العدد 4655 - الجمعة 05 يونيو 2015م الموافق 18 شعبان 1436هـ

القطان: زكاة الأموال سببٌ للنّجاة من كلّ مرهوب... ولو أخرجها الأغنياء لما رأينا فقيراً

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

قال إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، إن زكاة الأموال سبب للنجاة من كل مرهوب، وسبب لنيل كل مرغوب، مؤكداً أنه لو أخرج الأغنياء زكاة أموالهم، لما رأينا فقيراً أو جائعاً في ديار المسلمين.

وشدد القطان، في خطبته يوم أمس الجمعة (5 يونيو/ حزيران 2015) على ضرورة إحياء هذه الفريضة، وخصوصاً مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، معتبراً أن تعطيل بعض أبناء الأمة هذه الفريضة سبب خذلان الأمة الإسلامية وهزيمتها.

القطان في الخطبة التي خصصها للحديث عن «فريضة الزكاة وأثرها في المجتمع»، بيّن أن «دينَ الإسلام دينٌ تضمّنت أحكامُه ما يكفل إصلاحَ هذه الحياةِ، وقيامَها على أكمل الوجوه، وما يتضمّن إقامة مجتمعٍ مثاليّ، يتراحم أبناؤه ويتعاونون على مشاقّ هذه الحياة، لذلك جاءت عنايتُه بعلاج مشاكلِ الفقر بما لم يسبِق له نظير ولا مثيل».

وذكر أنه «في الوقتِ الذي ترى الدّراسات الاجتماعيّة والاقتصادية أنّ مشكلةَ الفقر معضِلة اجتماعيّة، عجَز العالم المعاصرُ عن حلّها والقضاء عليها، فإنّ علاجَ الفقر في الإسلام له في القرآن العناية البالغةُ، وله من السّنة النبوية الاهتمام البارز، بل إنّ الدراساتِ المنصِفةَ تثبت بكلّ برهان ساطعٍ، أنّ الإسلام عالجَ مشاكلَ الفقر بالعلاج الجذريّ الأصيل، المُقامِ على بنيانِ العدل، ومبدَأ التكافُل الاجتماعيّ، بنظامٍ متعدّد الأوجهِ متينِ الأسُس، راسِخِ القواعِد شامِل الإصلاح.

ولفت إلى أنه «من هنا جاءت فريضةُ الزّكاة في الإسلام، فريضة معلومة من الدّين بالضّرورة، فرضيتُها ثابتة بالآيات القرآنيّة والسنّة النبوية المتواترةِ، وإجماعِ الأمّة كلِّها...»، مؤكداً أن «من جحد وجوب الزكاة، فقد كفر، ومن منعها بخلاً وتهاوناً مع اعتقاد وجوبها، كان من عصاة وفسّاق هذه الأمة، وحكمه في الآخرة، أنه تحت المشيئة، إن شاء الله عفا عنه وأدخله الجنة، وإن شاء عز وجل، عذبه بالنار بقدر معصيته وفسقه ثم أدخله الجنة. ومن أداها، معتقداً وجوبها، راجياً ثوابها، فليبشر بالخير الكثير، والخلف العاجل والبركة».

وأفاد بأن «الزّكاة شعيرة كبيرةٌ وعبادة عظيمة، وفريضةٌ دوريّة منتظِمة، دائمةُ الموارد، مستمرّة النفع والمقاصِد، فريضةٌ مقاصِدها إغناء الفقراء وذوي الحاجات، إغناءً يستأصِل شأفةَ العوَز من حياتِهم، ويُقدِرهم على أن ينهَضوا وحدَهم. هي حقٌّ للفقراء في أموالِ الأغنياء، ليس فيها معنى مِن معاني التفضُّل والامتِنان، وليست إحساناً اختياريّاً، إنّما فريضةٌ تتمتّع بأعلى درجاتِ الإلزامِ الخلُقيّ والشرعيّ».

ورأى القطان أن «الزّكاة سببٌ للنّجاة من كلّ مرهوب، وطريقٌ للفوز بكلّ مرغوب».

وحذر مانعي الزكاة والمتهاونين فيها، مبيناً أن الله جلّ وعلا وجه وعيدَه الشديد لمانِعي الزّكاة والمتهاونين فيها، بل جعلها الله جلّ وعلا أحدَ المقوّمات التي يتميّز بها المؤمن من المنافق».

وأردف قائلاً: «نبيّنا محمد (ص) حذّر أمتَه من التهاون في الزكاةِ والتساهل في إخراجها بأساليبَ شتّى وتوجيهاتٍ لا تُحصَى، فقد أنذر (عليه الصلاة والسلام) من التهاون بالزّكاة وحذّر على ذلك بالعذاب الغليظِ في الآخرة، لينبّه القلوبَ الغافلة، ويحرّكَ النفوس الشّحيحة إلى الحِرص عليها، والاهتمام بشأنها».

وقال: «إنّ على الأمّة الإسلاميّة أن تدركَ أنّ مِن أسباب خذلانِها وعوامل هزيمتِها، تعطيلَ بعض أبنائها فريضةَ الزكاة، ولذلك فمِن وصايا السنّة المطهَّرة للمجتمع المسلم، التذكيرُ بأنّه متى فشا تركُ الزكاة نُزعت البركات، ووقعَت البلايا والمصائب والمجاعات».

وخاطب القطان المسلمين قائلاً: «إنكم بعد أيام قليلة تستقبلون شهر رمضان المبارك، هذا الشهر المعظم الذي ترق فيه الطّباع، وتتهذّب فيه النّفوس، وتتحرّك المشاعر الطيّبة، وتحنو إلى الخيرِ النفوس الخيِّرة، وقد اعتاد كثير من المسلمين على إخراج زكاة أموالهم قبل دخول شهر رمضان أو في شهر رمضان، لذلك جاء التذكير بهذا الركن العظيم الذي فرط فيه الكثير ممن أنعم الله عليهم بالأموال الكثيرة».

فيما خاطب الأغنياء، مذكراً إياهم بـ «الأيتامَ والضعفاء والأراملَ والفقراء والمساكين، فلهم في أموالِكم حقوق مفروضةٌ، وواجبات لازمة، أنتم مسئولون عنها ومحاسَبون عليها... فيا مَن أضعفته نفسُه عن إخراجِ ما أوجب الله عليه، ألا تخشى من سَخط الله عز وجل؟! ألا تخشى أن يعتريَك ما يصيبك في مالِك ويصيبك في بدنك من أمراض وأسقام، فيحرمك من لذّة الانتفاع به؟!».

كما شدد على أن «الزّكاة حقٌّ معلوم، قدّر الشرع أنصبتَه ومقاديرَه وحدودَه وشروطَه، ووقتَ أدائه وطريقة أدائه، حتى يكونَ المسلم على بيّنة من أمره، ومعرفةٍ بما يجب عليه؟ وكَم يجِب؟ ومتى يجب؟».

وذكر أن «على كلّ مسلم أن يكونَ على بيّنة من تلك الأحكامِ، وعلى درايةٍ بتلك التعاليم عن طريق سؤالِ أهل العلم والاستيضاح من أولي العرفان»، مبيناً أن «الزّكاة تجِب في الأثمانِ، وهما الذّهب والفضّة بأنواعهما، ويلحَق بهما الأوراق الماليّة التي جعلها الناس أثماناً وأقياماً، كما تجب في الخارجِ من الأرضِ مِن كلّ حبّ وثمَر يُكال ويدَّخر، كما تجِب في بهيمةِ الأنعام، وعروض التّجارة وهي كلّ ما أُعِدّ للبيع والاكتساب أيّاً كان نوعُها، سواء كانت من العقارات كالأراضي والدّور أو كانت من غيرها، فإذا حال الحولُ على هذه العروض قوِّمت قيمةَ السوق وأخرَج مالكها زكاتَها من مقدار قيمتِها ربعَ العشر، أمّا من أعدّ عقاراً للإيجار لا للبَيع والاتّجار، فالزّكاة في أجرةِ العقار إذا حال عليها الحول».

وأكد أنه «لو أخرج الأغنياء زكاة أموالهم لما رأينا فقيراً ولا مسكيناً ولا جائعاً ولا عارياً ولا محروماً ولا محتاجاً في ديار المسلمين. وهذا ما حدث في عصر الخليفة العادل الإمام الزاهد عمر بن عبدالعزيز، يوم أن أقيم العدل في الأمة، ويوم أن عرف الأغنياء حق الله في أموالهم، جمعت الزكاة في عصر عمر بن عبدالعزيز، وأراد عمر أن يوزعها فلم يجد فقيراً واحداً في أنحاء الأمة، عقمت أرحام الدولة العمرية أن تلد فقيراً أو مسكيناً! وكان عمر بن عبدالعزيز يحكم أمة تمتد حدودها من الصين شرقاً إلى باريس غرباً، ومن حدود سيبيريا شمالاً إلى المحيط الهندي جنوباً، ومع ذلك جمع عمر بن عبدالعزيز الزكاة فلم يجد مسكيناً واحداً يأخذ الزكاة، وفاض المال في بيت مال المسلمين، فأصدر عمر بن عبدالعزيز أمراً بأداء الديون وقال: «اقضوا عن الغارمين»، فقضى ديون الناس ومازال المال فائضاً، فأصدر أمراً بإعتاق العبيد من بيت مال المسلمين، فأعتق العبيد ومازال المال فائضاً في خزينة الدولة، فأصدر أمراً بتزويج الشباب وقال: «أيما شاب أراد أن يتزوج فزواجه على حساب بيت مال المسلمين». فتزوج الشباب وبقي المال».

العدد 4655 - الجمعة 05 يونيو 2015م الموافق 18 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 10:37 ص

      عن الإمام علي إبن أبي طالب

      ما جاع فقير إلا بما تمتع به غني، سلام الله عليك يا أمير المؤمنين

    • زائر 6 | 6:41 ص

      سوالف الدواويين

      اول انشوف المطاوعه يؤدون الزكاة حتي يكونوا عبره للغير وثم نشوف زكاة الجمعيات من اموالهم الملايين في البنوك لبيت الزكاة ثم الافراد من اصحاب المليارات والملايين من التجار وغيرهم من المؤسسات التجاريه والبنوك كل من يملك النصاب ثم احنا اخيرا ولنا قصه اتصلت ببرنامج يجمع التبرعات فقلت للمله ما نشوفكم تدفعون تبرعات حتي احنا المساكين نعتبر بكم يا المطاوعه ثم سكر التلفون وقال هاتوا متصل آخر وهو سلفي .

    • زائر 5 | 4:14 ص

      هؤلاء

      هؤلاء التجار لو يعرفون انه الله عطاهم هادى الاموال ليس فقط لهم انما الى البشريه لمساعدتهم يعنى الله يقول اليهم اخدو كفايتكم واخرجوا منها الزكاة والصدقات لاكن تجارنا ليس ملتزمين بشرع الله اهمشى هو وعائلته الحين واحد بنط واقول كيفة فى الشرع مافى كيفه سيحاسب اذا ما اخرج الزكاة وستكويه الفلوس فى النار

    • زائر 4 | 4:00 ص

      ياشيخ

      لو كل شخص طبق الزكاة والصدقة لن ترى محتاج في الوطن

    • زائر 3 | 2:33 ص

      الدين معامله

      لو انفقت جميع اموالك في الخمس والزكاة واعتكفت في المسجد ليل نهار وانت تعذب قطه فما نالك من ذالك الى قعر نهر جهنم خالدا فيها

    • زائر 2 | 1:37 ص

      مواطن

      هذي الكلام كل سنة نشوفة ونسمع به لكن هات اللي يطبق هالكلام أغلب الجمعيات الخيرية يحسبون انهم يملكون أموال المتبرعين والمحتاجين يظل طول عمره محتاج والأسباب احتكار الأموال انا أسألهم

اقرأ ايضاً