العدد 4632 - الأربعاء 13 مايو 2015م الموافق 24 رجب 1436هـ

خذ ثروتي وأعطني ربع عين!

صباح الخير أيها الأصدقاء والأحباء... بينما أنا أتصفح دفتر مذكراتي التي أكتبها في كل يوم، مررت بالأوراق للوراء، وتوقفت عند تاريخ 14 مايو/ أيار 2014، أي في العام الماضي لأرجع لذاكرتي ماذا حدث لي في هذا اليوم؟!، فابتسمت لدى قراءتي عبارة “خذ ثروتي وأعطني ربع عين”.

هذه العبارة أعادت شريط الذكريات لهذا اليوم، حيث ضعف نظر والدي بسبب مرض السكري، فلم يعد يقوى على رؤيتنا أنا وإخوتي، وبات حبيس البيت، حتى أعطاه الطبيب أملاً بأن يعود إليه البصر بعد إجراء عملية جراحية له في عينيه.

تحديد موعد إجراء العملية أخذ وقتاً طويلاً بسبب اكتظاظ جدول الطبيب المعالج بالمواعيد والعمليات لمرضى آخرين... والدي كان خلال هذه الفترة حزيناً لعدم استطاعته ممارسة حياته الطبيعية كما السابق بسبب بصره، لذا كانت علامات الحزن تبدو واضحة عليه، حتى جاء موعد إجراء العملية للعين اليمنى. وبعدها أصبح والدي يبصر قليلاً، وهنا عادت ابتسامته قليلاً، إلا أنه مازال حبيس الدار كما يصف نفسه معتمداً على إخوتي الكبار في أداء بعض الأمور المهمة... حتى جاء موعد العملية الثانية للعين اليسرى، وعاد لوالدي البصر بعد أن فقده لمدة 12 شهراً.

في هذا اليوم تحديداً، عاد وجه أبي باسماً وضاحكاً يروي لنا الحكايات، ويعبر كان يجول في خاطره... من أبرز ما قاله في هذا اليوم التالي: “الحمد والشكر لله على عودة بصري، لقد صدقت رواية الحاج إبراهيم الأعمى، فقد مر عليه بعض الناس وهو يجلس حزيناً أمام أحد مزارعه، فسلموا عليه وسألوه: ماذا يحزنك يا حاج؟!، فأجابهم: حاجة تنقصني... فتعجبوا لرده، فقال له أحدهم سائلاً: ماذا ينقصك يا حاج وأنت بثروتك تستطيع أن تشتري ما شئت؟!، فأجابه الحاج إبراهيم: خذ ثروتي كاملة وأعطني ربع عين لأرى بها حلاوة هذه الدنيا... فما فائدة امتلاكي كل تلك المزارع وأنا لا أستطيع رؤية روعة خضرتها.

ربما هذه الحكاية القصيرة تحمل في طياتها أكثر من معنى، ولكن بالنسبة لنا عبرت عن مدى سعادة والدي بعد أن منَّ الله عليه باستعادة بصره... عافاك الله يا أبي ولا أراك أي مكروه.

مناهل

العدد 4632 - الأربعاء 13 مايو 2015م الموافق 24 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً