الرسول (ص) الأكرم والإداري الأعظم ومؤسس الدولة الإسلامية والإنسانية ونظم الإدارة في الحرب والسلم... أثناء معركة «حُنين» ينقل عنه قائلاً لأصحابه: «ألا فارس يحرسنا الليلة ؟» يعني ألا تعينون حارساً فأقبل أنيس بن أبي مرثد الغنوي على فرسه فقال : أنا ذا يا رسول الله، فقال «ص»: «انطلق حتى تقف على جبل كذا وكذا فلا تنزلن إلا مصلياً أو قاضي حاجة ولا تغرن من خلفك»... هكذا علمنا رسول الإنسانية في إدارتنا للحياة .
منصور الجمري يقول عن تجربته في عالم الإدارة وفي بداية حياته الهندسية حينما عمل مهندساً إلى أنه تحول إلى الإعلام وأن الشركة التي عمل فيها أصرت عليه بدراسة الإدارة للنجاح، وأنه يقول إن أي شخص يعمل طبيباً أو مهندساً لا بد من أن يدرس الإدارة، بدليل أن وكالة الفضاء «ناسا» على رغم شهرتها في عالم الفضاء وضخامة هياكلها الإدارية والهندسية إلا أنها طرحت مكافأة لمن يقدم لها طريقةٍ تمكّن روّاد الفضاء من قضاء حاجتهم بينما هم يرتدون بزّاتهم الفضائيّة لوقتٍ طويل... قد تصل في بعض الرحلات المستقبلية إلى ستّة أيّامٍ بشكلٍ متواصل. بدلاً من الحلّ القديم حيث يقضي باستخدام حفاضات،وهذا ليس عيباً في عالم الإدارة.
أو لنأخذ مثالاً آخر فغالباً ما نسمع أن الحكم الفلاني تسبب في خسارة أحد المنتخبات الرياضية، والسبب انحيازه للفريق باحتسابه ضربة جزاء قاتلة! بينما السبب الرئيسي هو أصلاً فشله في إدارته للمباراة كلها.
قديماً كانت الشركات والمؤسسات تدار دون مدير «إداري» متخصص، ولا هيكل إداري ولا توجد وظيفة له أصلاً؛ بل همّ الشركاء ضمان سير عمل المؤسسة، و الربح البسيط أي على البركة في زمن «الربعة والرطل» أو زمن الشركة التي تدار من قبل رئيسين أو أكثر؛ لكنهم لا يحسنون صنعاً وهمهم تقاسم الأرباح فيما بينهم، وزمن السفر للهند لجلب البضاعة «الحنة وشامبو الأحمر» أو جلب أحذية كلها فردة يسار، أو احتراق مصنع الكبريت «شركة بن عاقول» مثالاً، إلى أن تقع الشركة أو المؤسسة في مستنقع الديون والسبب هو غياب «المدير الإداري» المحنك وأقصد به المدير الإداري الذي يدير الشركة بإدارة عصرية، وعقل منفتح وعين على مستقبل المؤسسة.
لكن إلى اليوم مع التطور الكبير المتسارع والنمو في هياكل المؤسسات الإدارية، وسياسة الباب المفتوح والأخذ بنظام الجودة العالمي، وتعيين أكثر من مدير في وظيفة إداري إلا أن الشركات والمؤسسات لا تزال تتعثر وتتخبط كما يقال «أب أند داون» وبعضها أفلس وسقطت في مستنقعات الفساد أوالخلافات والديون المتراكمة! إذاً ما السبب لوقوف الشركاء أمام القاضي لتصفية شركتهم أو ربما لاعتقالهم؟ السبب هو، نعود ونكرر، غياب المدير الإداري. يقول الجمري إن السبب أحياناً يكون رأس الهرم وهو المدير الإداري بتركيزه على الأرباح دون الإنسان، إذن نختم حديثنا في عالم الإدارة وهو أن الخطر والأخطر على الإدارة ومصيرالشركة قد يكون فشل فكرة المشروع أصلاً، أوعدم وجود رأس المال، أو قد يكون رأس الهرم وهو«المدير الإداري» المتعجرف سلوكياً وصعب المراس الذي يمكن أن يرفع أرباح الشركة ويشتري أسهم شركات ومؤسسات وتوسيع شركاته في أعمال إنشائية خارج بلده، ويمكن أن يغلق شركته في غضون شهر أو يكون مطارداً من قبل «الإنتربول» أو الشركاء و مطارق القضاة تطرق رأسه كل يوم في محاكم بلده!
مهدي خليل
العدد 5305 - الخميس 16 مارس 2017م الموافق 17 جمادى الآخرة 1438هـ