يعرف الكثير من الغربيين شهر رمضان، ويعلمون أنه شهر الصيام والقيام، فلم يعد شهر رمضان غريباً في الدول الغربية، ويعود السبب في ذلك إلى تجذر الوجود العربي والإسلامي في هذه الدول، وفي كل مكان حول العالم وحيثما يتواجد المسلمون تجد شعائر الإسلام وسماحة هذا الدين الحنيف، ولاسيما في شهر رمضان، شهر الصيام والقيام والبركات والنفحات.
شارع زونين إيليه
وفي الغرب يعرف غير المسلمين شهر رمضان من خلال تجمع المسلمين سواء في الصلاة أو في موائد الإفطار، ففي ألمانيا يوجد شارع يعرف باسم الشارع العربي، وهو الشارع العربي في برلين كما يسميه الكثيرون «شارع زونين ايليه»، يعكس حياة جانب من المسلمين الذين يتجاوز عددهم مئتا ألف من أصل أربعة ملايين نسمة، هم سكان العاصمة الألمانية، ويسود الهدوء النسبي الشارع في أيام شهر الصوم بانتظار موعد الإفطار الذي يحلّ بعد الثامنة مساء، بتوقيت برلين، تفاصيل شهر الصيام بات يعرفها حتى الألمان بفضل سماحة المسلمين وإظهارهم شعائر هذا الدين الحنيف، كما تنتشر المساجد في رمضان ومطاعم المسلمين تقدم الإفطار للصائمين.
هناك 4 ملايين مسلم يعيشون في ألمانيا أغلبهم من الأتراك وكثير منهم ينتمي إلى الجيل الثالث من المهاجرين، بينما بعضهم من الألمان الذين اعتنقوا الإسلام في فترة لاحقة من حياتهم، حقائق جعلت بعض الصحف الألمانية تواكب شهر رمضان من خلال مقالات تعريفية وتحليلية ما يفسر غنى معلومات الشارع الألماني والأوروبي حول رمضان.
ويقول بعض الألمان إنهم يعرفون أن رمضان يبدأ برؤية الهلال، وفي نهايته هناك العيد الذي يأكل فيه الناس الحلوى، كما يعرف كثير من الألمان أن الصيام يعني امتناع المسلمين عن الطعام والشراب من شروق الشمس إلى غروبها.
وفي بريطانيا، ونتيجة لانتشار الإسلام في أرجاء البلاد، أذاعت القناة الرابعة البريطانية أذان الفجر والذي كان موعده الثالثة صباحاً، وطوال شهر رمضان الكريم، والقناة التي تموّلها الحكومة البريطانية باتت أول قناة وطنية تذيع الأذان في أوروبا لمخاطبة الأقلية المسلمة، ودافع مدير البرامج الدينية في القناة الرابعة، عن المبادرة قائلاً «نحن نأمل إلى لفت الأنظار لأقلية مهمة في بريطانيا، فهناك تقريباً ثلاثة ملايين مسلم في بريطانيا وهذا سيسلط الضوء على شهر رمضان وأهميته بالنسبة للمسلمين».
منظمة خيرية فرنسية
وفي فرنسا، يعرف فقراء باريس ومهاجروها عنوان مقر منظمة خيرية تخصصت في تقديم الطعام للمحتاجين طيلة أيام السنة، ولاسيما في شهر رمضان، حيث تبدأ مع حلول شهر رمضان في تقديم طعام الإفطار للصائمين من المسلمين ولغير المسلمين أيضاً من فقراء فرنسا، فقبل أذان المغرب بساعات يتحول مقر المنظمة إلى مطبخ كبير لإعداد طعام الإفطار، ومعظم المشتغلين في المنظمة من المتطوعين، منهم من تعرف على الجمعية حديثاً، ومنهم من لم ينقطع عن مطبخها منذ عشر سنوات.
موائد الإفطار الرمضانية في فرنسا تقدم نحو ألفي وجبة يومياً، معظم المفطرين من المهاجرين الفقراء أو من العاطلين ممن تقطعت بهم السبل في باريس، وبعضهم افتقد أجواء رمضان حيث يسكن، فجاء للمنظمة للإفطار ولقاء مهاجرين يشاركونه قيمه وهمومه، وفي رمضان حيث يكون عدد المحتاجين أكثر غالباً ما تكون التبرعات أكبر، وتعكس هذه المنظمة وجهاً من وجوه الخير في شهر رمضان وهو إطعام الفقراء والمحتاجين حتى من غير المسلمين، ما عزز نظرة الفرنسيين للإسلام والمسلمين ولطبيعة هذه الدين السمح، وبخاصة شهر رمضان كشهر من أشهر الخير خلال العام.
نظرة المجتمع النرويجي
وفي الدول الاسكندنافية وبالتحديد في النرويج يصدح الأذان ليجمع المسلمين في النرويج مع إخوانهم في شتى أصقاع الأرض، فمن ملامح شهر رمضان في النرويج تجد المساجد العامرة واجتهاد لإحياء الشعائر الدينية، يساعدهم في ذلك تفهم قطاعات كبيرة من الشعب النرويجي وتقبلهم للمسلمين، كمكون لمجتمع متعدد الثقافات والديانات، ويقول مسلمون في النرويج إن المؤسسات الرسمية في النرويج تقوم بإبلاغ جميع العاملين لديها بموعد حلول شهر رمضان، وإعطاء نبذة عنهن وذلك كي يقدّروا مشاعر المسلمين في هذا الشهر، الأمر الذي يعكس نظرة المجتمع النرويجي للإسلام والمسلمين ولشهر رمضان عموماً.
في أميركا وروسيا
رمضان في أميركا يعني التقاء المسلمين وإحياء ليالي رمضان وممارسة الشعائر الدينية، وخاصة في المطاعم العربية التي تجذب المسلمين وغيرهم من الأميركان، الذين باتوا يعرفون شهر رمضان من تجمع المسلمين وبات الأميركان يرتادون أيضاً المطاعم العربية في هذا الشهر الكريم.
ففي العاصمة الأميركية وما حولها، حيث يتواجد المسلمون ترى أجواء شهر رمضان تطغى على المكان، لا يقتصر ذلك على المطاعم بل المساجد أيضاً، التي تمتلئ بالمصلين لأداء صلاة التراويح بعد الإفطار، ما يعكس اندماج المسلمين في المجتمع الأميركي.
أما روسيا، فهي تشتهر بتعدد الثقافات والأعراف، ولذلك تجد المسلمين في روسيا يمارسون حياتهم وطقوسهم الدينية ولاسيما في شهر رمضان، حيث الصيام في النهار والقيام وصلاة التراويح بالليل، كما عززت سماحة المسلمين في روسيا نظرة المواطن الروسي للإسلام كدين سلام وخير، حيث التقاء المسلمين وتجمعهم على الخير في هذا الشهر الكريم.
العدد 4672 - الإثنين 22 يونيو 2015م الموافق 05 رمضان 1436هـ