العدد 4642 - السبت 23 مايو 2015م الموافق 05 شعبان 1436هـ

تساؤلات للبحث عن...؟ سَمُّوها ما تشاءون

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

هل هناك فعلاً ما يُرَوّج عن نهضة عربية قادمة، تقودها بعض الدول العربية الغنية، لتحدي القوى العظمى، والنهوض بالأمة ودينها الإسلام من جديد، لتقود العالم؟ حيث أن الإسلام قد جَبَّ الأديان الأخرى، وتلك البلاد العربية الإسلامية، قد رزق الله أرضها، بالثروات الطبيعية، المدرة للريع عبر البيع المباشر للخام الطبيعي، متمثلاً في الثروة النفطية والقدسية الدينية، وهي من أمضى الأسلحة التي أمدّ الله بها الأمة، فمئات ملايين المسلمين حول العالم، مشدودون ومشدوهون، مشرئبة أعناقهم إلى البيت العتيق للتعبد بالحضور، أقلها مرة كل عام، ومن استطاع ومن لم يستطع إليه سبيلاً، يظل يسعى طوال أيام عدد أعوام حياته.

أما المسجد الأقصى والقدس الشريف، أولى القبلتين وثاني الحرمين، فقد عرُّوهما من لزوم العروبة والإسلام، وتركوهما وأهل فلسطين لدين اليهود، فتفرغت دولٌ عربية إسلامية لأمرين، الأول اجتذاب غير المسلمين للإسلام باتّباع مذهب بعينه، عبر المعونات المالية للدول والمؤسسات والأفراد؛ والأمر الثاني، تمويل الحروب الطائفية بين أصحاب المذاهب المختلفة، وتمويل أعمال الإرهاب عبر إلباسها الدين، كما «داعش» و«النصرة» و«القاعدة»، فكأن كثرة الخير الريعي، جراء بيع ما تنتجه الطبيعة إنما هو هبة الله للقائمين على الأمر، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، بما لم تملك أيمانهم.

نعم هبة من الله، أن جعل الحكومات العربية والإسلامية، يتنفذون في الأرض والثروة، وينفصلون عن شعوبهم بالقرار، فما أغنم من أن يعيش الإنسان على عطاء الطبيعة من الزرع والضرع، وقد زاد الخير بالنفط، الذي يأتي بالأموال مباشرة من وراء بيعه، إلى من يستخرجه لنا بنصب منصات التنقيب ومد أنابيب النقل وتصنيع ناقلات البترول، والمخاطرة بها في لج المحيطات الهادرة، لقاء نصيب من النفط الذي حبتنا به الطبيعة.

فلماذا يجهد قادة الأمة العربية والإسلامية، وخصوصاً الغنية منها، في أمر يستطيعون شراءه بالمال، فليَدَعُوا الآخرين يَشْقَون في العلم والبحث والابتكار والتطوير الحضاري والصناعي، وسبر أغوار أحكام الطبيعة، ليتوصلوا إلى صناعة أدوات الإنتاج من الأجهزة والمعدات والآلات المعقدة، ويدربوا على تشغيلها وصيانتها وتطوير أدائها، قوى إنتاجهم البشرية، وما على دولنا إلا دفع المال لقاء الشراء المادي والبشري، المدني والعسكري، وقريباً النووي. فالمال يوفّر للأنظمة الحاكمة شراء الحماية العالمية، من الدول الكبرى، وفي الإقليم شراء ولاء محيطهم المحلي والإقليمي أو تمويل الحروب والتجويع.

يوم الجمعة الماضي، آلمنا للمرة المليون، تفجير انتحاري يدَّعي العروبة والإسلام، ودعك من الإنسانية، بحزام ناسف لفه حول وسطه، بحيث لم يبقَ منه ألا أعلاه وأسفله، أعلاه الصدر والرأس، الخازن لفكره الديني المشوّه، ولعروبته المأساة، وأسفله الذي هو ساعيه سعي الشر والضر، جزآه الباقيان، هما نتاج التوجيه والتربية الدينية، التي تفرّق الخلق إلى ألف فرقة، ولا صلاح إلا لفرقته من بينها، والباقي واجبه ومَن مثله، أن يحيلهم إلى ما أحال أبرياء المصلين في المسجد أو المأتم أو حتى الكنيسة والدَيْر، أو ساحات معايش الناس، فما أكفره من قبيح، حين يعدّد الأرباب والآلهة، بالتقسيم إلى المذاهب، لكل مذهب رب وإله، فيكفر بذلك بالله الواحد الأحد.

ثم تجد أن هناك مَن يقف إزاء بقايا القاتل، ذاك الذي قتل نفسه بالحزام الناسف، وقتل عشرات وجرح عشرات آخرين، لم يرهم في حياته ولم يتعامل معهم، ولم يسمع منهم صلاتهم ولم يدخل مسجدهم إلا لغرض ما فعله يومها، فتجده يقول «الله يرحمه»، ثم يجول بين الضحايا مردّداً «إنا لله وإنا إليه راجعون»، الفرق بين القولين، كفارق الخير من الشر.

الإرهابي قتل بحزامه الناسف، بشراً مسلمين عابدين موحّدين، على غير ملته ومذهبه، نتيجة تحريضٍ لم يفكر فيه، بل انساق إلى تكفيرهم على خلفية المذهب، بما سمع على لسان خطيب أو داعية كلاهما مُحَرِّض، استحثه لفعله، بالتبلّي بالكذب أو الظن على الآخرين، أو ربما دفعاً من كرهه، لنفرٍ غيرهم من ملتهم، والنتيجة هي تعميم الكراهية لطائفةٍ من المواطنين، فهذا المفجّر حزامه الناسف، هو الجاني الثاني، أما الجاني الأول والأساس، فهو الخطيب الداعية من على المنبر، وهو من على الدولة القصاص منه.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4642 - السبت 23 مايو 2015م الموافق 05 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 6:46 ص

      انظرووا

      انظرووا ايها التكفيريين هاده الشخص الكاتب الشريف اليس سنى لاكن يتكلم من منبع الاسلام الصحيح ولاعمره سب فى اى اشخاص من الشيعة والسنه لاكن يتكلم منطق الحق الي انتم بعيدين عنه لماذا ايها التكفيريوون تفضلوون النار على الجنه لقتل الابرياء ذنبهم انهم موالين لمحمد واله هل هؤلاء كفرة انهم يعبدوون الله ويتوسلون برسول الله واهله لحاجاتهم ولايعبودنهم هل فهمتم قاتل الله الجهل والمشتكى لله

    • زائر 15 | 4:18 ص

      شكراً على المقال الرائع

      كثر الله من أمثالك استاذ يعقوب سيادي ... الإمام علي عليه السلام يقول الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظيرا لك في الخلق ... التفجيرات لن تتوقف مادام المحرضين يستمرون في تكفير المذاهب والاديان عبر القنوات الفضائية التي لا تخفى على أحد والكل يعرفها والى يومنا هذه لم يتخذ إجراء بإيقافها والى يومنا هذه تدرس في كتب مادة الدين بتكفير وتشريك الطوائف الإسلامية و المسيحيين وباقي الاديان السماوية

    • زائر 14 | 4:18 ص

      هذه الترليونات من الدولارات لو انفقت على المسلمين اجمع في دولهم

      لاصبح نصيب الفرد ملايين او اقل شئ مليون لانه في حسبه بسيطه من دوله واحدة كما الاحصائيات الرسمية انفقت 500 مليار والمليار 1000 مليون = 500000 مليون هذه دولة واحدة فقط ،و لو احسن استخدامها لاكلنا بملاعق من ذهب من فوقنا ومن تحت ارجلنا وللبسنا وسكنا وركبنا افضل المركبات ودرسنا اولادنا افضل الجامعات ومشينا على شوارع من رخام وليس من اسفلت ، فكيف من باقي الدول ، لكن هذه نعم انعم الله علينا بها وغدا سنحاسب عليها امام الواحد القهار الذي لا يغادر كبيرة ولا صغيرة الا احصاها سبحانه وتعالى .

    • زائر 13 | 3:44 ص

      ماذا لو وجهت دفّة المال للداخل بدل من الخارج

      أموال بترولنا لمصانع الاسلحة
      لماذا لا توجه اموال بترول هذه الدول لداخل دولها؟
      لماذا نسمح للغرب التدخل بفرض الوصاية علينا
      لماذا الهروب من ارضاء الشعوب الى اشعال الحروب

    • زائر 12 | 3:12 ص

      للأسف ثروات الأمة تريليونات ذهبت في جيوب اصحاب مصانع السلاح وبقي الفقر

      لقد انعم الله على هذه الامة بثروة هي من الضخامة تعد الاكبر في العالم .لكنها للأسف استغلت اسوأ استغلال .
      تباع هذه الثروات بأبخس الأثمان ثم بعد ذلك تستورد الحكومات الاسلحة والدمار بأغلى الأسعار وبهذا قد تحقق للغرب هدفين انهم يستوردون نفطنا باسعار زهيدة ثم يعيدون بيع السلاح علينا بأغلى الاسعار وتبقى بلادنا تشكو من فقر وعازة وبنية تحتية هشّة الى درجة انها لا تتحمل بعض زخات من المطر وشوارع متهالكة

    • زائر 11 | 3:12 ص

      شكر موصول لك استاذ سيادي

      ثم تجد أن هناك مَن يقف إزاء بقايا القاتل، ذاك الذي قتل نفسه بالحزام الناسف، وقتل عشرات وجرح عشرات آخرين، لم يرهم في حياته ولم يتعامل معهم، ولم يسمع منهم صلاتهم ولم يدخل مسجدهم إلا لغرض ما فعله يومها، فتجده يقول «الله يرحمه»، ثم يجول بين الضحايا مردّداً «إنا لله وإنا إليه راجعون»، الفرق بين القولين، كفارق الخير من الشر.

    • زائر 10 | 3:11 ص

      من هو الممول الحقيقي و الداعم الحقيقي للداوعش اليزيدين؟ 2

      استكمالا للسلم الموسيقي المعزوف حاليا ؛ فإن الإرهابيين أحرار الشام - داعش - النصرة - القاعدة - لواء أبي الفضل - حزب الله لن يتوقفوا إلا بقرار من علمائهم. نريد الرد ممن يعينيه الأمر!
      تمويل أعمال الإرهاب لم تعد " عبر إلباسها الدين" بل أصبحت هي الدين كله، عندئذ : الحل عند العلماء و المراجع. نريد الرد ممن يعينيه الأمر!

    • زائر 9 | 3:10 ص

      من هو الممول الحقيقي و الداعم الحقيقي للداوعش اليزيدين؟ 1

      في الصحف اليوم وثيقة عمن يدعم الدواعش ؛ باعتبارهم رصيدا استـراتيجيا وأداة له. نريد النفي ممن يعينيه الأمر!
      الممول الحقيقي الآن عن الحروب الطائفية بين أصحاب المذاهب المختلفة هم العلماء و المراجع؟ ما هو دورهم؟ نريد الرد ممن يعينيه الأمر!

    • زائر 8 | 3:06 ص

      من هو الممول الحقيقي و الداعم الحقيقي للداوعش اليزيدين؟ 1

      في الصحف اليوم وثيقة عمن يدعم الدواعش ؛ باعتبارهم رصيدا استـراتيجيا وأداة له. نريد النفي ممن يعينيه الأمر!
      الممول الحقيقي الآن عن الحروب الطائفية بين أصحاب المذاهب المختلفة هم العلماء و المراجع؟ ما هو دورهم؟ نريد الرد ممن يعينيه الأمر!

    • زائر 7 | 1:52 ص

      لو رأيت السخفاء ممن فرح وعبر عن فرحته في الشوارع العامة

      وهنا قامت ثلة من المحرضين بمسيرة سيارات رباعية الدفع قامت باستعراض تفحيط اطارات السيارات اما مرئ الشرطة الواقفة بجانبهم عار عليهم وعلى من يتغنى بالوحدة الوطنية يوميا وهو او هم مؤيدون للإرهاب بكافة أشكاله شكرًا على موضوعك القيم

    • زائر 6 | 12:44 ص

      خطيب جامع كانو وخطيب مدينة عيسى موجودة خطبهم ضد المكون الآخر

      من جعلهم يتجرؤون ويحرضون ؟؟

    • زائر 5 | 12:26 ص

      بتكويهم النار وبينقلب عليهم السحر والأيام دول

      من يقتلون الأنفس البريئة سوف يأتيهم الدور

    • زائر 3 | 12:10 ص

      سترك يا رب

      لن يفيقو من سباتهم وجهلهم وتكفيرهم الي ان تصل النار الي بيوتهم وتحرق اطفالهم وتفجر مساجدهم الا يوجد رجلا حكيم بينهم؟

    • زائر 1 | 10:17 م

      صدقت ياسيادي أستاذي

      رجل الأمن يترحم على الإرهابي الداعشي اليزيدي .

اقرأ ايضاً