العدد 4562 - الأربعاء 04 مارس 2015م الموافق 13 جمادى الأولى 1436هـ

الأردن وتحدياته الأمنية - حراك داخلي لدرء خطر الإرهاب

الوسط - المحرر الدولي 

تحديث: 12 مايو 2017

الأردن الواقع على خط التماس مع سوريا والعراق الملتهبين، يشهد شارعه انقساما بشأن مشاركة المملكة في الحرب على داعش، ومع ازدياد عدد الجهاديين المفترضين بداخله، فإن سياسة عمان تتأرجح بين القبضة الحديدة والإصلاحات السياسة، وذلك وفق ما نقل موقع DW اليوم الخميس (5 مارس / آذار 2015).

جاء خطاب الملك عبد الله الثاني للأردنيين مساء الثلثاء (3/3/2015) في وقت يشهد فيه الأردن، تحديات كبرى، فالشارع الأردني بات قلقا من التحديات الأمنية، التي تفرضها الحرب على تنظيم "داعش". كما أن صراع الحكومة مع الإخوان المسلمين، أخذ بعداً جديداً بعد الانشقاق الذي شهدته هذه الحركة. هذا بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين والعراقيين المتواجدين على الأراضي الأردنية. وما يمثله هذا التواجد من عبء أمني واقتصادي على المملكة.

ويبدو أن حادثة حرق الطيار معاذ الكساسبة على يد تنظيم "الدولة الإسلامية"، ولد حالة من الصراع داخل المجتمع الأردني، ما حدا بالملك الأردني عبد الله الثاني إلى التدخل داعيا الأردنيين إلى "رفع رؤوسهم لأنهم يرفعون راية الأردن في شتى مجالات العمل"، مؤكداً "أن "في كل أسرة أردنية (معاذ) نفاخر به". وقال الملك "أقول لكل أردني وأردنية... ارفع رأسك".

الخبير في الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية أكد في حوار مع DWعربية "أن الشارع الأردني يشهد حالة من الانقسام الشديد فيما يخص التعامل الحكومي مع تنظيم "الدولة الإسلامية"، فالعديد من الأردنيين يرون بأن هذه الحرب ليست حربهم من البداية، وبأن الأردن أقحم من قبل الدول الكبرى في الصراع مع "داعش". وقال أبوهنية "إن إستراتيجية الحرب أو الدخول بحرب برية لا يلاقي إقبالا في الشارع الأردني، ما دفع بالملك الأردني للتأكيد في خطابه على أهمية هذه المعركة بالنسبة للأردنيين، وعلى ضرورة مكافحة ظاهرة التطرف".

إلى ذلك يؤكد وزير الإعلام الأردني السابق سميح المعايطة في حديث مع DWعربية بأن "الخطاب الملكي يأتي في مرحلة حرجة يمر بها الأردن، استدعت من الملك أن يصدر رسالة طمأنة للشعب الأردني، من أن المملكة بخير وبان حالة الاستقرار التي تشهدها المملكة هو انجاز كبير يحسب للحكومة الأردنية مقارنة بدول الجوار". وقال معايطة "إن بعض المراقبين راهنوا على سقوط الحكومة الأردنية بعد حادثة حرق الكساسبة من قبل تنظيم داعش، إلا أن الحكومة أدارت الملف بذكاء سياسي، ولد حالة من التماسك الداخلي والاصطفاف وراءها، وهو ما حدا بالملك بمخاطبة الشعب الأردني بأن له الحق بأن يفخر بنفسه".

ثمانية آلاف جهادي في الأردن

ويرى أبو هنية أن القلق في الشارع الأردني مرده إلى "تزايد ملحوظ في أعداد الجهاديين المتطرفين الذين قد يلجأون إلى نقل الصراع إلى داخل الأراضي الأردنية"، وقال ابو هنية "نتحدث عن وجود حوالي 8000 آلاف جهادي أردني داخل المملكة، هذا عدا عن 200 إلى 3000 آلاف مقاتل من أصل أردني في العراق وسوريا وهم يقاتلون في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف"، ولدى سؤال أبو هنية عن مصدر هذه الأرقام وان كانت توجد أية إحصاءات رسمية أردنية بهذا الخصوص قال أبو هنية "بأنه للأسف فان الحكومة الأردنية لا تدلي بأية إحصاءات عن الموضوع إلا أن هذه الأرقام هي المتداولة بين الخبراء في الأردن".

وأكد الخبير الأردني أنه إضافة لهؤلاء الجهاديين فإنه يتوقع على المدى المتوسط و البعيد أن تشهد أعداد المتطرفين تزايدا كبيرا داخل المملكة، وذلك في حال استمرار الوضع المأساوي للاجئين السورين والعراقيين داخل الأراضي الأردنية، مضيفا أنه "لا توجد لحد الآن بوادر من أن الإعداد الكبيرة للاجئين تمثل خطرا على الأمن الأردني، إلا أن الحالة المأساوية التي يعيشها هؤلاء قد تدفعهم إلى التطرف في ظل انسداد فرص التسوية أو تحسين معيشتهم".

إصلاحات حكومية مرتقبة

من جهته رفض المعايطة الربط بين التحديات الأمنية التي تواجه الأردن، وبين دخول البلاد في التحالف الدولي لمحاربة "داعش". إذ أن "التهديدات الأمنية التي تواجه الأردن موجودة قبل إعلان المملكة الدخول في هذا التحالف، وذلك لموقع الأردن الجغرافي القريب من مناطق الصراعات". كما يرى المعايطة أن الأردن غير معرض لخطر المتطرفين، ويرجع الأمر إلى "الجهاز الأمني الذي أثبت فعاليته طوال الفترة الماضية. بالإضافة إلى نجاح الحكومة في استقطاب دعم شعبي لتحركاتها".

ويؤكد المعايطة أن "السياسة الأردنية أبدت مرونة واضحة في مسألة الإصلاحات السياسية مما عزز من موقفها الشعبي، فعملت على صياغة قوانين انتخابات جديدة أكثر تطورا فيما يتعلق بانتخابات المجلس النيابي المقبلة نهاية عام 2016، كما عكفت الحكومة على صياغة مسودات قانونية جديدة تتعلق بعمل البلديات وتنمية المحافظات، مما سيعزز من الدور الرقابي للمؤسسات الرسمية، وتعزيز تمثيل المواطنين في الهيئات الحكومية، وكل ذالك سينعكس على حالة الاستقرار السياسي داخل المملكة".

إلا أن الإصلاحات القانونية قد لا تترجم على أرض الواقع في حال غياب معارضة برلمانية فعالة كجماعة الإخوان المسلمين التي لعبت دور المعارضة الفعلية للسياسات الحكومية، ولعل الدور الذي لعبته الجماعة في معارضة رفع الدعم الحكومي عن السلع الغذائية الأساسية وسياسة رفع الأسعار التي اشترطها البنك الدولي على الأردن، مقابل موافقته على إقراض مالي جديد. قد لعبت دورا مهما في زيادة نفوذ الجماعة ما دفع بالحكومة إلى إيجاد آليات جديدة لمواجهة نفوذ الجماعة المتزايد.

ولعل الانقسام في الجماعة الذي قاده المراقب العام السابق "عبد المجيد الذنيبات" بالإضافة الى49 قياديا من الإخوان إثر تقديمهم طلبا إلى الحكومة الأردنية للحصول على ترخيص جديد للجماعة من اجل تسوية أوضاعها القانونية، وفك ارتباطها بإخوان مصر، هي الخطوة التي وصفها مراقبون بأنها "موجعة" للجماعة الإسلامية خاصة بعد قرار الفصل الذي أصدرته الجماعة بحق المنشقين عنها.

وعن هذا يقول ابو هنية: "إن المتغيرات الجديدة التي فرضها الربيع العربي على المنطقة، وما رافقه من تغيير عربي في تعريفه لمعنى الإرهاب، خاصة بعد إدراج الإمارات والسعودية ومصر لجماعة الإخوان المسلمين، ضمن الجماعات الإرهابية المحظورة. كل ذالك أدى إلى تغيير سياسي حكومي أردني في التعامل مع هذه الحركة. بل وطالبتها بالنأي بنفسها عن أي ارتباطات خارجية". وقال إن "التيار الأردني في الحركة، بزعامة الذنيبات، يريد تغيير أولويات الجماعة، وربطها بهموم الشارع الأردني فقط".

وهو أيضا ما يؤكده المعايطة والذي شدد على أن "الأردن سمح لجماعة الإخوان المسلمين بالعمل، بالرغم من حظر أنشطتها في أكثر من بلد عربي"، إلا أن المعايطة لا يرى بأن للحكومة الأردنية دور في هذا الصراع، وإن اعترف بان الحكومة الأردنية سعيدة بما يحدث، حيث أكد أن "جماعة الإخوان المسلمين تحتوي على تيارات مختلفة تتنافس في ما بينها على الزعامة، وما نشاهده ألان هو نتاج الحرب الخفية بين أجنحة الإخوان المختلفة".

"لا خطورة أمنية من حركة الإخوان الأردنية"

ولا يرى أبو هنية أية تداعيات أمنية قد يشهدها الأردن في حال حدوث صراع بين الحكومة وجماعة الإخوان المسلمين ، فجماعة الإخوان الأردنية "أثبتت منذ تأسيسها على إتباع الجانب السلمي، ولم تلجأ للعنف، وكان هنالك توترات فقط وليس عنفا".، وهو ما قد يكون مطمئنا لحد ما للمؤسسة الأمنية في الأردن، إلا انه حذر من أنه "إذا سدت الأبواب أمام أي حل سياسي، فقد يلجأ بعض أفراد الجماعة إلى التخلي عنها، والانضمام إلى تنظيمات متطرفة تستهدف أمن الأردن ومؤسساته الرسمية".

ويبدو أن الأوضاع الأمنية لن تشهد تغييرا كبيرا وفق ما يراه المراقبون، فالسياسات الأردنية ستبقى كما هي، تتراوح بين تشديد القبضة الأمنية، والتلويح بالإصلاحات السياسية والمزيد من الحريات. وقد يكون من العوامل المساعدة على استقرار الأردن، خوف السكان من تكرار التجارب العربية المجاورة، بالإضافة إلى حرص الدول الخليجية والدول الكبرى على استقرار الوضع الأمني الأردني، وذلك لأسباب متعددة قد يكون أهمها: الجانب الجغرافي، ومجاورة الأردن لإسرائيل، وما قد يولده من حالة عدم استقرار على الحدود بين البلدين.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً