هل تعاني من آلام في المفاصل وتيبّس مصحوب بورم؟ يلجأ الكثير من الناس في مثل هذه الحالات إلى استشارة طبيب عام أو شراء مسكّن آلام من الصيدلية، على أمل أن يسكن الألم ويهدأ الوجع. ولكن مثل ذلك الألم قد يكون مؤشراً على مرض أخطر وهو التهاب المفاصل الروماتويدي.
ووفقاً لمؤسسة الإمارات لالتهاب المفاصل، هناك 20 في المئة من سكان الإمارات العربية المتحدة يعانون من أحد أشكال التهاب المفاصل. ولكن لا توجد إحصائيات واضحة تبيّن نسبة المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي.
وفي هذا السياق، قالت اختصاصية أمراض المفاصل بمستشفى برجيل للجراحة المتطورة بافنا خان: «من المرجح أن يكون عدد المصابين بالتهاب المفاصل في دولة الإمارات أكثر بكثير مما يبدو عليه الحال، ولاسيما أنه غالباً ما لا يتمّ تشخيص المرض أصلاً. وهناك نقص عام في الوعي حيال الأنواع المختلفة لمرض التهاب المفاصل، إذ إن المصابين لا يقصدون دائماً طبيباً اختصاصياً من أجل تشخيص حالتهم في الوقت المناسب. وبالتالي نعتقد بأن هناك نسبة عالية من السكان مصابة ولم يتمّ تشخيص حالتها ولاتزال تعاني من المرض».
وأضافت: «تحدث بعض أنواع التهاب المفاصل بسبب نمط الحياة المتبع، مثل قلة الرياضة، والبدانة، وقلة التعرض لأشعة الشمس ما يؤدي إلى الإصابة بنقص فيتامين د، وتناول أطعمة غير صحيّة. ويعدّ مرض التهاب المفاصل الروماتويدي أحد أمراض المناعة الذاتية حيث ينجم عن مهاجمة الجهاز المناعي في الجسم لمفاصل المصاب. وغالباً ما يصيب المرض النساء أكثر من الرجال لأسباب غير واضحة، وربما كان للتأثيرات الهرمونية دور في ذلك. كما يمكن أن يصيب هذا المرض الأشخاص من مختلف الأعمار بمن فيهم الأطفال، ولكنه غالباً ما يصيب النساء في سن الشباب. ولكن هذا المرض لا ينجم عن التقدم في العمر كما يسري الاعتقاد، فأصغر مريض لديّ عمره 18 شهراً وأكبر مريض عمره 75 عاماً... وغالباً ما لا يتمّ تشخيص المرض في مرحلة مبكرة لأن الأعراض قد تكون غامضة. ومن بين الأعراض الأولية آلام في المفاصل وتيّبسها، وورم طفيف في منطقة الألم حيث يتناول المصاب عادة المسكنات لتهدئته. وفي غالبية الحالات يلجأ المصاب إلى اختصاصيي العظام أو الأطباء العامّين طلباً للعلاج ونادراً ما يقصد اختصاصي التهاب مفاصل بشكل مباشر».
وتناولت بافنا بالشرح مراحل تطور المرض فقالت: «تبدأ الإصابة بمرض التهاب المفاصل الروماتويدي على شكل التهاب يصيب بطانة المفصل، أو ما يسمى بالغشاء الزليلي، ما يؤدي إلى تسرّب السائل إلى تجويف المفصل محدثاً تورماً وتيبساً في منطقة الإصابة. وفي حال لم تتمّ معالجة هذا الالتهاب فإنه يتحول إلى التهاب مزمن ويغزو الغضروف فيدمره ثم يُحدث أضراراً بالغة في سطح العظم ثم في كامل العظم. وفي الحالات المتقدمة للمرض، يفقد المصاب غضروفه وتبدأ عظامه بالاحتكاك بعضها ببعض ما يؤدي إلى الفُصال العظمي».
ومع تطور المرض، يصبح المصاب عاجزاً عن أداء المهام اليومية مثل فتح زجاجة شراب، أو عصر معجون الأسنان، أو حتى غسل شعره. وفي حال الإصابة بهذا المرض في منطقة الركبتين، يصبح المريض غير قادر على التنقل بصورة طبيعية.
إن التشخيص المبكر للحالة وعلاجها من شأنه أن يؤدي إلى إدارة المرض بصورة فعالة.
لقد تمّ تحقيق تقدم كبير في علاج مرض التهاب المفاصل الروماتويدي، فإذا تمّ تشخيص المرض في مرحلة مبكرة يمكن منع حدوث أضرار للمفصل. ولكن حتى عندما يتمّ تشخيص المرض باكراً، يحجم الكثير من الناس عن تناول الأدوية خشية الأعراض الجانبية، وغالباً ما يهدرون الفترة الحاسمة للعلاج فينتهي بهم المطاف إلى الإصابة بتشوه في المفصل وحدوث إعاقة. وأشارت بافنا إلى أنه في حال لم يتمّ علاج المرض على المدى الطويل، فإنه قد يؤدي إلى آثار على الأجهزة الحيوية في الجسم، مسبباً التهابات في الرئة، أو مخاطر أمراض القلب، وفي بعض الحالات الحادة يمكن أن يرتبط المرض ببعض أنواع سرطانات الدم المعروفة باسم اللمفوما. وبالتالي فإن من الأهمية بمكان طلب العلاج في مرحلة مبكرة والخضوع لإشراف اختصاصي التهاب مفاصل بصورة دورية. وتتميز غالبية الأدوية التي يتمّ وصفها بأنها آمنة وفعالة للغاية إذا ما تمّ تناولها تحت إشراف طبي ملائم.
كما أضافت بافنا: «تعدّ جراحة استبدال المفصل الخيار الأخير في علاج مرض التهاب المفاصل الروماتويدي، حيث نلجأ إليها عادةً في حال حدوث أضرار جسيمة في المفصل. ولكن بفضل التقدم الكبير الذي تمّ إحرازه في علاج المرض، بات من الممكن الآن الحؤول دون تفاقم حالة التهاب المفاصل وبلوغها هذا الحد. ويشمل العلاج المبكر للمرض الأدوية البسيطة المضادة للالتهابات، أو تناول السترويدات على المدى القصير. أما العلاج على المدى الطويل فغالباً ما يكون مخصصاً بحسب كل حالة على حدة. وهناك أدوية جديدة تسمى العلاجات البيولوجية وعادة ما يتمّ وصفها للمرضى الذين يعانون من تفاقم حالتهم أو من لا تستجيب أجسامهم للأدوية التقليدية. ومن شأن هذه الأدوية أن تحسّن من نوعية حياة المريض وتحافظ على مفاصله وتقيها من الإصابة بأضرار على المدى الطويل. وعند تشخيص المرض باكراً يمكن للمريض أيضاً أن يتجنب تفاقم الأعراض الذي يمكن أن يحدث على المدى الطويل».
العدد 4647 - الخميس 28 مايو 2015م الموافق 10 شعبان 1436هـ