منذ أن أبصرت ابنتي النور تم تشخيصها على أنها مصابة بمتلازمة داون، منذ ذلك الوقت وأنا أتصفح المواقع الإلكترونية للمؤسسات المعنية بذوي الإعاقة في الدول المتقدمة لمحاولة التوصل لأفضل الطرق لتنشئة هذه الفئة، الحل الأنجع هو كما جاء في الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة يكمن في: «تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة الفاعلة في المجتمع، وعدم استبعاد الأشخاص ذوي الإعاقة من النظام التعليمي العام، وعدم استبعاد الأطفال ذوي الإعاقة من التعليم الابتدائي أو الثانوي المجاني والإلزامي على أساس الإعاقة».
يتم الدمج الآن في مدارس وزارة التربية بمملكة البحرين بوضع الأطفال من ذوي الإعاقة الذهنية ومتلازمة داون في صف واحد اسمه صف الدمج، في حين يتم ضمهم لغيرهم من الأطفال الأصحاء بشكل محدود في حصص المجالات. كما تتوافر بعض الصفوف المخصصة لذوي التوحد في بعض المدارس وذلك للمرحلتين الابتدائية والإعدادية فقط. هذا الأسلوب في الدمج ناقص ولكي يعطي الدمج ثماراً طيبة لذوي الإعاقة وللمجتمع والوطن بأكمله لابد من تطويره للوصول إلى الدمج الفعلي.
الطريقة الفضلى هي في تحويل صف الدمج لصف تهيئة، بحيث تتم تهيئة ذوي الإعاقات الذهنية والتوحد خلال مدة معينة من خلال وضع خطة فردية متكاملة لكل طالب. عندما يحقق الطفل تطوراً في مجاله السلوكي كالقدرة على الجلوس لفترة معينة، والتركيز ولو لفترة بسيطة ينتقل للصف العادي مع غيره من الأطفال الأصحاء. من الممكن أن يضم كل صف عادي طفلين من ذوي الإعاقة الذهنية مع معلمة مساعدة تخصص لهما.
في حالة أن الطفل لم يستعد بعد لدخول الصف العادي بسبب كثرة حركته مثلاً أو لأي سبب أخر، من الممكن أن يكون في صف التهيئة لفصل إضافي مع إعطائه الفرصة لمدة يوم أو يومين في الأسبوع؛ لأن يكون جزءاً من الصف العادي ليعتاد على الوضع شيئاً فشيئاً. كذلك يجب الاستعانة بأخصائيين للنطق والتخاطب لتدريب وتقييم الطفل بشكل دوري.
في الحقيقة الكثير من الأطفال أصحاب الإعاقات الذهنية ونظراً للوعي الكبير بالتدخل المبكر، تتم تهيئتهم منذ الصغر من خلال المراكز المتخصصة أو من خلال بعض الروضات - وان ندرت - التي تقبل هؤلاءِ الأطفال.
هذه الطريقة تعطي الطفل من ذوي الإعاقة الفرصة للتعلم من الأقران، فيتعلم الطفل المهارات الاجتماعية الضرورية للحياة تلقائياً، كما تعينه على الاستقلالية في المستقبل، وتطور مهارات النطق والتخاطب لديه من خلال الممارسة العملية مع أقرانه في بيئة تربوية تعليمية. وهي الطريقة المعمول بها في الدول المتقدمة وبعض المدارس الخاصة.
المدرسة ليست لتعلم القراءة والكتابة فقط؛ إنما هي القاعدة الأساسية التي تجعل من وجود ذوي الإعاقة أمراً طبيعياً يعتاد عليه الأطفال، فيكبروا وهم على أتم الوعي بهذه الفئة. إننا نخلق مجتمعاً واعياً بذوي الإعاقة، كما نبني وطناً يحتضن جميع أبنائه بدون تمييز.
ام كوثر
العدد 5304 - الأربعاء 15 مارس 2017م الموافق 16 جمادى الآخرة 1438هـ
صح لسانش