العدد 4657 - الأحد 07 يونيو 2015م الموافق 20 شعبان 1436هـ

«الوسط» تحتفي بالخطيب والأديب محمد صالح العدناني

أول بحريني ابتعث على حساب الدولة لدراسة الفقه الجعفري بالهند... شاعرٌ ومثقف موسوعي

عصمت الموسوي خلال حديثها إلى «الوسط» - تصوير عقيل الفردان
عصمت الموسوي خلال حديثها إلى «الوسط» - تصوير عقيل الفردان

احتفت صحيفة «الوسط» في مقرها يوم السبت الماضي (5 يونيو، حزيران2015)، بالسيد محمد صالح السيد عدنان الموسوي المعروف بالخطيب العدناني الذي توفي في 18 يناير/ كانو الثاني 2007 عن عمر يناهز 88 عاماً بعد حياة ثقافية وعلمية واجتماعية حافلة بالانتاج العلمي الغزير.

وفي كلمة الحفل الافتتاحية، قال رئيس تحرير الصحيفة منصور الجمري: «إن الخطيب العدناني عاش يتيماً أغلب فترات حياته، لكنه ورث الجينات المبدعة من والده السيد عدنان الموسوي، حيث سيسجل التاريخ أن الخطيب العدناني أول بحريني يبتعث على حساب الدولة لدراسة العلوم الدينية والفقه الجعفري، في لكنو بالهند».

وفي الحفل الذي حضره أبناء وبنات الخطيب الراحل، ولفيف من الشخصيات المهتمة، أوضح الجمري «إن العدناني يمثل شخصية متنوعة مبدعة، دمجت بين الأصالة والحداثة، وهو من القلائل الذين استطاعوا أن يدخل هذه الدنيا ملتزماً بأصالته وتراثه، ويلمّ بما أنتجه العصر من إبداعات وفنون»، مبيِّناً «لذلك لدينا من ذريته اليوم مبدعون في الإنتاج الفني والسينمائي والكتابة ومختلف المجالات».

وأضاف الجمري«السيد محمد صالح الموسوي حمل الكاميرا، وهو ربما أول عالم دين يفعل ذلك، كما أنه ربما أول عالم دينٍ بحريني يركب دراجة نارية، وهو تقليد لم يعتدْه علماء الدين في هذه المنطقة».

وفي سياق متصل، عرَّج الجمري للحديث عن والد الخطيب العدناني، معتبراً إياه «واحداً من أهم شخصيات البحرين، الذي هو مادة ومعلم للاستفادة والعبرة والدراسة». وذكر أن السيد عدنان الموسوي (والد الخطيب العدناني) يعتبر مؤسس إدارة الأوقاف الجعفرية في البحرين، حيث استلم الإدارة وعمره 44 عاماً، ورغم أنه توفي بعد عام واحد فقط، لكن خلال هذا العام فعل ما يعجز عن فعله غيره في عقودً، مستطرداً «فخلال عام واحد تنقل السيد عدنان الموسوي على حماره في مختلف قرى ومناطق البحرين وسجل أكثر من 1000 أرض وقفية في تلك المناطق، وإلى الآن تسمى تلك الوثائق بسجل السيد عدنان».

وزاد الجمري بالقول: «حتى أن خط يده كان أجمل من أفضل جهاز هذه الأيام، والوثائق الذي دوّنها واضحة ومعلمة بإحداثيات المواقع».

 

 

عاش يتيماً لكنه لم يمت كذلك
الخطيب العدناني: السيد الذي رحل عن 88 عاماً... وفسيفساء من 34 ولداً

الوسط - محمود الجزيري
في الـ (18 من يناير/ كانون الثاني 2007)، توقف القلب العامر للسيد محمد صالح العدناني، ليسدل الستار عن رحلة إنسان بحريني، وصفه من عاصره بـ «العالم والشاعر والمثقف الموسوعي».
رحل السيد عن 88 عاماً، وفسيفساء من 34 ولداً كانوا ثمالة ذكراه في هذه الدنيا عن 4 نساء، عوَّض بهم وحدته بعد أن تقطعت به سبل الحياة يتيماً، حيث فقد والده السيد عدنان الموسوي وسنوات عمره لما تكتمل عشراً بعد، في حين خطف القدر أمه جليلة بنت علوي القاري ولم يمهلها أكثر من شهرين بعد ولادته.
وعلى رغم تعدد المذاهب الفكرية بأولاده الـ34 من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال، إلا أن وصية صاغها والدهم العدناني من بيت شعر، كان أغلى ما ورثوه عنه - بحسب تعبيرهم - أوصاهم فيها بالحفاظ على علاقة الأخوة والاجتماع فيما بينهم، حيث أنشد العدناني في وصية أولاده قائلاً:
بني بعدي لا أريد عبادة عني ولاحجاً ولا تتصدقا
منك أريد مودة ومحبة بعدي وألا تتفرقا
يتصل نسب السيد العدناني إلى إبراهيم المرتضى ابن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع)، إذ كان والده السيد عدنان زعيم الشيعة في البحرين، وتولى القضاء والأوقاف فيها.
ابتعثته حكومة البحرين إلى «لكنو» الهندية، لدراسة علوم الفقه الجعفري، حيث درس الفقه والمنطق والأصول وعلم الكلام، إلى جانب اللغة الإنجليزية والتصوير الفوتوغرافي.
وبعد إتمام الدراسة، عممه الشيخ محمد علي المدني، لكنه - أي الخطيب العدناني - رفض تسلم منصب أبيه في القضاء، وسبب ذلك بـ «المخاطر التي قد يتعرض لها»، حيث قال: «إن القاضي لا يأمن على نفسه».
وعلى رغم ذلك، فقد لازم في حياته قاضي القضاة بالبحرين الشيخ عبدالحسين الحلي، حتى ارتقى المنبر أول مرةٍ في العام 1363 هجربة (1944م)، من دون أن يتتلمذ على يد خطيب آخر، لكنه تمكن من ذلك من خلال مداومته على حضور مأتم مدن بالمنامة، حيث كان يقرأ الشيخ محمد علي بن حميدان، حيث أوصى السيد عدنان قبل رحيله الشيخ حميدان برعاية ابنه والقيام على شئونه.
بعد اتصاله بمنبر الخطابة، خصص صباح الجمعة للخطابة الحسينية بمأتم مدن، وقال: «في بداية الأمر كنت أحصل على 4-5 مجالس، لكن في الأيام الأخيرة وصل العدد إلى 11 مجلساً».
يعتبر الخطيب العدناني من فطاحل الشعراء، وبدأ رحلته الأدبية في مجلة الرضوان، وكتب الكثير في التاريخ والوفيات والدعاء وفضائل الأمة والمجالس، والحقوق الزوجية، والكشاكيل العلمية والأدبية، وأشعار في المديح والرثاء لأهل بيت النبوة.


 

العدناني اختار باريس وبنارس وبرلين وتاج محل كنى لزوجاته
عباس الموسوي: والدي علَّق لوحات دافنشي والموناليزا في منزلنا منذ الخمسينيات

قال الفنان البحريني ابن الخطيب العدناني، السيد عباس الموسوي: «إن لوالدي حساً مرهفاً، وأنا رأيته في شكل فنان، في اختياراته وأدواته، وحتى في أسماء كتبه وكنى زوجاته».
وأوضح أن الخطيب العدناني كان يضع لوحات دافنشي والموناليزا في منزله منذ الخمسينيات، وقال: «إن ذلك زرع ثورة فنية عندي، وأضاف لي الكثير من الحس الرومانسي».
وذكر الموسوي في لقاءٍ مع «الوسط» على هامش الاحتفالية التي نظمتها الصحيفة إحياءً لذكرى والده أمس الأول (السبت)، ذكر أن والده كان يكني زوجاته الأربع بأسماء ذات دلالات فنية رائعة، وهي: باريس، بنارس، برلين، تاج محل.
وتابع «كان كل شيء يقدمه بفن وأدب، يتفنن في اللوحات الفنية، ويطعمها بصور تضيف عليها حسه الخاص. حتى في الراديو الذي كان يمتلكه، كان مغلقاً بصندوق ما أن تفتحه حتى ترى عليه صور المطربين والمطربات في تلك الفترة». وأفاد «لدى الوالد التصاق بالصوت والصورة، إضافة إلى حبه للنظافة والزراعة. وهذه من الأشياء الفنية الراقية التي تربينا عليها، إذ إنه كان يسقي الزرع، وينظف سياراته بنفسه، وعندما يأتي الصيف كان يفتح المراوح بطريقة فنية، وعندما يحل الشتاء يغلفها بطريقة جميلة».
وأردف «كان يعلمنا الاهتمام بالسلوك البيئي والحفاظ على الأملاك ورعايتها، وهذه أشياء قد تبدو بسيطة لكنها زرعت فينا الأحاسيس الفنية».


 

صاغ بيت شعر كان أغلى وصاياه
عصمت الموسوي: تسامح الوالد ولد هذا التنوع في العائلة

اعتبرت بنت الخطيب العدناني الكاتبة الصحافية عصمت الموسوي والدها «نموذجاً للتسامح»، وقالت: «إنه كان متقدماً على عصره جداً، وأنا حتى الآن أتساءل، ما هو السر في هذه الشخصية؟، هل هي الثقافة الموسوعية؟، أم الدراسة في الهند، أم أنه طبع أصيل في هذه العائلة؟».
وأضافت الموسوي خلال حديثٍ مع «الوسط» على هامش الاحتفالية بوالدها والتي نظمتها صحيفة «الوسط» أمس الأول (السبت) «هو كان يتيماً ولم يتح لنا القدر التعرف على والديه، لكن عندما تعرفت على أهل والدي الذين كانوا يسكنون العراق اكتشفت غلبة التسامح عليهم، ولذلك التنوع الذي تعيشه العائلة اليوم هو ببركة ذلك التسامح الذي كان أكثر ما يميز الوالد».
وذكرت «إنه في البيت، كان الخطيب العدناني يعبر عن رأيه من دون إجبار أحد على الالتزام بما يقوله، لكن مع ذلك كان رأيه مؤثراً جداً، ويملك مهارات كبيرة في إيصاله بأقصر الطرق»، مستذكرةً «يوماً ما كنا في القاهرة برفقة والدي، كنت أريد أدخل معه إلى الحسين (ع)، وكان من شروط المكان أن ألبس الحجاب، فلبسته لأدخل معه وأرشده إلى المكان. وبعد الفراغ من الزيارة في طريق العودة نظر إليَّ وخاطبني بالقول: «الحجاب لطيف عليكِ»، فقلت له هل تريدني أن أرتديه، فأجاب (هذا شأنك)».
وعن أهم الوصايا التي تحفظها العائلة عن السيد العدناني، أوضحت عصمت أن والدها كان كثير التوصية بالاجتماع والمحبة بين الإخوة، حتى أنه صاغ ذلك في بيت شعر صار شعاراً للعائلة، حيث قال:
بني بعدي لا أريد عبادةً
عني ولا حجاً أو تتصدقا
منك أريد مودة ومحبة
بعدي وألا تتفرقا


 

كان مستشارنا في كل شيء... ونفتقده جداً
عالمة الموسوي: وجدتُ جَدِّي «مبرمجاً» بدقة... ويترفع عن التفاصيل

أكدت حفيدة الخطيب العدناني من ابنته، عالمة الموسوي إن جَدَّها كان وقوراً لا يرفع صوته على أحد، ويترفع عن الدخول في التفاصيل الصغيرة، كما كان مرتباً بشكل كبير جداً، وطوال يومه مبرمج بخطة عمل واضحة.
وقالت إن جدها استحسن تسميتها بعالمة، بعد اقتراح والدتها، وتوقعت أن ذلك يأتي لأن اسمه عالمة هي صفة من صفات السيدة الزهراء (ع) وتطور لهذا الاسم عن السياق التقليدي المتداول.
عالمة التي أصبحت اليوم فنانة وشاعرة وكاتبة، استرجعت الذكريات في حديثٍ قصير مع «الوسط» على هامش الاحتفال بالخطيب العدناني الذي نظمته الصحيفة أمس الأول (السبت)، وقالت: «كنتُ أرى له هيبة في المنزل، في دخوله وجلوسه وحبه للجميع»، مضيفةً «مثلاً أنا كان يحسّسني بأني الأميرة التي لا يجب أن تعمل أي شيء»، معتبرةً أن «الاقتباس من سيرة الخطيب العدناني شيء يصعب تحديده، لأنه كان منظَّماً في كل شيء. وخاصة في تعامله معنا».
ولفتت الموسوي إلى أن «الجانب الفني الذي ورثناه من حب الرسم والألوان، كان بتأثرنا من جدي العدناني، حيث كان منزله مليئاً بالسجاد الملون والأشكال الفنية».
وعبّرت عالمة عن شعورها «بالفقد» الكبير تجاه جدها، وقالت: «أفتقده جداً، فترة وجوده كانت قصيرة مهما طالت. كان مستشارنا في كل شيء، حتى في أسماء أولادنا، وطريقة حياتنا. وجدته دائماً خارج المألوف، لديه صدق، أفتقد وجوده في هذه الحياة».


 

تعلمنا منه ثقافة الاغتراب لطلب العلم...
عائلة العدناني: «الهند» غيرته ودفعته لرفض «القضاء الشرعي»

الوسط - حسن المدحوب
 قالت عائلة الخطيب العدناني ألقاها بالنيابة عنهم ابنه عقيل الموسوي: «كانت دراسة الراحل في الهند منعطفاً مهماً غيّر مجرى حياته إلى الأبد، والطريفُ في الأمر، أنه لما اجتاز جميع الامتحانات الصعبة، وحاز الإجازة العلمية التي تؤهله ليكون قاضياً في المحكمة الشرعية، رفض أن يكون قاضياً وموظفاً حكومياً، ماذا فعلت الهند بالسيد؟ لقد تغير السيد، ولم يعد السيدُ ذلك الإنسان البسيط الأحلام!».
وشكر الموسوي في بداية كلمته صحيفة «الوسط» والمنظمين لهذا الحفل.
وأضاف أن «ما يُثلجُ قلوبنَا، حقيقةً، وما يعزينا من ألم الفقد، هو هذا الالتفاف الأُسري الحميم من المجتمع البحريني لشخصية والدنا المرحوم السيدمحمد صالح عدنان الموسوي، أينما نذهب على هذه الجزيرة الصغيرة، نجد هناك من يترّحمُ عليه، ويقِصُ لنا بفرحٍ ذكريات ذات عِبر من تاريخ الراحل، ويكادُ لا ينساه كلُ من تقاطعت حياتُه بحياته، ولو للحظات قصيرة».
وأردف «نشعرُ بحق، ولنا أن نفخر أن والدنا هو ابن البحرين بامتياز، يعرفُه أهلُ القرى خطيباً حسينياً مبدعاً، ويقرأهُ الأدباءُ شاعراً، ويشهدُ له أهلُ المكتبات قارئاً نهماً، ويرجع له الكُتَّاب مؤلفاً محترفاً، وفي التاريخ هو مؤرخٌ، وفي الفن هو مصورٌ، وفي الهندام أنيقٌ، ولشخصيته اهتمامات عديدة، نادراً ما تجتمع في شخص واحد».
وتابع «هكذا يرى المجتمعُ البحريني والدنا الراحل منذ ثماني سنوات، فكيف نراهُ نحن؟ أولاده وأهل بيته، ولكم أن تعتبروا هذه الورقة قصةٌ أُخرى من القصص الجميلة التي يحكيها البحرينيون عن الراحل في كل مجلس».
وذكر أن «الإنسان عندما يعيشُ في كنفِ القامات الكبيرة، مثل والدنا الراحل، يشعرُ في حضورهم الطاغي، أن الدنيا ليست هي الدنيا، ويُصبحُ فعلهم الإنساني، حتى البسيط منه مثل الضحكة، أو الدمعة، أو القُبلة، أو الكلمة، أو الإيماءة، يصبح أمراً بالغ التأثير على النفس، تاركاً دلالات عميقة تُختزن في الوجدان، هكذا نشأنا في حَضرة والدنا وحُضوره المشع».
وواصل «تربينا ونحن ننظر إليه كمثلٍ أعلى، دون أن يأمرنا أن نحذو حذوه، نتطلعُ كل يوم إلى عمامته، ومؤلفاته الكثيرة، ودواوينه كإلهامٍ مخزنٍ في ذاكرتنا، وما يجعله ملهماً هو أنه لا يلاحق شقاوتنا البريئة، ولا يتصيّدَ علينا هفواتنا، ولا يشككَ في أحلامِنا».
وأكمل «بسببِ روحِه الكبيرة، يبدو لنا بكاؤه في عاشوراء مفجعاً حداً لا يوصف، وفي حضرتِه فقط، تصبحُ فرحته بكتابٍ جديد عيداً في البيت، ويبهرنا تبجيل الناس له وتقبيلهم لجبهته، وكأنهم يختزلون بني هاشم في شخصه، فيطلبون البركة من عمامته».
وأفاد «نشأنا في كنفه من دون تعليمات صارمة، ومن دون أي استبداد، وكفانا حضوره تأديباً لنا، واستمتع هو بمراقبتنا نكبرُ أمامَ عينيه، ونسلكُ دروباً مختلفة، ونتغربُ للدراسة أو للرزق، مثله، في بلدانٍ لم تخطرْ على بال أحد، يفرحُ الراحل كلما تشابهت تفاصيل حياتنا بماضيه، ويضحكُ وكأنه انتصر على التاريخ لأنه كرر نفسه، ولا يفوته أن يستشهد بأبيات من شعره التي وثقت حياته مثل مذكراته اليومية».
وقال: «ولا يسعْنا المقامُ هنا للإسهاب في ذلك، وسنقفُ عند محطتين من محطات مهمة في حياة الراحل، لنفهم بعضاً من ملامحَ شخصيته، المحطة الأولى كانت في العام 1927، كان السيدُمحمد صالح يتيمَ الأم، وابن تسعة أعوام فقط لما حضرَ دفنَ أبيه، العلامة السيدعدنان الموسوي، الذي رحلَ شباباً، كان وحيدَ والديه، ويعيش جميع أخواله في المحمرة، عاش السيد يُتماً، وبُعداً عن الأهلِ في عمرٍ مبكر، ولابد أن كل هذا الفقدُ قد خلقَ لديه وحشةً وفراغاً، ظل يحاول مَلأه طوال حياته».
وأوضح الموسوي «لما كان في عمر الشباب، سعى بجدٍ لتأسيس العائلة التي أفتقدَها، وسرعان ما ازدحمت حياتُه بالزوجات اللاتي أنجبن له أربعةَ وثلاثين ولداً، عوّضوه عن فقده، وشغلوه بمتطلباتهم، وأحلامِهم، وطموحاتِهم، ومشاريعِهم، وقصصِ حبِهم، وزيجاتِهم، وأولادِهم، لكن السيد مازال لا يخفي دموعَه عندما يُذكرُ والده أمامه، وزادتْ دموعُه عندما تقدمَ به العمر، إن ظاهرة «اليتيم الوحيد الذي ضحى بأمور مهمة لتأسيس عائلة كبيرة» هي علامةُ الراحل الفارقة، وهدفه الأسمى الذي رسم طريق حياته».
وواصل «وبعد ما يقارب الثمانين عاماً على وفاة أبيه، رحل السيد عنا قرير العين، لأنه ترك لنا إرثاً عائلياً مزدحماً لن تجد الوحشة مكاناً فيه، وتعلمنا من الراحل أهم دروس الحياة، وأن لا سعادة في البيت، وإن كان قصراً، تفوقُ السعادة التي يهبها طفلٌ حين يحبو، ويملأُ المكانَ أفراحاً».
وأشار إلى أن «المحطة الثانية، كانت في العام 1938، كان السيد قد أنهى دراسة السطوح؛ أو علوم الحوزة الدينية الأولية، وتشوق للدراسة، على خطى أبيه العلّامة، تميز السيد بنبوغ حاد، وبراعة أدبية مبكرة، وعاش أجواءً حوزوية وأوساطاً محافظة، تنبأت له بأعلى الدرجات الدينية، في النجف الأشرف في العراق، لكن مستشار حكومة البحرين، شارلز بلغريف، رأى شيئاً آخر، أراد أن يصنع من السيد قاضياً شرعياً غير تقليدي، بإرساله إلى مدينة «لكنهو» في الهند، وليس إلى العراق».
وأردف «إلى الشرق في الهند؟ أم إلى الغرب في النجف؟ كان سؤالاً صعباً على شابٍ يتيمٍ من قرية صغيرة تقع على جزيرة تتبع الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس».
وأكمل «هنا تدخل القدر، وأخذ بيد السيد من طرفٍ منسيٍ في الإمبراطورة البريطانية وقادته إلى الهند، جوهرة التاج البريطاني، بُهر السيد بتطور الهند البريطانية؛ ببواخرها العابرة للمحيطات، وبقطاراتها التي تصل جميع الولايات الهندية، وأكثر ما فتنه درّاجته البخارية، والآلة التي تنتج صوراً؛ أو الكاميرا، رأى السيد في الكاميرا سحراً، انخطف به، وغدت الصورة الفوتوغرافية ثقافةً جديدةً لديه، لأنه تعود أن يصور الأشياء شعراً، وتنافسه الآن الكاميرا التي تصطاد الزمان، وتوثق لحظاته، وتجمّد المكان على الورق، لذلك كان السيد دؤوبَ البحث عن وجه والدته المتوفاة عنه رضيعاً، وكان أيضاً ولعاً بالبحث عن صورة لوالده، حتى فاجأه ابنه الفنان التشكيلي عباس الموسوي ببورتريه، كلوحة متخيلة للسيدعدنان، ولم يستطع لحظتها أن يخفي دموعه تأثراً وامتناناً».
وذكر الموسوي «تعلم السيد أروع خبراته في الهند، وفيها تشكل حسه الفني وذوقه الخاص، وإذا كان الشعر غرام السيد الأول، فإن الصورة حتماً كانت غرامه الثاني، لاحقاً، في بيوته الأربعة، ملأت الصور الجدران بحسب مزاجه الخاص، في غرفة الضيوف؛ وَضعَ صور أصدقائه من رجال الدين، وفي مكتبه؛ وَضعَ صور الزعماء والملوك، وفي غرف نومه؛ وَضعَ صوراً للوحات فنية عالمية راقية، على رغم اختلاف الأجيال لأولاد السيد، إلا أن وعينا جميعاً؛ الفنان منا، والصحافية، والطبيب، والشاعرة، والمهندس، والكاتبة، والمعلم، والتاجر، تفتّح وعينا على عالم السيد الخاص الذي يتسّيد فيه الكتاب والصورة، أو العلم والفن».
وأفاد بأن «كانت دراسة الراحل في الهند منعطفاً مهماً غيّر مجرى حياته إلى الأبد، والطريفُ في الأمر، أنه لما اجتاز جميع الامتحانات الصعبة، وحاز الإجازة العلمية التي تؤهله ليكون قاضياً في المحكمة الشرعية، رفض أن يكون قاضياً وموظفاً حكومياً، ماذا فعلت الهند بالسيد؟ لقد تغير السيد، ولم يعد السيدُ ذلك الإنسان البسيط الأحلام!».
وأضاف «ومن دون قيد الوظيفة، احترف السيد أموراً كثيرة مثل الشعر، والتأليف، والخطابة الحسينية، وتتلمذ على يد نفسه في ذلك حتى أنه ابتدع أطواره الخاصة به، (أي ألحانه) وهذه محطة أخرى لا يسعنا الوقت لاستكشافها».
وختم الموسوي «لا يمكننا هنا أن نغفل عن ذكر أثر غربة الراحل على حياة أولاده، كان جدنا، العلّامة السيدعدنان، عميد المغتربين في العائلة، وتبعه الراحل، وصار التغرب لطلب العلم عُرفاً عائلياً، وكأن العلم إذا لم تتحداه غربة يصبح ناقصاً، فتغرب معظم أولاد الراحل في طلب العلم، يحنو الراحل على أولاده المغتربين، ويعزيهم بحنينهم إلى الوطن ببيت مشهور من شعره، حتى حفظناه في العائلة عرفاً وشعاراً. على عتبات الجامعات، نفخر اليوم ونحن نوصي أولادَنا، مثلما أوصانا بشعره: (ونيلُ العلمِ جوعٌ واغترابٌ وبِلغَةٌ... وصحبةُ أُستاذٍ وطولُ زمانِ)».


 

ابنه البكر: كان والدنا قليل الكلام يقدس الكتاب ومتسامحاً جداً

وفي مقابلات لـ «الوسط»، تحدث عدة أبناء للراحل عن السيدمحمد العدناني عن والدهم، فمن جهته، قال ابنه البكر السيدعدنان الموسوي: «كنت من الناس الذين عاصروا الوالد وكنت قريباً منه وكنت صانعاً معه مدة أربع سنوات وكنت أحضر معه في كل مكان، الشيء الذي تميز فيه انه كان قليل الكلام، وكان يكتب الأبيات في دفتر وبدأت قليلاً قليلاً أصعد للمنبر».
وأضاف «في شخصية الوالد كان الوقت عنده مرسوماً وليس محسوباً، وقبل الذهاب إلى الخطابة كان ينجز العديد من الواجبات المنزلية وبعد قراءته يعود مجدداً لأداء واجباته».
وأردف «كان الوالد يسرق من وقته لشدة انشغالاته وعمله، وكان الكتاب بالنسبة إليه أمراً عظيماً، في شخصية الوالد الكثير من التعامل بالإيحاء، لم يكن قاسياً بل كان فيه نوع واسع من التسامح، وكان عنده كمية من الهدوء غير عادية».
وختم السيدعدنان الموسوي بأن «الاحتفاء الذي خصت به «الوسط» والدنا، عظيم ونحن نحس أننا في منزلنا ونحس كل الوجوه باسمة كما لو كان أبونا أباهم».


 

كامل الموسوي: كان والدنا ديمقراطياً ولم يجبرنا على التشبه به

قال كامل الموسوي ابن الرحل العلامة العدناني: «حياته كانت ديمقراطية ولم يجبر أحداً منا على نمط عين في الحياة لا في الدراسة ولا في التدين ولا في الايديولوجية، فقط كان يعطيك قدراً من النصائح بحسب ظروف كل واحد منا».
وأضاف أن «عنده جاذبية في العلاقات، كان قادراً أن يجذب كل أنواع الشخصيات لأن تحبه وكان الناس يحبون يخدمونه، حتى علاقاته مع زوجاته كانت تتم بطريقة فنية، كان يسمع كامل كلامهن من دون اعتراض، وثم يقوم بما يراه مناسباً».
وأفاد بأنه «في فترة ما بعد محرم كان يقرأ في المنطقة الشرقية وكان يأخذ معه في كل مرة إحدى زوجاته لمدة شهر هناك، وكان يتم ذلك بالتناوب بينهن».
وتابع أن «روح المزاح ليست لها حد عنده، وكان يحب أن يجلس مع كبار السن، وهم كانوا ينتظرونه ليداعبهم ويداعبونه».
وختم «نقدم شكرنا لـ «الوسط»، وهي لفتة جميلة أن تحتفي بالمبدعين والمتميزين في البحرين، وهي لفتة لم تكن موجودة في البحرين، ونتمنى أن يشمل الاحتفاء العديد من الشخصيات من المهندسين أو الرسامين وغيرهم، ولا تنتظروا أن يتوفى ثم يكرم، حضور المكرم في احتفالية تقام باسمه سيكون بلاشك له شعور مختلف».


 

المحروس: دونت سيرته ثلاث سنوات... ورنين كلماته حاضر: «لا تأتِ قبل الساعة الثامنة»

الوسط - حسن المدحوب
 قال الباحث حسين المحروس، في كلمته خلال حفل الاحتفاء بالخطيب والأديب والشاعر والمؤلف المرحوم السيدمحمد صالح الموسوي «العدناني»، الذي أقامته «الوسط» يوم السبت الماضي: «في الجلسة السادسة لتدوين سيرته الذي استمر قرابة ثلاث سنوات، دخلت عليه قبل الساعة الثامنة من مساء يوم الجمعة (12 أكتوبر/ تشرين الأول 2001) في شقته بقرية السنابس، وهو المكان المعتمد لتدوين السيرة، فوجدته يستمع للراديو وينجز عملاً لأرشيفه، أظنه لا يصغي للراديو، صوته يؤنسه ويبقيه يقظاً».
وأضاف «لم يقل كلمة واحدة واستمر في تثبيت مقالة قطعها من صحيفة على ورق متين، وضع كمية من الصمغ في فنجان صغير يأخذ منه برأس أصبعه ويمسح به أطراف الورقة، يقرّب الورقة من عينه، يتحسّس الزوايا ثمّ يعيدها على الطاولة. يفعل ذلك لضعف نال عينه اليمني فصار يتكأ على اليسرى عند القراءة؛ لهذا يكون الكتاب أقرب إلى العين اليسرى طوال السطر، يمرر الكتاب على العين لا العكس، ينتهي السطر وتستعد العين اليسرى لسطر جديد».
وتابع «في بيوته الأربعة ينحني على طاولة صغيرة فلا يغادرها خمس ساعات أحياناً، وهو لا يتحرك حتى لو تزلزل المكان من حوله، وعلى رغم حاجته لنظارة طبية منذ سنوات طويلة، إلاّ أنّه لا يلبسها عناداً، فليس في مفرداته أن يتقوّى على العين، ألحّت عليه إحدى زوجاته فلم يستجب، كان يقرأ الكتاب وكأنه سيدخل في عينيه، أنظر إليه كيف ينتقل إلى السطر الثاني. صار يضع مرآة محدبة من الجهتين «مجهراً» عند القراءة وليس نظارة. ولفرط هدوئه ما كنتُ أسمع غير صوت المغني، الإتقان عنده بلا صوت. فلما انتهى أغلق الراديو، قال: «إي... كيف الأحوال؟»، فقلت له: «ماذا تفعل حتى تحتاج كلّ هذا الصمت؟»، فأجاب (ورقة فيها معلومات أخشى أن تضيع، أن تتمزق وتختفي المعلومة، لذا قويتها بورقة أخرى، حفظت الورق بالورق)».
وأكمل «يوم قالوا: لا نعرف الخطّ السياسي لهذا الرجل. قاطعوه لأنّه لم يعلن عن خطّ ينتمي إليه. نسوا أنّه لا ينتمي، ولا مكانَ في باله إلا مكانته. لم أسأله هذا السؤال أيضاً، لأنّي عرفت أن مزاجه كلّه في تفرده واعتداده باستقلاليته، وعندما صرتُ أقلب دفاتره الصغيرة التي تجاوزت السبعين وجدت أنّ السياسة عنده على السطر لا على الشارع، وأنّه دوّن كلّ حركة في أحداث التسعينيات القاسية في البحرين، أثبتها وحماها من الغياب، دوّنها لنفسه».
وواصل المحروس «في الجلسة العاشرة 20 أكتوبر 2001 في سكنه الأخير، شقة صغيرة فيها جزء صغير من مكتبته لا يزيد عدد الكتب فيها على عدد المزهريات المصفوفة على أرفف كثيرة، ولا تتجاوز عدد ساعات الحائط وساعات المكتب استمر في سرد سيرته، الأسئلة كثيرة وما لديه يفوق همّتي، الأسئلة أصغر من الحياة، يا الله لا أعتقد أني سأنسي ساعة السرد في يوم ما، وكلّما تمادى في السرد أخذني إلى ملامح سيرة رجل في أفق غير أفق الذين تصوروه، هذا الشخص المصنوع من هذا السرد أبعد بكثير ممّا في بالي من نسيج أيةّ صورة، وعلى رغم نظامه المحكوم، المحصور، المرسوم، المحدد، الواضح لديه إلاّ أنّ التفكير في حصر سيرته وفق أية كتابة مسطّرة باطل».
وأردف «في الجلسة الثالثة عشر في 25 أكتوبر 2001، وبعد انتهاء الجلسة ودعته عند الباب، قال: غداً نلتقي، فقلت له: «سأكون على الوقت»، فرد علي (لا تأتِ قبل الثامنة... أنت دائماً تأتي قبل الثامنة)».
وذكر المحروس «قلت له في مطلع العام 2001: «دعني أكتب سيرتك يا سيد»، فقال لي (خذ هذا الكتيب الصغير فيه كلّ شيء... ترجمتي، وأسماء زوجاتي وتواريخ دخولي عليهن وأولادي وتواريخ مواليدهم وألقابهم، والمنازل التي سكنت فيها... يعني ما تحتاج إلى شيء آخر بعد هذا الكتيّب)».
وأضاف «فأجبته (لا يا سيد أنا أريد أن أكتب سيرتك لا ترجمتك، السيرة أكثر اتساعاً، في السيرة حركتك في المكان وحركة الزمان فيك، في السيرة أمنياتك، في السيرة طفولتك عند عين قصاري في البلاد القديم، هل في هذا الكتيب الصغير حياتك مكتوبة؟ أنا أريد أن أصنع شيئاً آخر)».
وتابع «وكان السيد قد تحرّى عني جيداً وجمع معلومات حتى عن أسرتي. هذا جزء صغير من عنايته بالشخص القادم إليه، فسألته: «أين نلتقي يا سيد؟»، فرد عليّ: (تعال عندي في شقتي بقرية السنابس)».
وأكمل «ولأنّ السيد لا يكفّ عن ملاحقة المعلومات وتدوينها مهما كان مصدرها رحت أبحث عن سيرته عند كلّ مصدر: زوجاته، أولاده، أحفاده، أقربائه، أصهاره، أصدقائه، تلاميذه «الصنّاع»، مؤلفاته، دواوين شعره، دفاتره الصغيرة، خطبه المسجلة في أشرطة الكاسيت، مخطوطاته، ألبومات صوره الفوتوغرافية، ملحوظاته بخطّ يده خلف وأسفل هذه الصور، أصحاب الدكاكين والمحلات التي يعتمد عليها في تمويل منازله الأربعة وحاجياته اليومية: بائع الأغذية، الحلاق، وبائع الخضراوات، بائع الأقمشة، وبائع الأحذية. لم يفتني بائع الحمّص المغلي «النخج»، المرح جداً عاشور بن عبدالله عند زاوية دكانه في قرية السنابس الشرقية».
وقال: «كنت أحياناً أتركه يسرد ولا أقاطعه بسؤال واحد طيلة الجلسة. أتعب من الإصغاء، من مفاجآت الحياة في سرده، يكفيني حدث واحد أغيب فيه. المتعة متعبة».
وتابع المحروس «عندما انتهت اللقاءات لم تنقطع زياراتي عنه وفي الموعد ذاته: الساعة الثامنة مساءً وليس قبلها فقد تتكرم علينا ذاكرته بشيء جديد، وهي التي لا يفوتها شيء، كان متعباً بالكاد يرفع رأسه نحوي، شعرت حينها بأنّه يودّ أن يقول لي شيئاً لا يقوله لأحد، كعادته لم يلتفت نحوي حتى انتهى الوجه الأوّل من شريط كاسيت قصيدة «نهج البردة» لأحمد شوقي في مدح الرسول (ص)، تغنيها أم كلثوم».
وأكمل «صمتنا كثيراً، تصنّمنا، كأنّ الشعر وسيرة الرسول قد بدآ يعملان في خاطره. هذه السيرة مرّت به منذ أوّل يوم في الخطابة حتى آخر مجلس خطب فيه. الخطابة هي سيرة الرسول، صوت «الست» لا يرضى بأيّ شريك، وهي التي أبدعت في هذه القصيدة حتى كأنّ الذي يسمعها يرى السيرة كلّها، لولا أنّ موعداً قائم بيننا ما قطعت هذه الخلوة، ما دخلت عليه ولا قطعت هذا الإصغاء النادر، كأنّي أسمع كلمته المعهودة «الله...» ممدودة يُعبر فيها عن قدر استمتاعه بشيء ما، وعلى قدر ما يدخله من متعة يكون قدر المدّ. يقولها حتى عندما يكون في خلوته والناس نائمون».
وختم المحروس «قطع السيد الهدوء عندما قال «حياك الله» محاولاً أن يملأ تحيته بحيويته المعهودة، بدا لي أنّها السكينة الأخيرة تكون على قدر الصخب الذي مرّ به في حياته كلّها. سأحتاج أن أصغي لهذه السكينة في هذه الحياة الصاخبة فالصوت لا يغيب، سأحتاج أن أنظف طاولتي قبل الكتابة كما يفعل، سأحتاج أن أسند عنادي بالرأي، سأحتاج ألا أفصل ممارستي الثقافية عن رسالاتها لكن من غير وعظ. سأحتاج أن أحفر قبل أن أكتب كما يفعل، سأحتاج وسأحتاج إليه ومنْ لا يحتاج لقراءة سيرة أمثاله مكتفٍ بكمال النقص فيه».


 

كمال: السيد العدناني عالم دين ودنيا...وأشعاره جريئة في الطرح

 اعتبر الشاعر البحريني حسن كمال الخطيب العدناني «عالم دين ودنيا»، وموسوعياً كتب في كل شيء، وقال: «وهذا النوع من العلماء نادر جداً».
وفي كلمته خلال الاحتفالية التي أقامتها «الوسط» لإحياء ذكر الخطيب العدناني، قال كمال: «حري بنا أن نتذكر دائماً هذه الشخصيات الفذة التي احتضنتها البحرين، هذه الشخصيات التي لن تتكرر، لأن الزمن الذي كان مليئاً بالمبدعين قد تغير، وصار من الصعب تكرارهم في هذا الوقت».
وأضاف «كان السيد مثقفاً موسوعياً، وشاعراً مفوَّهاً، ومؤلفاً غزير الإنتاج»، مشيراً إلى أنه «يعتبر من الشعراء الكبار»، حيث صدر له من الشعر الفصيح 5 أجزاء، منها في القصص الواقعية والغزل، وديوان آخر باللهجة الدارجة تحت عنوان «مصارع العبرة».
وبيَّن أن «أشعار السيد تميزت بسلاستها وتعدد المواضيع وجرأة الطرح، وكان من أجملها قصيدة طويلة من 63 بيتاً يترجم فيها حياته الشخصية، مروراً بأهم المحطات التي تعرض لها».


 

المكباس: الخطيب العدناني حاز درجة نادرة من التوازن... وعلى العلماء الاقتداء به

الوسط - محمود الجزيري
رأى عالم الدين البحريني الشيخ محمد المكباس أن الخطيب العدناني «حاز على درجة من التوازن قلما تجدها عند شخص»، وقال: «إن السيد لم يكن متشدداً، في الوقت الذي كان الزمن الذي يعيش فيه هو زمن انفتاح، وهو استطاع أن يحقق هذا التوازن».
وخلال حديثٍ مع «الوسط» على هامش الاحتفالية التي نظمتها الصحيفة لإحياء ذكرى الخطيب العدناني أمس الأول (السبت)، أضاف المكباس «ولاشك أن الخطيب العدناني أضاف للمنبر، من خلال الخطباء الذين تتلمذوا على يديه، والآن أصبح مدرسة معروفة، وكثيرون يرون أطوار وألحان السيد محمد صالح متميزة».
وذكر «والسيد كأديب أيضاً يمتاز بحالة الموسوعية، حيث إنه كتب في كثير من الأمور منها الشعر والتاريخ»، داعياً الخطباء وعلماء الدين إلى أن يحتذوا بالسيد في هذا الجانب، بأن يكونوا موسوعيين في الثقافة والاطلاع، وعدم الاقتصار على جانب واحد من العلم.

صور إرشيفية للخطيب العدناني في مقتبل عمره
صور إرشيفية للخطيب العدناني في مقتبل عمره
شهد الحفل حضور عائلة الراحل وشخصيات مهتمة
شهد الحفل حضور عائلة الراحل وشخصيات مهتمة
صورة جماعية لعائلة الخطيب العدناني خلال حفل الاحتفاء به الذي أقيم في الصحيفة - تصوير عقيل الفردان
صورة جماعية لعائلة الخطيب العدناني خلال حفل الاحتفاء به الذي أقيم في الصحيفة - تصوير عقيل الفردان
عالمة الموسوي
عالمة الموسوي
المكتب الذي كان يستخدمه السيد للقراءة بجانب مكتبته - تصوير محمد المخرق
المكتب الذي كان يستخدمه السيد للقراءة بجانب مكتبته - تصوير محمد المخرق
صورة جماعية للخطيب العدناني مع بعض أولاده
صورة جماعية للخطيب العدناني مع بعض أولاده
عقيل الموسوي: لنا أن نفخر أن والدنا هو ابن البحرين بامتياز - تصوير عيسى ابراهيم
عقيل الموسوي: لنا أن نفخر أن والدنا هو ابن البحرين بامتياز - تصوير عيسى ابراهيم
السيدعدنان الموسوي
السيدعدنان الموسوي
كامل الموسوي على مكتب والده الذي خُصصت له زاوية في الحفل
كامل الموسوي على مكتب والده الذي خُصصت له زاوية في الحفل
المحروس: الخطيب العدناني دوّن كلّ حركة في أحداث التسعينيات القاسية في البحرين - تصوير عيسى إبراهيم
المحروس: الخطيب العدناني دوّن كلّ حركة في أحداث التسعينيات القاسية في البحرين - تصوير عيسى إبراهيم
كمال: تميز العدناني بجرأة الطرح الشعري
كمال: تميز العدناني بجرأة الطرح الشعري
الشيخ المكباس مستمعاً لإحدى فقرات الحفل - تصوير عقيل الفردان
الشيخ المكباس مستمعاً لإحدى فقرات الحفل - تصوير عقيل الفردان
عباس الموسوي
عباس الموسوي

العدد 4657 - الأحد 07 يونيو 2015م الموافق 20 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 2:11 م

      ا

      رحمه الله كان عالما فذا جهله الناس رحمة الله عليه رحمة الابرار

    • زائر 9 | 11:38 ص

      الخطيب العدناني


      لقد وردت اخطاء في النصوص ووجب التنويه لها.
      1)
      الذي رعا الخطيب العدناني بعد وفاة أبيه هو ( السيد عدنان ) ليس الشيخ محمد علي حميدان إنما هو الشيخ محمد علي المدني.
      2) بيت الشعر
      أبني بعدي لا أريد عبادة / عني ولا حجا وأن تتصدقا
      منكم أريد اخوة ومودة / بعدي وألا شملكم يتمزقا
      3) اسماء زوجاته
      برلين / باريس / بنارس / وردة الحب
      محبتي
      فضيلة الموسوي

    • زائر 8 | 9:27 ص

      محب.

      نعم أحب هذا الرجل حيث أنه خام للإمام الحسين وهذا يكفيه من كل شئ .

    • زائر 6 | 6:53 ص

      نشر كتبه

      نتمنى ان يقوم ابناء العالم الجليل بنشر كتبه خاصة على النت، ولفتة كريمة من رئيس التحرير بتذكر مناقب الفقيد والاشادة به ، كنت اتمنى حصر مؤلفات الخطيب وعناوين كتبه على الاقل مع خالص الشكر والتقدير للوسط

    • زائر 4 | 2:43 ص

      السنية

      الله يرحمه ويغمد روحه الطاهرة الجنة، السيد محمد صالح السيد عدنان الموسوي حقيقة لم اقابله ، لكنني أعرف بناته الكريمات الفاضلات العزيزات عصمت ووسيلة ونجاة، والأخ رضوان الله يخليهم، ومن خلف ما مات،وهم خير خلف للعالم الجليل المبجل، وهو الشجرة المباركة التي طرحت ثمراً لا ينضب ، فهم ابناء البحرين البررة، كما كان رحمة الله عليه ،موجودين في المفاصل،بنياتهم الطيبة وبأرواحهم النقية الرائعة، ونفسياتهم الأروع. حماكم الله من كل شر

    • زائر 3 | 2:28 ص

      لفتة جميلة من الوسط

      المشكلة اننا لا نقدر عظمائنا ولا نعيرهم انتباه الا بعد فوات الاوان حيث ان في حياتهم لا نعتبره عظماء بل لانعتبرها شيئ اصلا ونعيب فيهم وننتقدهم ولكن اذا انتقلوا الي الرفيق الاعى صاروا عظماء واحتفينا بهم .... عجبي....

    • زائر 2 | 2:23 ص

      والله كشخة السيد ..

      مرتب وانيق في شبابه .. رحمة الله عليه خطيب وعالم جليل

اقرأ ايضاً