتكون جاهزة للتعبئة للشرب.

يردف قائلاً: «أطمح إلى أن يكون هناك معرض سنوي للأدوية الشعبية في شهر مايو/ أيار قبيل شهر رمضان المبارك، يجمع جميع المصانع التي تنتج الأدوية الشعبية وذلك للتوعية الصحية حول الأمراض التي تصيب الأطفال حديثي الولادة والأمراض المزمنة».

شهادات واقعية

تقول أسماء علي (44 عاماً) ربة منزل، إنه أصيب أحد أطفالها عندما كان حديث الولادة قبل أربعة عشر عاماً بمرض اليرقان بعد الولادة، وتم وضعه تحت الملاحظة لمدة أسبوع في المستشفى، حيث كانت نسبة المادة الصفراء في دمه 20، وعندما قامت بإعطائه ماء الحيج انخفضت النسبة إلى 11 خلال يومين.

أما شريفة الوداعي (24 عاماً) طالبة جامعية، فتقول إن ابنتها أصيبت عند ولادتها بمرض اليرقان بنسبة 14، وتم وضعها تحت الملاحظة في المستشفى حتى تتلقى العلاج، لمدة ثلاثة أيام، وقد قامت بإعطاءها خلال فترة الملاحظة ماء الحيج ما ساعد على انخفاض النسبة إلى 11 خلال يوم واحد من إعطائها إياه.

نحتاج إلى دراسات ميدانية

يقول دواني إن آلية العلاج تتم عن طريق تشخيص الطفل والتحدث مع الأم عما تعرضت له خلال فترة الحمل من مشاكل وفحوصات، ويتم عندها عمل فحوصات طبية كاملة على جسم الوليد، من فحص الدم وبراز الطفل، ليتم الكشف عن السبب الحقيقي للارتفاع.

أما بالنسبة إلى العلاج الرئيسي المتعارف عليه، فإنه يتم وضع الأطفال في غرفة خاصة وإلباسهم نظارة شمسية وتوجيه إضاءة معينة تحيط بالطفل، بالإضافة إلى الإضاءة الطبيعية المتمثلة في طلوع الشمس وغروبها لمدة 15إلى 30 دقيقة يوميّاً مع حماية العين بالنظارة الشمسية حتى لا تتلف شبكية عين الطفل، ولا ننسى إعطاء الطفل الكثير من السوائل مثل الماء وحليب الأم.

ولكن عندما تتضح في النتيجة أن النسبة لاتزال مرتفعة، عندها يتوقع أن يكون هناك انسدادات خلقية في قنوات الكبد، التي تؤدي إلى عدم التخلص من المادة الصفراء وترسبها في الدم ومناطق أخرى كالمخ، عندها يتخذ العلاج منحىً آخر، حيث يتم إجراء عملية جراحية في الكبد لفتح الكبد ويطلق عليه مصطلح (اليرقان الانسدادي)، وقد يصيب به أكثر من طفلين في السنة، ويتم تدارك الطفل خلال الشهرين الأولين من الولادة حتى لا يحدث تليف في الكبد، تنتج عنه مشاكل أخرى.

وقد تكون الكبد ووظائفها سليمة وبقية الفحوصات المخبرية الطبية أيضاً، حينها تعطى الأم إرشادات بعدم رضاعة الطفل لمدة يومين وملاحظته، وذلك لاحتواء حليب الأم على مادة من المواد الغذائية التي لا تتناسب مع المادة الصفراء، وتعوضه بإرضاعه رضاعة صناعية، حتى تنخفض النسبة في دم الوليد، ويتم عمل فحص مخبري بعد يومين وذلك عن طريق أخذ عينة من دم الطفل، لمعرفة معدل النسبة للمادة الصفراء في دم الطفل، لكن يبقى حليب الأم الأفضل لاحتوائه على مكوناته الأساسية الثلاث وهي البروتينات والمواد الدهنية والسكريات والتي تساعد على انخفاض نسبة المادة الصفراء في الدم.

في حال عدم انخفاض النسبة الصفراء في دم الطفل بكل الطرق السابقة، تجرى حينها عملية استبدال الدم عند طريق طبيب متمرس وهذه العملية تجرى بشكل يومي لعدد من الأطفال.

ويؤكد أهمية الاتجاه لاتخاذ العلاج اللازم للطفل ودخوله المستشفى حتى لا يتسبب له في إعاقة دائمة، فارتفاع النسبة يؤدي إلى فقدان السمع وحدوث شلل دماغي وتشنجات ورعشة في الأطراف تدوم مدى العمر بالنسبة إلى الطفل.

ويشير دواني إلى أنه على مدى سنوات طويلة تلجأ الكثير من الأمهات إلى إعطاء أطفالهن الأدوية الشعبية كماء الحيج والحندباء، حتى يسهل عملية الهضم ما يساعد على انخفاض نسبة المادة الصفراء في دم الوليد، حيث إن معظم النتائج تكون إيجابية عندما يتم استخدام الأدوية الشعبية، لكن نحتاج إلى دراسة علمية ميدانية على عدد من الأطفال حديثي الولادة، ليتم تجريبها عليهم ومن ثم تقوم الجهات المعنية في وزارة الصحة في البحرين بنشرها وتوثيقها، حتى تتبين صحة ما تؤمن به الأمهات على مدى سنوات مضت وتؤكد فعاليتها على الأطفال حديثي الولادة.

العدد 4556 - الخميس 26 فبراير 2015م الموافق 07 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:53 م

      هاي المواضيع العدالة و الشعب ما يقرأ لا في الصحه و لا الثقافه

اقرأ ايضاً