العدد 4565 - السبت 07 مارس 2015م الموافق 16 جمادى الأولى 1436هـ

العودة إلى نقطة البداية

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

إكمالاً لموضوع مقالتينا السابقتين، نلخص هنا السياق السياسي والحقوقي، لدوافع مواقف طرفي المعادلة السياسية الشعبيين، الدوار والفاتح، تجاه العنوان السياسي للمشروع الإصلاحي، المرتبط بالعناوين الأخرى، الدستورية والحقوقية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية.

عودة بالوطن إلى ما قبل مرحلة قانون أمن الدولة، التي استهلت بإصدار مرسوم بقانون بشأن تدابير أمن الدولة (غير مرقوم) بتاريخ 22 أكتوبر 1974، ثم أتبع بالمرسوم رقم (14) لسنة 1975 بحل المجلس الوطني، وذلك بتاريخ 26 أغسطس 1975، ثم إصدار الأمر رقم (4) لسنة 1975، بتأجيل انتخاب أعضاء المجلس الوطني إلى أن يصدر قانون انتخاب جديد، وأيضاً إيقاف العمل بالمادة رقم 65 من الدستور، الملزمة بإجراء انتخابات المجلس في غضون شهرين من تاريخ الحل، وإلا استرد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية، وختمتها السلطة بتفعيل وتنفيذ المرسوم بقانون بشأن تدابير أمن الدولة، والبدء باعتقال عدد من أعضاء المجلس الوطني، الذي سبق قبل حله أن رفض إقرار القانون.

بهذا تتبدى الصورة واضحة، أن السياق السياسي والحقوقي، لتلك المرحلة كان يتلخص في سيناريو، أن تصدر المراسيم والأوامر، ثم إما أن يقرها المجلس الوطني أو يُحل. ففي أول اختبار لممارسة المجلس الوطني لسلطاته الدستورية، تم حلّه وتعليق الدستور، من خارج نصوصه وآلياته.

ثم بدل العمل بما جاء في نص الأمر رقم (3) لسنة 1975، لإعادة تكليف رئيس الحكومة، «... وما يتطلبه مركز بلادنا من جَدٍّ متواصل وعمل دائب، على أساس من الوحدة الوطنية وإذكاء الشعور الوطني، وشحذ الهمم وبث روح النشاط، في ميادين الإنتاج الحكومية والشعبية، لذلك نأمل من الوزارة الجديدة، تحرّي أسباب ما يشكو منه المواطنون، من مشاكل الإسكان والغذاء والعمل على حلها...الخ». وهكذا استمرت الأوضاع لأكثر من ربع القرن، ساد خلالها التغييب الكامل للدستور، وللحقوق المدنية والسياسية للمواطنين، والعمل بقانون أمن الدولة سيئ الصيت، بما يعرفه الجميع عن تلك الفترة، من مساوئ المس بالحقوق المدنية والسياسية للمواطنين.

خلال تلك الحقبة وما قبلها وما بعدها، إضافةً لمن عايش مراحلها السياسية، نشأت وترعرعت أجيال، ورثوا نفسية ما نال ذويهم وأهلهم وأصدقاءهم، بما ناله أو حاق به كل طرف، فمن استحسن تمييزه على الآخرين من شركائه في الوطن، أو من استبد به الخوف والهلع، على نفسه وأهله، سواء في المفاصل المتقدمة أو المتأخرة من مرحلة قانون أمن الدولة، اختط ما جعله ينفرز إلى فريق الفاتح، ومن جرى عليهم الضيم، وأبت كرامته الخنوع، واستمر في الصراع من أجل استرداد الشعب حقوقه ودستوره، وانفرز إلى فريق الدوار.

جاء الميثاق ليعيد الحالة السياسية والحقوقية أساساً، للبدء من حيث انتهى حل المجلس الوطني، وإيقاف العمل بالدستور العام 1975، تلك المرحلة إلى العام 2000، التي تردَّت فيها الحالة السياسية والحقوقية، إلى اختزال السلطات الثلاث إلى سلطتين: التنفيذية والقضائية، في ظل تغييب السلطة التشريعية، مع فرز السلطة المواطنين إلى فريقين، من خلال تسييس المشاريع الإسكانية، بما بان لاحقاً في منعها حق التملك العقاري في مناطق بعينها، على فريق من المواطنين، وكذلك فرز الدوائر الانتخابية، التي تم تحصينها بالدستور بشكل مسبق، ضمن حزمة المراسيم العام 2002، والتي صدرت قبيل أول اجتماع يعقده المجلس الوطني الجديد (مجلسي الشورى والنواب مجتمعين)، «المادة (121) البند (ب)، في دستور عام 2002».

ثم انقضت أعوام عشرة، إلى العام 2011، ومازال الحال على ما كان عليه من مثالب حقوقية، من التمييز وعدم المساواة بين المواطنين، بل وزادت عليه ممارسة العبث بالهوية الوطنية والتجنيس، بما جعل 14 فبراير 2011، يبدو يوماً فاصلاً بين مطالبةٍ بالحرية والكرامة والديمقراطية والمساواة، وبين الآخر الضد. لتنطلق المطالبة بالمطالبة بالإنتقال بالبلاد والعباد إلى واحة المملكة الدستورية الديمقراطية، بما عليها تلك الممالك العريقة، وخلال أيام ثلاثة عادت حليمة إلى عادتها القديمة، ولكن هذه المرة، دون الحاجة لتعطيل العمل ببعض مواد الدستور، فقد تم الاستعاضة بالسيطرة على مخرجات العملية الانتخابية، من خلال المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية، والمرسوم رقم (29) لسنة 2002 بشأن تحديد المناطق والدوائر الانتخابية... للإنتخابات العامة لمجلس النواب، تلك المراسيم التي فصلت مخرجات العملية الانتخابية بما كان وتكرّر في جميع فصول مجلس النواب التشريعية، بضمان الأغلبية داخل المجلس للمحسوبين على السلطة، وفي الفصل التشريعي الأخير العام 2014، ونتيجة مقاطعة المعارضة للإنتخابات، وصل المجلس أفراد لم يحوزوا إلا النزر اليسير من الأصوات، بما يرفع علامات استفهام، حول مفهوم الشرعية الانتخابية، للتمثيل النيابي.

وهكذا انتقل الوضع من مرحلة تغييب الدستور، إلى مرحلة التحكم في السلطة التشريعية، بما يجعلها رديفة للسلطة التنفيذية، وتصدر ما ترغبه به من القوانين، لتتكئ عليها السلطة بالسند القانوني النصي لممارساتها، وهي في الحقيقة، أي هذه القوانين، مجروحة عدالتها، كما هي مجروحة عدالة الممارسة ضد النص القانوني.

فهل يعي فريق الفاتح ما يعيه فريق الدوار، ليضطلع كلٌّ بدوره الوطني، من أجل التطوير الدستوري والقانوني والسياسي والحقوقي، بما يُحوّل البحرين إلى مملكة دستورية ديمقراطية على غرار الممالك العريقة، التي فيها الشعب حقيقة هو مصدر السلطات جميعاً، كما ينص الدستور، ويكون النائب في مجلس النواب ممثلاً حقيقياً، للشعب بأسره.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4565 - السبت 07 مارس 2015م الموافق 16 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 23 | 12:33 م

      تبيان

      لو تألف كتاب عن اي موضوع تختاره، انا أول المشترين

    • زائر 19 | 7:03 ص

      الحقيقة المرة

      ما زال البعض يكابر ويلوم الشعب بدل السلطة ف تأخر الديمقراطية ف الدول العربية وهذا يحصل نتيجة الظلم من قبل السلطة ع الشعب حتى يتوهم للبعض الذين يميلون الى الراحة وعدم >>>

    • آذار | 6:54 ص

      !!

      من كلامك فهمنا أن من انحاز لتيار الفاتح نابع الخوف من السلطة بسبب ممارساتها مع الشعب وهذا غير صحيح فالغالبية أصابهم انحياز طائفي في الأساس وحتى تيار الدوار اتخذ نفس النهج وهذا ما يجب أن نقر به

    • زائر 16 | 4:27 ص

      ادا

      اذا مارفعو الضوء الاخضر الحلفاء الكفار عن الحكومة ماراح يتغير اى شى وراح تستمر القضيه ويزيد عدد المعتقلين وممكن اطيح شهداء اخرين والقمع ماراح يوقف المشتكى لله هو فقط الى راح افرج عن الشعب المظلووووووم

    • زائر 21 زائر 16 | 7:16 ص

      الشعب مظلوم من السلطة ومختطف من التيارات المذهبية 1415

      ولا أحد من هذه التيارات وجمعياتها المذهبية يحق له أن يتكلم باسم الشعب ومن يطالب بالديمقراطية العريقة يعمل أحزاب نفس الدول العريقة

    • زائر 14 | 3:45 ص

      ضربني وبكى وسبقنى واشتكى بعض المعلقين بدل ان يقول الحقيقة يلقي باللوم على الشعب

      حتى بعض المعلقين هناك يلقي باللوم على الشعب وكأن الشعب هو من غصب السلطة حقها وتلاعب بالقوانين الدستورية والتشريعية

    • زائر 12 | 3:14 ص

      الاضطلاع بالدور الحقيقي

      كل فريق يعي دوره تماماً فالأول يعرف ان دوره المشاكسة والتضليل و تزييف الحقيقة والتطبيل وحمل المباخر اما الثاني فيعرف ان دوره في الوصول الى حقوقه بطريق حضاري وسلمي والدفاع عن مصالح ناسه ووطنه ومقابل ذلك رخصت أرواحه وأرواح أهله ورزقهم وعانى الأمرين في سبيل ذلك فهل يستطيع الفريق الاول تحمل جزء من ذلك في يوم من الأيام دون لبس >>>?

    • زائر 10 | 12:45 ص

      أستاذنا المحترم هل نريد لبلدنا مملكة مذهبية قائمة على التناحر الديني المذهبي 0835

      لماذا لا نتعض من كوارث الأحزاب الدينية والمذهبية في الدول العربية فهل جمعياتنا الطائفية بشقيها السني والشيعي تصلح أن تكون نواة الدمقراطية اذا كان الجواب لا فلماذا لا نكلمها بصراحة ومباشرة بالاسم ونختصر الطريق لمملكة ديمقراطية كالدول العريقة

    • زائر 8 | 12:17 ص

      اي ديمقراطية في وجود جمعيات تتبع رموز تيارات مذهبية داخلية وخارجية 0810

      الممالك العريقة في الديمقراطيه الشعب مصدر السلطات وليس جمعيات مذهبية تكون مصدر السلطات ولا يجمعها مع بعض إلا الكراهية والحقد الديني فأسأس الديمقراطية كما اوجدتها الدول المتحضرة ليبرالية لبعد أي عنصرية دينية أو مذهبية أو أي لون عنصري فالكل مطالب بكنس هذه الجمعيات الطاءفيه واتحاد المواطنين في جمعيات مدنية وطنية

    • زائر 17 زائر 8 | 5:03 ص

      ما هكذا تورد الإبل

      ألبعض يردد كلمات سمعها أو قرأها - هذا إذا أحسنا الظن - كما تفعل الببغاء، وإلا فهل يجب أن ؟ نبقى أسرى الظلم والطغيان والتمييز والتجنيس والفساد على اختلافه، لمجرد أن العمل الديموقراطي والتوجه نحو العدالة الاجتماعية سيكون تكوين بعض الجمعيات السياسية طائفياً أحد عناصر التأثير فيه لا وألف لا يا سيدي فالإنتقال من الأسوأ إلى السئ هو نوعٌ من التقدم نحو الأفضل. فعلى الأقل هي ستنقل البعض من العبودية والخنوع إلى درجة من الحرية. وبالنسبة للنفس الطائفي فإن الوعي والإنفتاح كفيلان بالقضاء عليه وهذا ما نأمله.

    • زائر 22 زائر 8 | 8:11 ص

      هل يوجد اسوء من الفتنة الطائفية 1420

      وما الحاجة في الأساس لتأسيس جمعيات طائفية هل نطلب الديمقراطية بالفتنة الطائفية

    • زائر 6 | 12:09 ص

      اي ديمقراطية في وجود جمعيات تتبع رموز تيارات مذهبية داخلية وخارجية 0810

      الممالك العريقة في الديمقراطيه الشعب مصدر السلطات وليس جمعيات مذهبية تكون مصدر السلطات ولا يجمعها مع بعض إلا الكراهية والحقد الديني فأسأل الديمقراطية

    • زائر 4 | 10:28 م

      ديمقراطية مزيفه

      ديمقراطيتنا مزيفة ونواب حصلوا على اقل من 100 صوت في دوائر انتخابية فيها اكثر من 10000 ناخب يجب ان لا يمثلنا وبرلمان يتلقى تعليماتة من السلطة في اداءة فهذا أيضا لا يمثلنا

    • زائر 11 زائر 4 | 12:51 ص

      مقهور

      اي ديمقراطية عريقة ترجى >>>

    • زائر 3 | 10:11 م

      الديمقراطية

      اي ديمقراطية و تعددية هذه التي يأتي في ظل وجود جمعيات سياسية ثيوقراطية ؟ أولاً علينا حل و منع قيام الجمعيات السياسية الطائفية و منع رجال الكهنوت من التدخل في الشأن العام و بعدين يصير خير

    • زائر 2 | 10:05 م

      أصيل

      صبحك بالخير أستاذي الجليل متى ستشرق هذا الفجر الجديد؟!!

اقرأ ايضاً