العدد 4858 - الجمعة 25 ديسمبر 2015م الموافق 14 ربيع الاول 1437هـ

البطاطا الحلوة تحل مشكلة سوء التغذية بأوغندا

تحاول بيتي نابيتيكو إنقاذ حياة الناس في ميتيبيلي بأوغندا. هذه الأم البالغة من العمر (38 عاما) تتابع من مطلع العام 2014 صحة 75 أسرة في هذه المدينة القريبة من الحدود التنزانية.

وقالت في )(يونيو/ حزيران) بعد وصول العديد من النساء والأطفال إلى بيتها «أريد أن أرى هذا الجيل أكثر حيوية وصحة».

جلست الأمهات منتبهات فيما تحكي لهن نابيتيكو عن علامات سوء التغذية وكيفية اختيار الطعام المغذي لأطفالهن. وحين أنهت كلامها، طلبت النساء منها بمرح إعطاءهن ثمرات من البطاطا الحلوة من كيس كبير في ركن البيت، وحصلن عليها.

يشجع المشروع السكان المحليين على زراعة وتناول البطاطا الحلوة ذات اللحم البرتقالي اللون ومحاصيل أخرى غنية بالعناصر الغذائية وذلك لمكافحة التقزم لدى الأطفال- أي توقف النمو قبل اكتماله.

في الوقت نفسه، يستهدف المشروع مساعدة المزارعات على زراعة المحصول وتسويقه وبيعه وذلك بهدف تعزيز مهاراتهن الاقتصادية وقدرتهن على اتخاذ القرار خلال هذه العملية. فالمرأة هي الراعي والمنتج الرئيسي للمحاصيل الغذائية للأسرة في هذه المناطق الريفية، لكنها نادرا ما تمتلك الأرض، أو تزرع المحاصيل النقدية المربحة، أو تسيطر على ماليات الأسرة.

وللتقزم آثار ضارة طويلة الأمد على صحة الفرد وإنتاجيته ونموه الإدراكي، كما يؤثر على النمو والتنمية في البلاد. وعلى رغم أن معدلات التقزم تتراجع عالميا، فإن أعداد المصابين به في إفريقيا تزداد باطراد بنسبة 23 في المئة منذ العام 1990، وذلك وفقا للتقرير الذي صدر مؤخرا عن اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية ومجموعة البنك الدولي.

وقد بدأت لجنة بنغلاديش للنهوض بالريف في إدخال هذه الثمرة إلى مناطق وسط وجنوب غرب البلاد العام 2014 بهدف تحسين مستويات التغذية لدى نحو 19200 أسرة ضعيفة وفقيرة. وعلى رغم أن معدلات التقزم في أوغندا التي تصل إلى 33 في المئة من أعلى المعدلات في العالم، فإن متوسط معدلات التقزم في هاتين المنطقتين وصل إلى نحو 47 في المئة للأولاد ونحو 35 في المئة للفتيات دون العامين، وذلك وفقا لمسح شمل 7694 أسرة في الفترة من (إبريل/نيسان) إلى (يوليو/ تموز 2014).

يقول فرانسيس ببوسا، أحد الباحثين في لجنة بنغلاديش للنهوض بالريف والذي يسافر كثيرا إلى المناطق الريفية للتحقق من التقدم الذي يحققه المشروع، إن نقص الوعي بأي المحاصيل أكثر ثراء بالعناصر الغذائية، وخاصة للأطفال والحوامل، يمثل جزءا من المشكلة.

ويضيف ببوسا أن الناس في أوغندا يأكلون الكثير من ثمار الماتوكا، وهي نبات الموز النشوي الذي يمثل غذاء رئيسيا. بيدً أن الماتوكا لا توفر بعض العناصر الغذائية الرئيسية التي يعاني الناس عامة من نقصها. وقال: «المزارعون يحتاجون إلى حوافز لزراعة شيء آخر».

أنشأت لجنة بنغلاديش للنهوض بالريف، والتي تعد أكبر منظمة غير حكومية في البلاد بما تقدمه من خدمات صحية وزراعية وتمويل أصغر، شبكة من المزارعات للترويج لنشر شتلات البطاطا الحلوة برتقالية اللحم وتعليم المزارعين الآخرين كيف يزرعون هذا المحصول ويعتنون به. في الوقت نفسه، يقدم الناشطون في الصحة المجتمعية مثل نابتيكو النصائح الغذائية، ويراقبون ويشجعون على نمو الأطفال دون العامين.

وتحصل النساء على أجور عن عملهن خلال بداية المشروع التي تمتد عامين والتي يؤمل بعدها أن يؤدي زيادة الطلب على المحصول إلى استمرارية إنتاجه. يوفر المشروع للمزارعين التأمين على المحصول وييسر لهم الحصول على الائتمان الأصغر لتشجيع إنتاج البطاطا الحلوة برتقالية اللحم.

وتقول آيرين ناكيتيو، الناشطة في مجال الزراعة بالمجتمع في قرية بوجونزي في منطقة كالونجو والتي تبلغ من العمر 48 عاما، إن الطلب على هذا النوع الجديد من المحاصيل مرتفع في السوق. وأضافت «إذا أخذناها هناك سيشتريها الناس» موضحة أن الناس يحبونها لأنها مغذية وحلوة.

وتقول فلورنس ناماتوفو، 46 عاما، إن المال الذي تحصل عليه من بيع شتلات البطاطا الحلوة لا تتقاسمه مع زوجها، وإن هذا يجعلها أكثر قوة. فقد بات بوسعها رعاية أمها ودفع الرسوم المدرسية، ونفقات أخرى. وتابعت المزارعة التي تعول ثمانية أطفال في مدينة موكاكو، بضاحية كالونجو، إنها تفكر في فتح حساب بنكي لأول مرة في حياتها.

وقالت سارا ناكيونجوي، 38 عاما، إنها اعتادت تسول الطعام لإطعام أطفالها الستة، بيد أن حياتها تغيرت منذ أن حصلت على وظيفة في الترويج للبطاطا البرتقالية الحلوة. وقد التحقت ناكيونجوي بمجموعة التمويل الأصغر لدى لجنة بنغلاديش للنهوض بالريف، واستأجرت قطعة أرض مساحتها فدان ونصف الفدان تدر إنتاجا أوفر. وقالت إنها بدأت أيضا العمل في صالون للتجميل بالقرية. والآن، بات لديها المال والطعام الكافي للترويح عن نفسها. وقالت إن هناك مزية أخرى، وهي أن زوجها أصبح يراها بشكل جديد ويدعم جهودها لكسب العيش خارج المنزل.

تعد الحكومة الأوغندية مشروعا واسع النطاق يتكلف 30 مليون دولار للبناء على الجهد الذي تقوم به لجنة بنغلاديش للنهوض بالريف وإطلاق عملية زراعة المحصول في مختلف أنحاء البلاد. ويتم تمويل المشروع الجديد بمنحة من البرنامج العالمي للزراعة والأمن الغذائي التابع للبنك الدولي ويموله العديد من البلدان.

وعن ذلك قال الاقتصاديان ماركوس جولدستين ونيكلاس بيورين إن مختبر ابتكارات المساواة بين الجنسين في أفريقيا التابع للبنك الدولي يدرس تأثير المشروع التجريبي للجنة بنغلاديش للنهوض بالريف لكي تتبين ما إذا كانت النساء أكثر ميلا إلى تبني المحصول لقيمته الغذائية أم لقيمته السوقية.

وقال جولدستين «إحدى المسائل الكبرى في إفريقيا هي أن المرأة تحصل على دخل أقل كثيرا مما يحصل عليه الرجل في مجال الزراعة» وتحاول الدراسة التي يعدها مختبر ابتكارات المساواة بين الجنسين «استبيان كيفية سد هذه الفجوة.»

ووفقا لتقرير عن المساواة بين الجنسين وديناميكيات الأسر في المناطق التي ينفذ فيها مشروع البطاطا الحلوة، فإن المرأة في أوغندا لا تملك المال الكافي لتشغيل العمالة، بينما يزرع الرجال المحاصيل المدرة للمال والأكثر كثافة في تشغيل العمالة، مثل البن وقصب السكر.

وقال التقرير إن أغلب ملاك الأراضي من الرجال، كما أن الرجال أكثر قدرة من النساء على الحصول على المعدات الزراعية والأسمدة ومدخلات أخرى. وأضاف أن «الرجال يميلون إلى السيطرة على المحاصيل المفضلة عند النساء إذا كانت هذه المحاصيل تقدر بأسعار عالية في الأسواق وتحقق عائدات كبيرة».

وستنظر الدراسة التي يجريها مختبر ابتكارات المساواة بين الجنسين فيما إذا كان انطلاق النساء المزارعات بالبطاطا الحلوة برتقالية اللون في أوغندا يمكن أن يمنحهن ميزة بعد أن أصبح المحصول أكثر شعبية وربحية.

العدد 4858 - الجمعة 25 ديسمبر 2015م الموافق 14 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً